Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (15%)

أوقفونا صفين على طرفي الشارع الذي يصل الرملة بالقدس ، كنت في التاسعة من عمري يومذاك , وينتزعونها منهن بعنف وشراسة , كنت أرى بعض الوجوه التي اعتدت أن أراها في شوارع الرملة الضيقة وتبعث في الآن شعوراً دقيقاً من الأسى, لكنني أبدا لن استطيع تفسير ذلك الشعور العجيب الذي تملكي، .
ولقد تعودنا على أن نحبه منذ وعيناه وان نناديه بعمي احتراماً وتقديراً , .
- ابنتك ؟ !
.
ولكنني سمعت صوت ثلاث طلقات متقطعة دقيقة ، مدلى رأسها إلى الأمام ، وبعد هنيهة ، وشعرت بساقي تلتوي تحت ثقلي , تذكرت أنهم قتلوا زوجته , وان عليه أن يواجه مصاباً جديداً الآن , . كل رجال الرملة يعرفون أن أبا عثمان لا يريد إلا أن يدفن في مقبرة الرملة عندما يموت . . ونظرت إلى أمي ، واقفة هناك ، ثم لمحته عائداً من بعيد , في منتصف الشارع تحت سطح شمس تموز المحرقة : معفراً مبلولاً بالعرق ، فوقف ,


Original text

أوقفونا صفين على طرفي الشارع الذي يصل الرملة بالقدس ، وطلبوا منا أن نرفع أيدينا متصالبة في الهواء ، وعندما لاحظ احد الجنود اليهود أن أمي تحرص على وضعي أمامها كي اتقي بظلها شمس تموز، سحبني من يدي بعنف شديد ، وطلب مي أن أقف عل ساق واحدة ، وان أصالب ذراعي فوق رأسي في منتصف الشارع الترب . .


كنت في التاسعة من عمري يومذاك , ولقد شهدت قبل أربع ساعات فقط كيف دخل اليهود إلى الرملة , وكنت أرى وأنا واقف هناك في منتصف الشارع الرمادي كيف كان اليهود يفتشون عن حلى العجائز والصبايا , وينتزعونها منهن بعنف وشراسة , وكان ثمة مجندات سمراوات يقمن بنفس العملية ، ولكن في حماس اشد . وكنت أرى أيضا كيف كانت أمي تنظر باتجاهي وهي تبكي بصمت , وتمنيت لحظتذاك لو استطيع أن أقول لها اننى على ما يرام , وان الشمس لا تؤثر في ، بالشكل الذي تتصوره هي . .
كنت أنا من تبقى لها , فأبي قد مات قبل بدء الحوادث بسنة كاملة , وأخي الكبير أخذوه أول ما دخلوا الرملة , لم أكن اعرف بالضبط ماذا كنت اعني بالنسبة لامي , لكني الآن لا استطيع أن أتصور كيف كانت الأمور ستجري لو أني لم أكن عندها ساعة وصلت دمشق , لأبيع لها جرائد الصباح وأنا أنادي وارتجف قرب مواقف الباصات . .


لقد بدأت الشمس تذيب صمود النساء والشيوخ . . وارتفعت من هنا وهناك بعض الاحتجاجات اليائسة البائسة , كنت أرى بعض الوجوه التي اعتدت أن أراها في شوارع الرملة الضيقة وتبعث في الآن شعوراً دقيقاً من الأسى, لكنني أبدا لن استطيع تفسير ذلك الشعور العجيب الذي تملكي، ساعة رأيت مجندة يهودية تعبث ضاحكة بلحية عمي أبي عثمان . .


وعمي أبو عثمان ليس عمي بالضبط ، ولكنه حلاق الرملة وطبيبها المتواضع , ولقد تعودنا على أن نحبه منذ وعيناه وان نناديه بعمي احتراماً وتقديراً , كان واقفاً يضم إلى جنبه ابنته الأخيرة ، فاطمة , صغيرة سمراء تنظر بعينيها السوداويين الواسعتين إلى اليهودية السمراء . .



  • ابنتك ؟ !


وهز أبو عثمان رأسه بقلق , ولكن عينيه كانتا تلتمعان بتكهن قاتم عجيب ، وببساطة شديدة رفعت اليهودية مدفعها الصغير، وصوبته إلى رأس فاطمة , وصوبته إلى رأس فاطمة ,الصغيرة السمراء ذات العيون السوداء المتعجبة دائماً. .


في تلك اللحظة ، وصل احد الحراس اليهود في تجواله أمامي, واستلفت نظره الموقف ، فوقف حاجباً عي المنظر، ولكنني سمعت صوت ثلاث طلقات متقطعة دقيقة ، ثم تيسر لي أن أرى وجه أبي عثمان يتموج بأسى مريع ، ونظرت إلى فاطمة ، مدلى رأسها إلى الأمام ، ونقاط من الدم تتلاحق هابطة خلال شعرها الأسود إلى الأرض البنية الساخنة .


