Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

عادت النعامة ماكو راكضةً باتّجاه المكان الذي تَرَكَت فِيهِ حوجًا والصَّبِيَّ. فكرت بالاسم الذي ستُطلِقُه عَليه. كانت قد فعلت ذلكَ منذُ أَنْ وَجدَتِ الطفل في الرَّمْلِ. فليسَ هُناكَ حَيَوانٌ أَسْرَعُ مِنها سوى الفَهْدِ
حاسَةُ النَّظَر لديها جيّدة أيضًا. لَيْسَ هُناكَ تَعَالَبُ فِي الجوار الآن. ليس هناك أسود ولا فهودٌ صَيَادةً. ازداد توقها كُلّما اقتربَت مِنَ المكان الذي تَرَكت فيه حوجا والصبي. إنهَا تَشْعُرُ بذاتِ الفَرَح الذي تَشْعُرُ به عادَةً عِندَما تقتربُ مِنَ عُشَ مَلِيءٍ
رَكَضَت بخطوات طويلة باتجاه الواحة التي
غير أنها لَمْ تَكُنْ تكترث لتلك السرابات التي كانت تبدو كمستنقعات ماءٍ
ضخمة لامعة وسط الرمال. لَفَتَ نَظَرَها فَجْأَةً نَسْرٌ مَشؤومٌ كَانَ يَحومُ فِي حَلَقاتٍ تَضِيقُ فِي السَّماء تدريجيا. النسور تحومُ دائما بهذه الطريقة إذا كانَت تَنتظِرُ مَوتَ أَحَدٍ ما. عِندَها رأت كُتلةً سوداء على الأرض، كتلةً سَوداءَ هامِدةً بلا حَرَكَةٍ. دَبَّ الدُّعرُ في قلبها فرَكَضَت بِسُرِعَةٍ بِاتِّجَاهِ تِلكَ الكُتلة. تَنَفَّسَتْ بِصُعوبةٍ ولَكَرَتهُ بِمنقارها. دَفَعَت بقدمها وجعلته ينقلب ليستلقي على ظهره. عِندَها رأت حَرَكَةً صَغِيرةً، فتح بعد ذلكَ فَمَه قَليلاً وأَعْلَقَه ثم رَفَعَ الصَّبِيُّ يدَه قَليلاً ووَضَعَ إِلهامه في فَمِه. لم تتمكن مِنَ تَذَكَّرِ البقية فيما بعد. أن
وهكذا حَمَلَتهُ بحذر فائق حتى لا يقع، وسارت به إلى النَّبْعِ الذي كانت قد وَجَدَتَهُ لتوها. عِندَما وَصَلَت إِلى النَّبِعِ تمددت على الأرضِ ودَفَعَت بِالصَّبِيِّ إلى حافة الماءِ. رأته مُمَدِّدًا على بطنه وكأنهُ مَيِّتُ، ثم أحنى رأسَهُ تِجَاهَها. هذا ما حَدَثَ للعديد مِنْ صِغَارِها الذين أوهَنَهم العَطَشُ. سَتُصبح هذه الحادثة الذكرى الثانية التي سيحتفظ بها الطِّفْلُ في ذهنِه. سَوفَ يَتذكَّرُ طَوال حياتِه تِلكَ المَرَّةَ التي أَتَتَ بها أُمُّه وأيقظَته مِنَ النَّوم بمداعبتها له بوساطة جَناحِها. الصورة التاليةُ التي سَتَحِلُّ في ذهنِه هي صورته وهو مُمَدَّدٌ على الأرضِ غارِسًا يديه في الماءِ الَّذِي رَاحَ يَشرَبُ منه. لَمْ يَسِبِقٌ له قَطُّ أن تذوّقَ شَيْئًا هذهِ اللذة وهذهِ العُذوبة. أرسَلَتْ ماكو الإناثَ الشّاباتِ لتحضر حوجًا إليها. تظاهرَ بأَنَّهُ لَم يَرَ الصَّبِيَّ وسارَ إلى الماءِ ليَشرَبَ لمدة دقائقَ متتالية. كان خائِبَ الأَمَلِ بِسبَبِ نَجَاةِ الصَّبِيِّ . لكِنَّهُ سَيُرضي ماكو حينَ يَجِدُ مَكَانًا يبني فيهِ عُشَّا لهما؛ عندئذٍ ستضعُ ماكو بَيْضاتٍ جديدةً، وسيؤدي هذا إلى حصولهما على صغارٍ جُدُدٍ. بعد ذلك ستنسى ماكو بالطبع ذلكَ الطِّفْلَ البشري العديم الفائدة، أكلت الإنار
لكنها لم تستطع تناوله. أرادت أنْ تُحاولَ التَّحَدُّثَ إلى الصَّبِيِّ مَرَّةً أخرى. تمددت على الأرضِ وراحَتْ تتأمَّلُهُ حَيْثُ كانَ يجلسُ بالقُرْبِ مِنَ النَّبِعِ حَاوَلَت أَن تُرَكزَ ذِهنَها كُلِّيا. » قال الصّبِيُّ بوضوح. تكلَّمَ كَما تتكلَّمُ طيورُ النَّعامِ، إِذْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِفمه ولم يَنطِقُ بِأَيِّ
