لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (46%)

نقدم في هذا البحث وجـهـة نـظـر مـفـادهـا أن
الرحلة قد ساعدت على اكتشاف موطن الإنسـان، كما أدت بهذا الإنسان أن يدرك
وأن الـبـشـر قـد سـلـكـوا مناحي مختلفة، وتعددت ألسنتهم إلى جانب تـنـوع طرائق حياتهم.لقد كان بـين الـرحـالـة رجـال عـلـم وديـن،بينهم أيضا طوافـون مـن هـواة الـسـفـر والـتـرحـال،كشف النقاب عن المجهول من الأرض والناس.رأينا أن يتضمن الفصل الأول إشارة لبعض الرحالة
وذلك على سبيل المثال لا الحصر.وقد يرى البعض أن من بين من ذكرت أسماؤهم من الرحالة الأوروبيين مالا تستحق رحلاتهم الذكر،بل يجب أن تطمس أعمالهم و يبطل التنويه بها في
الأدبيات العربية الإسلامية «لأن كشوفهم الجغرافية
لم تكن سوى فتوح استعمارية، وأن أعمالهم كـانـت بعيدة كل البعد عن روح الكشف والعلـم ،بـل كـانـت نـــواة الاســـتـــعـــمـــار الاقـــتـــصـــادي والـــســـيــــاســــي
نحن نسعى في ذكر هذه الأسماء إلى إبراز صلة
بغض النظر عن الدوافع والنتائج،لأن اهتمامنا هنا ليس تقييم الرحلات قدر التأريخ
ولعلنا نخطئ كثيرا إذا اقتصرنـا فـي الأدبـيـات العربية،والمناهج التدريسية على ما يراه البعض صـالحـا مـن الأعـمـال،وربما تجدر الإشارة هنا إلى أن عددا كبيرا من الرحالة الأوروبيين قد أسهموا إسهاما إيجابيا بتقديم معلومات مفـيـدة ومـعـرفـة بـالـشـعـوب غـيـر الأوروبية لم تكن متوفرة من قبل. وقد قرأنا في تقديم الشيخ حمد الجاسر لترجمة كتاب «اكتشاف جزيرة العرب»، للكاتبة الفرنسية جـاكـلـين بـيـريـن، برازه للنتائج الإيجابية لعدد من الرحلات الأوروبية في الجزيرة العـربـيـة.يقول في هذا الصدد: «وقد لا يحتاج القـارىءإلـى الـسـيـر مـعـهـا-فـي ثـنـايـا
والـوصـول إلـى حـل رمـوز
الأبجدية الحميرية (خط المسند) حلا أضاف معلومات جديدة عـن حـلـقـة كانت مجهولة لدى العرب أنفسهم، من تاريخ ذلك الجزء من بلادهم، فبرزت بفضل معرفة قراءة «المسند» في آثاره، من محافذ وسدود و دول تعـاقـبـت الحكم فيه، كالدولة «المعنية» و«السبئية» و «القتبانية»،وأيا كانت دوافع الرحالة المعلنة منهـا والخـفـيـة،الرحالة-ولو بدرجات متفاوتة-بدقة الملاحظة والوصف والتقصي في تسجيل مشاهداتهم بأمانة وصدق، كما حرص معظمهم على التفرقة بين المشاهدة
والرواية عند تسجيل معلوماتهم.قواعد أساسية من منهجية البحث الحقلـي فـي الـدراسـات الإثـنـوجـرافـيـة
الأمر الذي يجعلنا نعالج هذا الموضوع في الفصل الثانـي بالنظر في أعمال بعض الـرحـالـة-الـقـدامـى مـنـهـم والمحـدثـين-بـاعـتـبـارهـم
إثنوجرافيين وإن كانوا غير متخصصين أو مدربين أساسـا هـذا الـنـوع مـن
إن بعض الرحالة الذين نتناول أعمالـهـم فـي
هذا الكتاب مثل المقدسي والبيروني لم يكن هدفهم الرئيس الرحلة في حد
ذاتها قدر اهتمامهم بوضع مؤلف في تقويم الـبـلـدان، أو وصف حضارة غير إسلامية كما جاء في دراسة البيروني للثقافة الهندية. دليـلا بـارزا على قيمة رحلاتهم في تزويدهم مباشرة بالمعلومات المستمدة من الملاحظة
المباشرة والمعاينة الشخصية عن الأحوال السياسة والاجتماعية والثقافيةللبلدان التي زاروها أو أقاموا فيها، وهذا يشكل جوهر العمل الإثنوجرافي.هذا ولا يقتصر الأمر على كون هؤلاء الرحالة إثنوجرافيين،أو نجد بعضهم على الأقل-قد برزوا أيضا كأدباء، وأن مـادة رحـلاتـهـم قـد
هذا وقد درج الكتاب العرب على استخدام عبارة «أدب الرحلات» للإشارة إلى كتابات الرحالة المسلمين وغيرهم التي يصفون
والتي يذكرون فيها أيضا أحداث تجوالهم،وما قد يصاحب ذلك من بلورة لانطباعات شخصية، ونظرا لارتقاء الوصف في كثير من
