لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (17%)

لبيرُقراطية أو الدواوينية هي مفهوم يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. يعود أصل كلمة البيرقراطية إلى بيرو، النموذج البيروقراطي الذي قدمه عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر هو تصور (تفسير) للواقع يقصد به تسهيل فهم ظاهرة التنظيم بشكل مبسط وبأسلوب معين. ويمثل اللبنة الأساسية لنظرية التنظيم الإداري، وأحد النظريات الثلاثة للمدرسة الكلاسيكية في الإدارة والتي هي النموذج البيروقراطي، والحكومي، وغير الربحي) لأنه أسلوب إداري وقيادي في المنظمات مهما كان عمل المنظمة والقطاع الذي تنتمي إليه، وليس حصراً على قطاع بحد ذاته كما قد يعتقد البعض أنه خاص بمؤسسات القطاع الحكومي. وهذا التعريف ينطبق على المؤسسات في جميع القطاعات في جميع البلدان ومهما كان حجم المؤسسة. وأود الإشارة هنا بأنه على الرغم من وجود البيروقراطية في القطاع الخاص والعام على حدٍ سواء، ولكن تميز القطاع الخاص في معظم الأحيان على القطاع العام في بعض الدول قد يعود إلى اعتماد القطاع الخاص بشكل تام على الربح للبقاء والإستمرار بالوجود ما يجعله حريص على تطبيق هذا النموذج الإداري بفاعلية وانسيابية ومرونة. كما سنرى لاحقاً في الانتقادات التي وجهت لنموذج فيبر للبيروقراطية في هذا البحث. والتي تعني "أحكام المكتب" وهو ما دعاه إلى الخروج بنظريته عن النموذج المثالي للبيروقراطية باحثاً فيه عن الموضوعية والجدارة والحيادية والدقة والانضباط والعقلانية من خلال توفر الخصائص التالية في المؤسسة:
على الموظفين حسب جدارتهم ليتولوا واجباتهم ومسؤولياتهم (وتجدر الإشارة بأن فيبر من أوائل من تحدثوا عن التوظيف على مبدأ الجدارة القائم على الاختبارات المهنية والمؤهلات التي تثبت تمكن الشخص من القيام بواجباته ومسؤولياته المطلوبة منه). محمد، ويرى بعض المختصين مفهوم البيروقراطية بأنه "نمط إداري يتمسك بالشكل دون المضمون ويتسم بالتخلف الإداري وكثرة التعقيدات والإهمال والتحيز"
20). أضف إلى ذلك الخصائص التالية الهامة جداً:
المنيف، وأوضح فيبر في مقالاته في علم الاجتماع بأن خواص البيروقراطية هي أن تعمل طبقة الموظفين بالطريقة التالية:
فإن الأعمال الرسمية تتطلب كل طاقة العمل لدى المسؤول بغض النظر عن حقيقة كون ساعات دوامه الإجباري في الدائرة قد تكون محددة بشكل صارم. السلمى، 1970، وسنناقشها كلها بالترتيب
ص 103)
وذلك بسبب أن كل فرد له تعليمات خاصة والعمل مقسم بناءً على التخصص وبشكل هرمي ومركزي
المنيف، ص 103 - 104). وذلك بسبب أن المستويات العليا في التنظيم البيروقراطي حسب نموذج فيبر ترغب في الرقابة على أعمال وسلوك العاملين من خلال وضع قواعد وتعليمات وإجراءات عمل. بسبب أن الجميع يخضع لنفس القواعد. مما يؤدي إلى انعدام شعور هؤلاء العاملين بالأمان الوظيفي أو بالولاء ويسعى كل عامل لتحقيق أهدافه الشخصية
المنيف، مما يقود إلى ضياع أموال أو مستندات عامة. 2. عدم ادراك العاملين لأهداف المؤسسة التي وجدت لأجلها. 4. تركيز المسؤوليات وسلطة اتخاذ القرار في المؤسسة في أيدي فئة قليلة توجد في مستويات الإدارة العليا فقط، وذلك يؤدي لزيادة أثار الروتين السلبية التي تتجلى بوضوح بتعامل الموظفين في المستويات الدنيا مع المراجعين والمستفيدين يومياً بشكل سلبي، وتحصيلهم لمعلومات هامة من المستفيدين ولكن لا يستفيدون منها بتحسين العمل والأنظمة بسبب أنهم لا يملكون السلطة للتعامل مع هذه المعلومات الهامة او اتخاذ القرار بشأنها وتصبح معلومات متراكمة هامة مهملة. 5. قيام المسؤولين الذين لديهم صلاحية اتخاذ القرار بإتخاذ قرارات غير مناسبة بسبب عدم احاطتهم بتلك المعلومات الهامة المتراكمة لدى الموظفين في المستويات الدنيا والتي كانت من الممكن ان تفهمهم الموقف جيداً لاتخاذ القرار الأنسب. 2. انخفاض إنتاجية العاملين وتدهور روحهم المعنوية بسبب التمسك حرفياً بالقواعد والتعليمات. قام بإجراء دراسة لنموج البيروقراطية الأمريكية ولاحظ فيها ميلاً طبيعياً نحو النمو والاتساع والمحافظة المستميتة على البقاء والاستقلال. 2. وجود صعوبة بالغة في مراقبة سلوك العاملين مراقبة مثالية. 1. يتجه جميع الموظفين إلى تحقيق أهدافهم الشخصية منطقياً، أي التنظيم غير الرسمي الذي ظهر بسبب العلاقات الشخصية "الشللية" يؤدي لاحقاً إلى وجود تنظيم رسمي هيكلي في المؤسسة، وقال داونز: "إن الوظيفة التي يؤديها موظف البيروقراطية تحتوي على خدمات لها قيمة معينة لدى المستفيدين، لأن هذه الخدمات تحقق مصالحهم الشخصية، ونتيجة ذلك فإن موظف البيروقراطية يقوم بتقييم هذه الخدمات ويسعى لتحقيق مصلحته الشخصية بالمقابل بأي وسيلة ممكنة". 2017، وخلص باركنسون إلى أن العمل حسب النموذج البيروقراطي لفيبر يتوسع ليملأ الوقت المتوفر لإنجازه (أي أن العمل يتوسع بمهام غير هامة او يمكن اهمالها أو أعمال ثانوية، ما سيجعل الموظف يقوم عنوةً بالتسويف وتأجيل الأعمال الأساسية الهامة)، .
ولذلك أسمها الارتقاء إلى مستوى عدم الكفاءة لأن الموظف يجابه لاحقاً بعد ارتقائه مسؤوليات وأنشطة لا تتواءم مع مؤهلاته وقدراته وكفاءته. المنيف، مما أدى لظهور نظريات جديدة اخذت في الحسبان ما يلي:
4. الالتزام التام في القواعد والتعليمات قد يؤدي إلى عدم معرفة التصرف في مواقف معينة تفرضها الطبيعة أو الظروف القاهرة، ويتطلب ذلك بناء قواعد بيانات دقيقة وقنوات اتصال مؤمنة بين الإدارات الحكومية بعضها البعض من أجل التنسيق بين المصالح الحكومية والشركات والمواطنين من أجل تقديم خدمات آمنة بشكل أسرع وأدق.


