Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (50%)

عنوان الكتاب باللغة العربية: تاريخ فلسطين الحديث
اسم المؤلف باللغة العربية: د. عدد صفحات الكتاب: 408
وهي التي تشكل القضية المركزية المصيرية للأمة العربية، وتشكل دراسة التاريخ الفلسطيني أهمية كبيرة في إدراك هذا الواقع، وفي تحفيز العرب للنضال والتقدم، وتكمن أهمية هذا الكتاب في إبراز نضال الشعب الفلسطيني عبر أكثر من نصف قرن، إضافة إلى المعلومات التاريخية العربية. ويستعرض الكتاب تاريخ فلسطين الحديث، من عام 1881 ألف و ثمانمائة وواحد وثمانين حتى عام 1939 ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين. شهدت فلسطين صراعات كبيرة على أرضها منذ القديم. دخل إلى فلسطين أعداد كبيرة من العرب الساميين المعروفين باسم: الأمورية الكنعانية. واستقر الأموريون داخل بلاد الشام وفي جنوبها الشرقي، وهو أقدم اسم عرفت به فلسطين. وفي عام 1805 ق. م ألف وثمانمائة وخمسة قبل الميلاد هاجر النبي إبراهيم إلى بلاد الشام، واستقر في مدينة نابلس. وبسبب القحط اضطر يعقوب وأولاده النزوح من أرض كنعان إلى مصر عام 1656 ق. اضطر اليهود للخروج من مصر بقيادة موسى بسبب الاضطهاد الشديد من قبل الفراعنة. وفي عام 1191 ق. وهو ما يشير إلى أن اليهود لم يتمكنوا من إحكام السيطرة على كامل فلسطين في أي مرحلة من مراحل تاريخ وجودهم فيها. وفي عام 586 ق. م خمسمائة وستة وثمانين قبل الميلاد، والسيطرة على القدس، لكن اليهود تمكنوا من العودة إلى فلسطين بعد أن سيطر الفرس على بابل عام 539 ق. م خمسمائة وتسعة وثلاثين، وفي عام 37 ق. تمكن الرومان من السيطرة على فلسطين وتعيين هيرودس (Herodus) ملكا عليها. لكن الدعوة النصرانية لقيت مقاومة شديدة من اليهود ومن الرومان كذلك حتى مطلع القرن الرابع الميلادي حين تنصر الإمبراطور قسطنطين (Constantine)، لكن بالرغم من ذلك قام اليهود بالثورة ضد الرومان عام 66م ستة وستين لاستعادة الدولة اليهودية المستقلة، لكن الإمبراطور الروماني طيطوس (Titus) تمكن من سحقها عام 70 م سبعين.   وفي عام 132م مئة واثنين وثلاثين قامت ثورة يهودية أخرى، تم سحقها عن طريق الإمبراطور الروماني هارديان (Hadrian) عام 135م مئة وخمسة وثلاثين، وفي عام 636 م ستمائة وستة وثلاثين تمكن العرب المسلمون من الدخول إلى القدس، وفي القرن الثامن عشر ومع الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا الغربية لم يعد لليهود أي دور اقتصادي، إذ برزت الصناعة الرأسمالية في روسيا وبولندا، فأبعد اليهود عن الساحة التجارية، وتمت معاملتهم بقسوة شديدة. وقد وقع الاختيار على فلسطين لإنشاء هذه الدولة، إضافة إلى رغبتهم بتقسيم العرب ومنعهم من إنشاء دولة عربية مستقلة. وقد أعلنت بريطانيا حمايتها لليهود، وفي مطلع ستينيات القرن التاسع عشر أخذ بعض المفكرين اليهود بالدعوة للعودة إلى فلسطين واستعمارها. وتمكن تيودور هرتزل (Theodor Herzl) المفكر الصهيوني من عقد المؤتمر الصهيوني في مدينة بازل (Basel) السويسرية عام 1897 ألف وثمانمائة وسبعة وتسعين. وقد أكد هرتزل (Herzl) على أن المشكلة اليهودية هي مشكلة قومية تحتم على الدول الكبرى حلها بإيجاد دولة مستقلة لليهود، وليست مشكلة اجتماعية أو دينية يتم حلها عن طريق اندماج وتقبل اليهود في دول العالم. وقد توصل المؤتمر الصهيوني إلى وضع هدف واضح للحركة الصهيونية، وفي