عليك اسم حَسَنٍ، كانَ المَكَانُ مرتفعًا بَعْضَ الشَّيْءِ، عاد أخيرًا إلى السرب. كانَ هَدّارةُ نائمًا بِعُمقِ وقد كوّرَ جَسَدَه، في ظِلالِ شَجرةٍ. نال العُشُ إعجاب
ماكو. راحت ماكو بعد ذلك تبيضُ في هذِهِ الحَفْرَةِ، ولأشهر متتالية. الديدان، الخنافس، كانَت تَشْعُرُ بازديادِ الفَرَح معَ كُلِّ بَيضةٍ تَبيضُها، لكن قلقها على
حوجٌ كانَ يرقدُ فَوقَ البَيضات في أثناءِ اللَّيلِ. تفرِدُ
عندَها جناحيها فَوْقَ هَدارَةَ لِتحميه مِنَ البَردِ القاتِلِ. ثلاثة أحداثٍ وَقَعَت وغَيَّرَت مَجرى حَياةِ هَدارَةً. وَقَعَت الحادثةُ الأولى في يومِ مِنَ الأَيَّامِ عِندَما قامت ماكو مِن مَكانِها كعادتها وتَرَكَتِ البَيضاتِ لِمَصِيرِها لِمُدّةٍ وَجيزةٍ. كان لا بد لماكو من أنْ تَبحثُ عن بعض الطَّعام الذي تسدُّ به جُوعَها. تُعدُّ النُّسورُ المصريّةُ مِنَ الدِّ أعداءِ طُيور النعام؛ بالرغم من أنها تَعجَرُ عن نَقرِ ثقب في قشرة بَيْضَةِ النَّعَامِ إلا أنها قد توصلت إلى طريقةٍ تُمكِّنُها مِن قَبْلِ الحَياةِ الموجودة داخِلَ البَيضَة والنماء مِنَ محتوياتها اللذيذة. رأى هَدارةُ الآن تلك الطريقة دُونَ أن يستوعب ما
رآه. انخفض نسر إلى مُحاذاة الأرض والتقط حَجَرًا بِمنقاره، أَصابَ الحَجَرُ إحدى بَيضاتِ النَّعامِ ما أدى إلى كَسرِها على شكلِ فَتحةٍ مُستديرة. لَكِنَّهُ رأى حينَ لَوْحَ
عِندَما غادَرَت ماكو عُشَّها في يوم آخرَ أَتى أَحَدُ فُهُودِ الصّحراء النادِرَةِ مُتسللا. شَمَّ رائحةَ البَيضاتِ اللّذيذةَ وَراحَ يضربها ببراثنه، حَاوَلَ الفهدُ أن يَعُضُّ على البَيضَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ كَسرِها بأسنانه لكنَّ حَجمَ البَيضَةِ كَانَ ضَحَمًا جِدًّا. لَمْ يفعل ذلك لحماية البيضاتِ، بلْ أرادَ أنْ يلعب معَ الفَهدِ. عندما اقتربَ مِنه الوَلَدُ. هذه المرحلة هي الأخطرُ في حياة صغار النَّعام. العدو الأكبَرُ لهم هو الغُرابُ أتَتِ الغربانُ بكثرة تجعلها تبدو كغيمة كثيفة قَبْلَ أنْ تُحطَّ بالقُرْبِ مِنَ الصِّغَارِ الذين خرجوا مِنَ البَيضِ حَدِيثًا. كان ذكرُ النَّعام حوج قد رأى الحوادث الثلاثةَ. حَيْثُ كانَ الفَرْخُ الأخيرُ يَزْحَفُ خارجَ البَيضَةِ التي تكونُ داخلها، وحيثُ كانَ هَدارَةُ يجلسُ بالقُرْبِ مِنَ العُشْ كعادته، رأى حوج أفعى ذاتَ قُرون. زَحَفَتِ الأفعى فَوقَ الرِّمالِ باتِّجاهِ هَدّارةَ. كانت تزحفُ على جَنبِها كَما تفعلُ جَمِيعُ الأفاعي ذاتُ القرونِ. ضَحِكَ هَدّارةُ، وَقَفَ ثم راح يسير باتجاه الأفعى. كان يريدُ أن يمسك بها ليلعب معها. لكنْ عِندَما اقتربَ الوَلَدُ مِنَ الأفعى، وعِندَما تَشْعُرُ بالأَمانِ، هذه الطريقة تجلب الأفعى السحالي إليها. رأى هَدارَةُ مؤخّرة الذيل التي ظَهَرَت لِلعيانِ مِن تَحتِ الرَّمل. انحنت بعد ذلك لتجمع قواها وتنقض بسُرْعَةٍ على الصَّبِيِّ وتَعْرُزُ
خطا خطوتين سريعتَينِ تجاهَهُما وقتل الأفعى بِضَربةٍ واحدةٍ مِنْ مِنقارِه. حالما تأكد من أنّ الأفعى ماتت حقًّا، بَحَثَ طَويلا حتَّى وَجَدَ نبتةً لها أوراق سميكة جدا.