النص الأصلي

لبيرُقراطية أو الدواوينية هي مفهوم يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة. وتعتمد هذه الأنظمة على الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية. وهنالك العديد من الأمثلة على البيرقراطية المستخدمة يومياً: الأجهزة الحكومات، والقوات المسلحة، والشركات الضخمة، والمستشفيات، والمحاكم، والمدارس. يعود أصل كلمة البيرقراطية إلى بيرو، وهي كلمه فرنسية ومعناها مكتب، المستخدمة في بداية القرن الثامن عشر ليس للتعبير عن كلمة مكتب فقط بل للتعبيرعن الشركة، وأماكن العمل. وكلمة قراطية وهي كلمة مشتقه من الأصل الإغريقي كراتُس ومعناها القانون/ أحكام، أو القوة/ السلطة السياسية والكلمة في مجموعها تعني قانون/ أحكام المكتب أو القوة/ السلطة السياسية للمكتب.


النموذج البيروقراطي الذي قدمه عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر هو تصور (تفسير) للواقع يقصد به تسهيل فهم ظاهرة التنظيم بشكل مبسط وبأسلوب معين. ويتضح ذلك في الخصائص الأساسية للنموذج. ويعتبر النموذج البيروقراطي أول نموذج متكامل للمنظمات، ويمثل اللبنة الأساسية لنظرية التنظيم الإداري، وأحد النظريات الثلاثة للمدرسة الكلاسيكية في الإدارة والتي هي النموذج البيروقراطي، والإدارة العلمية لفردريك تايلور، ونظرية التنظيم الإداري أو المبادئ الإدارية للوثر جوليك وهنري فايول


(المنيف، 2017، ص 101).


وشهدت فترة فيبر قيام بارونات الصناعة، واستغلال اختراعات الثورة الصناعية، والاعتراف لأول مرة بنظام الأجور، وتغير هائل في اشكال المنظمات، إذ بدأت منظمات المجتمع الزراعي الأوروبي في الاختفاء وأخذت تحل محلها منظمات صناعية كبيرة الحجم تستخدم أعداداً كبيرة من العمال، وظهرت ظاهرة الإنتاج الكبير mass production. ومن هنا أتت نظرية فيبر للبيروقراطية والتي أسمت هذه المنظمات "بيروقراطيات" وهي المنظمات كبيرة الحجم، وهدف فيبر من نموذجه عن البيروقراطية إلى وصف الجهاز الإداري لهذه المنظمات وأهمية تأثيره على الأداء والسلوك (المنيف، 2017، ص 101). والبيروقراطيات تشمل جميع القطاعات (الخاص، والحكومي، وغير الربحي) لأنه أسلوب إداري وقيادي في المنظمات مهما كان عمل المنظمة والقطاع الذي تنتمي إليه، وليس حصراً على قطاع بحد ذاته كما قد يعتقد البعض أنه خاص بمؤسسات القطاع الحكومي.


حيث يشير فيبر في نموذجه بأن الرئيس (أي رئيس المنظمة) يحتاج إلى جهاز إداري لتنفيذ الأنظمة والقواعد والإجراءات والتعليمات وفق هيكل تنظيمي ذو سلطة هرمية تتجه من الأعلى إلى الأسفل، وهذا الجهاز في تعريف فيبر هو البيروقراطية (المنيف، 2017، 102). وهذا التعريف ينطبق على المؤسسات في جميع القطاعات في جميع البلدان ومهما كان حجم المؤسسة.


وأود الإشارة هنا بأنه على الرغم من وجود البيروقراطية في القطاع الخاص والعام على حدٍ سواء، ولكن تميز القطاع الخاص في معظم الأحيان على القطاع العام في بعض الدول قد يعود إلى اعتماد القطاع الخاص بشكل تام على الربح للبقاء والإستمرار بالوجود ما يجعله حريص على تطبيق هذا النموذج الإداري بفاعلية وانسيابية ومرونة. علماً أن تطبيق النموذج المثالي للبيروقراطية وفق نظرية فيبر أمر في غاية الصعوبة، أو مُحال، كما سنرى لاحقاً في الانتقادات التي وجهت لنموذج فيبر للبيروقراطية في هذا البحث. وفيبر يعلم بأن تطبيق نموذجه المثالي النقي هو أمر غير ممكن أو صعب للغاية على أقل تقدير، إلا أنه وضعه كنموذج استرشادي يمثل البيروقراطية المثالية ويمكن تطبيق اجزاء منه بنسب مناسبة لرؤية قيادة المنظمة وليس كاملاً.


