لخّصلي

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

نسب أمه صلى الله عليه وسلم

هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

ولادته صلى الله عليه وسلم

ولد صلى الله عليه وسلم فجر يوم الاثنين، التاسع من ربيع الأول، الموافق للعشرين من أبريل، سنة ٥٧١م، وهو العام الذي وقع فيه حادث الفيل. واستقبلته السيدة الشفاء عند ولادته.

رضاعته صلى الله عليه وسلم

أول من أرضعه صلى الله عليه وسلم أمه السيدة آمنة بنت وهب، ثم ثويبة الأسلمية جارية عمه أبي لهب، فأم أيمن جارية أبيه، ثم أرضعته السيدة حليمة السعدية.

قصة رعاية الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم

ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتيماً، فقد توفي والده عبد الله قبل ولادته، وأمه آمنة بنت وهب، توفيت وهو في السادسة من عمره. فكفله جده عبد المطلب، ثم عمه أبو طالب، فرعاه كل منهما أحسن رعاية.

رحلته مع أمه إلى يثرب

عندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم السادسة من عمره، أراد جده عبد المطلب أن يأخذه معه لزيارة أخواله في يثرب (المدينة المنورة). فذهبا في رحلة طويلة، واستمتع النبي صلى الله عليه وسلم برؤية البلاد والناس.

وفاة أمه في يثرب

وعندما حان موعد العودة إلى مكة، مرضت أمه آمنة، وتوفيت في يثرب. فعاد النبي صلى الله عليه وسلم مع جاريته أم أيمن إلى مكة، حيث احتضنه جده عبد المطلب بحب ورعاية.

كفالة عمه أبي طالب

بعد وفاة جده عبد المطلب، تولى عمه أبو طالب رعايته، وعامله كابن له، فكان يحبه ويحميه. وعاش النبي صلى الله عليه وسلم في كنف عمه حتى بلغ سن البلوغ.

بشرى بحير الراهب

عندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الثامنة من عمره، أراد عمه أبو طالب السفر في تجارة إلى الشام، فأخذ معه النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الطريق، التقيا راهباً اسمه بحير، فنظر إلى ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى خاتم النبوة بين كتفيه. فبشره بحير بنبوته صلى الله عليه وسلم، ونصحه ألا يدخل به بلاد الشام، خوفا عليه من اليهود.

بعد أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين من عمره، اشتغل بالتجارة، وكان يُعرف بصدقه وأمانه، حتى طلبت منه السيدة خديجة بنت خويلد أن يسافر إلى الشام لتجارتها، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم، وسافر مع غلامها ميسرة.

أثناء رحلة التجارة، أعجبت السيدة خديجة بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانه، فعرضت عليه الزواج، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم، وتزوج منها،

بدء الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم

أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي كان الرؤيا الصادقة في المنام، فكان لا ير￯ رؤيا إلا تحققت كمارآها.
ثم حبب إليه الخلوة، فكان يخلو بغار حراء ليتعبد.
وفي يوم الاثنين السابع عشر من شهر رمضان، جاءه جبريل عليه السلام في غار حراء، وقال له: اقرأ.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ.
فأخذه جبريل عليه السلام فغطاه حتى بلغ به الجهد، ثم أرسله وقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتجف، ودخل على السيدة خديجة رضي الله عنها، فقال: زملوني زملوني.
فأخبرها بما وقع له، فانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان عنده علم بالكتب السماوية، فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما حدث، بشره بأنه سيكون نبي هذه الأمة.

بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته إلى الإسلام في مكة سرًا، وكان من أوائل من آمن به: السيدة خديجة بنت خويلد، وأبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وحاضنته أم أيمن، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود.

جهر الدعوة إلى الإسلام

أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يجهر بالدعوة إلى دينه، فبدأ بأهله الأقربين، ثم صعد في يوم على جبل الصفا، وقال: "يا معشر قريش، أرأيتم لو أني أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم، أكنتم تصدقوني؟" قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا قط. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال له عمه أبو لهب: تب إلى ربك يا محمد، فإنك مجنون. قال: لا أفعل، فوالله ما جئت ببدعة، ولكني رسول الله إلىكم أجمعين.

