لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (16%)

وقد تم اختيار هذا المجال السهبي من سهوب المغرب الشرقي بناء على جملة من العوامل من بينها التحولات الاجتماعية والمجالية السريعة التي شهتدها هذه المنطقة في العقود الأخيرة، التي يحظى بها المجال السهبي من تنوع بيولوجي، بينما يشكل قرب السهل من مدينتين كبيرتين(جرسيف وتاوريرت) عنصر مساهم في هجرة قروية كبيرة والتي تمثلت في هجرة قبلية من أصول مختلفة ومن مجالات متعددة، مما ساهم في التحول التدريجي من مجال بدوي تقليدي (تهيكله القبائل وفق بنية سوسيو - اقتصادية محددة) إلى مجال منفتح عبر إستقرار القبائل به ودخول أفرادها في علاقات اجتماعية جديدة للإنتاج والصراع حول الأراضي الزراعية، وتتميز الموارد المائية الجوفية بالإستغلال الكثيف وتعرف تراجعا مستمر نتيجة تعدد استعمالاتها والتي يشكل من خلالها الاستغلال الفلاحي أكبر صبيب من الاستهلاك المائي بالمجال، وبعد ما كان العنصر التضاريسي والمناخي يشكل تنوعا وتجانسا بين سهل تافراطة وهوامشه في إطار الترحال والانتجاع، أضحي المجال السهلي مجال انتشار مظاهر التدهور للغطاء النباتي الطبيعي كما وكيفا. فندرة الموارد المائية وتوزيعها المتباين بهذا المجال رغم شساعته جعلها تحتل مكانة هامة وعنصرًا للإنتاجية الرعوية، مما يفرض ضرورة تثمين المنتوجات الفلاحية المحلية والحفاظ على الموارد المائية كآلية ناجعة لضمان إستدامة التوازن بين خصوصيات الوسط الطبيعي والبشري في علاقتهما بالموارد الطبيعية ومع متطلبات التنمية المستدامة، ويعرف الإعداد المائي والعقاري صعوبات عدة من حيث غلبة الأراضي الجماعية ومحدودية المجال الذي تدخلت فيه الدولة في إطار سياسية الاعداد الهيدرو-فلاحي، وقد شكلت المرحلة الإستعمارية مرحلة حاسمة في تاريخ المنطقة، ولقد تأثر الغطاء النباتي عبر مراحل تاريخية وتعرض في خضم ذلك لتدهور تدريجي، - ساهمت الدينامية الفلاحية في تحول شكل استغلال الإنسان للمجال السهلي، أدت إلى زيادة تدهور الغطاء النباتي و زاد من تأثيرها تردد سنوات الجفاف وتزامن ذلك مع تراجع مساحي كبير للنباتات العلفية السهبية مجاليا وزيادة الطلب على الأعلاف كأشكال تكيف مع المعطي المناخي لتعويض النقص الكلائي الحاصل للماشية، ومن هنا زاد الاهتمام بالآبار الجماعية و الضغط على نقط الماء الموجودة على قلتها وتدهور الغطاء النباتي المحيط بها ونزوح الرحل إلى الاستقرار بقربها، و في نفس السياق سجل تراجع نسبة الرحل بسهل تافراطة بشكل كبير، بحيث أدي استقرار السكان إلى تحولات سوسيو- مجالية وإقتصادية تم التخلي من خلالها على نمط العيش الترحالي الرعوي وبرز الاستثمار الفلاحي كنتيجة للعقلية الاستثمارية التي تكرست في المجتمعات المغربية الريفية. التي ساهمت في تطــور المنظومـات الرعويـة بالمجال بشـكل كبيـر وبـدأ تقلص دورها تدريجيـا باضطـراد مـع التدخل الاستعماري وتوطـد السـلطة المركزيـة منــذ فترة الاستقلال. مما ساهم في تراجع أعدادها. زيادة عن البحث عن طرق بديلة للتأقلم مع هذه الظروف الصعبة وضمان الاستمرارية، من خلال دعم تجهيز الأراضي وحفر الآبار، والتي لم تعد تساير_ في الواقت الراهن _مختلف الحاجيات خاصة المتعلقة بالقطاع الفلاحي الذي يستهلك كميات كبيرة من الماء والتي ما فتئت تتزايد بوتيرة كبيرة. كما يلاحظ إختلال في التوازن بين المراكز الحضرية والقروية من جهة، فالوسط السوسيو-مجالي والاقتصادي لهذا الريف تأثر بمجمل هذه التحولات ورافقته تغييرات كبيرة على مستوى الدخل وفرص الشغل، علاوة عن التحولات التي مست نمط السكن ومستوى التجهيزات التحتية والخدمات العمومية. فإن ظهور سكن حديث بالأرياف على شاكلة السكن الحضري، وبذلك شكلت آلية ناجعة للتكيف مع الخصوصيات الطبيعية للسهل رغم أن مراقبة استمرارية هذا التوجه تعتريه مجموعة من المشاكل والتحديات. - إن الدينامية الزراعية المخطط لها في سياق محلي تشمل بشكل أساسي توسيع الأراضي السقوية والحد من الفوارق الاجتماعية بين مجالات السهل وحل مشاكل الفلاحين الذين يعانون من نقص في مياه السقي الزراعي، إلا أن محدودية المجال الذي شمله المشروع الهيدرو-فلاحي ومشاكل إضطراب تزويد الاستغلاليات الزراعية بالماء جراء تراجع حقينة سهل الحسن الثاني على واد زا إحدى المشاكل التي يواجهها الاعداد الهيدرو-زراعي. وفي هذا الصدد أصبحت تافراطة قبلة هامة لاستقطاب الاستثمارات الفلاحية الإقليمية، وما رافق ذلك من تأثيرات على المزارعين، ويسخر لذلك وسائل وتقنيات تقليدية جعلت من الزراعة ذات مردودية ضعيفة، لكن الانفتاح الكبير لتافراطة على تسويق المنتوج الفلاحي وعلى التقنيات الحديثة جعل من القطاع الفلاحي يعتمد التخصص الزراعي في غراسة الزيتون، حيث لجأ الجيل الجديد من المستثمرين إلى استعمال مختلف التقنيات الحديثة في ميدان الإنتاج مع الإعتماد على يد عاملة مأجورة دائمة. أن الوجه الجديد للدينامية الفلاحية مع تأخر ومحدودية تدخل القطاعات المعنية بتدبير القطاع الفلاحي بالسهل(محدودية المجال الذي شمله المشروع الهيدرو-فلاحي، أشكال وطرق استغلال المجال الزراعي)، إلى جانب التباين بين أجزاء السهل على مستوى نوعية وشكل السكن ونوع مواد بناءه، وترتب عن فشل الدينامية الزراعية في تحقيق تنمية فلاحية شاملة بسهل تافراطة عواقب وخيمة على المجال الريفي، أما الثانية فتشمل الفلاحين الصغار الذين لا يتوفرون سوى على استغلاليات صغرى لا تشجع على التكثيف الزراعي. يبرز أن المجال استطاع أن يحقق قفزة هامة في ميدان إنتاج الزيتون، والتي يعتمد نشاط السقي بها بشكل كبير على الضخ المائي، كما أكد على ذلك معظم المستجوبين من المزارعين الذين شملتهم عينة البحث، مما ساهم بشكل كبير في هدر الثروة المائية أمام مجانية الحصول على هذه الطاقة والتي شجعت المزارعين على الضغط على الموارد المائية دون الأخد بعين الاعتبار إمكانيات تجددها، حيث أدى توالي سنوات الجفاف خلال عقدي الثمانينات والتسعينات إلى تخلي الرعاة عن نمط الترحال الرعوي بشكل نهائي وتراجع الزارعة البورية لتحل محلها الزراعة المسقية، وشكل المجال السهلي في شمولته مسرحا لمختلف هذه التحولات، والتي ستشكل منطلقا لنجاح أي مشروع ترابي يسعى لتحقيق التنمية الترابية والحكامة الجيدة:
1.تنمية الرعي وتحسين المراعي بسهل تافراطة
- تقديم الخدمات الصحية اللازمة للقطيع مع تنظيم توزيع الأعلاف المدعمة وخلق مراكز جديدة لتوزيعها. .
-المحافظة على الموارد الطبيعية في إطار التنمية المستدامة وتحسين إنتاجية ومردودية الأراضي الزراعية