وقد أوضح فيبر بأن لنموذجه للبيروقراطية مزايا عديدة منها: الدقة، والسرعة، والمعرفة، والاستمرارية، والوضوح، والخضوع الكامل للرؤساء ذوي القوى والسيطرة القانونية بحكم المنصب والتي اسماها السلطة العقلانية (والعقلانية لديه هي المستمدة من القانون) او السلطة القانونية ويتم تحديدها بالمنصب والمزايا القانونية التي يتمتع بها المنصب للفرد ضمن المجموعة المنظمة في البيروقراطية، وليس بسبب السلطة التقليدية المتوارثة او بسبب سلطة قوة الشخصية او الكاريزمية كما اسماها.


(المنيف، 2017، ص 102).


وركز فيبر في نموذجه على شرعية السلطة، وقسمها إلى ثلاثة سلطات. وهي السلطة البطولية (الكارزمية)، والسلطة التقليدية، والسلطة الرشيدة (العقلانية) المذكورين أعلاه. فالسلطة البطولية أو الكارزماتية تعتمد على الصفات الشخصية، واشتق المنظرين منها لاحقاً العديد من الدراسات في القيادة ومنها نظرية سمات الرجل العظيم، والتي ترى أن القائد يولد بصفات جسمانية وشخصية معينة، وليس يصنع. والسلطة الثانية، السلطة التقليدية أو الموروثة، يقصد بها السلطات المتوارثة حسب التقاليد. وتجدر الملاحظة هنا أن هذه السلطة كانت المهيمنة في زمن الإقطاع الأوروبي، ومنها أيضاً انتقال المركز أو المنصب بالإرث أو ببيعه كما كان يحصل في فرنسا حتى القرن التاسع عشر. وبالنسبة للسلطة الثالثة والمسماة بالرشيدة أو العقلانية، هي موضوع نظريته وأساس النموذج البيروقراطي المثالي والتي يجب ان يستند عليها. حيث ركز في هذه السلطة على السلطة المعطاة إلى القواعد والقوانين والأنظمة والتعليمات والإجراءات التي يكتسب الموظف شرعية منصبه منها. أي أن الشرعية ليست بالكريزما أو الصفة الشخصية وليست بالإرث، إنما يكتسبها الفرد من القواعد والأنظمة والتعليمات والإجراءات الخاصة بمنصبه. ومن هنا أتت كلمة بيروقراطية، والتي تعني "أحكام المكتب" وهو ما دعاه إلى الخروج بنظريته عن النموذج المثالي للبيروقراطية باحثاً فيه عن الموضوعية والجدارة والحيادية والدقة والانضباط والعقلانية من خلال توفر الخصائص التالية في المؤسسة:


1- الالتزام التام بالقواعد والقوانين والتعليمات والأنظمة والإجراءات هو ما يحدد تخصص الموظفين.


2- أنشطة العمل هي واجبات رسمية منظمة وموزعة على الأفراد في تسلسل هرمي.


3- توزيع السلطة الرشيدة (السلطة العقلانية)، المشار إليها أعلاه، على الموظفين حسب جدارتهم ليتولوا واجباتهم ومسؤولياتهم (وتجدر الإشارة بأن فيبر من أوائل من تحدثوا عن التوظيف على مبدأ الجدارة القائم على الاختبارات المهنية والمؤهلات التي تثبت تمكن الشخص من القيام بواجباته ومسؤولياته المطلوبة منه).


4- إعداد وتوثيق وحفظ المستندات وأساليب العمل العقلاني والتي يجب أن يقوم بها ذوو خبرة.


5- السلطة تتطلب هرمية التنظيم من أعلى إلى أسفل.


6- تحقيق الرشد والعقلانية في المؤسسة بالمعرفة والمهارة ضرورة حتمية


(المنيف، 2017، ص 102 - 103).


ومن مفاهيم البيروقراطية في المعاجم ما يلي:



  1. عرفها قاموس الأكاديمية الفرنسية: ("القوة والنفوذ اللذان يمارسهما رؤساء الحكومة وموظفو الهيئات الحكومية")


(فرغلي، 1980، ص 173).



  1. عرفها القاموس الألماني: ("القوة والسلطة التي تمنح للأقسام الحكومية وفروعها وتمارسها على المواطنين")


(علي محمد، 1977، ص 248).



  1. عرفتها الموسوعة البريطانية: ("تركيز السلطة الإدارية في المكاتب والإدارات")


(محمد، 1970، ص 4).



  1. عرفها معجم وبستر: ("مجموعة من الموظفين الرسميين" وأنها "الإجراءات الحكومية الرسمية أو الروتين غير المرن") (والمقصود بغير المرن بسبب إلتزامها الحرفي والحيادي واللاشخصي بالقوانين والأنظمة دون أي تقدير شخصي أو استثناءات).


(درويش، 1968، ص 186).


ويرى بعض المختصين مفهوم البيروقراطية بأنه "نمط إداري يتمسك بالشكل دون المضمون ويتسم بالتخلف الإداري وكثرة التعقيدات والإهمال والتحيز"


(محمود، 1976، ص 86).


وعرف فريتز ماركس البيروقراطية بأنها "الشكل أو النمط التنظيمي الذي تستخدمه الحكومة الحديثة لأداء وظائفها العديدة المتخصصة والمتضمنة في النظام الإداري والتي تتجسد في نظام الخدمة المدنية بوضوح" وأنها "اتجاه رسمي إلى تنفيذ الوظائف مع التزام بالتخلي عن الإنسانية والتمسك بالشكليات دون أدنى اعتبار لما قد ينجم عن هذا الاتجاه من أثار ونتائج"


(Marx, 1969, p. 20).


ثانياً: الخصائص الأساسية للنموذج البيروقراطي:


في الواقع، تعبير البيروقراطية كما استخدمه فيبر لا يحمل أي معان غير مرغوبة، إنما استخدمه ليصف به نموذجاً مثالياً للتنظيم يقوم على أساس فكرة التخصص وتقسيم العمل وتوزيع السلطة بين الموظفين، أضف إلى ذلك الخصائص التالية الهامة جداً:


1- تقسيم التنظيم إلى عدة مستويات وبشكل هرمي.


