لخّصلي

هذا المشروع البحثي سيحتوي على معلومات عن سلطنة عمان التي عُرفت بتعدد اسمائها في المراحل التاريخية مختلفة ومن هذه الاسماء التي تميزت بها مجان ، مزون وموقعها الجغرافي الذي كان هدف الأعداء و الأطماع الخارجية . تميزت سلطنة عمان بالقوة و الامتداد و التوسع إلى أن وصلت إلى شرقي أفريقيا وحدودها التي افسحت لها التطور في الكثير من المجالات و بسبب موقعها وتوسعه أسهم ذلك في بداية انتشار العلوم فيها . كذلك سنناقش إسهامات العلماء العمانيين في العديد من مختلف المجالات اللغة و الفقه و علوم العروض عند الخليل بن أحمد الفراهيدي و علم الطب و الصيدلة عند راشد بن عميرة الرستاقي و علوم القران الكريم و الجوانب الدينية عند الأمام نور الدين عبدالله السالمي. و إنجازات كل عالم عماني مسلم في مجاله و النقل الثقاقي و التبادل العلمي . فقد تبين أن العلماء العمانيين برعوا و أشتهرت مؤلفاتهم في العديد من الجوانب العلمية .. اخيرا التاريخ الطبي العماني العريق الذي يتم تطبيقه إلى يومنا هذا وسنختم البحث بالخلاصة و المراجع و الاستفادات أي الرأي عن الموضوع .

أسماء عمان عبر العصور :
من خلال مرور سلطنة عمان بالعديد من المراحل التاريخية المختلفة تميزت بالعديد من المسميات المختلفة و لكل مسمى من هذه المسميات معنى مميز ومرتبط بتلك الفترة ومن أبرز أسمائها :
ارتبط اسم مجان بما اشتهرت به عمان من صناعات مختلفة مثل صناعة السفن و صهر النحاس حسب لغة السومريين حيث كانت تربطهم بعمان صلات تجارية وبحرية عديدة وكان السومريون يطلقون عليها في لوحتهم (أرض مجان) (1).اشتهرت حضارة مجان منذ اقدم العصور بريادتها البحرية وروابطها التاريخية العظيمة مع الحضارات القديمة ، فقد كانت مسرحًا للتبادلات الثقافية و الأنشطة الاقتصادية و التجارية ، مع الحضارات السومرية و البابلية و الفرعونية وحضارات الدول من مختلف العصور و الحقب منذ أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد . وقد سجل التاريخ أقوالهم في شهادات ووثائق الجغرافيا و في مختبرات العرب و الرحالة العرب . ودائمًا ما كان العمانيون في الطليعة , فقد جابوا البحار كثيرا و اتقنوا فنون الملاحة، مما جعل من مغامراتهم ورحلاتهم مثلا واضحا في كيفية التفاعل مع الأمم و الحضارات . ويشير النص المسماري (السومريون ) بأن مجان جبل النحاس؛ لأن صناعة النحاس تعتبر أحد ثرواتهم الوطنية (2).

اما اسم مزون فيتعلق بوفرة الموارد المائية مقارنة بالدول العربية المجاورة(1) . وقد يفسر اصل كلمة مزون التي تعني وفرة تدفق السحب ووفرة المياه, كما قد يفسر اصل كلمة مزون تدفق السحب ووفرة المياه , والدليل على ذلك قيام الزراعة والازدهار القديم وما صاحب ذلك من استقرار وحضارة , وقد استمدت هذه الدولة الاسطورية ايضا اسم (مزن) المشتق من اسم مزون الذي يعني غزارة السحب الماطرة (مُزن ) التي حولت عُمان الى غنائية على الساحل تحيط بها الجبال و التلال الجذابة وتحتضنها أمواج النخيل في المحيط الهندي ،بالإضافة إلى وديان كالسافانا الإفريقية .وترد في المصادر السريانية معلومات كثيرة عن مازن ،وتطلق على سكانها اسم مازونايا، كما ورد هذا الاسم (مزون) في المصادر العمانية في عهد الحكم الساساني فيعمان (224-629م) وهو الاسم الذي أطلقه الفرس على المنطقة (3).
أما اسم عُمان فيرتبط بهجرة القبائل العربية من المكان الذي يحمل اسم عُمان في اليمن و يقال إن اسم عمان يرجع إلى عمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام أو عمان بن سبأ بن إغتان بن إبراهيم عليه السلام ويقال أن عُمان سميت نسبة إلى العرب القدماء للقبائل العربية التي جاءت إلى عمان في العصور القديمة(3) .