النص الأصلي

عالجت الأطروحة موضوع التحولات السوسيو مجالية بسهل تافراطة؛من الرعي تلتقليدي إلى الزراعة العصرية، وقد تم اختيار هذا المجال السهبي من سهوب المغرب الشرقي بناء على جملة من العوامل من بينها التحولات الاجتماعية والمجالية السريعة التي شهتدها هذه المنطقة في العقود الأخيرة، وانطلاقا من إشكالية البحث وفرضياته وأهدافه تم التوصل إلى نتائج وخلاصات مهمة :



  • يتوفر على مؤهلات طبيعية ومقومات ترابية ساهمت في حدوث دينامية زراعية مهمة وقادرة على ضمان استمراريتها إن تم استثمارها وفق نمط مستدام وحكيم." وهي فرضية صحيحة حيث أن؛ مجمل المؤهلات الطبيعية والبشرية، التي يحظى بها المجال السهبي من تنوع بيولوجي، وتراث ثقافي وروابط اجتماعية مثينة، وجاذبية فلاحية، تمثل فرصة حقيقية لتحقيق نهضة تنموية شاملة، مع الحفاظ في نفس الوقت على استدامة الموارد الطبيعية. وعن مساهمة الظروف الطبيعية والبشرية في إنتاج التحولات السوسيو مجالية بالسهل تبين لنا بعد اختبارها أن تلك التحولات نتجت عن تفاعل المؤثرات الطبيعية والبشرية سواء منها الداخلية أو الخارجية، إلا أن العامل البشري وفق السيرورة التاريخية يعد المؤثر الأساسي في هذه الدينامية الزراعية
    ولتفصيل أكثر في الموضوع، يوفر الوسط الطبيعي لسهل تافراطة إمكانيات مهمة رغم مختلف الاكراهات، فعلى مستوي البنية التضاريسية ساهم طابع الانبساط الذي يميز طبوغرافيته في تشكيل أتربة متنوعة، تتباين ما بين أتربة خصبة صالحة للزراعة وتربات ضعيفة، بينما يشكل قرب السهل من مدينتين كبيرتين(جرسيف وتاوريرت) عنصر مساهم في هجرة قروية كبيرة والتي تمثلت في هجرة قبلية من أصول مختلفة ومن مجالات متعددة، مما ساهم في التحول التدريجي من مجال بدوي تقليدي (تهيكله القبائل وفق بنية سوسيو - اقتصادية محددة) إلى مجال منفتح عبر إستقرار القبائل به ودخول أفرادها في علاقات اجتماعية جديدة للإنتاج والصراع حول الأراضي الزراعية، ليصبح إطارا ماديا لتمفصل العلاقات الاجتماعية وإعادة لتشكيل المجتمع المحلي ضمن ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية جديدة.

  • يتميز السهل بمقومات طبيعية بعضها معيق للتحديث بحيث؛ يعتبر سهل تافراطة سهلا شبه جاف وتتميز المنطقة بتساقطات محدودة وغير منتظمة، كما يحد تعاقب سنوات الجفاف من إمكانيات تطوير المجال الفلاحي البوري وتؤثر الرياح بشكل سلبي على المنطقة، بالإضافة إلى تـأثير مساهمة التبخر والنتح في جفاف التربة وتبخر الموارد المائية السطحية وزيادة حاجيات الماء بالنسبة للمزروعات، وهو ما يستدعي تكثيف استغلال المياه الجوفية بسهل تافراطة. وبالرغم من تتوفر المنطقة على موارد مائية سطحية متعددة، لكنها تظل موسمية، وتتميز الموارد المائية الجوفية بالإستغلال الكثيف وتعرف تراجعا مستمر نتيجة تعدد استعمالاتها والتي يشكل من خلالها الاستغلال الفلاحي أكبر صبيب من الاستهلاك المائي بالمجال، وبعد ما كان العنصر التضاريسي والمناخي يشكل تنوعا وتجانسا بين سهل تافراطة وهوامشه في إطار الترحال والانتجاع، أضحي المجال السهلي مجال انتشار مظاهر التدهور للغطاء النباتي الطبيعي كما وكيفا. وتشكل البنية الجيولوجية مؤهلا طبيعيا مهم بالمجال للاستغلال الزراعي عبر انتشار التكوينات الرباعية، لكنها تتمير بطابع الهشاشة رغم ما وفرته من شروط نسبية لتطور التربات خاصة التربة الفيضية، مما أفضي إلى تنوع الأتربة من حيث التكوين والخصوبة وتوزعها المتباين مجاليا.