2- الاعتماد على المستندات والكتابات في كل شيء. (حيث التوجيهات والأوامر الشفهية لا يعتد بها وجميع الأوامر يجب أن توثق، وتنفيذها يوثق كذلك).


3- الالتزام التام بالأنظمة والقواعد والتعليمات المؤسسية، وان تتصف بالشمولية والعمومية والثبات النسبي لتحقيق المصلحة العامة (ولذلك يتم اتهام البيروقراطية بانها تقاوم التغيير والتكيف معه بسبب ميلها للثبات النسبي وإلتزامها الأساسي بالقوانين والأنظمة قبل أي شيء أخر، ولكن يمكن كسر ثباتها أيضاً بتغيير القوانين والأنظمة حيث يكمن ولائها الأساسي. ولكن يجب تجنب كثرة التغيير الذي قد يسبب ارباك للموظفين وعدم معرفتهم بالقواعد والأنظمة بسبب كثرة تغيرها ويؤدي لفوضى إدارية)


(المنيف، 2017، ص 101).


وأوضح فيبر في مقالاته في علم الاجتماع بأن خواص البيروقراطية هي أن تعمل طبقة الموظفين بالطريقة التالية:




  1. "هناك مبدأ مناطق الصلاحيات الثابتة والرسمية التي يتم عادةً تحديدها عن طريق القواعد، أي القوانين أو الأنظمة الإدارية."




  2. "مبادئ الهرم الإداري ومستويات السلطة المتدرجة تعني نظاماً مرتباً بصورة راسخة من الترؤس والمرؤسية، ويتولى فيها موظفو المناصب العليا الإشراف على موظفي المستويات الدنيا. ويوفر مثل هذا النظام للفئة المحكومة إمكانيات إستئناف القرار المتخذ أمام السلطة العليا بشكل منظم ومحدد."




  3. "تقوم إدارة المكتب الحديث على مستندات مكتوبة يتم حفظها في هيئتها الأصلية أو على شكل مسودات. لذلك فهناك طبقة من الموظفين الثانويين والكتبة من جميع الأنواع، ومجموع هؤلاء الموظفين الناشطين في مناصب القطاع العام، بالإضافة إلى الجهاز التابع لهم من الأشياء المادية والملفات، يشكل ما يسمى بـ "الدائرة الرسمية" وفي أحيان كثيرة يطلق على "الدائرة" أسم "المكتب"".




  4. "إدارة المكاتب المتخصصة عادة ما تفترض مسبقاً تدريباً متخصصاً دقيقاً وقائماً على الخبرات".




  5. "عندما يتطور المكتب تماماً، فإن الأعمال الرسمية تتطلب كل طاقة العمل لدى المسؤول بغض النظر عن حقيقة كون ساعات دوامه الإجباري في الدائرة قد تكون محددة بشكل صارم. في الحالات العادية يكون ذلك نتيجة لتطورات طويلة الأجل خاضتها الدائرة. سابقاً، كانت الأوضاع معكوسة، حيث كانت الأعمال الرسمية تؤدى على أنها نشاطات ثانوية".




  6. "تخضع عملية إدارة المكتب لقواعد عامة، تكون ثابتة إلى حد ما وشاملة إلى حد ما ويمكن تعلمها، ومعرفة هذه القواعد تمثل تعليماً فنياً خاصاً يمتلكه المسؤولون، وتشمل هذه المعرفة مجموعة القوانين وطريقة تصريف الأمور الإدارية"




(شافريتز، وأخرون، 2010، ص 79 - 80).


ويتضح لنا من خصائص البيروقراطية في نموذج فيبر، أنه لا يوجد أي اعتبارات شخصية في العمل أو انسانية. حيث يتصور فيبر انفصال حياة ومشاعر الموظف وتعاطفه وحياته الخاصة عن حياته في العمل، أي بين مصالحه الشخصية وواجباته الرسمية. وهو لهذا لا يرى أي تحيز شخصي في العمل وانعدام أي اثر للاعتبارات الشخصية في التعامل مع الجماهير


(السلمى، 1970، ص28).


ثالثاً: الانتقادات التي وجهت للنموذج البيروقراطي:


أدت الانتقادات والنظرة السلبية إلى نموذج فيبر للبيروقراطية إلى ظهور نظريات بيروقراطية جزئية حديثة تغطي ثغرات نموذج فيبر المثالي للبيروقراطية أو تنقضه بشكل كامل. حيث برزت بعض الاتجاهات الفكرية وفق دراسات باحثين كبار ترى أن نموذج فيبر غير عملي وغير صالح لوصف ما يحدث في التنظيمات القائمة بالفعل. حيث اعتمدت هذه النظريات على خصائص نموذج فيبر – والتي اشرنا أعلاه – مع ادخال التعديلات التي رأتها هذه الاتجاهات الفكرية ضرورية. ومن بين هذه الاتجاهات الفكرية هي ما قدمها ميرتون، وجولدنر، وكروزير، ودونز، وباركنسون، ولورانس، وجامون، وسنناقشها كلها بالترتيب


(المنيف، 2017، ص 103)


نبدأ مع روبرت ميرتون ، حيث أنه كان من أوائل من تنبهوا لنقاط ضعف في نموذج فيبر المثالي وعمل على تطويره من خلال ادخال العنصر البشري (المشاعر والقدرة البشرية) والذي يغطي ثغرات السلوك البيروقراطي في نموذج فيبر، ومن الانتقادات التي وجهها ميرتون الى نموذج فيبر كانت ما يلي:




  1. استقرار السلوك البيروقراطي للفرد سيؤدي إلى جمود التنظيم (عدم المرونة الذي ذكرنا معناه أعلاه)، حيث يأتي الجمود بسبب الالتزام التام للعاملين في المؤسسة بالأنظمة والتعليمات وهذا يعني زيادة الروتين وزيادة الرقابة والتفتيش وضياع المال العام على هذه الرقابة بدلاً من أن يصبو باتجاه تحقيق غرض (أهداف) المنظمة التي أنشئت لأجل تحقيقه.