موقع عمان الجغرافي
تقع سلطنة عمان في أقصى الجنوب الشرقي منشبه الجزيرة العربية، بين خطي عرض 40.16 درجة و26.20 درجة شمالاً وخطي طول 50.51 درجة و59.40 درجة شرقا ً،وتمتد من أقصى الجنوب الشرقي ،عند مدخل بحر العرب والمحيط الهندي ،عبر بحر عمان إلى مسندم في الشمال ،عند مضيق هرمز الاستراتيجي ،مدخل الخليج العربي، 3، 165 كم من الساحل. تحد عمان الجمهورية اليمنية من الجنوب الغربي ،والمملكة العربية السعودية من الغرب ،والإمارات العربية المتحدة من الشمال..

ومن هذا الموقع ،كانت عمان تسيطر على أقدم وأهم طريق تجاري بحري في العالم، وهو الطريق البحري بين الخليج العربي والمحيط الهندي، ومن هذا الموقع كان طريق القوافل عبر شبه الجزيرة العربية يربط غرب شبه الجزيرة العربية وشرقها وشمالها وجنوبها . وهذا الموقع الاستراتيجي سبب في تطور عمان وتألقها فلم يعد عليها بالنفع فقط من الجانب التجاري و أيضا من الجانب الثقافي و الجانب العلمي فكانت سلطنة عمان منارة العلوم ،لم يكن العمانيون في أي فترة من فترات التاريخ في معزل عن النتاج الثقافي والفكري لمختلف الحضارات على مر الزمان، وبالنظر إلى المنجز الفكري العربي الإسلامي نجد أن العمانيين قد شاركوا في صناعة الثقافة والفكر من فترة مبكرة في تاريخ نشوء العلوم العربية والإسلامية. فكتب العمانيين تشهد على ذلك الإسهام وكذلك كتب السير والتراجم وطبقات الرجال.

بداية انتشار العلوم في سلطنة عمان
وقد نشأت المدارس العلمية في عمان منذ القرن الثاني الهجري على يد العلماء العمانيين القادمين من البصرة وشكلت مراكز الاستقرار منطلقًا لنشر العلم والمعرفة في عمان على مختلف بقاعها. صاحب ذلك حرص العلماء والأئمة على العلم والمعرفة ومطالعة كتب العلماء الآخرين من كتب المدارس الفقهية الأخرى وجلبها إلى عمان ومناقشتها والتعليق عليها. وقد شكل موسم الحج فرصة مواتية للتباحث والمدارسة مع علماء المدارس الإسلامية الأخرى. كما أن سوق الكتب في عمان قديمًا كان كثير الثراء والغنى كما تدل على لك تقييدات البيع والشراء المتناثرة في الكثير من المخطوطات العمانية.
التعليق وعمل الحواشي على كتب المدارس الإسلامية الأخرى واحد من ملامح التفاعل الثقافي لعدد من علماء عمان. كثير من التعليقات أتت منسوبة إلى من قام بها بينما مازال الكثير من مخطوطات المدارس الإسلامية الأخرى والتي تحتفظ بها الكثير من خزائن المخطوطات في عمان تضم بين جنباتها تعليقات وحواشي علماء عمان وتحتاج تلك التعليقات إلى نشرها وإبرازها للقراء، حتى تتجلى الصورة الكاملة لأوجه وملامح التفاعل الفكري وحرص العمانيين على الاستفادة من إنتاج غيرهم من علماء الإسلام..