Original text

لخص :
الفصل الخامس
الأفعى السامة
عادت النعامة ماكو راكضةً باتّجاه المكان الذي تَرَكَت فِيهِ حوجًا والصَّبِيَّ. فكرت بالاسم الذي ستُطلِقُه عَليه. كانت قد فعلت ذلكَ منذُ أَنْ وَجدَتِ الطفل في الرَّمْلِ. فكرت بكثيرٍ مِنَ الأسماء، لكنها لم تجد حتى الآن اسما
يَليقُ به.
لا بُدَّ أن تجد له اسما جَمِيلًا.
جَعَلَت الأسماءَ تَتردَّدُ في ذهنها وهي تَرْكُضُ. ماجد. عثمان. قدري. أو رُبّما حَسَنٌ. لا بأسَ بِاسمِ حَسَنٍ. يُحِبُّ أَنْ تَتَشَاوَرَ مَعَ حوجٍ، إذ لا بُدَّ مِن
أن يُشارك في الأمر.
رَكَضَت بسُرعَةٍ وخِفّةٍ، فليسَ هُناكَ حَيَوانٌ أَسْرَعُ مِنها سوى الفَهْدِ
الصياد.
الفهد الصيّاد هو أسْرَعُ الحَيَواناتِ في هذه الصّحراء.
حاسَةُ النَّظَر لديها جيّدة أيضًا. كانت تتلفتُ يَمينًا ويَسارًا وهي تعدو، وفقًا لعادتها ؛ إذ إنها لا تتوقع حدوث مكروه الآنَ. لَيْسَ هُناكَ تَعَالَبُ فِي الجوار الآن. ليس هناك أسود ولا فهودٌ صَيَادةً.
الخَذَرُ لَمْ يحرمها مِنَ الشعور بِالفَرَحِ. لم يدق قلبُها أَسْرَعَ مِنَ عادتِهِ. ازداد توقها كُلّما اقتربَت مِنَ المكان الذي تَرَكت فيه حوجا والصبي. إنهَا تَشْعُرُ بذاتِ الفَرَح الذي تَشْعُرُ به عادَةً عِندَما تقتربُ مِنَ عُشَ مَلِيءٍ
بصغارها هي. رَكَضَت بخطوات طويلة باتجاه الواحة التي
ملاتها السرابات.
غير أنها لَمْ تَكُنْ تكترث لتلك السرابات التي كانت تبدو كمستنقعات ماءٍ
ضخمة لامعة وسط الرمال.
لَفَتَ نَظَرَها فَجْأَةً نَسْرٌ مَشؤومٌ كَانَ يَحومُ فِي حَلَقاتٍ تَضِيقُ فِي السَّماء تدريجيا. النسور تحومُ دائما بهذه الطريقة إذا كانَت تَنتظِرُ مَوتَ أَحَدٍ ما. عِندَها رأت كُتلةً سوداء على الأرض، كتلةً سَوداءَ هامِدةً بلا حَرَكَةٍ. دَبَّ الدُّعرُ في قلبها فرَكَضَت بِسُرِعَةٍ بِاتِّجَاهِ تِلكَ الكُتلة.
إِنَّهُ الوَلَدُ البَشَرِيُّ.
إنه وَلَدُها.
كانَ مُمَدَّدًا على الأَرضِ، وَجهُهُ في الرَّمْلِ، بِلا حَرَكَةٍ. تَنَفَّسَتْ بِصُعوبةٍ ولَكَرَتهُ بِمنقارها. دَفَعَت بقدمها وجعلته ينقلب ليستلقي على ظهره. داعبت وجهَهُ بأحدِ جناحيها بغاية اللطف.
عِندَها رأت حَرَكَةً صَغِيرةً، بدأت في جُفونه التي تحركت قليلًا، فتح بعد ذلكَ فَمَه قَليلاً وأَعْلَقَه ثم رَفَعَ الصَّبِيُّ يدَه قَليلاً ووَضَعَ إِلهامه في فَمِه. لذلك الحَدَثِ؛ لأنَّ ذُعرَها كَانَ هائلًا. لم تتمكن مِنَ تَذَكَّرِ البقية فيما بعد. فلم يَبْقَ فِي ذِهَنِهَا صُورٌ واضِحةٌ