أعمال الرحالة وبلوغه حدا كبيرا من الدقة، علاوة على عـمـلـيـة الأسـلـوب
أدخلت أدبيات الرحلات ضمـن فـنـون الأدب العربي، وأصبحت قراءة أدب الرحلات متـعـة ذهـنـيـة كـبـرى. ومـع أن مـادة الرحلات-كما يرى الكاتب حسني حسين-قد لا تـرتـقـي إلـى مـسـتـوى الـفـن القائم بذاته كفن القصة،أو المقالة الأدبية مثلا، إلا أنه في أدب الرحلات تجتمع أساليب هذه الفنون وموضوعاتها كلها دون أن تضبطه معاييرها،ومع أننا نركز في هذا الكتاب على التحليل الإثنوجرافي لكتابات الرحالة، فإننا نرى أن نشير في هذا التمهيد إلى أن مادة الرحلة كثـيـرا مـا تحـتـوي على العناصر الأدبية جنبا إلى جنب مع المعلومات الإثنوجرافية. ولنكتف هنا بالإشارة إلى دراسة عثمان موافي الـذي تـنـاول فـيـهـا
ورأى أن هذا الرحالة قد نقل لنا صورا حية وصادقة عن
المدن والمجتمعات الإسلامـيـة فـي المـشـرق الـعـربـي، وفي فترة من أدق وأحرج الفترات، التي مر بهـا المـشـرق الـعـربـي
وهي فترة الجهاد المقدس ضد الصليبيين بقيادة القائد صلاح
كان وصف ابن جبير وتـصـويـره الاجـتـمـاعـي يـصـدران عـن عاطفة قوية جياشة نحو ما يصف، وما يصور سواء أكانت هـذه الـعـاطـفـة
في وصفه لبعض المدن التي استردها المسلمون من الصليبيين . ولا شك أن عاطفته نحـو المـدن، الـتـي كـانـت بأيدي المسلمين، تخـتـلـف عـن عـاطـفـتـه نـحـو المدن الـتـي بـقـيـت فـي حـوزة
الأولـى عـاطـفـة حـب وإعـجـاب، أمـا الـثـانـيـة فـعـاطـفـة بـغـض وكراهية
تبرز القيمة المنهجية ،فنجد-كما يشير بذلك حسين
نصار في دراسته للرحلة نفسها-أن ابن جبير كـان يـعـنـى فـي وصـف المـدن
وتضم المرافق في خلدة: الأسوار، والمـواقـع الإسـلامـيـة، والمـعـابـد والـكـنـائـس والآثـار غـيـر
وتضم الأرياض الأحياء والضـواحـي.جبير كل مدينة وفق هذه العناصر إلا أنه تعرض لبعضها تارة وأهمل البعض
ومن وجهة النظر الإثنوجرافية فإنها في مجملها تشكل إطـارا دقيقا لوصف المدن والبلدان
هذا،والمنهج، وإنما برز أيضا العنصر الأدبي متمثلا فـي جـمـال الـلـفـظ وحـسـن
«جنة المشرق، ومطلع حسنه المؤنق المشرق،التي استقريناها، وعروس المدن التي اجتليناها،وتجلت في حلل سندسية من البساتين ،المكين ،وتزينت في منصتها أجـمـل تـزيـين ،وماء سلسبيل،النفوس نسيمها العليل،معرس للحسن ومقيل، حـتـى اشـتـاقـت إلـى
وشراب ;الكمامة للزهر، فـكـل
موضع لحظته بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد النظر، ولله صدق القائلين عنها: إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها، وإن كانت في السماء فهي بحيث أسامتها و تحاذيها»
وهـي أيـضـا مـخـالـطـة لـلـنـاس
والأقوام،ولرصد بعض جوانب حياة الناس اليوميـة فـي مـجـتـمـع مـعـين خـلال فـتـرة
لذا كان للرحلات قيمة تعليمية من حيث إنها أكثر المدارس
و إثراء لفكره وتأملاته عن نفسه وعن الآخرين.قديمة قدم الإنسان ذاته إذ عرفها منذ العصور الغابرة حتى وقتنا هذا ، ومـع
ذلك فإن كتابات الرحالة،تصور إلى حد كبير بعض ملامح حضارة العـصـر الـذي عـاشـوا فـيـه ،وأحوال الشعوب
التي اختلطوا بها ، سواء كانت الرحلة فعليه أو من نسج قصص الخيال مثل
لقد قرأنا عبارة للفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون كان قد ذكرها
وفيها يقول: «إن السفر تعليم للصغير، وخبرة
» أن السفر مرآة الأعاجيب،ونجده يستطرد القول في تعليقـه عـلـى كـتـاب رفـاعـة رافـع التجـارب»
والفاضل الذكي اللبيب ما شاهده من عجائب
ما يحرص العاقل على الأسفار ،والنـقـل