اضطهاد قريش للمؤمنين

رفضت قريش دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وعملت على إعاقة انتشار الإسلام باضطهاد النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه.

إيذاؤهم للرسول صلى الله عليه وسلم:
من صور إيذاء المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم: أن أم جميل بنت حرب زوجة أبي لهب كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقي بالقاذورات النجسة أمام بيته.

إيذاؤهم لأصحابه صلى الله عليه وسلم:
وصل إيذاء قريش إلى المستضعفين والأرقاء، كي يفتنوهم في دينهم، ومن هؤلاء: بلال بن رباح الحبشي، الذي لاقى من سيده (أمية بن خلف) أنواعًا من الأذى، حتى كاد يموت.
وعمار بن ياسر و ابوه ياسر وامه سمية و قد مر بهم رسول الله وهم يعذبون فقال لهم صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنة

الهجرة الأولى إلى الحبشة

عز على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى أتباعه يتعرضون للإيذاء والتعذيب من قبل قريش، وخاصة بعد وفاة عمه أبي طالب الذي كان يحميه من أذى قريش.

وفي السنة الخامسة من البعثة (615م)، أشار النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه أن يذهبوا إلى بلاد الحبشة، حيث يحكمها ملك عادل لا يظلم عنده أحد.

فخرج بعض المسلمين إلى الحبشة، وكان عددهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، منهم: عثمان بن عفان وزوجته السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وعبد الله بن مسعود.

وقد استقبلوهم ملك الحبشة، أصحمة النجاشي، استقبالاً حسناً، وأكرمهم ووفر لهم الأمن والأمان.

الهجرة الثانية إلى الحبشة

في سنة ست من البعثة (616م)، وجد المسلمون أن موقف قريش لم يتغير بل زاد في قسوته وعنفه، ففكر كثير ممن هاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة أن يعودوا إليها مرة ثانية.

فخرج ثلاثة وثمانون رجلاً وإحدي عشرة امرأة، ووصلوا إلى الحبشة وأقاموا مدة طويلة، ثم عادوا بعد أن أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة.

رفض النجاشي تسليم المسلمين إلى قريش

خشي أهل مكة من خروج المسلمين إلى الحبشة هذه المرة، فأرسلوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد ومعهما الهدايا النفيسة إلى النجاشي؛ كي يرد المسلمين إلى مكة.

فلما دخلوا عليه قالوا له: "أيها الملك، إن نفراً من بني عمنا نزلوا أرضك، ورغبوا عن ديننا وجاءوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، فقد بعثنا أشراف قومهم لنردهم".

رفض النجاشي أن يرد المسلمين الذين هاجروا إليه قبل أن يسمع مقالتهم، فلما سمع منهم ما يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم من أخلاق كريمة، أسلم واقتنع بذلك ورفض تسليم المسلمين إلى وفد قريش.

مقاطعة قريش لبني هاشم

في شهر المحرم سنة سبع من البعثة، رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا في أرض الحبشة بلدًا آمنًا واستقرارًا، وأن النجاشي قد منع وحمى من لجأ إليه، وأن حمزة وعمر قد أسلما وأعلنا على الناس إسلامهما، ولم يرضيا عن استخفاء المسلمين.

ومن أجل ذلك كله فكرت قريش في طريقة جديدة تفسد بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه غايتهم، فاتفقوا على مقاطعتهم مقاطعة تامة، فلا يتزوجون من نسائهم ولا يبيعون لهم شيئًا ولا يشترون منهم شيئًا، ولا يخالطونهم، حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل. وسجلوا هذه القرارات في صحيفة ختمت بأختام رؤساء قريش، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة.