أبرز العلماء العمانيين ومجالاتهم
ظهر العديد من أبرز العلماء العمانيين على مر الفترات التاريخية و كل عالم عماني برع في مجال محدد فطوره وعمل على توسعه و انتشاره كي يفيد به الناس و العالم و من أبرز هؤلاء العلماء الذين خلد أسماؤهم التاريخ العماني :

عالم اللغة ومؤسس علم العروض الخليل بن أحمد الفراهيدي : هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي ولد في عمان . ولد في بلدة ودام في ولاية المصنعة في عمان عام 718م ثم انتقل بعد ذلك إلى البصرة في العراق حيث استقر. وكان لخليل بن أحمد من تلامذته بعض العلماء منهم عمرو بن عثمان المعروف بـ "سيبويه" وعمرو المعروف بـ "الجاحظ" بن باخ بن محب. وكانت شخصيته تصنف من الشخصيات الموسوعية . كان عالمًا لغويًا ومعجميًا ونحويًا ومؤسس القواعد الإيقاعية للشعر والموسيقى العربية. كان مهتما بالمنطق، ملما بعلم الفلك والرياضيات، وكان واسع الابتكار والإبداع في مجال اللغة العربية. كان شاعراً، كان شعره يدور حول التفكر، والحث على طلب العلم، والحث على التمسك بالفضيلة والأخلاق الرفيعة. ومن أهم أعمال الفراهيدي تأليفه معجم العين و هو أول معجم للغة العربية فانتشر انتشارا واسعا كذلك قام بتفسير وشرح فكرة الجذور الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية للأفعال في اللغة العربية وايضا برع في علم العروض وقام بتأسيسه ويعتبر هذا العلم علم موسيقى الشعر العربي . وقد أدرجته اليونسكو كأول شخصية عُمانية ضمن برنامج اليونسكو للذكرى الخمسينية أو المئوية للأحداث المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا عام 2006م. وهذا يدل على إنجازاته العظيمة في مجاله .