النص الأصلي

نقدم في هذا البحث وجـهـة نـظـر مـفـادهـا أن
الرحلة قد ساعدت على اكتشاف موطن الإنسـان،
أي كوكبه الأرضي، كما أدت بهذا الإنسان أن يدرك
مدى انتشاره في بقـاعـهـا، وأن الـبـشـر قـد سـلـكـوا مناحي مختلفة، وتعددت ألسنتهم إلى جانب تـنـوع طرائق حياتهم.
لقد كان بـين الـرحـالـة رجـال عـلـم وديـن، وكـان
بينهم أيضا طوافـون مـن هـواة الـسـفـر والـتـرحـال،
وآخرون استهوتهم المغامرة، ودفعتهم المخاطرة إلى
كشف النقاب عن المجهول من الأرض والناس. لهذا
رأينا أن يتضمن الفصل الأول إشارة لبعض الرحالة
والرحلات ،وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
وقد يرى البعض أن من بين من ذكرت أسماؤهم من الرحالة الأوروبيين مالا تستحق رحلاتهم الذكر،
بل يجب أن تطمس أعمالهم و يبطل التنويه بها في
الأدبيات العربية الإسلامية «لأن كشوفهم الجغرافية
لم تكن سوى فتوح استعمارية، وأن أعمالهم كـانـت بعيدة كل البعد عن روح الكشف والعلـم ،بـل كـانـت نـــواة الاســـتـــعـــمـــار الاقـــتـــصـــادي والـــســـيــــاســــي
والفكري».
نحن نسعى في ذكر هذه الأسماء إلى إبراز صلة
الرحلة بالكشف، بغض النظر عن الدوافع والنتائج،
لأن اهتمامنا هنا ليس تقييم الرحلات قدر التأريخ
لها و إبراز فاعليتها، باعتبارها تراثا إنسانيا.
ولعلنا نخطئ كثيرا إذا اقتصرنـا فـي الأدبـيـات العربية،والمناهج التدريسية على ما يراه البعض صـالحـا مـن الأعـمـال، أو صادقا في النوايا والأهداف.
وربما تجدر الإشارة هنا إلى أن عددا كبيرا من الرحالة الأوروبيين قد أسهموا إسهاما إيجابيا بتقديم معلومات مفـيـدة ومـعـرفـة بـالـشـعـوب غـيـر الأوروبية لم تكن متوفرة من قبل. وقد قرأنا في تقديم الشيخ حمد الجاسر لترجمة كتاب «اكتشاف جزيرة العرب»، للكاتبة الفرنسية جـاكـلـين بـيـريـن، برازه للنتائج الإيجابية لعدد من الرحلات الأوروبية في الجزيرة العـربـيـة.
يقول في هذا الصدد: «وقد لا يحتاج القـارىءإلـى الـسـيـر مـعـهـا-فـي ثـنـايـا
الكتاب-لإدراك الجوانب ا
المهمة من نتائج تلك الرحلات، كالكشف عن آثـار
الحضارة العربية القديمة في جـنـوبـي الجـزيـرة، والـوصـول إلـى حـل رمـوز
الأبجدية الحميرية (خط المسند) حلا أضاف معلومات جديدة عـن حـلـقـة كانت مجهولة لدى العرب أنفسهم، من تاريخ ذلك الجزء من بلادهم، فبرزت بفضل معرفة قراءة «المسند» في آثاره، من محافذ وسدود و دول تعـاقـبـت الحكم فيه، كالدولة «المعنية» و«السبئية» و «القتبانية»، و «الحميرية»،
وأيا كانت دوافع الرحالة المعلنة منهـا والخـفـيـة، فـقـد اتـصـف أغـلـبـيـة
الرحالة-ولو بدرجات متفاوتة-بدقة الملاحظة والوصف والتقصي في تسجيل مشاهداتهم بأمانة وصدق، كما حرص معظمهم على التفرقة بين المشاهدة
والرواية عند تسجيل معلوماتهم. هذه كلها سمات قد أصبحت الآن بمثابة
قواعد أساسية من منهجية البحث الحقلـي فـي الـدراسـات الإثـنـوجـرافـيـة
بالمعنى الحديث، الأمر الذي يجعلنا نعالج هذا الموضوع في الفصل الثانـي بالنظر في أعمال بعض الـرحـالـة-الـقـدامـى مـنـهـم والمحـدثـين-بـاعـتـبـارهـم
إثنوجرافيين وإن كانوا غير متخصصين أو مدربين أساسـا هـذا الـنـوع مـن
الدراسة في وضعه الحديث. إن بعض الرحالة الذين نتناول أعمالـهـم فـي
هذا الكتاب مثل المقدسي والبيروني لم يكن هدفهم الرئيس الرحلة في حد
ذاتها قدر اهتمامهم بوضع مؤلف في تقويم الـبـلـدان، كـمـا فـعـل المقـدسـي