أن
تَمدَّدَتْ على الأرض وتَمَكنتْ بعد حينَ بطريقة أو بأخرى من ! تجعل الصَّبِيَّ يصعَدُ فَوْقَ ظهرها، وهكذا حَمَلَتهُ بحذر فائق حتى لا يقع،وسارت به إلى النَّبْعِ الذي كانت قد وَجَدَتَهُ لتوها. عِندَما وَصَلَت إِلى النَّبِعِ تمددت على الأرضِ ودَفَعَت بِالصَّبِيِّ إلى حافة الماءِ. رأته مُمَدِّدًا على بطنه وكأنهُ مَيِّتُ، ثم رأنه يَتَحَرَّكُ قَليلاً ويَرْحَفُ باتجاه الماءِ، عَطْسَ يديهِ في المياه
ثم أحنى رأسَهُ تِجَاهَها.
تَمَنَّت ماكو أنْ يقوى الصَّبِيُّ على حَملِ رأْسِهِ فَوْقَ سَطح الماء حتى لا يسقط فيه ويغرق. هذا ما حَدَثَ للعديد مِنْ صِغَارِها الذين أوهَنَهم العَطَشُ. لكن الصَّبِيَّ تَمَكَّنَ مِن رَفعِ رَأْسِهِ فَوْقَ سَطْحِ المَاءِ، إِذْ غَطَّسَ فَمَهِ فَقَطْ وَرَاحَ يَشْرَبُ ثُمَّ يَشْرَبُ. ثم يَشْرَبُ.
سَتُصبح هذه الحادثة الذكرى الثانية التي سيحتفظ بها الطِّفْلُ في ذهنِه. سَوفَ يَتذكَّرُ طَوال حياتِه تِلكَ المَرَّةَ التي أَتَتَ بها أُمُّه وأيقظَته مِنَ النَّوم بمداعبتها له بوساطة جَناحِها. الصورة التاليةُ التي سَتَحِلُّ في ذهنِه هي صورته وهو مُمَدَّدٌ على الأرضِ غارِسًا يديه في الماءِ الَّذِي رَاحَ يَشرَبُ منه. لَمْ يَسِبِقٌ له قَطُّ أن تذوّقَ شَيْئًا هذهِ اللذة وهذهِ العُذوبة.
أرسَلَتْ ماكو الإناثَ الشّاباتِ لتحضر حوجًا إليها. تظاهرَ بأَنَّهُ لَم يَرَ الصَّبِيَّ وسارَ إلى الماءِ ليَشرَبَ لمدة دقائقَ متتالية. أظهرت ماكو سُخطَها عَلَيهِ حينَ رفَعَت ريشها وزأَرَت به غادَرَ حوجٌ المكان ليتفادى حَنَقَها. كان خائِبَ الأَمَلِ بِسبَبِ نَجَاةِ الصَّبِيِّ . لكِنَّهُ سَيُرضي ماكو حينَ يَجِدُ مَكَانًا يبني فيهِ عُشَّا لهما؛ عندئذٍ ستضعُ ماكو بَيْضاتٍ جديدةً، وسيؤدي هذا إلى حصولهما على صغارٍ جُدُدٍ. بعد ذلك ستنسى ماكو بالطبع ذلكَ الطِّفْلَ البشري العديم الفائدة، ذلك الكائنَ المُشوَّة الذي لا يكادُ يَقوى على السَّيرِ. إِنَّهُ لا يَستحِقُ النّجاةَ.كانَ هُناك، بالقُربِ مِنَ النَّبِعِ، كَثيرٌ مِنَ النباتات الخضراء. النباتات الخضراء. أكلت الإنار