وبعد هنيهة ، مر أبو عثمان من جانبي . حاملاً على ساعديه الهرمتين جثة فاطمة ، الصغيرة السمراء : كان صامتاً جامداً ينظر أمامه بهدوء رهيب ، وما لبث أن مر بي غير ناظر إلي البتة ، وراقبت ظهره المنحني وهو يسير بهدوء بين الصفين إلى أول منعطف ، وعدت انظر إلى زوجته جالسة على الأرض ورأسها بين كفيها تبكي بأنين مقطع حزين ، وتوجه جندي يهودي نحوها، وأشار لها أن تقف . . ولكن العجوز لم تقف ، كانت يائسة إلى آخر حدود اليأس .


هذه المرة , استطعت أن أرى بوضوح كل ما حدث , ورأيت بعيني كيف رفسها الجندي بقدمه , وكيف سقطت العجوز على ظهرها ووجها ينزف دماً , ثم رأيته , بوضوح كبير , يضع فوهة بندقيته في صدرها , ويطلق رصاصة واحدة ..


في اللحظة التالية , توجه الجندي ذاته نحوي ، وبهدوء شديد طلب مني أن ارفع ساقي التي أنزلتها للأرض دون أن اشعر وعندما رفعت ساقي راضخاً ، صفعني مرتين ، ومسح ما علق على ظاهر يده من دم فمي , بقميصي , وشعرت بإعياء مدمر لكنني نظرت إلى أمي , هناك بين النساء , رافعة ذراعيها في الهواء كانت تبكي بصمت ولكنها في تلك اللحظة ضحكت من خلال بكائها ضحكة صغيرة دامعة , وشعرت بساقي تلتوي تحت ثقلي , وبألم فظيع يكاد يقطع فخذي ، لكنني ضحكت أيضا , وتمنيت مرة أخرى لو أنني استطيع أن اركض إلى أمي , فأقول لها أنني لم أتألم كثيراً من الصفعتين ، وأنني على ما يرام , وارجوها باكياً أن لا تبكي, وان تتصرف كما تصرف أبو عثمان قبل هنيهة .


وقطع أفكاري مرور أبى عثمان من أمامي عائداً إلى مكانه بعد أن دفن فاطمة ,
وعندما حاذاني , غير ناظر إلي البتة , تذكرت أنهم قتلوا زوجته , وان عليه أن يواجه مصاباً جديداً الآن , وتابعته مشفقاً , خائفاً بعض الشيء ، إلى أن وصل إلى مكانه فوقف هنيهة مولياً ظهره المحدودب المبلول بالعرق , لكنني استطعت أن أتصور وجهه : جامداً صامتاً مزروعاً بحبيبات من العرق اللامع , وانحنى أبو عثمان ليحمل على ذراعيه الهرمتين جثة زوجته التي طالما رأيتها متربعة أمام دكانه تنتظر انتهاءَه ه من الفداء كي تعود إلى الدار بالأوان الفارغة ، وما لبث أن مر بي ، وللمرة الثالثة , لاهثاً لهاثاً رفيعاً متواصلاً وحبيبات العرق مزروعة في وجهه المغضن , وحاذاني , غير ناظر إلي البتة ، وعدت مرة أخرى أراقب ظهره المنحني المبتل بالعرق وهو يسير الهوينا بين الصفين .


لقد كف الناس عن البكاء..


وخيم سكون فاجع على النساء والشيوخ. .


وبدا كأنما ذكريات أبي عثمان تنخر في عظام الناس بإصرار, هذه الذكريات الصغيرة التي حكاها أبو عثمان لكل رجال الرملة وهم مستسلمون له على كرسي الحلاقة . . هذه الذكريات التي بنت لنفسها عالماً خاصاً في صدور كل الناس هنا . . هذه الذكريات بدت كأنما تنخر في عظام الناس بإصرار.
لقد كان أبو عثمان , كل عمره , رجلاً مسالماً محبوباً , كان يؤمن بكل شيء , وأكثر ما آمن بنفسه , لقد بنى حياته من اللاشيء , فعندما قذفته ثورة جبل النار إلى الرملة كان قد فقد كل شيء , وبدأ من جديد: طيباً كأي غرسة خضراء في ارض الرملة الطيبة ، وكسب حب الناس ورضا الناس , وعندما بدأت حرب فلسطين الأخيرة ، باع كل شيء ، واشترى أسلحة كان يوزعها على أقاربه ليقوموا بواجبهم في المعركة ، لقد انقلبت دكانه إلى مخزن للمتفجرات والأسلحة , ولم يكن يريد لهذه التضحية أي ثمن , كل ما كان يطلب هو أن يدفن في مقبرة الرملة الجميلة المزروعة بالأشجار الكبيرة , هذا كان كل ما يريده من الناس . . كل رجال الرملة يعرفون أن أبا عثمان لا يريد إلا أن يدفن في مقبرة الرملة عندما يموت .


