Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

تشير الأدبيات إلى أن هجرة المهارات من بلدانها الأصلية إلى الدول المستقبلة تمثل خسارة بالغة لأوطانها، نظراً إلى الدور الهام الذي تقوم به هذه العناصر البشرية الماهرة في عمليات النمو في بلدانها الأصلية. مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى مهارة القوة العاملة ومن ثم دفع النمو الاقتصادي(١٤). في ما يتعلّق بالأثر السلبي لهجرة العقول الذي تحدّث عنه الاقتصاديون: فقد ورد في دراسات الأمم المتحدة عبارة «النقل العكسي للتكنولوجيا» التي تستخدمها للدلالة على هجرة اليد العاملة عالية التأهيل من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. وتنظر دراسات الـ (UNCTAD) إلى هجرة العقول على أنها نقل للموارد الإنتاجية من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. فهذه الموارد الإنتاجية تتمثل بالأفراد الذين حصلوا على المعرفة والمهارات من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب ومختلف الأنشطة ذات العلاقة الوثيقة. وبهذا المعنى فإن الخسارة في رأس المال البشري تنطوي على خسارة في القدرات الفنية على الابتكار وعلى توسيع نطاق المعرفة التكنولوجية والتطبيقية. الأمر الذي ينطوي على آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية سلبية خطيرة على هذه الدول. كما تشكل هذه الهجرة للأيدي العاملة الماهرة خسارة كبيرة للدول المصدّرة لها وكسباً للدول المستقبلة لها. وفي دراسته التي نشرت عام ١٩٧٦ عن الاقتصاد السياسي لهجرة العقول» بحث كمال كبرة (Kamal Nayan Kabra) مختلف أبعاد مشكلة النقل العكسي للتكنولوجيا. حيث يعرض مباشرة هذه الظاهرة على أنها تدفق عكسي من شأنه تكريس اعتماد الدول الأقل نمواً على الخارج في مجال التكنولوجيا. ويبدو ذلك كأنه رسالة واضحة لاستمرار المعادلة الاستعمارية القديمة في شكل جديد عبر تلاقي حاجات الاقتصادات الرأسمالية الناضجة وحاجات الدول التي تعتمد على الخارج، ومسارات التنمية التي ينتهجها الاستعمار الجديد إزاء الدول النامية والتي تقوم فيها الشركات متعددة الجنسية بدور أساسي باعتبارها الأداة الكبرى للاستعمار الجماعي وكنتيجة طبيعية منطقية لتركز أنشطة البحث والتطوير في الدول المتقدمة، إذ إن تركز البحث والتطوير في الدول الصناعية يولّد طلباً كبيراً على الأفراد العاملين في مجال البحث والتطوير، وهذا الطلب لا يمكن مقابلته في معظم الأحيان من مخرجات المؤسسات التعليمية في تلك الدول. ومن ثم يعتبر هذا الطلب المتزايد على العاملين في البحث والتطوير في الدول المتقدمة عامل جذب كبيراً لهؤلاء العاملين من الدول الأخرى غير القادرة على تشغيل طاقاتها البشرية المتعلمة . حيث يخسر هؤلاء فرص الإفادة من هذه الكفاءات سواء من خلال الحصول على التدريب أو تبادل الأفكار . كما تضيف دراسة هجرة شيف ووانغ أن هجرة العقول تؤثر سلباً في قدرة الدول النامية المصدّرة للعقول على استيعاب التكنولوجيا ومن ثم على نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، وعليه فمن المتوقع أن يترتب على هجرة العقول انخفاض نمو إنتاجية العوامل في معظم الدول النامية وبخاصة الدول الصغيرة منها. والثاني أن الدول الكبيرة تحقق مكسباً صافياً من هجرة العقول وليس خسارة، وهو ليس حال الدول الصغيرة التي يزداد فيها الأثر السلبي لهجرة العقول على الأثر الإيجابي فتبحث في تأثير الهجرة في النمو الاقتصادي وتكوين رأس المال البشري في الدول المصدرة للعقول، وأنه كلما ارتفع مستوى تعليم الفرد المهاجر ازدادت معدلات الالتحاق بالتعليم، أي تكوين رأس المال البشري، وفي ما يتعلّق بالأثر الإيجابي لهجرة العقول، يلاحظ أن دراسة إسترلي ونياكرو، لم تجد أي تأثير سلبي لهجرة العقول على النمو الاقتصادي ولا على رصيد