الشّابَاتُ مِنها بِنَهم جَمَعَتْ ماكو أمامَها القليل من الطعام، لكنها لم تستطع تناوله. أرادت أنْ تُحاولَ التَّحَدُّثَ إلى الصَّبِيِّ مَرَّةً أخرى. تمددت على الأرضِ وراحَتْ تتأمَّلُهُ حَيْثُ كانَ يجلسُ بالقُرْبِ مِنَ النَّبِعِ حَاوَلَت أَن تُرَكزَ ذِهنَها كُلِّيا. أرادت أن تكون أفكارها قويّةً وواضحةً.
قالت: «اسمي ماكو. أنا أمك.»
«اسمي هَدارةُ.» قال الصّبِيُّ بوضوح.
تكلَّمَ كَما تتكلَّمُ طيورُ النَّعامِ، إِذْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِفمه ولم يَنطِقُ بِأَيِّ
صوتٍ، بل أرسل إليها جوابه بواسطة أفكاره. «هــدارةُ، هَداره.» ردَّدَت ماكو. إِنَّهُ اسمٌ جَميلٌ. كنتُ سأطلِقُ
عليك اسم حَسَنٍ، لكنَّ هَدارَةَ اسمٌ أجمل بكثير.
بَحَثُ ذكرُ النَّعام حتى وَجَدَ مَكانًا جيّدًا يبني فيهِ عُشَّا. كانَ المَكَانُ مرتفعًا بَعْضَ الشَّيْءِ، بينَ شُجيرتينِ. تَمدّد على الأرضِ وحَفَرَ الرَّمْلَ بِجَسدِه حتى صارت تَحتَهُ حُفرةٌ مُستديرة واسعة للغاية، وذلك لتضع فيها أُنثاه
بيضها. عاد أخيرًا إلى السرب. كانَ الوَلَدُ نائما.
نَظَرَت ماكو بِقلَقٍ إلى الطفل الذي باتت تَعرِفُ الآنَ أَنْ اسْمَه هَدارَةُ.
كانَ هَدّارةُ نائمًا بِعُمقِ وقد كوّرَ جَسَدَه، في ظِلالِ شَجرةٍ.
تبعت ماكو حوجا وقد بدت عليها علامات الحنق. قادها حوج إلى العُشّ الذي بناه، تمدد على أرضه وصفقَ بِجناحيه. نال العُشُ إعجاب
ماكو.
راحت ماكو بعد ذلك تبيضُ في هذِهِ الحَفْرَةِ، صارَ عليها مِنَ الآنَ وصاعِدًا أن تبيضَ بَيْضةً كُلَّ ثلاثةِ أَيَّامٍ، وأن ترقدَ طَوالَ اليَوْمِ فَوْقَ البَيضَاتِ
ولأشهر متتالية.
حتى
كان القلق يعتريها.
ماذا سيكون مصيرُ هَدارَةَ الآن وهي ترقدُ فِي العُشْ؟ لَمْ يُعِنْهُ أَحَدٌ سواها الآن على إيجاد الطعامِ؛ الديدان، الخنافس، النباتات، الجذورِ وعَقْرَبِ ما هنا وهناك. هل سيتمكنُ مِنَ إيجادِ طَعامِهِ بنفسه؟ لا يمكنها الاعتماد على حوج فيما يتعلق بهذا الأمر، حوج الذي يُظهِرُ كَرَاهِيَتَه تِجَاءَ الطِّفْلِ عَلَنَّا. كانَت تَشْعُرُ بازديادِ الفَرَح معَ كُلِّ بَيضةٍ تَبيضُها، لكن قلقها على
هَدارةَ الصغير كان يتزايد أيضًا.
عندما كانت ترقُدُ على البيضاتِ في النَّهارِ كانت تجعلُ الصَّبِيَّ يَبقى بالقُربِ مِنَ العُشْ. حوجٌ كانَ يرقدُ فَوقَ البَيضات في أثناءِ اللَّيلِ. كانت
تفرِدُ
عندَها جناحيها فَوْقَ هَدارَةَ لِتحميه مِنَ البَردِ القاتِلِ.
ثلاثة أحداثٍ وَقَعَت وغَيَّرَت مَجرى حَياةِ هَدارَةً.