مثلا، أو وصف حضارة غير إسلامية كما جاء في دراسة البيروني للثقافة الهندية. إننا نرى في هذه الأعمال، وما قدمت من مادة ثرية، دليـلا بـارزا على قيمة رحلاتهم في تزويدهم مباشرة بالمعلومات المستمدة من الملاحظة
المباشرة والمعاينة الشخصية عن الأحوال السياسة والاجتماعية والثقافيةللبلدان التي زاروها أو أقاموا فيها، وعن طبائع أهلها ومعالم حـضـارتـهـم، وهذا يشكل جوهر العمل الإثنوجرافي.
هذا ولا يقتصر الأمر على كون هؤلاء الرحالة إثنوجرافيين، وإنما نجدهم-
أو نجد بعضهم على الأقل-قد برزوا أيضا كأدباء، وأن مـادة رحـلاتـهـم قـد
زخرت بالعناصر الأدبية. هذا وقد درج الكتاب العرب على استخدام عبارة «أدب الرحلات» للإشارة إلى كتابات الرحالة المسلمين وغيرهم التي يصفون
فيها البلدان والأقوام، والتي يذكرون فيها أيضا أحداث تجوالهم، و دوافـع
رحلاتهم ،وما قد يصاحب ذلك من بلورة لانطباعات شخصية، أو إصـدار
أحكام تقويمية لما شاهدوه أو سمعوه. ونظرا لارتقاء الوصف في كثير من
أعمال الرحالة وبلوغه حدا كبيرا من الدقة، علاوة على عـمـلـيـة الأسـلـوب
القصصي، السلس والمشرق ،أدخلت أدبيات الرحلات ضمـن فـنـون الأدب العربي، وأصبحت قراءة أدب الرحلات متـعـة ذهـنـيـة كـبـرى. ومـع أن مـادة الرحلات-كما يرى الكاتب حسني حسين-قد لا تـرتـقـي إلـى مـسـتـوى الـفـن القائم بذاته كفن القصة، أو الشعر، أو المسرحية ،أو المقالة الأدبية مثلا، إلا أنه في أدب الرحلات تجتمع أساليب هذه الفنون وموضوعاتها كلها دون أن تضبطه معاييرها، أو أن يخضع لمقاييسها.
ومع أننا نركز في هذا الكتاب على التحليل الإثنوجرافي لكتابات الرحالة، فإننا نرى أن نشير في هذا التمهيد إلى أن مادة الرحلة كثـيـرا مـا تحـتـوي على العناصر الأدبية جنبا إلى جنب مع المعلومات الإثنوجرافية. إن الأمثلة لعديدة، ولنكتف هنا بالإشارة إلى دراسة عثمان موافي الـذي تـنـاول فـيـهـا
رحلة ابن جبير، ورأى أن هذا الرحالة قد نقل لنا صورا حية وصادقة عن
المدن والمجتمعات الإسلامـيـة فـي المـشـرق الـعـربـي، وعـن عـادات الـسـكـان،وتقاليدهم، ونظمهم الاجتماعية، وأحوالهم النفسية، وذلك في القرن السادس
الهجري، وفي فترة من أدق وأحرج الفترات، التي مر بهـا المـشـرق الـعـربـي
الإسلامي، وهي فترة الجهاد المقدس ضد الصليبيين بقيادة القائد صلاح
الدين الأيوبي. كان وصف ابن جبير وتـصـويـره الاجـتـمـاعـي يـصـدران عـن عاطفة قوية جياشة نحو ما يصف، وما يصور سواء أكانت هـذه الـعـاطـفـة
مبعثها الحب والإعجاب، أم البغض والكراهية. ويظهر هذا التلون العاطفي،
وبشكل واضح، في وصفه لبعض المدن التي استردها المسلمون من الصليبيين .وتلك التي بقيت في حوزتهم. ولا شك أن عاطفته نحـو المـدن، الـتـي كـانـت بأيدي المسلمين، تخـتـلـف عـن عـاطـفـتـه نـحـو المدن الـتـي بـقـيـت فـي حـوزة
الـصـلـيـبـيـين، الأولـى عـاطـفـة حـب وإعـجـاب، أمـا الـثـانـيـة فـعـاطـفـة بـغـض وكراهية
وفي وصفه للمدن، تبرز القيمة المنهجية ،فنجد-كما يشير بذلك حسين
نصار في دراسته للرحلة نفسها-أن ابن جبير كـان يـعـنـى فـي وصـف المـدن
بثلاث نواح: المرافق، والمشاهد ،والأرباض، وتضم المرافق في خلدة: الأسوار،
والحصون، والمساجد والمدارس، والحمامات، والمياه، والأسواق، والمارستانان،
والمنازل، والشوارع، والأبواب، وتضم المشاهد المقابر، والموالد، وآثار الأنبياء
والعلماء والأوليـاء، والمـواقـع الإسـلامـيـة، والمـعـابـد والـكـنـائـس والآثـار غـيـر