عام 1904 ألف وتسعمائة وأربعة مات هرتزل (Herzl)، وانعقد المؤتمر الصهيوني السابع عام 1905 ألف وتسعمائة وخمسة، وتوصل الصهاينة إلى أن لا بديل لليهود عن فلسطين، وبدأوا باتخاذ خطوات فعلية بجلب المهاجرين اليهود إلى فلسطين والاستيلاء عليها تدريجيا دون انتظار الموافقة الدولية، وقد وعى العرب لخطر الهجرة اليهودية والحركة الصهيونية، فتصدوا لها بكل قوتهم. الفصل الثاني: المقاومة العربية الفلسطينية قبل الحرب العالمية الأولى. وطالبوا بالاستقلال التام. كانت فلسطين في عام 1882 ألف وثمانمائة واثنين وثمانين تابعة للإمبراطورية العثمانية، وهو العام الذي بدأت فيه الهجرة اليهودية الأولى. إذ احتكر عدد من العائلات الفلسطينية مساحات واسعة من الأراضي وقاموا باستغلال الفلاحيين استغلالا كبيرا تحت رضا الحكومة التي كانت تحقق مكاسب من هذه العائلات. وبتلك الطريقة تمكنت العائلات الغنية في بيروت من الحصول على أخصب الأراضي الفلسطينية. وقد شهد القرن التاسع عشر احتكاكا حضاريا بين الغرب والدول العربية أسهم في زيادة الوعي العربي، فمع الحملة الفرنسية على مصر في أواخر القرن الثامن عشر دخلت الصحافة إلى البلاد وتطورت وسائل الطباعة والنشر، مما جعل الشعوب العربية تزيد من ثقافتها ومعرفتها بواقعها ومصيرها. وخلال القرن التاسع عشر تم إرسال البعثات الدراسية إلى أوروبا، فقام الطلبة والمفكرون العرب بالاطلاع على الثقافة القومية الليبرالية وأفكار الثورة الفرنسية ونقلها إلى الأمة العربية، الأمر الذي أسهم في زيادة الوعي العربي عن طريق هؤلاء المفكرين. في عام 1868 ألف وثمانمائة وثمانية وستين. وتمكن العرب من تأسيس أول حركة قومية عربية عام 1875 ألف وثمانمائة وخمسة وسبعين. وقبل عام 1882 ألف وثمانمائة واثنين وثمانين كانت معاملة الفلسطينيين لليهود تتسم بالتسامح، لكن بعد الهجرة الصهيونية ورغبتهم بامتلاك الأراضي الفلسطينية بدأت تتغير معاملة الفلسطينيين لليهود. لكن الأمر الذي أدى لبيع الأراضي الفلسطينية هو سيطرة المرابين العرب عليها، لكن بالرغم من كل ذلك، بدأ الفلاحون الفلسطينيون عام 1886 ألف وثمانمائة وستة وثمانين بالاصطدام مع الصهاينة، إذ هاجموا القرى والأراضي التي اغتصبوها. ولم تقتصر المواجهة على المزارعين فقط، وهو ما يظهر مقدار الوعي العربي لخطر الفكرة الصهيونية. وفي عام 1891 ألف وثمانمائة وواحد وتسعين قام وجهاء القدس بتقديم عريضة لرئيس الوزارة العثمانية، طالبوا فيها بمنع الهجرة اليهودية. وعندما أدرك العرب خطورة المشروع الصهيوني، لكن الدولة العثمانية تمكنت من القضاء عليها. وفي عام 1911 ألف وتسعمائة وإحدى عشر تأسست الجمعية العربية الفتاة في باريس، بمواجهة الخطر الصهيوني بكل قوة، وعدم بيعهم الأراضي، ومحاربة السماسرة. وكشف هذا النداء العام، أن الفلسطينيين فقدوا الثقة بالحكومة لتخليصهم من خطر الصهيونية. ومن هنا بدأ الاتجاه للاستقلال ومواجهة الحكومة العثمانية. الفصل الثالث: الحرب العالمية الأولى: المؤامرات الاستعمارية ضد الوحدة العربية وعروبة فلسطين. استغلت بريطانيا رغبة العرب بالاستقلال لتحقيق أهدافها الاستعمارية. في أواخر صيف عام 1914 ألف وتسعمائة وأربعة عشر بدأت الدلائل تشير إلى دخول تركيا الحرب إلى جانب ألمانيا، وهو ما دفع بريطانيا للاتصال بالشريف حسين، وإعادة الحكم العربي بتسليم قيادة الدولة العربية للشريف حسين. وفي مطلع