  • بينت نتائج البحث أن المجالات الرعوية للقبائل بسهل تافراطة وهوتمشه متنوعة وفق الموقع والتضاريس وخصائص المناخ التي تميز المجال الانتجاعي الواسع لرعي القطيع، وكذلك من حيث حجم وتنوع الموارد النباتية والمائية لهذا المجال مع تنوع في فترة الاستعمال والاستغلال للمجال الرعوي ومع التباين في الحقوق الرعوية بين القبائل، وفق نظام عقاري يخضع للملكية الجماعية. ويتم تنظيم حقوق الرعي لدى مجموعات الرحل الرعاة لقبائل المجال والقبائل الأخرى عبر أنظمة محلية محكمة تخص ملكية المجال الرعوي وطرق الاستفادة منه واستغلاله، فندرة الموارد المائية وتوزيعها المتباين بهذا المجال رغم شساعته جعلها تحتل مكانة هامة وعنصرًا للإنتاجية الرعوية، حيث يتم تدبير إستعمالها زمنيا ومجاليا وفق خصوصية البنية الإيكولوجية التي تتميز بإختلاف الموارد الرعوية وكمية إنتاجيتها. ويعتبر النظام الرعوي التقليدي بسهل تافراطة جوابا عن ندرة الموارد الطبيعية خاصة المائية والنباتية.

  • لقد فرضت الهشاشة الطبيعية والبشرية والاقتصادية بالمجال السهبي، اعتماد نمط إنتاجي يرتكز على تكثيف الاستغلال الرعوي، والمزج بين الزراعة البورية والرعي، لكن مع توالي سنوات الجفاف وتزايد الضغط السكاني على الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى محدودية وضعف فعالية وتأثير مختلف البرامج التنموية التي شملت المنطقة، عمل السكان على إعتماد استراتجيات جديدة للرفع إنتاجية الحيازات الفلاحية، كالتوسع على حساب المجال السهبي والغابوي لربح أراضي فلاحية إضافية، ودمج زراعة الزيتون داخل نظام الإنتاج ... هذا الوضع، أصبح يحمل في طياته تهديدات ومخاطر شتى على مستوى التوازنات البيئية والاجتماعية. وارتبط موضوع الدينامية الزراعية بالمجال المدروس بالرغبة في التجديد والتحديث وصعوبات التأقلم مع إكراهات الوسط الطبيعي في ظل الضغط البشري المتزايد على الموارد الطبيعية، مما يفرض ضرورة تثمين المنتوجات الفلاحية المحلية والحفاظ على الموارد المائية كآلية ناجعة لضمان إستدامة التوازن بين خصوصيات الوسط الطبيعي والبشري في علاقتهما بالموارد الطبيعية ومع متطلبات التنمية المستدامة، خاصة وأن السهل يتوفر على إمكانات مهمة لتثمين المنتوجات المحلية ذات الخصوصية المجالية، ونذكر منها : المنتوجات الزراعية كالقطاني والنباتات الطبية والعطرية، ثم الأشجار المثمرة كالزيتون واللوز ...

  • تميزت العلاقات التاريخية للقبائل مجال الدراسة بالصراع حول الأرض، كما تنتشر ثقافة البدو الرحل التي ساهمت في تأجيل التحول نحو الزراعة المسقية، مما جعل الإعداد الريفي الفلاحي لا يزال محدود في أجزاء مهمة من السهل، ويتميز الإقتصاد الفلاحي التقليدي بمردودية ضعيفة نظرا للانتشار الواسع للأراضي البورية البوار بسبب تردد سنوات الجفاف مع تسجيل هيمنة زراعة الحبوب بهذه الأراضي مع إنتاج ضعيف وغير منتظم سنويا. ويعرف الإعداد المائي والعقاري صعوبات عدة من حيث غلبة الأراضي الجماعية ومحدودية المجال الذي تدخلت فيه الدولة في إطار سياسية الاعداد الهيدرو-فلاحي، بحيث كان تأتير هذا الاعداد محدود على أراضي المجال. وقد شكلت المرحلة الإستعمارية مرحلة حاسمة في تاريخ المنطقة، من الاستغلال المفرط لموارد المجال الطبيعي، كما عمل على تقليص دور القبيلة وخلق تنظيم جديد للمراعي المشتركة مما عجل من استقرار الرحل، وساهم الاستعمار الفرنسي في خلخلة البناء الاجتماعي والاقتصادي للرحل.

  • يشكل الضعف الميزة الأساسية للتساقطات السنوية بمحطة تاوريرت وجرسيف منذ عقود طويلة. هذا الانخفاض في معدلات التساقطات المطرية أثر بشكل كبير على الغطاء النباتي الذي تتغذى عليه المواشي وزاد من درجة التدهور، ومكن الاعتماد على توزيع التساقطات وعلى المستويات المناخية لمبرجي التميز بين وسطين مناخين مختلفين للمجال وهما : المنخفضات السهلية القاحلة بسهل تافراطة وهوامشها الجنوبية شبه الجافة. وتعتبر الموارد الطبيعية والبشرية من المكونات الأساسية لاستمرار النشاط الرعوي، غير أن الهشاشة الطبيعة وضعف مقاوماتها أمام الضغط البشري القائم على الاستغلال المفرط للمجال كانا من العوامل التي ساهمت إلى حد كبير في تدهور الغطاء النباتي، خاصة وأن هذا الأخير، كان يشكل أساس الاقتصاد الفلاحي بحكم اعتماد السكان على النشاط الرعوي الترحالي، ولقد تأثر الغطاء النباتي عبر مراحل تاريخية وتعرض في خضم ذلك لتدهور تدريجي، تحولت من خلاله مشاهد الحلفاء النبات الأكثر انتشارا بالمجال من نبات سهوبي إلى نبات متدهور.

  • ساهمت الدينامية الفلاحية في تحول شكل استغلال الإنسان للمجال السهلي، عبر التحول من اعتماد السكان على النشاط الاقتصادي الرعوي الترحالي كنشاط رئيس إلى الاعتماد على الزراعة التقليدية والعصري حيث ؛ يعتبر سهل تافراطة من أهم المجالات السهبية بالمغرب الشرقي التي عرفت تحولات اجتماعية واقتصادية ومجالية والتي أصبحت مظاهرها واضحة للمشاهد، خاصة على مستوى تربية المواشي واستغلال الموارد الرعوية التى تحولت من مراعي شاسعة إلى مراعي محدودة نتيجة تراجع عمليات الترحال والانتجاع، وشكلت هذه التحولات نتاج خلل وظيفي في التوازنات التقليدية بين المجموعات الاجتماعية (القبائل)، والموارد الطبيعية، خاصة في ظل تدهور المراعي والوضع الاقتصادي والاجتماعي للرعاة الرحل، نتيجة توالي وتردد سنوات الجفاف وما تلى ذلك من تحول نحو العمل الزراعي عبر إعتماد تقنيات وأدواث حديثة أدخلها عدد من الفلاحين والمستثمرين المحليين والأجانب وكذا دور الفاعليين في التهيئة الهيدرو-فلاحية. وكانت النتيجة العامة للتحولات السوسيو مجالية هي التأثير على التنظيم الرعوي التقليدي والذي أثر بدوره على الساكنة القروية وعلى تنظيم المجال، خاصة مع تزايد الهجرة القروية نحو المدن الإقليمية المجاورة ونحو الخارج، الذي كان منافيا للنظام الثقافي السائد داخل العائلة الممتدة والقبيلة، ولقد زاد الأمر تعقيدا إثر تدخل التأثيرات الخارجية، والحديث هنا عن تأثير المدن والمراكز الحضرية وشبه الحضرية، بداية بالإهتمام المتزايدة بالمدينة في العهد الاستعماري ودورها في تنظيم المجال (تاوريرت، جرسيف) التي استقبلت المهاجرين القرويين من بوادي سهل تافراطة.