رأس المال البشري في أفريقيا. التي تهدف إلى البحث في أثر هجرة العقول في النمو الاقتصادي في إيران في الفترة (۱۹۷۵ - ۲۰۰۸)، فقد توصلت إلى أن هجرة المهارات تؤثر إيجاباً في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي) كما توضح دراسة أندريه مونتفورد من خلال نموذج نظري، كيف أن هجرة العقول يمكنها أن تزيد الإنتاجية في اقتصاد الدولة النامية المصدّرة للعقول، بمعنى أن احتمال هجرة العقول، من خلال زيادتها لنسبة المتعلمين تراكم رأس المال البشري ، يرفع مستوى الإنتاجية ومن : معدل النمو وذلك يعني أن إقبال الأفراد على التعليم طمعاً في تحقيق عوائد من الهجرة المحتملة، قد يوازن الأثر السلبي لهجرة العقول. أما دراستا باين ورفيقيه فتمثلان تقدماً هاماً في الأدبيات المتعلقة بمكاسب هجرة العقول. أن احتمالات الهجرة تشجع على تكوين رأس المال البشري في الدول الفقيرة، وهناك دراسات جمعت بدورها بين النوعين من الآثار السلبي والإيجابي لهجرة العقول، حيث ترى دراسة البنك الدولي أنه يمكن لهجرة العقول أن تخلق حلقة مفرغة في الدولة، مصحوباً بمستويات منخفضة من رأس المال البشري وبفجوة ضخمة في التكنولوجيا. ومن ثم تساعد هجرة العقول الدول الغنية على أن تصبح أكثر غنى على حساب الدول الفقيرة. وهناك عاملان أساسيان مسؤولان عن وقوع الدول الفقيرة في هذه المصيدة وهما: انكماش قاعدة رأس المال البشري المحلي، علماً بأن الابتكار يعد أحد العوامل الأساسية لتحقيق تحسّن مستمر في الإنتاجية. هناك عدة عوامل يتم من خلالها تفاقم الآثار السلبية السابقة، ومن جهة أخرى، فإن حدوث عجز في بعض القطاعات والمهن الهامة مثل المدرّسين والمهندسين والأطباء والممرضات قد يؤثر في إنتاجية فئات أخرى ويقلل سرعة تراكم رأس المال البشري في الدولة. إلى أن ارتفاع العوائد المتوقع تحقيقها في حالة الهجرة يمكن أن يؤدي إلى تشجيع الأفراد على القيام بالاستثمار في رأس المال البشري. وبما أنه من المحتمل بقاء جزء من الأفراد الذين قاموا بهذا الاستثمار في وطنهم الأصلي، إلا أن رأس المال الإضافي المتراكم قد يكون غير مفيد في البلد الأصلي لأن الأفراد قد يقومون باختيار مجالات للدراسة غير مطلوبة في بلدانهم وإنما تحتاج إليها الدول المستقبلة. وتؤدي أيضاً إلى الحد من الفقر فضلا عن أن هذه التحويلات تؤدي أيضاً إلى تقليل معدلات تسرب الأطفال من المدارس وترفع معدلات الالتحاق ونسبة الأطفال الملتزمين بالحضور في المدارس، كما أن هؤلاء إذا قاموا باستغلال المعرفة الإضافية التي حصلوا عليها وما اكتسبوه من رؤوس أموال في الخارج بشكل جيد، وبخاصة أن عودة هؤلاء المهاجرين (الكفاءات المهاجرة) من الدول المتقدمة تساعد على انتقال وانتشار التكنولوجيا المتقدمة إلى الدول النامية، وأيضاً . كما يمكنهم أيضاً المساهمة في تطوير المؤسسات في أوطانهم. وتفترض أن الأفراد يختلفون في مهاراتهم ويتخذون قرارات التعليم في إطار من عدم التأكد بشأن فرص الهجرة في المستقبل. وتميز تلك الدراسة بين نوعين من التأثيرات على النمو الأول أثر مفيد يحدث قبل الهجرة وتطلق عليه أن احتمالات الهجرة تشجع على الاستثمار في التعليم بسبب ارتفاع العوائد المتوقع الحصول عليها في الخارج، والثاني أثر ضار دون شك يحدث بعد الهجرة وتطلق عليه وهو أثر استنزاف العقول بسبب تدفقات هجرة الأفراد المتعلمين . أي يرتفع مستوى رأس المال البشري في المتوسط، ويرجع هذا أساساً إلى أن احتمالات الهجرة يبدو أنها تلعب دوراً هاماً في قرارت التعليم التي يتخذها الأفراد. أما دراسة باين ورفيقيه ، فتبحث في كيفية توازن الآثار الإيجابية والسلبية لهجرة العقول، ولذلك قامت بتقدير أثر احتمالات هجرة الكفاءات في مستويات رأس المال البشري في ١٢٧ دولة نامية. ثم حاولت تلك الدراسة تقدير الأثر الصافي لهجرة العقول في كل دولة،