الإسلامية. وتضم الأرياض الأحياء والضـواحـي. هـذا، وإن لـم يـصـف ابـن
جبير كل مدينة وفق هذه العناصر إلا أنه تعرض لبعضها تارة وأهمل البعض
تارة أخرى. ومن وجهة النظر الإثنوجرافية فإنها في مجملها تشكل إطـارا دقيقا لوصف المدن والبلدان
هذا، ولم يقتصر وصف ابن جبير للمـدن عـلـى المحـتـوى الإثـنـوجـرافـي
والمنهج، وإنما برز أيضا العنصر الأدبي متمثلا فـي جـمـال الـلـفـظ وحـسـن
التعبير على النحو الذي ورد مثلا في وصفه مدينة دمشق:
«جنة المشرق، ومطلع حسنه المؤنق المشرق، وهـي خـاتمـة بـلاد الإسـلام
التي استقريناها، وعروس المدن التي اجتليناها، قد تحلت بأزاهير الرياحين،
وتجلت في حلل سندسية من البساتين ، وحلت من موضوع الحسن بالمكـان
المكين ،وتزينت في منصتها أجـمـل تـزيـين ، وتـشـرفـت بـأن آوى الـلـه تـعـالـى
المسيح وأمه ،صلى الله عليهما ، إلى ربوة فيها ذات قرار ومعين، ظل ظليل،
وماء سلسبيل، تنساب مذ انبه انسياب الأراقم بكل سبيـل، وريـاض يـحـيـي
النفوس نسيمها العليل، تتبرج لناظراها بمختلى ثقيل، وتناديهم هلموا إلى
معرس للحسن ومقيل، قد سئـمـت أرضـهـا كـثـرة المـاء ، حـتـى اشـتـاقـت إلـى
إظماء فتكاد تناديك بها الصم الأصلاب: «اركض برجلك هذا مغتسل بارد
وشراب ; قد أحدقت البساتين بها إحداق الهالة بالقمر ، واكتنفتها اكتناف
الكمامة للزهر، وامتدت بشرقها غوطتها الخضـراء امـتـداد الـبـصـر ، فـكـل
موضع لحظته بجهاتها الأربع نضرته اليانعة قيد النظر، ولله صدق القائلين عنها: إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها، وإن كانت في السماء فهي بحيث أسامتها و تحاذيها»
نحن نرى في الرحلة نوعـا مـن الحـركـة، وهـي أيـضـا مـخـالـطـة لـلـنـاس
والأقوام، وهنا تبرز قيمة الرحلات كمصدر لوصف الثقـافـات الإنـسـانـيـة،
ولرصد بعض جوانب حياة الناس اليوميـة فـي مـجـتـمـع مـعـين خـلال فـتـرة
زمنية محددة. لذا كان للرحلات قيمة تعليمية من حيث إنها أكثر المدارس
تثقيفا للإنسان ،و إثراء لفكره وتأملاته عن نفسه وعن الآخرين. إن الرحلة
قديمة قدم الإنسان ذاته إذ عرفها منذ العصور الغابرة حتى وقتنا هذا ، وإن
اختلفت دوافع الرحيل، وتباينت وسائل السفر، وتنوعت مادة الرحلة. ومـع
ذلك فإن كتابات الرحالة، أيا كانت توجهاتهم الفردية ونزعاتهم الشخصية،
تصور إلى حد كبير بعض ملامح حضارة العـصـر الـذي عـاشـوا فـيـه ،كـمـا
تصف الكثير من عناصر ثقافة البلدان التي ذهبوا إليها ،وأحوال الشعوب
التي اختلطوا بها ، سواء كانت الرحلة فعليه أو من نسج قصص الخيال مثل
رحلات السندباد البحري السبع التي وردت في حكايات ألف ليلة وليلة.
لقد قرأنا عبارة للفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون كان قد ذكرها
في مقال له بعنوان «السفر»، وفيها يقول: «إن السفر تعليم للصغير، وخبرة
. قرأنا أيضا قول الإمام الشيـخ حـسـن الـعـطـار، شـيـخ الجـامـع الأزهر في عصر محمد علي باشا،» أن السفر مرآة الأعاجيب، وقسطاس .ونجده يستطرد القول في تعليقـه عـلـى كـتـاب رفـاعـة رافـع التجـارب»
الطهطاوي عن رحلته إلى فرنسا (١٨٢٦-١٨٣١م) فيكتب: «وقد أودع في هذه
الرحلة مؤلفها الأديب الأريب، والفاضل الذكي اللبيب ما شاهده من عجائب
تلك البلاد ، وأحوال هؤلاء العباد ، ما يحرص العاقل على الأسفار ،والنـقـل
في الأمصار، حتى يزداد بذلك علما يقينا ،ويفوق بالإحاطة بأحوال عباده في الزمن اليسير بما لا يدركه القاطن بداره ولو عاش من السنين منئينا.٠