وَقَعَت الحادثةُ الأولى في يومِ مِنَ الأَيَّامِ عِندَما قامت ماكو مِن مَكانِها كعادتها وتَرَكَتِ البَيضاتِ لِمَصِيرِها لِمُدّةٍ وَجيزةٍ. كان لا بد لماكو من أنْ تَبحثُ عن بعض الطَّعام الذي تسدُّ به جُوعَها. بقيَ هَدارةُ جَالِسًا بالقُربِ مِنَ العُشْ. بعد لحظاتٍ مِن مُغادرةِ النَّعَامِةِ الأُمِّ ظَهَرَ سِربٌ كامل مِنَ النُّسورِ المصرية في الجو. تُعدُّ النُّسورُ المصريّةُ مِنَ الدِّ أعداءِ طُيور النعام؛ لأنّها تأكُلُ بَيْضَ
النَّعام .
بالرغم من أنها تَعجَرُ عن نَقرِ ثقب في قشرة بَيْضَةِ النَّعَامِ إلا أنها قد توصلت إلى طريقةٍ تُمكِّنُها مِن قَبْلِ الحَياةِ الموجودة داخِلَ البَيضَة والنماء مِنَ محتوياتها اللذيذة. رأى هَدارةُ الآن تلك الطريقة دُونَ أن يستوعب ما
رآه.
انخفض نسر إلى مُحاذاة الأرض والتقط حَجَرًا بِمنقاره، ثم طارَ وحَلْقَ فَوْقَ العُشْ ثُمَّ رَمَى الْحَجَرَ. أَصابَ الحَجَرُ إحدى بَيضاتِ النَّعامِ ما أدى إلى كَسرِها على شكلِ فَتحةٍ مُستديرة. انقَضَّ النَّسْرُ على البَيضَةِ وجَلسَ فَوْقَهَا ثم راح يلعَقُ مُحتواها. حطَّتِ النُّسورُ الأخرى، وجلس الواحد منها تلوّ لآخَرِ فَوْقَ بَيضاتِ النَّعَامِةِ مُحَدِّقَةً إلى النسر الذي كانَ يَتَناوَلُ فَريسَتَه. رأى هَدارَةُ كُلَّ ذلكَ دُونَ أنْ يفهم ما رأى، لَكِنَّهُ رأى حينَ لَوْحَ
بذراعيه أنّ النُّسور طارَت بِأَجْنِحَةٍ صافقة غاضبةً.
غادَرَت النُّسورُ المصرية المكان ولم تَعُدْ.
عِندَما غادَرَت ماكو عُشَّها في يوم آخرَ أَتى أَحَدُ فُهُودِ الصّحراء النادِرَةِ مُتسللا. شَمَّ رائحةَ البَيضاتِ اللّذيذةَ وَراحَ يضربها ببراثنه، لكن البَيضَةَ لَمْ تنكَسِرُ. حَاوَلَ الفهدُ أن يَعُضُّ على البَيضَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ كَسرِها بأسنانه لكنَّ حَجمَ البَيضَةِ كَانَ ضَحَمًا جِدًّا. راحَ الفَهد عندها يُدحرج إحدى البَيضاتِ ذهابًا وإيابًا فَوْقَ الأرض، ذهابًا وإيابًا.
قامَ هَدارَةُ مِنْ مَكانِه وسارَ باتِّجَاهِ الفَهدِ. لَمْ يفعل ذلك لحماية البيضاتِ، إذا أردنا قول الحقيقة، بلْ أرادَ أنْ يلعب معَ الفَهدِ. لَكنَّ الفَهدَ عَادَرَ المَكانَ مذعورا واختفى في أبعاد الصحراء المسطحة بخطوات سريعة ناعمة، عندما اقتربَ مِنه الوَلَدُ.