Original text

تشير الأدبيات إلى أن هجرة المهارات من بلدانها الأصلية إلى الدول المستقبلة تمثل خسارة بالغة لأوطانها، نظراً إلى الدور الهام الذي تقوم به هذه العناصر البشرية الماهرة في عمليات النمو في بلدانها الأصلية. وهذا ما يمكن أن نعتبره الأثر المباشر الذي تحدّث عنه بعض الاقتصاديين. إلا أنه من جهة أخرى، فإن احتمالات الهجرة لتحقيق أجور أعلى قد تسفر عن حفز الأفراد لتحقيق مستويات أعلى من التعليم، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى مهارة القوة العاملة ومن ثم دفع النمو الاقتصادي(١٤). ويحاول الجزء التالي أن يتناول بشيء من التفصيل ما تضمنته الأدبيات من آثار سلبية وأخرى إيجابية لهجرة العقول في النمو الاقتصادي.
في ما يتعلّق بالأثر السلبي لهجرة العقول الذي تحدّث عنه الاقتصاديون: فقد ورد في دراسات الأمم المتحدة عبارة «النقل العكسي للتكنولوجيا» التي تستخدمها للدلالة على هجرة اليد العاملة عالية التأهيل من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. وكان مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) هو أول من أدخل هذه العبارة في سلسلة من الدراسات. وتنظر دراسات الـ (UNCTAD) إلى هجرة العقول على أنها نقل للموارد الإنتاجية من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. فهذه الموارد الإنتاجية تتمثل بالأفراد الذين حصلوا على المعرفة والمهارات من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب ومختلف الأنشطة ذات العلاقة الوثيقة. وبهذا المعنى فإن الخسارة في رأس المال البشري تنطوي على خسارة في القدرات الفنية على الابتكار وعلى توسيع نطاق المعرفة التكنولوجية والتطبيقية. ولإبراز هذه النقطة يلاحظ تقرير الـ (UNCTAD) أن «النقل العكسي للتكنولوجيا» يشكل نقلاً من جانب واحد للموارد الإنتاجية التي تجسّد التكنولوجيا في المهارات البشرية من الدول النامية، الأمر الذي ينطوي على آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية سلبية خطيرة على هذه الدول. كما تشكل هذه الهجرة للأيدي العاملة الماهرة خسارة كبيرة للدول المصدّرة لها وكسباً للدول المستقبلة لها.
وفي دراسته التي نشرت عام ١٩٧٦ عن الاقتصاد السياسي لهجرة العقول» بحث كمال كبرة (Kamal Nayan Kabra) مختلف أبعاد مشكلة النقل العكسي للتكنولوجيا. فهو يلاحظ أن هذا التمييز المتمثل بهجرة العقول لا يمكنه ادعاء الحياد، حيث يعرض مباشرة هذه الظاهرة على أنها تدفق عكسي من شأنه تكريس اعتماد الدول الأقل نمواً على الخارج في مجال التكنولوجيا. ويبدو ذلك كأنه رسالة واضحة لاستمرار المعادلة الاستعمارية القديمة في شكل جديد عبر تلاقي حاجات الاقتصادات الرأسمالية الناضجة وحاجات الدول التي تعتمد على الخارج، ومسارات التنمية التي ينتهجها الاستعمار الجديد إزاء الدول النامية والتي تقوم فيها الشركات متعددة الجنسية بدور أساسي باعتبارها الأداة الكبرى للاستعمار الجماعي
وكنتيجة طبيعية منطقية لتركز أنشطة البحث والتطوير في الدول المتقدمة، تتركز الموارد البشرية العالية المهارة والمدرّبة أو الطاقة البشرية العلمية والتكنولوجية لديها. إذ إن تركز البحث والتطوير في الدول الصناعية يولّد طلباً كبيراً على الأفراد العاملين في مجال البحث والتطوير، وهذا الطلب لا يمكن مقابلته في معظم الأحيان من مخرجات المؤسسات التعليمية في تلك الدول. ومن ثم يعتبر هذا الطلب المتزايد على العاملين في البحث والتطوير في الدول المتقدمة عامل جذب كبيراً لهؤلاء العاملين من الدول الأخرى غير القادرة على تشغيل طاقاتها البشرية المتعلمة .
وقد وجد أن هجرة العقول تقلل معدل نمو رأس المال البشري الفعّال الذي يظل في البلد الأصلي ومن ثم تؤدي إلى انخفاض دائم في معدل نمو نصيب الفرد من الدخل في
البلد الأم.
كما قامت دراسة البنك الإسلامية للتنمية ، بقياس معاملات الارتباط بين هجرة العقول وبعض مؤشرات التنمية في مجموعة الدول الأعضاء في البنك إياه. وأوضحت تلك الدراسة أن التأثير الإجمالي لهجرة العقول في التنمية يكون سلبياً ويلحق الضرر برأس المال البشري ويزيد حدة الفقر، ما يتفق مع الأدبيات التقليدية لهجرة العقول. وتبرر الدراسة ذلك بأن هجرة الكفاءات تؤثر سلباً في إنتاجية كل من يعمل معها من زملاء أو عمال آخرين في مكان العمل، حيث يخسر هؤلاء فرص الإفادة من هذه الكفاءات سواء من خلال الحصول على التدريب أو تبادل الأفكار .