  • أدت الظروف الطبيعية والبشرية إلى تقليص مساحات كبيرة من المراعي و تصحرها، الأمر الذي جعل تربية الماشية عبئا ثقيلا على أصحابها، مما أجبر الساكنة على تغيير نمط استغلال الأرض أو التخلي عنه. وشكل الرعي المستمر والمكثف خلال فترات زمنية طويلة بعد تقلص المجال الانتجاعي وتراجع الموارد الرعوية مع ارتفاع الكثافة الحيوانية في الهكتار وتقلص عمليات الترحال بين المناطق السهبية والهضاب والجبال المجاورة بداية بتقييد حركات الرحل إبان الفترة الاستعمارية، والاستقرار التدريجي للسكان من خلال الانتقال من وضعية نصف الترحال إلى اعتماد الزراعة البورية وصولا إلى الزراعة المسقية، عوامل نتجت عن تدخلات بشرية مختلفة، أدت إلى زيادة تدهور الغطاء النباتي و زاد من تأثيرها تردد سنوات الجفاف وتزامن ذلك مع تراجع مساحي كبير للنباتات العلفية السهبية مجاليا وزيادة الطلب على الأعلاف كأشكال تكيف مع المعطي المناخي لتعويض النقص الكلائي الحاصل للماشية، بحيث تراجع دور الأعلاف المحلية التى تنتجها زراعة الحبوب البورية وتقلصت عمليات الحصاد التى تشكل فرصة لاستفادة الماشية من الكلأ خلال الفترة العصيبة من السنة التى تقل بها المراعي الطبيعية.

  • ساهم ضعف التساقطات في تراجع المسطحات المائية المستعملة في توريد الماشية، ومن هنا زاد الاهتمام بالآبار الجماعية و الضغط على نقط الماء الموجودة على قلتها وتدهور الغطاء النباتي المحيط بها ونزوح الرحل إلى الاستقرار بقربها، مما أدي إلى توسع المجال الزراعي على حساب أراضي جماعية موروثة عن الاستغلال الجماعي للأرض في إطار الرعي. وساهمت عدة عوامل في تحول النشاط الفلاحي وتقلص المجال الحيوي للرحل، لكن يجب الإشارة إلى أن الجفاف ظاهرة مناخية طبيعية مؤقتة قد تطول مدتها لسنوات تأقلم معها الإنسان خاصة الرحل الذين فهموا جيدا خصوصيات المجال بسبب احتكاكهم به وتحركاتهم فيه، لذلك فإن تأثير الجفاف على النشاط الرعوي بالمجال المدروس ظل محدودا عندما كان نمط الترحال منتشرا، لكن حرية الوصول إلى الموارد الطبيعية أدت إلى إستغلال مكثف للموارد الرعوية.

  • شكلت الفترة الاستعمارية من أهم الفترات الحاسمة في تحول النشاط الرعوي التقليدي والتي عجلت من تدهور المجال ونزوح الرحل للاستقرار، مما ساهم في زيادة الضغط على المجال على اعتبار أن الغطاء النباتي هو الأخر يتأقلم مع الظروف المناخية الصعبة والمتطرفة، و في نفس السياق سجل تراجع نسبة الرحل بسهل تافراطة بشكل كبير، بحيث أدي استقرار السكان إلى تحولات سوسيو- مجالية وإقتصادية تم التخلي من خلالها على نمط العيش الترحالي الرعوي وبرز الاستثمار الفلاحي كنتيجة للعقلية الاستثمارية التي تكرست في المجتمعات المغربية الريفية. وأضحى المجال بفعل التدخل الاستعماري الذي خرب البنيات التقليدية له وأحدث به تغييرا على مستوى نسيجه الاجتماعي والإقتصادي وتنظيمه المجالي مجال تتحكم فيه علاقات إنتاجية رأسمالية جديدة نتج عنها تباينات مجالية واختلالات اجتماعية واضحة في أجزاءه. ولقد أدى التدخل الاستعماري أيضا إلى الإخلال بالتوازن الذي كان قائما خاصة بالنشاط الرعوي من خلال نهجه سياسة تعمير الساكنة المحلية المعتمدة على تطوير المجال الحضري، وإقحامه للمجال الريفي في نمط ثقافي اقتصادي جديد، سخر له كل الوسائل، وأفرغ القبيلة ككيان إداري وسياسي واجتماعي من مضمونها الأصلي التقليدي، وذلك ليسهل عليه عملية الضبط وفق الهاجس الأمني والاستحواذ على الأراضي الزراعية الخصبة، مقابل تهميش الاقتصاد التقليدي للسكان، مما نتج عنه ظهور مشهدين مجاليين مختلفين يزاوج فيهما بين فلاحة معاشية تقليدية بورية في إطار خيارت ضعيفة مرتبط بقساوة المناخ، وفلاحة عصرية مسقية مركزة في استغلاليات زراعية كبرى.

  • مكن الوقوف على النمــاذج التقليديــة للاستغلال الرعوي وتدبير المراعي بسهل تافراطة رصد التحديــات الــي تعرضــت لهــا والتي تهــدد اســتمراريتها ونجاعتهــا الحفـاظ الموارد الرعوية، فقـد ضعفـت البنيـات الاجتماعية للمجتمع المحلي ومؤسســاته، التي ساهمت في تطــور المنظومـات الرعويـة بالمجال بشـكل كبيـر وبـدأ تقلص دورها تدريجيـا باضطـراد مـع التدخل الاستعماري وتوطـد السـلطة المركزيـة منــذ فترة الاستقلال.