الامام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي : هو العلامة المحقق الشيخ نور الدين عبدالله بن حميد السالمي احدى الشخصيات العُمانية الي تركت بصمة تاريخية كبيرة في الصفحات التاريخ العماني . ولد في الحوقين بولاية الرستاق عام ١٢٨٦ هـ ، ١٨٦٧ م . كان معروفاً بالأخلاق القرآنية وتعلم اصل اللغة العربية .وكان من حفاظ القرآن الكريم ولما بلغ عن عمره الثانية عشر فقد بصره . إلا ان الله عز وجل وهب له بصيرة مفعمة في الإيمان الراسخ، والعلم الصالح، وذكاء حادا وفظة قوية، مع فهم عميق وإدراك شامل وأخلاق عالية ،وقد الف الكثير من الكتب التي اثرت المكتبة العمانية العربية والمكتبة الاجنبية وترجمت اعماله العظيمة ل عده لغات اخرى . وترك العديد من المؤلفات تزيد عن عشرين عنواناً بين كتاب صغير وكبير وقد أدرجته اليونسكو ضمن برنامج اليونسكو للذكرى الخمسينية أو المئوية للأحداث المهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا عام 2015م
..
لم تقتصر علوم العمانيين في مجال اللغة و القران الكريم بل أيضا برعوا في واحد من أصعب العلوم في ذلك الوقت لأنه كان في بدايته وهو الطبيب و الصيدلاني العماني
راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف العيني الرستاقي : ولد في قرية عيني في ولاية الرستاق في النص الثاني من القرن التاسع الهجري ,تميزت عائلته بعلمها فلم يكن الوحيد من أهله المتميز و المعروف بعلمه فقد كان ابائه واجداده من المعروفين في المجال الطبي فقد كان والده عميرة بن ثاني طبيب وجدة ثاني بن خلف طبيب وكثير من رجال العائلة اطباء وعلماء فوجد راشد بن عميرة في وسط طبي وعائلة علمية , لم يقتصر علم عميرة في الجانب الطبي فقد كانت له العديد من الالقاب التي ذكرت في كتب التراجم والسير ومن أبرز هذه الالقاب الطبيب الماهر، و الفيلسوف و العالم و الشاعر و الشيخ و الفقيه وكل ذلك يدل على براعته وسعة علمه ومن أهم مؤلفاته كتاب منهاج المتعلمين وكتاب فاكهة ابن السبيل و مختصر فاكهة السبيل و مقاصد الدليل و برهان السبيل و زاد المسافر و منظومات مشروحة في ذكر الأعضاء الرئيسية في جسم الأنسان و أيضا برع في الجراحة ( تشريح الإنسان من الرأس إلى القدم ) وكان له الدور الكبير في العلوم الطبية فقد صنفها ثلاثة أصناف هي: علوم الأديان، وعلوم اللسان، وعلوم الأبدان و تشخيص الأمراض و إيجاد علاجها وبسبب سعة علمه أدرج في منظومة اليونسكو للأحداث و الشخصيات المهمة في سنة 2013م . ومن المواقف المدهشة لابن عميرة أنه كان يجري عمليات جراحية دقيقة"، مثال ذلك: "عملية جراحة لامرأة حامل نطحها ثور سنة ٩٩٥ه، فشق بطنها وخرجت أمعاؤها. وقد ابتدأ اولا بالحفاظ على الأمعاء الخارجة من الفساد، فكمدها وأدفأها، ثم نكس جسد المرأة أثناء العملية لينحدر ب لذلك الرأس والظهر، ثم أجرى الخياطة". يقول الطبيب الرازي: "يمتحن" المتقدم للإجازة الطبية في التشريح أولا، فإذا لم يعرفه فلا حاجة بك أن تمتحنه على المرضى"، فاجتاز العماني ابن عميرة هذا الامتحان بجدارة ونقل خبرته الطبية إلى دول الجوار، فأجرى "عملية في القولنج لرجل أعجمي في البحرين" و"إلى البيمارستان العضدي في بغداد ليشاهد بعينه حصاة مستخرجة من بطن إنسان .

مقتطف من التاريخ الطبي العماني :
ويبدو أن العمانيين نالوا شهرة ليست بسيطة في علم الطب، لذلك قال ظهير الدين البيهقي (ت ٥٦٤هـ) في کتاب تاريخ حكماء الإسلام)، كلمة نصها:" كان أبو الخير أثنى على العماني، وقال: هو أقوى أهل الزَّمانِ في صناعته. ومن كلماته قوله: حق على المرء أن يُوَكَّلِ مِعِه كالتين: أحدهما يَكْلِؤُهُ مِنْ أَمامِهِ والآخِرُ مِنْ وَرَائِهِ ، وهما عقله وأخوه الناصح. ما ينفعك في ذاتك فاطلبه، وإن لم يكن فيه افتخار، وما يَضُرُّكِ في الدنيا والآخرة فاتركه وإن كان به افتخار من استبد بمعالجته في حالِ مِرَضِهِ وإن كان طبيبًا حاذقا فقد يُعِرِّضُ للخطأ بجهده والاستشارة أداة كـأداة كاملة، هذا يدلل على الوجود العماني في القران الطبي العربي، بل ووضعهم العديد من المؤلفات الطبية ، سلطنة عمان لها تاريخ طويل في مجال الطب، وذلك يعود إلى العصور القديمة.تاريخ الطب القديم فكانت منطقة عمان تضم مدناً قديمة مثل نزوى وبحرة، والتي شهدت أنشطة طبية قديمة. توثق ممارسات الشفاء القديمة استخدام الأعشاب والباذنجان والتدليك