  2. التركيز على الإلتزام بالأنظمة والتعليمات والرقابة والتفتيش عليها أكثر من التركيز على الغرض الذي أنشئت المنظمة لتحقيقه، ما يؤدي إلى تغلب الوسائل على الغايات، أي أن إلتزام الموظف بهذه الأنظمة والتعليمات والقواعد سيصبح تدريجياً هو الغاية لهذا الموظف مع مرور الوقت وسينسى الموظف الغاية الأساسية للمنظمة والداعي لوجودها من الأساس.




  3. تعميم التصرفات والسلوكيات الجيدة في مواقف معينة على مواقف أخرى قد لا تناسبها نفس تلك التصرفات والسلوكيات، حيث أن نموذج فيبر لا يأخذ بالإعتبار البيئة الخارجية وتأثيرها على المنظمة او التغيرات التي تحدث بها عند تعميم تلك التصرفات او السلوكيات.




  4. أدى نموذج فيبر إلى التقليل من وجود العلاقات الشخصية بين أعضاء الفريق الواحد في نفس المؤسسة أو حتى انعدامه، وذلك بسبب أن كل فرد له تعليمات خاصة والعمل مقسم بناءً على التخصص وبشكل هرمي ومركزي




(المنيف، 2017، ص 103 - 104).


ويرى جولدنر أن التنظيم المشار إليه في نموذج فيبر يضع نظاماً للرقابة للمحافظة على توازن واستقرار التنظيم، ولكنه يؤدي في النهاية إلى خلل بتوازنه واستقراره بحد ذاته. وذلك بسبب أن المستويات العليا في التنظيم البيروقراطي حسب نموذج فيبر ترغب في الرقابة على أعمال وسلوك العاملين من خلال وضع قواعد وتعليمات وإجراءات عمل. وتكون محصلة هذه الرقابة في نموذج فيبر للبيروقراطية ازدياد التوتر والصراع الداخلي في المؤسسة وبالتالي اختلال التوازن التنظيمي والبعد عن أهداف المؤسسة الحقيقية، وذلك يرجع للأسباب التالية:




  1. تقليص العلاقات الشخصية بين العاملين في المنظمة إلى الحد الأدنى، بسبب تقسيم العمل.




  2. قلة وضوح الفروق بين الإدارات والأقسام، بسبب أن الجميع يخضع لنفس القواعد.




  3. قبول الأوامر الرسمية من المشرفين بإيجابياتها وسلبياتها بحكم مناصبهم، وذلك يؤدي لاحقاً إلى ظهور نتائج وسلوكيات غير متوقعة وغير مرغوبة. ومن تلك النتائج والسلوكيات غير المتوقعة وغير المرغوبة تقوقع سلوك الأفراد وجموده، مما ينتج عنه الحد من العمل دون محاولة بذل جهد أعلى ما يؤدي إلى انخفاض في الإنجازات الفعلية والإنتاجية والابتعاد عن تحقيق الأهداف المنشودة للمنظمة. (وبالطبع انخفاض المبادرة والابتكار والتفكير الإبداعي)




  4. اعتقاد الإدارة العليا للمنظمة بأن فشل المنظمة في تحقيق أهدافها يعود إلى العاملين، مما يؤدي إلى انعدام شعور هؤلاء العاملين بالأمان الوظيفي أو بالولاء ويسعى كل عامل لتحقيق أهدافه الشخصية




(المنيف، 2017، ص 105 - 106).


كما انتقد الفرنسي كروزير نموذج فيبر بدراسة لظاهرة نموذج البيروقراطية في فرنسا، اعتمد فيها على بيانات قام بتحصيلها ميدانياً وحللها احصائياً لمشروعين من المشاريع العامة في فرنسا. وخلص كرويز إلى أن نموذج فيبر للبيروقراطية هو ظاهرة للروتين والتعقيد والجمود في المنظمات الفرنسية. وعرف كروزير الروتين بالحلقة الجهنمية وأوضح أن ذلك يعود للأسباب التالية:




  1. عدم شعور الموظفين بالانتماء للمؤسسة وعدم اكتراثهم بالمحافظة على ممتلكات المؤسسة، مما يقود إلى ضياع أموال أو مستندات عامة.




  2. عدم ادراك العاملين لأهداف المؤسسة التي وجدت لأجلها.




  3. عدم وحدة العاملين، وانعزالهم عن بعضهم البعض بسبب الحد من العلاقات الشخصية بينهم. مما يؤدي إلى منافسة شرسة بينهم ينعدم معها العمل الجماعي ويسود شعور الأنانية والسعي لتحقيق الأهداف الشخصية.




  4. تركيز المسؤوليات وسلطة اتخاذ القرار في المؤسسة في أيدي فئة قليلة توجد في مستويات الإدارة العليا فقط، وذلك يؤدي لزيادة أثار الروتين السلبية التي تتجلى بوضوح بتعامل الموظفين في المستويات الدنيا مع المراجعين والمستفيدين يومياً بشكل سلبي، وتنفيذهم للأعمال الرسمية دون المستوى المأمول من الكفاءة والجودة والفاعلية، وتحصيلهم لمعلومات هامة من المستفيدين ولكن لا يستفيدون منها بتحسين العمل والأنظمة بسبب أنهم لا يملكون السلطة للتعامل مع هذه المعلومات الهامة او اتخاذ القرار بشأنها وتصبح معلومات متراكمة هامة مهملة.




  5. قيام المسؤولين الذين لديهم صلاحية اتخاذ القرار بإتخاذ قرارات غير مناسبة بسبب عدم احاطتهم بتلك المعلومات الهامة المتراكمة لدى الموظفين في المستويات الدنيا والتي كانت من الممكن ان تفهمهم الموقف جيداً لاتخاذ القرار الأنسب.