  • شكلت مزاولة الزراعة البورية والرعي جنبا إلى جنب وإيجاد تكامل بينهما خلال مرحلة نصف الترحال جزءا من التحولات في مجتمع ريفي تقليدي، مكون من رحل غير مستقرين، كثيرا ما مر بأزمات طبيعية وواجهته عراقيل عدة. ونشأت هذه التحولات بمعزل عن السياسات العمودية ودوافعها نبعت من احتكاك أفرادها بالأوساط الطبيعية، إذ كان النمط الزراعي السائد هو ممارسة الزراعة الجافة المعتمدة على الحبوب لتلبية الحاجيات العلفية للماشية في مساحات مهمة لم تعد مجدية بسبب قوة تردد الجفاف وضعف مردودية الأراضي، لذلك فإن اعتماد نمط زراعي أخر مسقي يعتمد على الأشجار المثمرة والخضروات والبقوليات والأعلاف بالدرجة الأولى و إيجاد صيغة تكاملية بينه وبين تربية الماشية له دلالات كبرى على عمق التحول الذي عرفه مجال الدراسة بحيث؛ شمل هذا التحول جوانب مرتبطة بتقنيات ونوع وكمية المزروعات الجديدة المضافة وتحول في تعبئة مياه الري وطرقه مع إكتساب مهارة وخبرة خاصة بهذا النوع من الزراعات والتغيير على المستوى الاجتماعي بإنشاء علاقات جديدة مع الوسط الخارجي وما رافقه من تحولات على المستوى الاقتصادي عبر تطور الدخل الفردي العائلي للساكنة. كما أصبح المجال المسقي يدعم تربية الماشية الحديثة في الإسطبلات، بالرغم من عدم تحقيق إكتفاءها الذاتي، مما ساهم في تراجع أعدادها.

  • عرف نظام الإنتاج الفلاحي بسهل تافراطة تحولات نوعية ودينامية متسارعة متباينة مجاليا، اختلت من خلالها ركائز التوازنات المجالية التاريخية، ونمط استغلاله التقليدي، خاصة من حيث تقنياته وأساليبه التي ساهمت في تراجع نمط الانتجاع والتدبير الجماعي المحكم للمجال الرعوي، وفقد هذا النظام الاقتصادي الفريد أسسه رغم أهمية مهارات الإنسان البدوي الذي سعى للحفاظ عليه، حيث كانت القبيلة تسهر على تنظيم وتطوير القطاع رغم محدودية الإمكانيات التقنية والبشرية والتي لا تقارن بالقدرات المتوفرة في المنظومة السقوية الحالية والتي تبنتها الدولة والخواص بدء بإنشاء سد الحسن الثاني في عالية واد زا مرورا بإقامة السدود التلية، ومد شبكة السواقي الاسمنتية، وصولا إلى استغلال المياه الجوفية، وما رافق ذلك من إننشار واسع لعمليات حفر الآبار الخاصة وتوسيع المساحات الزراعية، مما ترتب عنه تحول جذري في نظام السقي، الذي ساهم في تحسين المردودية الزراعية وفي التغيير الإيجابي على مستوى الإنتاج الزراعي، من خلال زيادة دور غراسة الزيتون والخضروات عبر اعتماد الزراعات التسويقية والتخلى التدريجي على الزراعات المعاشية، خاصة البورية منها.

  • لقد عرف مجال الدراسة بالمغرب الشرقي سلسلة من التحولات السوسيو- مجالية بداية بالتدخل الأجنبي في مطلع القرن 20، ولعل أهم التحولات الحديثة، تلك المرتبطة أساسا باستغلال المياه الجوفية وبإدخال تقنيات الري العصري، والتكثيف الفلاحي في مجال شبه جاف؛ وهكذا، فقد إنتقل السهل من مرحلة تميزت بتعمير ضعيف منذ أوائل القرن 20، وباقتصاد عماده الرعي الترحالي والإنتجاع، إلى مرحلة تعمير مركز بالمجالات الحضرية وبالمناطق الأكثر استغلالا، فيما زاوج السكان بين الفلاحة المغلالة البورية والرعي كمرحلة انتقالية للدينامية الفلاحية، ولقد ساهمت هذه التحولات في خلق تفاوتات صارخة بالمشهد الريفي، وأثرت على ظروف عيش السكان، وعلى عقليات وسلوك الفلاحين وطرق وتقنيات استغلال المجال الريفي.

  • معظم التطورات التي عرفها المجال الرعي - زراعي منذ الإرهاصات الأولى للتوجه نحو الزراعة المسقية إلى يومنا هذا، تبرز مدى الارتباط المجالي بعنصر الماء كمورد حيوي لامتداد المجال الزراعي وتنميته، فطبيعة التكيف مع التغايرية المناخية الذي سلكته الساكنة في فترات عصيبة مرت منها تميزت بقوة الجفاف، اعتمدت أساليب مختلفة أبرزها، التخلي عن ممارسة الترحال ونهج الزراعة المقلالة، والاحتفاظ بالأرض كوعاء عقاري، زيادة عن البحث عن طرق بديلة للتأقلم مع هذه الظروف الصعبة وضمان الاستمرارية، كما أن إعادة التشكيل الذي يعرفه سهل تافرطة خاصة بعد التجهيز الهيدرو-فلاحي يبرز مدى اعتماد الساكنة على المياه الجوفية في تطوير القطاع الفلاحي الذي يشكل أساس الأنشطة الاقتصادية بالمجال، ورافقت مشروع التجهيز الهيدرو-فلاحي لتافراطة مجموعة من التجهيزات والمرافق الإدارية والمسالك الطرقية، لذلك يمكن اعتباره أول مشروع تنموي مهم بالمجال الفلاحي مرتبط بالجانب الهيدرو-فلاحي رغم إقتصاره على أراضِ زراعية محدودة.

  • عرف القطاع الفلاحي تحولات في طرق تدبير الموارد المائية وتحولات في طرق الري حيث؛ اعتمدت معظم الاستغلاليات الزراعية طريقة الري الموضعي من أجل التأقلم مع إشكالية استدامة الماء، ورافق هذا إدخال وأنواع جديدة من فصائل الزياتين، ومزروعات ذات قيمة مضافة. ولقد ساهم مخطط المغرب الأخضر في تسريع هذه التحولات؛ من خلال دعم تجهيز الأراضي وحفر الآبار، وتبني المستثمرين والمجتمع المحلي تقنية الري الموضعي، إلا أن اعتماد هذه التقنية رافقه اضطرابا، فقد بينت المعاينة الميدانية أن المجال لازال يعرف استعمال تقنيات مستهلكة للموارد المائية الباطنية وبينت نتائج الدراسة ارتباط دينامية المشهد الزراعي بتبني نظام الري الموضعي من أجل مواجهة ضعف التساقطات المطرية، كما أن تحول تقنيات الري ارتبط بتدهور كمي للموارد المائية الباطنية، وقد انعكست التحولات السوسيو-مجالية المهمة التي عرف مجال الدراسة_ على غرار باقي المجالات الريفية المغربية _ بشكل واضح على الموارد المائية المتاحة، والتي لم تعد تساير_ في الواقت الراهن _مختلف الحاجيات خاصة المتعلقة بالقطاع الفلاحي الذي يستهلك كميات كبيرة من الماء والتي ما فتئت تتزايد بوتيرة كبيرة.