هذه الأشياء الصغيرة هي التي أسكتت الناس ، كانت وجوهم المبلولة بالعرق تنوء تحت ثقل هذه الذكرى . . ونظرت إلى أمي ، واقفة هناك ، رافعة ذراعيها في الهواء , شادة قامتها كأنها وقفت الآن ، تتابع أبا عثمان بنظرها . . صامتة كأنها كوم رصاص , وعدت انظر إلى بعيد ، ورأيت أبا عثمان واقفاً أمام حارس يهودي يحادثه ويشير إلى دكانه ، وما لبث أن سار وحيداً باتجاه الدكان ، وعاد حاملاً فوطة بيضاء لف بها جثة زوجته . . وتابع طريقه إلى المقبرة .


ثم لمحته عائداً من بعيد , بخطواته الثقيلة وظهره المنحني وساعديه الساقطتين إلى جنبيه بإعياء , واقترب مني بطيئاً كما كان يسير, شيخاً أكثر مما كان ، معفراً مغبرا يلهث لهاثاً طويلاً رفيعاً ، وعلى صدريته نقاط كثيرة من الدم الممزوج بالتراب . .


ولما حاذاني ، نظر إلي كأنه يمر بي للمرة الأولى ويراني , واقفاً هناك ، في منتصف الشارع تحت سطح شمس تموز المحرقة : معفراً مبلولاً بالعرق ، بشفة مجروحة مدلاة تجمد عليها الدم ، وأطال النظر وهو يلهث ، كانت في عينيه معان كثيرة لم استطع فهمها لكنني أحسستها وما لبث أن عاد إلى مسيره , بطيئاً مغبراً لاهثاً, فوقف , وأدار وجهه للشارع , ورفع ذراعيه وصالبهما في الهواء.


لم يتيسر للناس أن يدفنوا أبا عثمان كما أراد, ذلك انه عندما ذهب إلى غرفة القائد ليعترف بما يعرف ، سمع الناس انفجاراً هائلاً هدم الدار وضاعت أشلاء أبي عثمان بين الأنقاض .
وقالوا لامي، وهي تحملني عبر الجبال إلى الأردن، أن أبا عثمان عندما ذهب إلى دكانه قبل أن يدفن زوجه، لم يرجع بالفوطة البيضاء، فقط.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

ثم جاءت اتفاقيا...

ثم جاءت اتفاقيات كامب دافيد - سبتمبر ۱۹۷۸ م ، وما نتج عنها ، من توقيع اتفاق السلام بين مصر ودولة الك...

تدور القصيدة حو...

تدور القصيدة حول صراع داخلي بين قلب الشاعر وعقله. فهو يصف (يصور) كاهناً في لحظة ضعف نفسي. يقرر الك...

Paramètres de l...

Paramètres de la croissance : ces paramètres sont appelés aussi constantes de la croissance. Il s’ag...

غمر نور النهار ...

غمر نور النهار الكون و استيقظت آن بدأت بتأمل شجرة الكرز. -تأملت عيني آن العاشقة لبساتين المرتفعات ال...

The United Arab...

The United Arab Emirates (UAE) :   Systemic Political Risk The limited policy transparency and the c...

كان جحا يجلس في...

كان جحا يجلس في الطابق العلوي من منزله في فتره الظهيره في كل يوم ليقرا الكتب المفيده وكان الجميع يعر...

Researchers hav...

Researchers have found that inedible butterfly species with similar colour patterns also have simila...

مقارنة بين مدخل...

مقارنة بين مدخل النظم والمدخل التحليلي المدخل التحليلي يقوم على عزل أجزاء النظام ويتم التركيز على ...

َّة وأخلاق وسلو...

َّة وأخلاق وسلوك وغيرǿا َّة العبادة لكل مǼاحي الحياة مǺ شعائر تعبدي ً شمولي Ǽا َ َلاِتي تعالى مبي ﴿ ...

يعد تقييم فعالي...

يعد تقييم فعالية استخدام الواقع الافتراضى في التعليم أمرًا ضروريًا لقياس فعالية هذه التقنية وتحديد إ...

There are incon...

There are inconsistent findings on the effects of different pedagogies in Al courses. According to t...

The human decis...

The human decision-making process is complex, multifaceted and intrinsic. It is often defined as “th...