كما تضيف دراسة هجرة شيف ووانغ أن هجرة العقول تؤثر سلباً في قدرة الدول النامية المصدّرة للعقول على استيعاب التكنولوجيا ومن ثم على نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، بمعنى أن العقول تقلل من التأثير الإيجابي لانتشار التكنولوجيا المستوردة من الدول المتقدمة على نمو الإنتاجية في الدول النامية. ويظهر هذا التأثير السلبي بشكل أكبر في الدول الصغيرة التي يقل عدد السكان فيها عن ١,٥ مليون نسمة) عنه في الكبيرة التي يراوح عدد سكانها بين ١,٥ و ٤ ملايين نسمة). وعليه فمن المتوقع أن يترتب على هجرة العقول انخفاض نمو إنتاجية العوامل في معظم الدول النامية وبخاصة الدول الصغيرة منها. ذلك إلى سببين الأول أن نسبة هجرة العقول في الدول الصغيرة تزيد بنحو ويرجع ستة أضعاف على مثيلتها في الدول الكبيرة. والثاني أن الدول الكبيرة تحقق مكسباً صافياً من هجرة العقول وليس خسارة، وهو ليس حال الدول الصغيرة التي يزداد فيها الأثر السلبي لهجرة العقول على الأثر الإيجابي