  • رافقت الدينامية الزراعية التي شهدها المجال المدروس تحولات سوسيو-مجالية ساهمت في التأثير على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجال، ذلك أن نتائج البحث بينت التحولات ومختلف الديناميات التى شهدها السهل، لاتزال مستمرة، كما أنها تتميز بالتباين السوسيو- مجالي فإلى جانب الاستغلاليات الزراعية العصرية التي تستخدم أحدث التقنيات الزراعية، نجد مستغلات زراعية صغرى لاتزال تستخدم وسائل إنتاج وتقنيات بسيطة وتقليدية، كما يلاحظ إختلال في التوازن بين المراكز الحضرية والقروية من جهة، والدواوير من جهة ثانية على مستوى التجهيزات والخدمات الاجتماعية، إضافة إلى التفاوتات الإجتماعية بين مناطق وفرة الموارد الطبيعية (الموارد المائية،التربة) والمجالات التي تتميز بمحدوديتها، وبين الجبل والهضبة والسهل، إضافة إلى إختلال بين المراكز الحضرية والريفية وبين الدواوير فيما بينها، مما ساهم في تعميق الفوارق الاجتماعية بين المناطق، وشكل تناقضا كبيرا بين مظاهر المستوى المعيشي الجيد من جهة، وتفشي الفقر والبطالة من ناحية أخرى في نفس المجال الجغرافي التي شهد دينامية زراعية مهمة شملت مجال الري وأشكال الاستغلال وتنويع المحاصيل الزراعية.

  • إن من بين الجوانب الإيجابية للدينامية الزراعية ومن أبرز خصائصها خلال العقود الأخيرة هو بلا شك مراعاة الجانب البيئي في قرارات الفلاحين من خلال استعمال الطاقة الشمسية في ضخ المياه، ومن خلال اعتماد غراسة الزيتون واللوز كشكل من أشكال تكيف المحاصيل مع الظروف البيئية الخاصة بالمحال، كما كان للتناوب الزراعي (الحبوب والبقوليات والأعلاف) دورا أساسيا في الحفاظ على للتربة وتزويدها بالمواد العضوية.

  • تبين مختلف التحولات السوسيو مجالية عمق التأثير الذي حصل بالمجال الريفي لسهل تافراطة؛ فالوسط السوسيو-مجالي والاقتصادي لهذا الريف تأثر بمجمل هذه التحولات ورافقته تغييرات كبيرة على مستوى الدخل وفرص الشغل، علاوة عن التحولات التي مست نمط السكن ومستوى التجهيزات التحتية والخدمات العمومية. وإن كانت الزراعة المسقية قد ساهمت في هذه التغيرات والتحولات المجالية، فإن ظهور سكن حديث بالأرياف على شاكلة السكن الحضري، والذي عمل على التنظيم المجالي للمشهد الريفي بالموازاة مع الدينامية الزراعية. كما ساهمت مختلف التدخلات في تحسين المردودية الزراعية وتطوير الاستغلال الزراعي (بعد اعتماد الري الموضعي)، والرفع من حجم المساحة المسقية، وشجعت على التدبير المعقلن للموارد المائية خاصة، بالنسبة لللمستغلات التي استفادت من دعم مخطط المغرب الأخضر، وبذلك شكلت آلية ناجعة للتكيف مع الخصوصيات الطبيعية للسهل رغم أن مراقبة استمرارية هذا التوجه تعتريه مجموعة من المشاكل والتحديات.

  • إن الدينامية الزراعية المخطط لها في سياق محلي تشمل بشكل أساسي توسيع الأراضي السقوية والحد من الفوارق الاجتماعية بين مجالات السهل وحل مشاكل الفلاحين الذين يعانون من نقص في مياه السقي الزراعي، والتي تشكل مظهرا للإصلاح الفلاحي بالمجال، بهدف تطوير النظام الزراعي الذي سمح من ناحية بزيادة عدد ومساحة الأراضي المسقية لدى بعض الفلاحين، ومن ناحية أخرى سمحت هذه الدينامية بتحسين مردودية المحاصيل الزراعية وتنويعها، إلا أن محدودية المجال الذي شمله المشروع الهيدرو-فلاحي ومشاكل إضطراب تزويد الاستغلاليات الزراعية بالماء جراء تراجع حقينة سهل الحسن الثاني على واد زا إحدى المشاكل التي يواجهها الاعداد الهيدرو-زراعي.

  • لم تكن التحولات السوسيو- مجالية بسهل تافراطة بمعزل عن التحولات الاقتصادية الوطنية والدولية حيث؛ برزت منطقة حوض جرسيف كمنطقة فلاحية أساسية بالمغرب تتميز بمجموعة من الإمكانيات والمؤهلات الإنتاجية خاصة في ميدان غراسة الزيتون. وفي هذا الصدد أصبحت تافراطة قبلة هامة لاستقطاب الاستثمارات الفلاحية الإقليمية، وظهرت على إثرها استغلاليات زراعية كبرى التي لعبت دورا مهما في تحريك عجلة الإقتصاد الفلاحي على مستوى الإنتاج والتسويق، خاصة بعدما عرفت الاستغلاليات الزراعية تحولات عميقة جعلتها تنتقل من استغلاليات عائلية، تعتمد أساليب تقليدية في استغلال الفلاحي، إلى مستغلات متوسطة وكبرى تتسم بمقومات الزراعة العصرية التي تعتمد على مختلف التقنيات وطرق التسيير الحديثة، ومن تم أصبح هذا الصنف من الاستغلاليات والفاعلين المرتبطين به الفئة الأكثر انفتاحا على السوق ولها إمكانيات مالية وتقنية مهمة، وما رافق ذلك من تأثيرات على المزارعين، بحيث كان الفلاح التقليدي يجمع بين عدة محاصيل زراعية (الأعلاف ومحاصيل أخرى)، ويسخر لذلك وسائل وتقنيات تقليدية جعلت من الزراعة ذات مردودية ضعيفة، لكن الانفتاح الكبير لتافراطة على تسويق المنتوج الفلاحي وعلى التقنيات الحديثة جعل من القطاع الفلاحي يعتمد التخصص الزراعي في غراسة الزيتون، حيث لجأ الجيل الجديد من المستثمرين إلى استعمال مختلف التقنيات الحديثة في ميدان الإنتاج مع الإعتماد على يد عاملة مأجورة دائمة.