وبالنسبة لمظاهر التعقيد والجمود في المؤسسة، أوضح كروزير عناصر الضعف التالية في نموذج فيبر للبيروقراطية:




  1. عدم رغبة الموظف في تحمل المسؤولية او المبادرة او اتخاذ قرار ما يراه مناسباً بسبب أن ذلك سيؤدي إلى اهتزاز استقرار الموظف وعدم شعوره بالأمان الوظيفي، بسبب أنه حين يفعل ذلك قد يخالف القواعد والتعليمات. ولذلك يترك هذه المخاطر لمن هم في المستويات القيادية العليا الذين لديهم سلطة تقديرية للمواقف.




  2. انخفاض إنتاجية العاملين وتدهور روحهم المعنوية بسبب التمسك حرفياً بالقواعد والتعليمات.




  3. صعوبة التكيف مع المشاكل والظروف المتغيرة مما يزيد الفجوة بين المؤسسة والمستفيدين منها.




  4. زيادة الرقابة على الالتزام بالقواعد والتعليمات المؤسسية مما يزيد الجمود، وبدوره يزيد المشاكل والفجوة مع جمهور المستفيدين




(المنيف، 2017، ص 106 - 107).


وبالنسبة للأمريكي داونز، قام بإجراء دراسة لنموج البيروقراطية الأمريكية ولاحظ فيها ميلاً طبيعياً نحو النمو والاتساع والمحافظة المستميتة على البقاء والاستقلال.


ولكن يرى داونز أن الأنظمة البيروقراطية قد انحرفت عن النظرية الأساسية لنموذج فيبر المثالي وأخذت تستوعب وتدخل الجانب الإنساني في النموذج وأصبحت تهتم بالعلاقات الشخصية. وعرف داونز ذلك بأنه الاتجاه الحديث للبيروقراطية، حيث أن هذا الميل يمثل انحرافاً اساسياً عن النظرية الأساسية لنموذج فيبر للبيروقراطية الذي ينكر وجود تحيزات شخصية في العمل، ويفصل بشكل تام بين الواجبات الرسمية والمصالح والعلاقات الشخصية. وبناءً على ذلك، وأوضح داونز عناصر الضعف التالية فيما يخص الرقابة حسب نموذج فيبر البيروقراطي ووضعها كأساس لتطوير نموذجه الذي أسماه البيروقراطية الحديثة:




  1. جانب كبير من الموارد والنشاط في المؤسسة لا يتم استغلاله لصالح تحقيق الأهداف المنشودة، حيث يتم استعماله في الرقابة والتي ممكن القيام بها من خلال نظريات أخرى كنظرية الإدارة العلمية.




  2. وجود صعوبة بالغة في مراقبة سلوك العاملين مراقبة مثالية.




  3. كلما كبرت المؤسسة قلت فاعلية وكفاءة رقابتها.




  4. كلما كبر حجم المؤسسة أصبح التنسيق الداخلي أقل، نظراً لظهور طبقات وإدارات جديدة.




  5. كلما زادت جهود الرقابة زادت معها جهود الموظفين في إيجاد فجوة للإفلات.




  6. ازدواجية الرقابة وتعدد أجهزتها، مما يقلل فعالية الرقابة وتداخل أنشطتها ويصرف المال العام بعيداً عن تحقيق أهداف المصالح الحكومية.




كما بين داونز في كتابه "في داخل البيروقراطية" أن السلوك الإنساني والنفس البشرية أعلى من أن تشمل في سلوك بيروقراطي روتيني وجامد، وأن السلوك الإنساني لا يمكن تحديده أو قياسه أو وضع افتراضات يقينية عليه، ولا يمكن أيضاً وضعه في إطار محدد. وخلص داونز في كتابه إلى أن الانحرافات التي ظهرت بإتجاه السلوك الإنساني عن السلوك البيروقراطي المثالي لفيبر تمثل أدلة يقينية على فشل نظرية فيبر للنموذج البيروقراطي في استيعاب العنصر البشري في نموذجه. وأوضح ذلك في ثلاث فرضيات، وهي كما يلي:




  1. يتجه جميع الموظفين إلى تحقيق أهدافهم الشخصية منطقياً، أي أن هدفهم الحصول على أعلى حد ممكن لمنفعتهم الشخصية.




  2. كل موظف لديه دافع كبير لتحقيق مصلحته الشخصية، مما يؤدي إلى ظهور أهداف عديدة معقدة لدى أفراد المنظمة الواحدة.




  3. تؤثر العلاقات الاجتماعية في أي منظمة على هيكلها التنظيمي، مما يؤدي إلى ظهور هيكل تنظيمي غير رسمي "الشللية"، والعكس صحيح. أي التنظيم غير الرسمي الذي ظهر بسبب العلاقات الشخصية "الشللية" يؤدي لاحقاً إلى وجود تنظيم رسمي هيكلي في المؤسسة، وكذلك دواليك. وهذا أمر طبيعي ومرغوب فيه لتحسين فاعلية وكفاءة المنظمة




وقال داونز: "إن الوظيفة التي يؤديها موظف البيروقراطية تحتوي على خدمات لها قيمة معينة لدى المستفيدين، أي المتعاملين مع تلك المصلحة الحكومية، لأن هذه الخدمات تحقق مصالحهم الشخصية، ونتيجة ذلك فإن موظف البيروقراطية يقوم بتقييم هذه الخدمات ويسعى لتحقيق مصلحته الشخصية بالمقابل بأي وسيلة ممكنة".


(المنيف، 2017، ص 107 - 114).