واستمرت هذه المقاطعة ثلاث سنوات متتالية، لم يستطع أحد من المسلمين خلالها أن يدخل مكة، لكن كانت تصل إليهم بعض المساعدات السرية، كالتي كان يقوم بها حكيم بن حزام (ابن أخي خديجة) إذ كان يحمل إليهم الطعام في ظلام الليل إلى حيث يقيمون، وكذلك هشام بن عمرو القرشي كان يأتي بالبعير محملا بالطعام فيسيره ليلا حتى يدخله الشعب عليهم، وزهير بن أمية الذي ذهب في الصباح إلى الكعبة، فطاف بالبيت، ثم نادى في الناس: يا أهل مكة: أنا آكل الطعام وألبس الثياب، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة، وأي ذنب يقتضي أن يموت بنو هاشم وبنو المطلب؟

ووافق بعض العقلاء من القوم على رأي زهير بن أمية، وبدأوا يطالبون بفك المقاطعة.

نهاية المقاطعة

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حصل للصحيفة، وعزم على الاستفادة من ذلك؛ فخرج في عدد من بني هاشم إلى الكعبة، وهناك خاطب الحاضرين من رؤساء قريش قائلا: قد أخبرني ابن أخي أن وثيقتكم قد أكلتها الأرضة، فاكشفوا عنها حتى إذا صدق قولي كان عليكم أن تكفوا مقاطعتكم، وإن لم يصدق فإني أعدكم بتسليم ابن أخي.

وافق الحاضرون من رؤساء قريش على اقتراحه، وكشفوا عن الوثيقة فوجدوها كما قال أبو طالب، وقد انمحت كل الكتابة التي كانت عليها عدا لفظ (باسمك اللهم).

تهلل وجه أبي طالب بشرى، وعمت وجوه المشركين الحزن والكآبة.

وقد تشجع بهذه الحادثة هؤلاء الذين عقدوا النية على نقض الصحيفة، فذهبوا إلى بني هاشم وبني المطلب في مكان حصارهم وطلبوا منهم أن يرجعوا إلى بيوتهم في مكة آمنين، وكان خروجهم في السنة العاشرة من البعثة وكان خروجا عزيزا.

عام الحزن

حادثتان مؤلمتان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

في العام العاشر من البعثة النبوية، وقعت حادثتان مؤلمتان للنبي صلى الله عليه وسلم اهتزت بهما نفسه الشريفة.

الحادثة الأولى، وفاة عمه أبي طالب، الذي كان يدافع عنه ويحميه من أذى قريش. كان أبو طالب من أشد الناس دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد صبر طويلا على مناصرته، وبقي طول حياته على تأييده وحمايته، وضحى بنفسه وراحتهما من أجل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى دين يخالف دينه.
Image of أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلمOpens in a new window
ar.wikipedia.org
أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم

الحادثة الثانية، وفاة زوجته خديجة بنت خويلد، التي كانت أول من آمن به من النساء، وأول من صدقته فيما جاء به عن ربه، وأذهبت مخاوفه أول ما جاءه الوحي. كانت خديجة زوجة صالحة ورفيقة عزيزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت له خير معين في نشر دعوته.
Image of خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وسلمOpens in a new window
ar.wikipedia.org
خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد كان لوفاة عمه أبي طالب والسيدة خديجة من الأثر ما جعل قريشا تطمع في النبي صلى الله عليه وسلم، فتتابع الأذى عليه، ونالت قريش منهما لم تنله في حياتهما.

رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

لما اشتد إيذاء قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم، ذهب إلى الطائف بعد موت عمه بأسبوعين تقريبا، لعله يجد من ينصره ويؤمن بدعوته، ولكنه لم يجد من يسمع له، بل أكرمه قوم ثقيف وأحسنوا إليه، ولكنهم لم يؤمنوا بدعوته.

وبعد أيام من إقامته في الطائف، أغروا به عبيدهم وسفهاءهم يقذفونه بالحجارة حتى ابتعد عن الطائف، فلجأ إلى حديقة عتبة بن ربيعة، فاحتمى بها وجلس في ظل شجرة عنب.