عام 1915 ألف وتسعمائة وخمسة عشر، اتصل رجال العربية الفتاة بالشريف حسين وأطلعوه على اتجاه قادة الحركة الوطنية العربية في سوريا والعراق للقيام بثورة الاستقلال، وقد وضع قادة الفتاة والعهد خطة للتعاون مع بريطانيا وسلموها للشريف حسين. وعقد محالفة دفاع مشترك بين الدول العربية وبريطانيا. وقد سلم الشريف حسين هذه الخطة لبريطانيا. والاعتراف بدولة عربية مستقلة ضمن حدود اتفق عليها الطرفان، وعليه تم إعلان الثورة العربية ضد الأتراك في الخامس من حزيران عام 1916 ألف وتسعمائة وستة عشر. وقد توصلت هذه المباحثات بين بريطانيا وفرنسا إلى اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الأراضي العربية بين بريطانيا وفرنسا. وقد وضعت فلسطين طبقا لاتفاقية سايكس بيكو تحت حكم إدارة دولية، ونتج عن هذا التوافق البريطاني الصهيوني بشأن فلسطين وعد بلفور في تشرين الثاني عام 1917 ألف وتسعمائة وسبعة عشر. وقد أتى إعلان بلفور على شكل عقد زواج بين الإمبريالية البريطانية والحركة الصهيونية على حساب شعب فلسطين ومستقبل الأمة العربية، الفصل الرابع: من الاحتلال البريطاني حتى ثورة العشرين. على الرغم من الآثار الكبيرة والظروف القاسية التي تركتها الحرب العالمية على دول العالم ومن ضمنها فلسطين، إلا أن ذلك لم يصرف أنظار الفلسطينيين عن مواجهة الخطر الصهيوني. وإذ كانت بريطانيا تدرك أن العرب مستعدون لمواجهة الصهاينة حتى لو أدى ذلك بهم للوقوف بوجهها، لم تتطرق للحديث عن موضوع تنفيذ المشروع الصهيوني أثناء سنين الحرب العالمية الأولى خشية من اندلاع المواجهة ضدهم. وتمكن عن طريق سياسة التهدئة تلك وعدم التطرق للحديث عن المشروع الصهيوني الجنرال البريطاني إدموند اللنبي (  Edmund  Allenby) وبعثته العسكرية المصرية دخول القدس عام 1917 ألف وتسعمائة وسبعة عشر.   لكن في نفس الوقت كان دخول بريطانيا لفلسطين بعد أقل من ستة أسابيع من إعلان وعد بلفور، إذ زاد خشيتهم من تحقيق بريطانيا حلم الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود على أرضهم. وعندما حلت الذكرى السنوية الأولى لوعد بلفور عزم الصهاينة على الاحتفال بهذا اليوم، مما جعل العرب يهددون بالقيام بثورات معاكسة. وإذ أدركت بريطانيا خطورة الموقف، قامت بتحذير الصهاينة من الاقتراب من الأحياء العربية في ذلك الوقت. وما أن وضعت الحرب العالمية أوزارها حتى أصبحت المعارضة الإسلامية المسيحية للمشروع الصهيوني أكثر جدية. وقد اتخذ المؤتمر العربي الفلسطيني عام 1919 ألف وتسعمائة وتسعة عشر قراراته بقوة وحزم، كما أن كل وعد أو اتفاقية تمت بشأن بلادهم هي باطلة ومرفوضة رفضا قاطعا من قبل الفلسطينيين الذين سيبقون في علاقة طيبة مع بريطانيا ما دامت تلتزم بما يريده الفلسطينيون. لكن رفض بريطانيا لهذه المطالبات الفلسطينية بدأ يشكل علاقة متوترة بين الطرفين، ومع ازدياد مشاعر الغضب عند الفلسطينيين بدأوا يتحركون لمواجهة المشروع الصهيوني بأنفسهم. وقد أعاد مؤتمر السلام المنعقد في باريس في مطلع كانون الثاني عام 1919 ألف وتسعمائة وتسعة عشر ترتيب خارطة العالم. وقد عبر العرب عن رفضهم لهذا القرار،   وعقدوا المؤتمر السوري العام، وإلغاء اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور. وفي السابع والعشرين من شهر شباط عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين قامت تظاهرة عربية سياسية