الحادثة الثالثة التي أدت إلى تغيير مركز هَدارَةَ داخِلَ السِّرْبِ وقعت بعدَما فَقَسَتِ البَيضاتُ الأولى. هذه المرحلة هي الأخطرُ في حياة صغار النَّعام. نصفُ الصِّغارِ يُقتل عادَةً بعد خروجهم مِنَ البَيضَةِ بِوقتٍ قَصِيرٍ. العدو الأكبَرُ لهم هو الغُرابُ أتَتِ الغربانُ بكثرة تجعلها تبدو كغيمة كثيفة قَبْلَ أنْ تُحطَّ بالقُرْبِ مِنَ الصِّغَارِ الذين خرجوا مِنَ البَيضِ حَدِيثًا. وَقَفَ حِينَها هَدارَةُ مِنَ مَكانِه ولوَّحَ بيديه إلى أنْ رأى الغِرْبانَ تُغادِرُ المَكانَ. كَانَ المَنْظَرُ مُضحكًا له كلَّما رأى الغربانَ، فيما بعد راح يلوّح بذراعيه ويستمتعُ برؤيتها حينَ تطيرُ مُغادِرةً.
كان ذكرُ النَّعام حوج قد رأى الحوادث الثلاثةَ. في أَحَدِ الأَيَّامِ، حَيْثُ كانَ الفَرْخُ الأخيرُ يَزْحَفُ خارجَ البَيضَةِ التي تكونُ داخلها، وحيثُ كانَ هَدارَةُ يجلسُ بالقُرْبِ مِنَ العُشْ كعادته، رأى حوج أفعى ذاتَ قُرون. كانَ حوجٌ وجَمِيعُ الحَيَوانات التي تعيشُ في الصحراء على علم بأنّ تلك الأفعى هيَ أكثَرُ الأفاعي السّامَّةِ خُطورةً. زَحَفَتِ الأفعى فَوقَ الرِّمالِ باتِّجاهِ هَدّارةَ. كانت تزحفُ على جَنبِها كَما تفعلُ جَمِيعُ الأفاعي ذاتُ القرونِ. ضَحِكَ هَدّارةُ، وَقَفَ ثم راح يسير باتجاه الأفعى. كان يريدُ أن يمسك بها ليلعب معها. لكنْ عِندَما اقتربَ الوَلَدُ مِنَ الأفعى، حفرت لنفسِها طَرِيقًا في الرّمل واختفت. كانت تختبى تحت سطح الرّمالِ مُباشرةً كما تفعلُ الأفاعي الأخرى، وعِندَما تَشْعُرُ بالأَمانِ، تُبرِزُ ذِيلَها مِن تَحتِ الترابِ وتَهزُّه. هذه الطريقة تجلب الأفعى السحالي إليها.
رأى هَدارَةُ مؤخّرة الذيل التي ظَهَرَت لِلعيانِ مِن تَحتِ الرَّمل. جلس على الأرضِ بِثِقل وَراحَ يَرْحَفُ تِجاهَ ذلكَ الشَّيءِ الطَّريفِ الذي كانَ يَتَحَرَّكُ . عِندَما وَصَل إليه أمْسَكَ بالدِّيل فظَهَرت الأفعى بأكملها مِنَ تَحْتَ الرمل. انحنت بعد ذلك لتجمع قواها وتنقض بسُرْعَةٍ على الصَّبِيِّ وتَعْرُزُ
أسنانها الرقيقة السامة في جسده.
شاهد حوج الحدث بأكمله.
خطا خطوتين سريعتَينِ تجاهَهُما وقتل الأفعى بِضَربةٍ واحدةٍ مِنْ مِنقارِه.
حالما تأكد من أنّ الأفعى ماتت حقًّا، استدار وغادَرَ المَكانَ. بَحَثَ طَويلا حتَّى وَجَدَ نبتةً لها أوراق سميكة جدا.
عادحوج بعد ذلك إلى الصَّبِيِّ دُونَ أن يُخاطبه، لَكِنَّهُ وَضَعَ النبتةَ أَمامَ هدارة.
وقف بعدها بجانبِ الصَّبِيِّ وشَاهَدَهُ يَتَناوَلُ النّبتةَ.


