لخّصلي

إن معرفة أن الضوء واللون من العوامل العلاجية لها بداية مبكرة؛ فوفقً ا ملا يقوله
فريدريش إلينجر: «معرفة التأثري العلاجي للضوء يعد من أقدم املمتلكات الفكرية
للبشر. وبطبيعة الحال، اعتمدت أقدم التجارب على مصدر الضوء الطبيعي املتمثل في
الشمس. وحمام الشمس ممارسة تعود لزمن قديم؛ إذ كان الآشوريون والبابليون وقدماء
124
علاج الجسد
املصريني يمارسونه، وكان يوجد طائفة عالية التطور تستحم بالشمس والهواء في اليونان
ً وروما قديم ً ا. وكان الجرمان القدماء يقدرون القدرات الشفائية لضوء الشمس تقديرا
كبريً ً ا، واتخذوا من الشمس املشرقة إلها وعبدوها، كما مارس شعب الإنكا في أمريكا
ً الجنوبية عبادة الشمس أيضا.»
ومع التقدم العلمي للطب، واستخدام إجراءات وأجهزة تشخيصية جديدة، ومواد
كيميائية، وأدوية ومضادات حيوية جديدة، أصبح الفن القديم املتمثل في العلاج بالشمس
ً مهملا َّ . وفي القرن التاسع عشر، ظهر على الساحة رائد عصري؛ حيث قدم العلاج الضوئي
في بداية جديدة. وجد الدنماركي نيلس آر فينسن فوائد سحرية في الضوء. وقد سعى في
سنواته الأولى إلى علاج الجدري باستخدام الضوء الأحمر املرئي ملنع النسيج الندبي. وفي
حوالي عام ،١٨٩٦ لاحظ الخواص الإشعاعية لضوء الشمس وأسس معهد الضوء لعلاج
السل، وحصل نظري ذلك على جائزة نوبل في عام .١٩٠٣ أصبح ضوء الشمس العلاج
َّصمم بطراز معماري متمثل في باحات
الرئيسي للسل، وأصبحت املصحات حول العالم تُ
وردهات وأسطح تدخلها الشمس.
إن الأشعة فوق البنفسجية ضرورية لرفاهة البشر؛ فهي تساعد في منع الكساح،
ِحد ً ث عددا من التغريات داخل الجسم.
ِّ وتعزز تكوين فيتامني د، وتدمر الجراثيم، وتُ
وعلى الرغم من ذلك، فإن زيادتها يمكن أن تؤدي إلى سرطان الجلد. ووفقً ا ملا قاله عالم
الكيمياء الحيوية دبليو إف لوميس، فقد كان الكساح: «أول مرض ناتج عن التلوث
الجوي.» خلال الثورة الصناعية عتَّم الدخان الأسود السماء، وأصبح الكساح بلاءً وبائيٍّا
ً يتفشى على نطاق كبري في مدن إنجلترا وأوروبا. قديما، كانت الإصابة بهذا املرض تُعزى
إلى سوء التغذية، لكن ثبت أن السبب يعود إلى نقص التعرض للأشعة فوق البنفسجية
الصادرة عن الشمس. وكان الأطفال املولودون في الخريف أكثر عرضة للإصابة بالكساح
مقارنةً بأولئك املولودين في الربيع.
يلزم بلا شك وجود مقدار من الضوء فوق البنفسجي في البيئات الصناعية، وتصنع
حاليٍّا مصادر ضوء تشع هذا الضوء. وقد استخدم الروس على مدار سنوات الأشعة فوق
البنفسجية، بالإضافة إلى ضوء الفلورسنت التقليدي في املدارس واملستشفيات واملكاتب.
ٍّ في املدارس، حقق الأطفال نموا أسرع من املعتاد، وتحسنت القدرة على العمل والدرجات
التي أحرزوها، وقلت الإصابة بالنزلة (التهاب القناة التنفسية). كما يُطلب من عمال
املناجم الروس الحصول على علاجات الأشعة فوق البنفسجية. فماذا يحدث؟ وفقً ا لتقرير
125
الألوان والاستجابات البشرية
للمفوضية الدولية للإضاءة، فإن «تأثري الأشعة فوق البنفسجية يعزز العمليات الإنزيمية
للتمثيل الغذائي، ويزيد نشاط جهاز الغدد الصماء، ويعزز الاستجابة املناعية البيولوجية
للجسم، ويحسن توتر الجهاز العصبي والعضلي املركزي.» هذا كثري. وبالإضافة لذلك،
يمكن ملاحظة أنه على الرغم من أن الأشعة فوق البنفسجية مفيدة لصحة الكائنات
الحية، فإنها يمكن أن تدمر الأعمال الفنية، والأصباغ، وامللونات، واملنسوجات؛ ولذلك
فإن استخدامها قد يكون مناسبًا في املدارس وليس في املتاحف أو املعارض الفنية.
الضوء املتوهج، الذي لا يشع تقريبً ً ا أي أشعة فوق بنفسجية هو الأفضل استخداما في
تلك الأماكن. وتوجد مزيد من امللاحظات عن الأشعة فوق البنفسجية والضوء املتوازن في
الفصل الثاني