أما دراسة وي ها ورفيقيه، فتبحث في تأثير الهجرة في النمو الاقتصادي وتكوين رأس المال البشري في الدول المصدرة للعقول، وذلك من خلال بيانات مجمعة لمجموعة من الأقاليم الصينية في الفترة (١٩٨٠ - ٢٠٠٥). وتوصلت تلك الدراسة إلى أن الهجرة لها أثر ضار في النمو الاقتصادي في الأقاليم المصدرة، حيث يؤثر معدل الهجرة سلباً في النمو الاقتصادي وقيمة المعلمة الخاصة بالهجرة ٠,٠٠). ومن جهة أخرى، توصلت الدراسة إلى أن الهجرة الدائمة تؤدي إلى زيادة معدلات الالتحاق بالتعليم، وأنه كلما ارتفع مستوى تعليم الفرد المهاجر ازدادت معدلات الالتحاق بالتعليم، أي تكوين رأس المال البشري، علماً بأن الحصول على درجة جامعية يعد في الصين الطريق الوحيد للهجرة الدائمة .
وفي ما يتعلّق بالأثر الإيجابي لهجرة العقول، يلاحظ أن دراسة إسترلي ونياكرو، لم تجد أي تأثير سلبي لهجرة العقول على النمو الاقتصادي ولا على رصيد رأس المال البشري في أفريقيا. وتبرر الدراسة هذه النتيجة بأن التأثير السلبي لهجرة العقول على رصيد الدولة من المهارات يتم تعويضه من خلال زيادة الحافز لدى الأفراد الباقين في أوطانهم لزيادة مهاراتهم. بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لتقديرات تلك الدراسة لغانا، فإن القيمة الحالية للتحويلات المالية تكفي وتفيض لتغطية تكاليف التعليم للفرد المهاجر ذي المهارة العالية. كما تشير تلك الدراسة إلى أن هجرة العقول تعد ظاهرة جيدة لأفريقيا حيث يمكنها التأثير إيجابياً ليس فقط في كمية رأس المال البشري بل في نوعيته أيضاً، وذلك من خلال حفز الطلاب على بذل المزيد من الجهد لاكتساب المهارات التي تمكنهم من الهجرة .
أما دراسة سفداري ورفيقيه ، التي تهدف إلى البحث في أثر هجرة العقول في النمو الاقتصادي في إيران في الفترة (۱۹۷۵ - ۲۰۰۸)، فقد توصلت إلى أن هجرة المهارات تؤثر إيجاباً في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي)