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

على الباحث أن ي...

على الباحث أن يحدد ويضبط االستمارة، حتى تشمل جميع محاور موضوع ال بحث الي هو بصدد إنجازه. وحينئذ تكون...

من خلال تحليل ا...

من خلال تحليل القيم الموضحة في الجدول أعلاه لاحظنا أنّ هناك اتجاه إيجابي لدى زبائن وكالة المسيلة محل...

في الختام ، يمك...

في الختام ، يمكن القول إن عزل الموظف بسبب إهمال المنصب يشكل جزءا أساسيا من النظام التأديبي الذي رسخه...

جاءت هذه النظري...

جاءت هذه النظرية لتوافق بين الإتجاهين نظرا للإنتقادات الموجهة لكل نظرية، حيث أقرت هذه النظرية أن الم...

1 - الدومين وال...

1 - الدومين والبارون أ. نظام الدومين: تعني كلمة الدومين ما يمتلكه السيد الإقطاعي (البارون) من أراض...

ومهما يكن من أم...

ومهما يكن من أمر، فإن القوانين المطروحة هنا لا تصب في الصالح العربي على الإطلاق، فهي تستهدف الأمة ال...

Device Setup an...

Device Setup and Maintenance: I helped in formatting computers, installing Windows operating systems...

[١٢/‏٦ ٩:١٦ م] ...

[١٢/‏٦ ٩:١٦ م] Rahaf...❤️: A split-mouth clinical trial evaluated PRGF's effectiveness in treating e...

حيم الاقصي كشف...

حيم الاقصي كشف الهجوم الإيراني عبر موجات متواصلة الي الان من الصواريخ والمسيرات عن انهيار الجبهة ا...

مهام وواجبات ري...

مهام وواجبات رئيس مجلس الادارة واعضاء مجلس الادارة : دليل شامل من الضروري جدًا معرفة مهام وواجبات ر...

إن مجرد الحصول ...

إن مجرد الحصول على الدليل الالكتروني للإثبات الجزائي وإقامة الحجة أمام القضاء لا يكفي لاعتماده دليلا...

Legal terminolo...

Legal terminology • A computer crime is a crime like any other crime, except that in this case the...