  • ينقسم الفاعلين والمستثمرين في القطاع الفلاحي إلى مستثمرين من بعض أبناء المنطقة، خاصة فئة المهاجرين (الهجرة الدولية) الذين يستثمرون عائداتهم المالية بالقطاع الفلاحي، بينما الفئة الثانية هم مستثمرين وافدين من خارج المنطقة، أما الفئة الثالثة فهي تتشكل من الفلاحين المحليين الذين لم يستطيعوا أن يسايروا التحولات السريعة التي يعرفها هذا القطاع، لذلك نجدهم يضطرون إلى الاعتماد على النظام الإنتاجي التقليدي نظرا لمحدودية إمكامياتهم المادية وغالبا ما ينتهي بهم المطاف على التخلي عن النشاط الزراعي لصالح المستثمرين (المهاجرين والوافدين) عن طريق بيع أراضيهم الزراعية أو تفويثها أو كراءها، أو الهجرة فتصبح الأرض الزراعية "بوارا".

  • لم تساهم الدينامية الزراعية التي ساهمت فيها مجموعة من الفاعلين والتدخلات القطاعية المرتبطة بالدولةفي تحقيق مقاربة تشاركية وحكامة جيدة في تدبير القطاع الفلاحي حيث؛ أن الوجه الجديد للدينامية الفلاحية مع تأخر ومحدودية تدخل القطاعات المعنية بتدبير القطاع الفلاحي بالسهل(محدودية المجال الذي شمله المشروع الهيدرو-فلاحي، ضعف التدخلات القطاعية) والمشاكل العديدة التي يعاني منها النشاط التعاوني والجمعوي كانا من بين عوامل التفاوتات المجالية، خاصة تلك المرتبطة بحجم الدينامية الهيدرو-فلاحية (اعتماد الزراعات التسويقية، نظام إنتاجي مكثف، سرعة التحول من الترحال إلى الاستقرار، حجم فئات الاستغلاليات الزراعية، أشكال وطرق استغلال المجال الزراعي)، إلى جانب التباين بين أجزاء السهل على مستوى نوعية وشكل السكن ونوع مواد بناءه، مما أثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للساكنة.

  • إن الدينامية المجالية التي شهدها المجال تميزت بدرجات تطور متفاوتة بسبب اختلاف العوامل الفاعلة في هذه الحركية من ظروف طبيعية وبشرية و تقنية ومالية، يشكل تواجد هذه العناصر أو غيابها أو اختلافها السبب المسؤول عن تفاوتات التنظيم المجالي الريفي. كما ساهم القرب من مدينة جرسيف وتاوريرت، وموضع السهل المتميز بالإمكانات الطبيعية المتعددة والمتباينة في تعميق درجة هذه التفاوتات. وترتب عن فشل الدينامية الزراعية في تحقيق تنمية فلاحية شاملة بسهل تافراطة عواقب وخيمة على المجال الريفي، خاصة على المستوى الاجتماعي، حيث أفرزت هذه الوضعية طبقتين اجتماعيتين متناقضتين؛ فالأولى تهم طبقة المزارعين الكبار والمتوسطين الذين يملكون أراضِ ومستغلات متوسطة وكبرى ساهمت في ارتفاع مداخيلهم، أما الثانية فتشمل الفلاحين الصغار الذين لا يتوفرون سوى على استغلاليات صغرى لا تشجع على التكثيف الزراعي.

  • إن ربط العلاقة بين التحولات العميقة التي تعرفها الممارسة الزراعية بتافراطة من جهة، والخصوصيات المحلية للوسط الطبيعي من جهة أخرى، يبرز أن المجال استطاع أن يحقق قفزة هامة في ميدان إنتاج الزيتون، مما جعله يتبوأ مكانة هامة بمساهمة جهوية قيمة، لكن تجدر الاشارة أن تكثيف الإنتاج بمنطقة شبه جافة وضعيفة الموارد المائية يطرح أكثر من تساؤل حول وضعية الموارد المائية السطحية والجوفية وحول مصير النشاط الزراعي ، حيث أصبح استنزاف المخزون المائي الجوفي بالمجال يشكل تحديا حقيقيا، خاصة بالاستغلاليات الكبرى الحديثة، والتي يعتمد نشاط السقي بها بشكل كبير على الضخ المائي، ونتيجة لذلك فقد عرف منسوب المياه الجوفية انخفاضا واضحا ومستمرا، كما أكد على ذلك معظم المستجوبين من المزارعين الذين شملتهم عينة البحث، ويعزى ذلك إلى زيادة عدد الآبار والأثقاب الموجه للاستغلال الزراعي والتي لا تخضع لقواعد صارمة رغم تعميم الري بالتنقيط. وتعتمد الطاقة المستخدمة في ضخ المياه بشكل أساسي على الطاقة الشمسية، مما ساهم بشكل كبير في هدر الثروة المائية أمام مجانية الحصول على هذه الطاقة والتي شجعت المزارعين على الضغط على الموارد المائية دون الأخد بعين الاعتبار إمكانيات تجددها، ونتيجة لذلك أصبح المجال بحاجة ملحة لمشروع ترابي لتعبئة وتثمين الموارد المائية لخدمة التنمية الزراعية بسهل تافراطة، وفي نفس السياق تم توظيف نظم المعلومات الجغرافية لاختيار المجالات والمواقع المناسبة لبناء السدود المائية، حيث مكنتنا هذه التقنية الجغرافية الحديثة من استخلاص خرائط الملائمة المجالية التي حددت مواقع السدود على طول المجاري المائية.

  • عرف المجال الريفي لسهل تافراطة بالمغرب الشرقي دينامية مهمة سجل فيها تراجع ملحوظ للنشاط الرعوي لفائدة أنشطة زراعية بورية ومسقية رغم المؤهلات التي يزخر بها في ما يخص الموارد الرعوية، فالقطاع الفلاحي يواجه مجموعة من التحديات، حيث أدى توالي سنوات الجفاف خلال عقدي الثمانينات والتسعينات إلى تخلي الرعاة عن نمط الترحال الرعوي بشكل نهائي وتراجع الزارعة البورية لتحل محلها الزراعة المسقية، ولقد ساهمت مختلف التحولات السوسيو- مجالية والاقتصادية في قلب موازين التحكم في المجال وتنظيمه، ومن تم أصبح الرأسمال الطبيعي بالمنطقة، يعرف استغلالا مكثفا ومستمرا، مما إنعكاس بشكل مباشر على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للساكنة.
    ختاما، فقد شهد المجال الريفي موضوع الدراسة منذ حوالي قرن من الزمن إلى حدود المرحلة الحالية تحولات عميقة، تضافرت فيها مجموعة من العوامل المتحكمة بالتنظيم المجالي، خاصة التنظيم القبلي وتدخلات سلطات الحماية الفرنسية والهجرة القروية والدولية وتدخلات السلطات المغربية بعد الاستقلال وقوة تأثير المراكز الحضرية القريبة، مما ساهم في إعادة تشكيل المجال وتنظيمه مجاليا ووظيفيا. وشكل المجال السهلي في شمولته مسرحا لمختلف هذه التحولات، لكن رغم ما راكمه من تحولات إيجابية في العقود الأخيرة على المستوى الاجتماعي والعقاري والاقتصادي والديموغرافي والبيئي، ظل المجال الريفي يطبعه الضعف التنموي والتهميش الاقتصادي، وأضحى معرضا لمختلف أشكال الهشاشة الطبيعية والاستغلال غير المعقلن لموارده.