وخلص باركنسون إلى أن العمل حسب النموذج البيروقراطي لفيبر يتوسع ليملأ الوقت المتوفر لإنجازه (أي أن العمل يتوسع بمهام غير هامة او يمكن اهمالها أو أعمال ثانوية، وهو اشارة منه إلى عدم كفاءة النموذج وبطئه وضعف انتاجيته بسبب الإجراءات الطويلة والطبقية غير الهامة والتي من الأفضل اهمالها وتجاوزها. كما يعود ذلك لأن نموذج فيبر المثالي يلزم الموظف بعدد ساعات معين يقضيه في المكتب سواءاً أنهى أعماله أم لم ينهيها، ما سيجعل الموظف يقوم عنوةً بالتسويف وتأجيل الأعمال الأساسية الهامة)، وهو ما عرف لاحقاً بـ "قانون باركنسون" (وضرب مثالاً لذلك بأ ن سيدة مسنة تكتب بطاقة بريدية لحفيدها وتستيقظ باكراً وتعرف بأن ساعي البريد سيأتي في نهاية اليوم، ونظرًا لأن ليس لديها أي عمل أخر تقوم به بوقتها الطويل هذا، فإن هذه المهمة البسيطة التي قد تستغرق معها عشرة دقائق فقط ستهتلك بها يومها كاملاً لعدم وجود عمل اخر لديها تقوم به ولمعرفتها انه ما زال معها الكثير من الوقت حتى يأتي ساعي البريد.).


وكما خلص لورانس إلى أنه في منظمة هرمية تتبع نموذج فيبر المثالي للبيروقراطية يميل الموظف إلى الارتقاء إلى مستواه في عدم الكفاءة، أي أن ذلك يحدث من خلال ارتقائه في المؤسسة بسبب انقضاء مدة قانونية محددة في التعليمات والأنظمة دون اهتمام المؤسسة بمستوى كفاءته وفاعليته لتحقيق أهدافها والارتقاء بناءً على ذلك (أي الترقية حسب الأقدمية وذلك من خلال الترقية بعد انقضاء مدة زمنية محددة وليس بسبب الجدارة او الكفاءة) ، ولذلك أسمها الارتقاء إلى مستوى عدم الكفاءة لأن الموظف يجابه لاحقاً بعد ارتقائه مسؤوليات وأنشطة لا تتواءم مع مؤهلاته وقدراته وكفاءته.


ونجد أيضاً أن غامون خلص إلى أن زيادة النفقات في النظام البيروقراطي على الرقابة تؤدي إلى انخفاض في الإنتاجية لعدم تركيز المؤسسة على الغاية الرئيسية من وجودها، ومن هنا أتي بمقولة: "أن العمل غير المجدي يؤدي إلى القضاء على العمل المجدي"، أي اهتمام المؤسسة في الالتزام الصارم التام بالأنظمة والتعليمات بدلاً من السعي نحو تحقيق الغاية التي انشئت لأجلها.


(المنيف، 2017، ص 115 - 118).


وبناءً على بحوث هذه المجموعة من الباحثين المذكورة أعلاه، يظهر جلياً وجود ثغرات كبيرة في نظرية فيبر للنموذج البيروقراطي أو حتى تنقضها تماماً، مما أدى لظهور نظريات جديدة اخذت في الحسبان ما يلي:




  1. الاعتراف بوجود التنظيمات غير الرسمية في المؤسسات "الشللية" وأن لها أثراً على التنظيمات الرسمية، وبالتالي يجب محاولة دمجها في التنظيمات الرسمية للمؤسسة للإستفادة من تأثيرها إيجابياً على السلوك والثقافة المؤسسية.




  2. مراعاة القدرة البشرية والعلاقات الإنسانية، العنصر الإنساني، في النظريات الجديدة. وذلك لأن الانسان ليس بآلة وله مشاعر يهمها وجود علاقات شخصية وله قدرة معينة على تحمل العمل وسعة معرفة محددة وأنه لا يمكن تواجده فيزيائياً في أكثر من مكان في نفس الزمان.




  3. أهمية تفويض الصلاحيات إلى المستويات الدنيا، أي اللامركزية، في اتخاذ القرارات على أساس يخدم الجميع.




  4. الالتزام التام في القواعد والتعليمات قد يؤدي إلى عدم معرفة التصرف في مواقف معينة تفرضها الطبيعة أو الظروف القاهرة، مما أدى لاحقاً إلى ظهور نظرية الموقف Contingency theory لزيادة السلطة التقديرية للموظفين بالمستويات الوسطى والدنيا لتطبيق الأنظمة أو تجاوزها أو تفسيرها أو عدم تطبيقها.




(المنيف، 2017، ص 118).


أسباب فاعلية النموذج البيروقراطي في المؤسسات الحكومية في بعض الدول وعدم فاعليته في دول أخرى:


بلا شك أن خصائص البيروقراطية تدعم بعضها البعض، وتداخل مع بعضها البعض، ولذلك فإن البيروقراطية تلعب دور الشريك المتكافئ والمهم في الدول وسلطاتها التشريعية والقضائية والتنفيذية، بل وتؤدي أيضاً إلى تعزيز دور الديمقراطية فيها. كما أن هذا التداخل في خصائص النموذج يُمكنه من التكيف والتغير والمرونة حسب طبيعة عمل المؤسسة، حيث أن من أهم سماته التخصصية والرشدانية (العقلانية).


(Dyer, 1965, P.20)