كما توضح دراسة أندريه مونتفورد من خلال نموذج نظري، كيف أن هجرة العقول يمكنها أن تزيد الإنتاجية في اقتصاد الدولة النامية المصدّرة للعقول، وذلك عندما تكون الإنتاجية دالة متزايدة في نسبة الأفراد المتعلمين في هذا الاقتصاد في الفترة السابقة. بمعنى أن احتمال هجرة العقول، من خلال زيادتها لنسبة المتعلمين تراكم رأس المال البشري ، يرفع مستوى الإنتاجية ومن : معدل النمو وذلك يعني أن إقبال الأفراد على التعليم طمعاً في تحقيق عوائد من الهجرة المحتملة، وما يترتب على ذلك الإقبال من تراكم لرأس المال البشري، قد يوازن الأثر السلبي لهجرة العقول.
أما دراستا باين ورفيقيه فتمثلان تقدماً هاماً في الأدبيات المتعلقة بمكاسب هجرة العقول. فقد أثبتتا، باستخدام بيانات مقطعية لمجموعة من الدول، أن احتمالات الهجرة تشجع على تكوين رأس المال البشري في الدول الفقيرة، وكذلك أن رصيد رأس المال البشري يؤثر إيجاباً في النمو الاقتصادي. وتعد كل من هاتين النتيجتين شرطاً ضرورياً لتحقيق مكاسب من هجرة العقول.
وهناك دراسات جمعت بدورها بين النوعين من الآثار السلبي والإيجابي لهجرة العقول، حيث ترى دراسة البنك الدولي أنه يمكن لهجرة العقول أن تخلق حلقة مفرغة في الدولة، حيث توقعها في مصيدة تتمثل بتحقيق مستوى من التوازن غير المرغوب فيه، مصحوباً بمستويات منخفضة من رأس المال البشري وبفجوة ضخمة في التكنولوجيا. ومن ثم تساعد هجرة العقول الدول الغنية على أن تصبح أكثر غنى على حساب الدول الفقيرة.
وهناك عاملان أساسيان مسؤولان عن وقوع الدول الفقيرة في هذه المصيدة وهما: انكماش قاعدة رأس المال البشري المحلي، حيث لن يتبقى بعد الهجرة أي من المهارات العالية اللازمة للمساهمة في عملية الإنتاج.
تراجع القدرة على الابتكار التي تستند إلى وجود قاعدة متينة من رأس المال البشري، علماً بأن الابتكار يعد أحد العوامل الأساسية لتحقيق تحسّن مستمر في الإنتاجية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عدة عوامل يتم من خلالها تفاقم الآثار السلبية السابقة، منها: أولاً أن الإنتاجية في الدولة المستقبلة للمهاجرين يمكنها أن ترتفع، مما يمثل حافزاً إضافياً يدفع المواطنين في البلد الأصلي للهجرة، كما يمكن أن تزداد الفجوة التكنولوجية بين البلدين. ومن جهة أخرى، فإن حدوث عجز في بعض القطاعات والمهن الهامة مثل المدرّسين والمهندسين والأطباء والممرضات قد يؤثر في إنتاجية فئات أخرى ويقلل سرعة تراكم رأس المال البشري في الدولة.
وتشير الدراسة كذلك ، إلى أن ارتفاع العوائد المتوقع تحقيقها في حالة الهجرة يمكن أن يؤدي إلى تشجيع الأفراد على القيام بالاستثمار في رأس المال البشري. وبما أنه من المحتمل بقاء جزء من الأفراد الذين قاموا بهذا الاستثمار في وطنهم الأصلي، فإن ذلك سيمثل تعويضاً لفقدان العقول المهاجرة. إلا أن رأس المال الإضافي المتراكم قد يكون غير مفيد في البلد الأصلي لأن الأفراد قد يقومون باختيار مجالات للدراسة غير مطلوبة في بلدانهم وإنما تحتاج إليها الدول المستقبلة.
وبالإضافة إلى أن هجرة العقول قد تدفع لتكوين رأس المال البشري، فإن لها مكاسب أخرى محتملة قد تحوّل ما نراه مبدئياً على أنه استنزاف للعقول إلى مكسب للعقول، وعلى رأسها التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون وأصحاب المهارات العالية والتي قد تساهم في الحد من قيود السيولة وحفز الاستثمارات في التعليم، وتؤدي أيضاً إلى الحد من الفقر فضلا عن أن هذه التحويلات تؤدي أيضاً إلى تقليل معدلات تسرب الأطفال من المدارس وترفع معدلات الالتحاق ونسبة الأطفال الملتزمين بالحضور في المدارس، كما تزيد الإنفاق على تعليمهم واستمرارهم في التعليم، كما تقلل عمالة الأطفال حيث تنخفض حاجة الأسرة إلى الدخل من عمل الطفل .
كما قد تؤدي هجرة العقول إلى مكاسب أيضاً في حالة عودة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية بعد تطوير مهاراتهم في الخارج. كما أن هؤلاء إذا قاموا باستغلال المعرفة الإضافية التي حصلوا عليها وما اكتسبوه من رؤوس أموال في الخارج بشكل جيد، فإن ذلك يمثل تعزيزاً لعنصر التنظيم والابتكار في أوطانهم، ويكون المكسب الصافي أكبر في حالة عدم بقائهم فترة طويلة في الخارج وعودتهم إلى أوطانهم سريعاً، وبخاصة أن عودة هؤلاء المهاجرين (الكفاءات المهاجرة) من الدول المتقدمة تساعد على انتقال وانتشار التكنولوجيا المتقدمة إلى الدول النامية، ومن ثم فإنهم يمثلون مصدراً محتملاً للنمو في بلدانهم الأصلية .
بالإضافة إلى ما سبق، فإن الهجرة قد تؤدي إلى تسهيل عمليات تبادل السلع وعوامل الإنتاج والمعرفة بين الدول المصدرة والمستقبلة للعمالة من خلال المهاجرين في الشتات الذين قد يساهمون في انتشار التكنولوجيا من خلال إقامة شبكات اتصال تنتقل من خلالها العلوم والأعمال، وأيضاً . خلال تشجيع التجارة وإقامة مشروعات الاستثمار الأجنبي المباشر. كما يمكنهم أيضاً المساهمة في تطوير المؤسسات في أوطانهم.


وتركز دراسة باين ورفيقيه بدورها على تأثير احتمالات الهجرة على تكوين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي في اقتصاد صغير نام مفتوح مصدر للعقول. وتفترض أن الأفراد يختلفون في مهاراتهم ويتخذون قرارات التعليم في إطار من عدم التأكد بشأن فرص الهجرة في المستقبل. وتميز تلك الدراسة بين نوعين من التأثيرات على النمو الأول أثر مفيد يحدث قبل الهجرة وتطلق عليه أن احتمالات الهجرة تشجع على الاستثمار في التعليم بسبب ارتفاع العوائد المتوقع الحصول عليها في الخارج، والثاني أثر ضار دون شك يحدث بعد الهجرة وتطلق عليه وهو أثر استنزاف العقول بسبب تدفقات هجرة الأفراد المتعلمين .