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

الهدف من المحاض...

الهدف من المحاضرة في نهاية هذه المحاضرة سوف يتمكن الطالب من : التعرف على مفهوم المستفيد من المعلومة ...

لم تنس السَّيّد...

لم تنس السَّيّدة يعقوب، هذه المرَّةَ، نقاط التجميع. فعندما وصل ليبل إلى المطبخ ليتناول إفطاره، وجد غ...

INTRODUCTION GE...

INTRODUCTION GEN´ ERALE 1 ´ .1 HISTORIQUE DU RADAR . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ....

اختبارات لأمراض...

اختبارات لأمراض القلب التاجية تحديد سبب آلام الصدر ثمة عدة أسباب محتملة لألم الصدر. ويكمن المفتاح ال...

تَجَمَّعَ الأَح...

تَجَمَّعَ الأَحْفَادُ الثَّلَاثَةُ حَوْلَ جَدَّتِهِم، وَهُمْ يَتَصَايَحُونُ : «نُرِيدُ قِصَّةً لِتَ...

[الامارة بالحجا...

[الامارة بالحجاز] ولي إسماعيل عليه السلام زعامة مكة وولاية البيت طول حياته «٢» . وتوفي وله ١٣٧ سنة ...

لا تستند قوانين...

لا تستند قوانين وتشريعات مكافحة التطبيع في لبنان على قانون واحد، بل إلى ثلاث مجموعات مترابطة من القو...

- Confirming Oh...

- Confirming Ohm's law. - Determining the equivalent resistance of two resistors in series connectio...

The final stanz...

The final stanza brings the poem to a close, as the speaker bids his lover farewell and embraces the...

تقدير الذات يعن...

تقدير الذات يعني الصورة التي ينظر فيها الإنسان اإلى نفسه، فجهل الإنسان بنفسه وعدم معرفته بقدراته يج...

وبالرغم من غيوم...

وبالرغم من غيوم السماء كان منظرا جميلا من اسراب البط البري الذي يحلق على صفحة السماء وتقلبات الطقس م...

رابعا: الخبر ال...

رابعا: الخبر الجاهز والخبر المبدع وهذا يعنى الأخبار التى تأتى للمحرر من المصدر وهي معدة وجاهزة للنش...