  • بينت النتائج أن بالفعل المجال السهلي لتافراطة يعيش حالة أزمة حقيقية في تدهور موارده الطبيعية، خاصة الموارد المائية والنباتية بالرغم من التحسن الاجتماعي النسبي الملحوظ الذي رافق التحولات السوسيو- مجالية المرتبطة بالدينامية الزراعية، مما يدعونا إلى اقتراح مجموعة من التوصيات، والتي ستشكل منطلقا لنجاح أي مشروع ترابي يسعى لتحقيق التنمية الترابية والحكامة الجيدة:
    1.تنمية الرعي وتحسين المراعي بسهل تافراطة

  • إعادة احياء نمط الترحال والرفع من مساعدات الدولة فيما يخص الأعلاف وخلق المحميات وتطوير المقاربة التشاركية

  • تحسين المراعي وتأطير العمل في إطار تعاونيات وجمعيات تشرك السكان المحليين بهدف تطوير الإنتاج الحيواني بما يوافق قدرة المجال الطبيعية على التحمل.

  • ضرورة تحسين نسل قطيع الماشية وانتقاء الأجناس الأكثر ملائمة و إنتاجية بالمنطقة خاصة نوع بني كيل.

  • تقديم الخدمات الصحية اللازمة للقطيع مع تنظيم توزيع الأعلاف المدعمة وخلق مراكز جديدة لتوزيعها.

  • حل النزاعات بين قبائل السهل حول استغلال الأراضي والمراعي في إطار لجان مختصة وإشراك قبائل أخرى مع تشجيع حماية المناطق المتنازع عليها واستغلالها بطريقة جماعية، من خلال خلق محميات ودفع التعويضات عنها لمربو الماشية.
    2.تنمية الزراعة المسقية بسهل تافراطة

    • توسيع نطاق المجالات الفلاحية المسقية في المناطق الأقل تدهورا سواء فيما يتعلق بالتربة أو الفرشة المائية.



  • دعم وتشجيع المبادرات الذاتية التي يظهرها بعض الفلاحين للحفاظ لتطوير المنتوجات الفلاحية المحلية، مع تأطيرهم وتكوينهم وتقديم المساعدات التقنية لهم.

  • تشجيع التخصص في غراسة الزياتين سواء في اختيار نوعية الأشجار أو في تسويق المنتوج وتصنيعه.

  • الاهتمام بالبحث الزراعي لتحسين جودة البذور وتطوير تقنيات الاستغلال الفلاحي.

  • تشجيع الاستثمارات الفلاحية الفردية أو الجماعية وذلك عن طريق تمويل جزء منها (غرس الأشجار، توفير الأعلاف ،تقنيات الري الموضعي ....).
    3.تثمين الموارد الطبيعية وتنميتها
    -المحافظة على الموارد الطبيعية في إطار التنمية المستدامة وتحسين إنتاجية ومردودية الأراضي الزراعية

  • الموازنة بين الحاجيات البشرية والموارد الطبيعية المتاحة مع الخصوصيات الطبيعية للمجال.

  • التدبير الرشيد للموارد المائية عبر تعميم الري بالتنقيط ودعمه والتخلي على الزراعات الأكثر استهلاكا للماء.

  • إنشاء سدود مائية تلية على طول المجاري المائية الرئيسية لتلبية الحاجيات المائية المتزايدة.

  • تقنين عملية حفر الآبار، عبر تقليص عدد الرخص السنوية الممنوحة للفلاحين والتفكير في بدائل أخرى للتعبئة مياه السقي بسهل تافراطة .

  • تنظيم عملية استغلال المياه الجوفية وذلك بالتوفيق بين الحاجيات والإمكانيات من هذه المادة الحيوية.



  1. الاهتمام بالخدمات والتجهيزات الأساسية والموارد البشرية



  • التأطير والتكوين العلمي للمتدخلين والفاعلين وتوعية الفلاحين.

  • فك العزلة عن الدواوير وتوفير الخدمات العمومية والبنية التحتية للتخفيف من مظاهر التهميش وظاهرة الهجرة القروية.

  • تنسيق الجهود والبرامج بين الجهات المعنية بالتنمية القروية


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

كيف يمكنني التع...

كيف يمكنني التعامل مع التغيرات الحالية والمستقبلية في علاقة المريض مع محيطه؟ إن إصابة الشخص بداء ا...

المرحلة الأولى ...

المرحلة الأولى دافعية ورضا الموظف: ركزت الغالبية العظمى من الكتابات خلال المرحلة الأولى لتطوير مفهو...

Exercise is a v...

Exercise is a vital means of improving an individual health con- dition. It can be seen as a free la...

ثانياً: موهبة ا...

ثانياً: موهبة التفكير المنتج يعد التفكير من الصفات التي تتضح على الإنسان وليس للإنسان غنى عنه ويحتا...

In Shakespeare'...

In Shakespeare's play "Macbeth", Claudius is not a character; however, in "Hamlet," Claudius is the ...

في الوقت الحاضر...

في الوقت الحاضر ، تتزايد أهمية إنشاء المناطق المحمية في السياسات العامة ، مع ضمان حق السكان المحليين...

3.1.3 Types of ...

3.1.3 Types of false ceilings Pvc and Fiber glass( كل وحده اربع او 5 اسطر بالكتير 1- PVC (Pol...

التعاون الاقتصا...

التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات وجمهورية الهندية يعد محوراً هاماً في علاقاتهما الثنائية، حيث تشه...

عنوان الرسالة: ...

عنوان الرسالة: ظاهرة التضخم الوظيفي في ليبيا: دراسة متكاملة من سنة 1996 إلى سنة 2022 **المقدمة** ت...

### مقدمة رواي...

### مقدمة رواية "رب خرافة خير من ألف واقع" للكاتب يوسف جاسم رمضان هي رواية تتناول مواضيع فلسفية ونف...

In 2003, he dec...

In 2003, he decided to climb the remote Blue John Canyon in Utah. But little did he know that he wo...

كيف تفسر بان ا...

كيف تفسر بان الطلاب شاركوا في اللعبة دون معارضة واحيانا بتحمس ظاهر , פחד וחוסר ביטחון, וראו בתנועה...