ووجدت تلك الدراسة باستخدام بيانات مقطعية لـ ٣٧ دولة نامية أنه لا يمكن استبعاد إمكانية أن تكون هجرة العقول مفيدة، بمعنى أن يتغلب الأثر الأول، أي يرتفع مستوى رأس المال البشري في المتوسط، وذلك في الاقتصاد المفتوح الذي يسمح بـ بالهجرة. ويرجع هذا أساساً إلى أن احتمالات الهجرة يبدو أنها تلعب دوراً هاماً في قرارت التعليم التي يتخذها الأفراد.
أما دراسة باين ورفيقيه ، فتبحث في كيفية توازن الآثار الإيجابية والسلبية لهجرة العقول، ولذلك قامت بتقدير أثر احتمالات هجرة الكفاءات في مستويات رأس المال البشري في ١٢٧ دولة نامية. وتوصلت إلى أن مضاعفة معدل هجرة الكفاءات يحفّز زيادة تكوين رأس المال البشري بـ ٥ بالمئة بين المواطنين في الدولة الأصلية. ثم حاولت تلك الدراسة تقدير الأثر الصافي لهجرة العقول في كل دولة، فوجدت أن معظم الدول التي تنخفض فيها مستويات رأس المال البشري ومعدلات هجرة العمالة الماهرة تحقق في النهاية أثراً صافياً موجباً. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن لهجرة العقول آثاراً سلبية في الدول التي يرتفع فيها معدل هجرة الأفراد الحاصلين على التعليم العالي أكثر من ٢٠ بالمئة)، وترتفع فيها نسبة هؤلاء الأفراد من السكان البالغين (إلى أكثر من ٥ بالمئة)


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

مواصفات الاختبا...

مواصفات الاختبار الجيد: ينبغي أن يتسم الاختبار بعدد من المواصفات الأساسية، من أبرزها: 1. المتغيرات ا...

وكمة الشركات وأ...

وكمة الشركات وأخلاقيات مهنة المحاسبة المبحث الثالث: تهدٌدات ألتزام بالمبادا اِساسٌة وأدوات الحماٌة ...

تهدف هذه الدراس...

تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنبؤ بالطلب، وتحليل منهجياته وفوائده وت...

أنت لم تشفى أبد...

أنت لم تشفى أبدا من الاضطرابات النفسية مثل عندما تكسر ساقك وتشفى ، أو عندما تحصل على المداخن ثم تتحس...

A that SIAC Co....

A that SIAC Co., employee had transported 45 workers to the accommodation, leaving 18 laborers behin...

. مفهوم القضاء...

. مفهوم القضاء والقدر عند الماتريدي القضاء والقدر موضوع بالغ الأهمية في الفكر الماتريدي، وتبيانه ي...

History of Digi...

History of Digital Impressions in Dentistry 1980s: The Beginning - In 1984, the CEREC system (Cha...

يشهد القرن الوا...

يشهد القرن الواحد والعشرين عدداً من التحديات والمتغيرات المتسارعة في الثورة المعرفية والمعلوماتية ال...

اهميتي كبيره لم...

اهميتي كبيره لمن يعرف قيمتي ويقدرني حيث انني اعتبر كائنا حيا لابد من وجودي في الطبيعه سواء ذلك في ح...

نقدر نورمال نوف...

نقدر نورمال نوفق فاسيلمون كيما نقولوا انا نخدم يومي بيومي تسما سيستام تاعي شغل يخليني نوفق بين العمل...

الفسطاط، التي أ...

الفسطاط، التي أسسها القائد عمرو بن العاص عام 641م، كانت أول عاصمة إسلامية لمصر وأول مدينة إسلامية في...

في هذا النص، ين...

في هذا النص، ينطلق فريق تصوير يتكون من ثلاثة سيارات جيب عبر الصحراء لتصوير ظاهرة السراب والبحث عن "و...