ولذلك، فإن من أسباب نجاح النموذج البيروقراطي في ألمانيا هو كما ذكر موقع "الموجة الألمانية" على موقعهم الالكتروني ما يلي: "لا يقتصر أمر الحكومة الإلكترونية في ألمانيا على مجرد توفير بعض النماذج الحكومية من خلال مواقع الإدارات المختلفة على الإنترنت، مثل بعض تجارب الحكومة الإلكترونية في الدول العربية، بل في بعض مكاتب الضرائب، على سبيل المثال، تم ربط برامج المحاسبة التي يستخدمها المواطنين بالحاسب المركزي لمكتب الضرائب بحيث يستطيع المواطن تقديم إقراراته الضريبية إلكترونيا بالاتصال من جهازه الشخصي إلى جهاز المكتب الضريبي التابع له. ويعتمد نجاح وفاعلية الحكومة الإلكترونية على تعميق الوعي بمفهوم "الحكومة الإلكترونية" وأهميتها، والفوائد التي يمكن أن تحققها للمواطنين وللمؤسسات وللحكومة، ويتطلب ذلك بناء قواعد بيانات دقيقة وقنوات اتصال مؤمنة بين الإدارات الحكومية بعضها البعض من أجل التنسيق بين المصالح الحكومية والشركات والمواطنين من أجل تقديم خدمات آمنة بشكل أسرع وأدق." (الموجة الألمانية، 2016). ويتضح لنا جلياً من هذا الكلام بأن التكنولوجيا (الحكومة الإلكترونية أو الرقمية) تم استغلالها بشكل ريادي في المؤسسات الحكومية الألمانية بما ينسجم مع الخصائص المميزة للنموذج البيروقراطي، ما يدل على قابلية النموذج البيروقراطي الفيبري على التكيف والتلاؤم مع البيئات الحاضنة له وتفاعله الإيجابي مع التكنولوجية والتقنية والرقمنة إن تم استغلالها بإيجابية وعدم جعلها معوقاً للعمل أو مصدراً للجمود وكثرة الروتين أو خلق أنظمة لا تحقق غاية المؤسسة.


ومن أسباب عدم نجاح نموذج البيروقراطية في المؤسسات الحكومية في الدول العربية هو كما ذكر الدكتور طامشة في دراسته - بعنوان: "التوسع البيروقراطي الحلقة المنسية في عملية التنمية في الوطن العربي" - بأن البحوث العلمية تكاد تجمع على قصور الأداء الفعلي للقطاع العام في معظـم الـدول العربيـة والتي بكل تأكيد تتبع نموذج بيروقراطي متهالك وقديم حصلت عليه من دول الاستعمار، بعد انتهاء الاستعمار، وأبقت عليه كما هو دون أي تحسين يذكر خوفاً من التغيير ومن المسؤول حسب ثقافة هذه المجتمعات. ومن الأمثلة على ذلك عيوب تنفيذ خطط التنميـة، بمعنـى أن الخطـط كانـت جيـدة، ولكـن التنفيـذ ـ أي إدارة التنميـة ـ كـانت رديئـا لجمود الإدارة وعدم مرونتها، وعدم قدرتها لتتلائم وتتكيف مع التغيير المطروح في خطط التنمية، وعـدم موائمـة الثقافة المؤسسية والاتجاهـات السـلوكية للعـاملين فـي الدولة مـع التغيير. ولذلك، فإن خطـط التنميـة في كثير من الأحيان يتم اعاقة تنفيذها من قبل الجهـاز الإداري البيروقراطي نفسه." (طامشة. 2012). أي الخوف من التغيير وعدم وجود ثقافة التحسين المستمر وعدم استعمال التكنولوجيا والرقمنة وتوظيفها في خدمة غاية المنظمة هو سبب عدم نجاح البيروقراطية في دول أخرى.


ووفقاً لدراسة نشرها معهد التنمية الخارجية البريطاني في العام 2003م بعنوان البيروقراطية والحوكمة في 16 دولة نامية، يشير إلى فشل النموذج البيروقراطي في 16 دولة نامية يعود في الكثير من الحالات إلى سبب عدم المساواة الاجتماعية أو الاقتصادية في المجتمع النامي، كما يظهر في التعليقات المقدمة من المشاركين من الهند وباكستان على وجه الخصوص حيث انهم لم يستفيدوا من مزايا النموذج البيروقراطي المطبق في المصالح الحكومية في تلك البلدان. وذلك يعود على سبيل المثال إلى انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات العامة بين الفقراء في هذه البلدان. ومن الأمثلة على ذلك عدم قدرة الطبقة الفقيرة على تقديم الرشاوي وعدم وجود دعم سياسي لهذه الطبقة على أرض الواقع. بينما نجد في نفس هذه البلدان بأن طبقة الأغنياء في المجتمع نفسه غالباً ما يتمتعون بامتيازات الوصول إلى الخدمات نتيجة لكونهم قادرين على دفع الرشاوى ووجود دعم سياسي لهم على أرض الواقع. أي أن الفساد وعدم المساواة في المعاملة وعدم وجود العدالة الإجتماعية من اسباب عدم نجاح البيروقراطية أيضاً في دول أخرى


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

The dentists in...

The dentists in Ancient Egypt were incredibly knowledgeable about various dental diseases that are s...

Maintaining goo...

Maintaining good oral health is crucial for overall well-being. A key aspect is focusing on proper n...

Conchae(Turbina...

Conchae(Turbinate) increase the surface area of the mucosa exposed to the air, and also increase the...

بعد ثماني عشرة ...

بعد ثماني عشرة سنة من الحرب والمقاومة كان الفرنسيون قد احتلوا الساحل ومعظم المدن الداخلية باستثناء ...

الفصل الثاني تم...

الفصل الثاني تمتلك مصر العديد من الموارد والمقومات الجغرافية لقيام السياحة ، منها الموارد السياحية ا...

Coronaviruses a...

Coronaviruses are named for their spikes, which look similar to a crown or the sun's corona, that an...

القسم الأول: فق...

القسم الأول: فقه اللغة الباب الأول في الكليات وهي ما أطلق أئمة اللغة في تفسيره لفظة كلّ) الفصل الأول...

السيرة الذاتية:...

السيرة الذاتية:تعريفها: هي نوع من أنواع الكتابة، يقدم فيها الكاتب موجزاً مختصراً عن تخصصه,ومؤهلاته,...

العلاقة بين الن...

العلاقة بين النظام والقانون العلاقة بين النظام والقانون بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله ال...

ظلت فل�صطني حتت...

ظلت فل�صطني حتت �صيطرة دولة �ملم�ليك �إىل �أن ق�مت �لدولة �لعثم�نية ب�ل�صيطرة عليه� 1517-1516م. وك�...

a) Objects The ...

a) Objects The best thing that can clarify the meaning of the new vocabulary item or word is the rea...

An old man, the...

An old man, the speaker says, is a "paltry thing," merely a tattered coat upon a stick, unless his s...