فلما رأى عتبة بن ربيعة وابن أخيه شيبة بن ربيعة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذ منه التعب والنصب، تحركت فيهما نخوة العرب، فأرسل إليهما عبدهما المسيحي عداس بقطف عنب، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العنب وأكل، وقال: «بسم الله».

فنظر عداس إلى وجهه ثم قال: «إن هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلاد».

فأخذا يتحدثان، ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عداس عن دينه وبلده، فقال: نصراني من نينوإ.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تعرف يونس بن متى؟»

فقال عداس: «وما يدريك ما يونس بن متى؟»

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاك أخي، أنا نبي وهو نبي».

فأخذ عداس يقبل رأس النبي صلى الله عليه وسلم ويديه وقدميه.

ولما رجع عداس إلى ابني ربيعة قالا له: ويلك، ألم نأمرك أن تقتل هذا الرجل؟

فقال: «يا سيدي ما في الأرض من هو خير من هذا الرجل».

وهكذا كانت هذه الحادثة مؤلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها كانت أيضا فرصة له ليدعو إلى الله في أرض جديدة، وقد استجاب الله دعاءه فأسلم عدد من أهل الطائف على يد النبي صلى الله عليه وسلم.

بعد أن أذن الله تعالى لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة المنورة، توجه صلى الله عليه وسلم نحو مكة المكرمة. فلما وصلها وجد قومه أكثر عنادًا وخلافًا مما كانوا عليه من قبل، فلم يستطع دخولها إلا في حماية المطعم بن عدي، الذي تسلح هو وبنوه لحمايته.

ثم طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة، ثم عاد إلى منزله في حراسة المطعم وأولاده. وبعد ذلك، بدأ صلى الله عليه وسلم يتعرض نفسه في موسم الحج على قبائل العرب، فينتظرهم على أبواب الطريق الموصلة إلى مكة، ويذهب إليهم في منازلهم، ويسأل عن القبائل قبيلة قبيلة.

وفي موسم الحج من العام المقبل، جاء وفد من الأوس والخزرج إلى مكة، وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصروه ويمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم. ثم جاء وفد آخر في العام الذي يليه يتكون من ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأة، وبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على نفس العهد.

وكانت هذه البيعة هي أهم أسباب الهجرة النبوية المباركة إلى المدينة المنورة.

اشتد الأذى بالمسلمين وزاد التضييق عليهم في مكة، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة، فصاروا يخرجون سرًا دون أن يراهم أحد من المشركين.

وكانت أسباب الهجرة النبوية ثلاثة:

شدة إيذاء المشركين: حيث زاد إيذاء قريش للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين، وقد بلغ هذا الأذى نهايته بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، ووفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
بيعتا العقبة: وفي هاتين البيعتين ظهر للرسول صلى الله عليه وسلم أن الأوس والخزرج مخلصون له وللإسلام، وأنهم سيدافعون عنه وينصرونه.
المؤامرة الكبرى: وهي المؤامرة التي اتفق المشركون فيها على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم والتخلص منه؛ ليرجع السلطان لآلهتهم المزعومة وعقائدهم الفاسدة.
أحداث الهجرة النبوية

ليلة الهجرة:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر في وقت شديد الحر، فلما رآه أبو بكر قال: "ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا لأمر عظيم"، فلما دخل قام له أبو بكر وأجلسه مكانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أذن الله لي في الهجرة"، فقال أبو بكر: "الحمد لله الذي أكرمنا بصحبتك، ويسر لنا هجرتك"، فبكى أبو بكر من شدة الفرح.

زمن الهجرة:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة في العشر الأواخر من شهر صفر، في السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية.

دور علي بن أبي طالب في الهجرة:
نام علي بن أبي طالب في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغطاه ببردته الشريفة، فكان المشركون إذا نظروا من شق الباب وجدوا علي بن أبي طالب نائما فيظنون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطمئنون. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين ثقب في الباب وجدوا علي بن أبي طالب في فراشه فأمسكوه بيدهم وهم لا يشعرون.

النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور

وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غار ثور ومعه صاحبه الصديق أبو بكر، ومكثا فيه ثلاث ليال.

إمداد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه

كان عبد الله بن أبي بكر ينطلق إلى الغار إذا دخل الليل في محمل غنمه، فينال النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من ألبانها ولحومهما ما يشاءان، ثم يعود عبد الله بن أبي بكر ويعود عامر بن فهيرة بالقطيع وراءه، ليغطي أثر أقدامهما.

مطاردة المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم

لما علمت قريش بخروج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر، فزعوا أشد الفزع فطاردوه، حتى وصلوا إلى مقربة من غار ثور. فلما سمع النبي وصاحبه صوت أقدام المشركين أمام الغار، قال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم طمأنه قائلاً له: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا».

في الطريق إلى المدينة

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه من الغار بعد ثلاثة أيام، وكان الدليل عبد الله بن أبي بكر قد أعد لهم طريقاً غير معروف، ضللت الكفار عنه، إلى أن وصل إلى منطقة قباء؛ فأقاموا فيها أربعة أيام، صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء.

وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

ثم غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء واتجه إلى المدينة حيث كان الأوس والخزرج، قد اشتاقوا إليه، وأمتلأت نفوسهم بالبشر والسرور؛ ثم سار صلى الله عليه وسلم في المدينة في موكب من النور، وكلما مر صلى الله عليه وسلم على بيوت الأنصار دعاه أهلها للنزول عندهم وأخذوا بزمام ناقته، فيقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «دعوها فإنها مأمورة» حتى بركت الناقة أمام دار أبي أيوب الأنصاري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هاهنا المنزل إن شاء الله»، ثم ترجلت الناقة، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الدار.

اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للسكن في دار أبي أيوب

واختار النبي صلى الله عليه وسلم النزول في الدار السفلى من بيت أبي أيوب؛ ليكون أسهل لزائريه.

دعائم الدولة الإسلامية في المدينة

قامت الدولة الإسلامية في المدينة على ثلاث دعائم رئيسية، تمثلت في:

الدعامة الأولى: بناء المسجد

كان بناء المسجد الخطوة الأولى في تأسيس الدولة الإسلامية، حيث كان مركزًا للعبادة والتعليم والقضاء والإدارة، كما كان مكانًا للقاء المسلمين وحل خلافاتهم. وقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد في المكان الذي بركت فيه ناقته، وكان هذا المكان مملوكا لغلامين يتيمين، فاشتراه صلى الله عليه وسلم وأمر ببناء المسجد فيه.

الدعامة الثانية: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

كان المهاجرون والأنصار من أصول مختلفة وثقافات متباينة، لذلك كان من الضروري ربطهم برباط متين يوحدهم ويجعلهم قوة واحدة. وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بعقد أخوة بين المهاجرين والأنصار، فربط كل مهاجر بأنصاري، وجعل لكل منهم حقوقًا وواجباتًا كالأخوة من النسب.

الدعامة الثالثة: المعاهدات بين الرسول واليهود

كان اليهود يقيمون بجوار المسلمين في المدينة، وكان من الضروري أن يتعاونوا معًا من أجل بناء الدولة الإسلامية وتحقيق الأمن والاستقرار. وقد عقد الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدات مع اليهود، تضمنت حقوق المسلمين وواجباتهم، وحقوق اليهود وواجباتهم، وكان أساس هذه المعاهدات التعاون في السلام، والدفاع عن المدينة وقت الحرب.

أهمية هذه الدعائم

كانت هذه الدعائم الثلاثة ضرورية لتأسيس الدولة الإسلامية في المدينة، حيث ساعدت على تحقيق الآتي:

توحيد المسلمين وتنظيم صفوفهم
تعزيز روح الأخوة بين المسلمين
التعاون بين المسلمين واليهود من أجل بناء الدولة الإسلامية
ولقد ساهمت هذه الدعائم في نجاح الدولة الإسلامية في المدينة، وجعلتها قوة سياسية وعسكرية واقتصادية كبرى.