كبيرة في القدس. وقامت انتفاضة أخرى في الرابع من نيسان وحتى العاشر منه، إلا أنها لم تتمكن من تغيير السياسة البريطانية، بل أكثر من ذلك قررت بريطانيا تعيين هربرت صموئيل (Herbert Samuel) السياسي اليهودي كأول مندوب سامي بريطاني في فلسطين. تمكن عدد من الشخصيات البارزة الفلسطينية من الاجتماع وتأسيس الجمعية الفلسطينية العربية. وحثت الجمعية كل الجمعيات والنوادي على العمل سويا لمواجهة الخطر الصهيوني. الفصل الخامس: مرحلة التبلور 1920-1923
عبرت انتفاضة القدس التي قامت في شهر نيسان عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين عن عمق الخلاف العربي الصهيوني، إذ تمت فيها عدة مظاهرات واشتباكات بين العرب واليهود أسفرت عن عدد من القتلى في كلا الجانبين. وقد لفتت هذه الانتفاضة أنظار مؤتمر السلام في سان ريمو عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين إلى هذه القضية. وتطبيق بريطانيا لوعد بلفور. لذلك اجتاحت البلاد احتجاجات فلسطينية كبيرة رفضا لهذه السياسات الظالمة. ووقعت عدة اشتباكات بين القبائل العربية والقوات البريطانية على طول الحدود الفاصلة بين فلسطين وسوريا. وقد حاولت طبقة الوجهاء السياسيين الفلسطينيين، عن طريق الحراك السياسي أن تحمل بريطانيا على تغيير سياستها بشأن فلسطين، لكن ذلك لم يأت بأي نتائج ملموسة. وكانت خطته للتهدئة تعتمد على جعل الفلسطينيين الذين لهم مصالح اقتصادية واجتماعية ثابتة سواء تحقق وعد بلفور أم لم يتحقق يقفون إلى جانبه لتهدئة الأوضاع. ولطمأنة الشعب الفلسطيني وتهدئته قام صموئيل هربرت (Herbert Samuel) بقراءة رسالة من الملك البريطاني على الوجهاء الفلسطينيين تفيد بوعد من الملك بتحقيق الحرية والمساواة لجميع الأديان في فلسطين، وإحداث تطوير اقتصادي، وأعلن العفو عن السجناء الفلسطينيين. وأعلن رفضه القاطع لأي وسيلة من الممكن أن تجعلهم يقبلون المشروع الصهيوني. وفي الثالث عشر من كانون الأول عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين انعقد المؤتمر الفلسطيني الثالث، وحين زار تشرشل فلسطين استقبلته حشود كبيرة تهتف: (يسقط بلفور، لا نريد اليهود). وحدثت الاضطرابات في يافا، وكتب صموئيل (Samuel) إلى تشرشل (Churchill) يخبره أن المستعمرات اليهودية تتعرض للهجوم، وطالبه بإرسال القوات العسكرية لحمايتهم. وخلال شهر أيار عام 1921 ألف وتسعمائة وواحد وعشرين تم عقد المؤتمر الفلسطيني الرابع، كما أكد الوفد لبريطانيا رفضه لكل محاولات التهدئة القائمة على إيجاد صيغة تفاهم بين العرب والصهاينة. والاتجاه لمجابهة اليهود بأنفسهم، وفي عام 1922 ألف وتسعمائة واثنين وعشرين أصدر تشرشل كتابه الأبيض المشهور، ردا على الاعتراضات داخل بريطانيا عن سياسة الحكومة في فلسطين، وقد ذكر كتاب تشرشل أن تطبيق وعد بلفور لا يعني إخضاع العرب الفلسطينيين وإلحاق الضرر بهم، ولكن اليهود هم شعب موجود أصلا في فلسطين، وسيتم إنشاء مجلس تشريعي يتكون من أعضاء منتخبين من اليهود والعرب. وفي الثاني والعشرين من آب انعقد المؤتمر الفلسطيني الخامس، ورفض إقامة مجلس تشريعي، وأن بريطانيا ستعمل على تنفيذ وعدها ولن تلتفت للمعارضات العربية. لكن بالرغم من ذلك لم يتجه الزعماء السياسيين الفلسطينيين للقيام بحركات ثورية تجاه البريطانيين والصهاينة، وقد أدى ذلك إلى فترة من الهدوء والركود. فقام الفلسطينيون بمهاجمة المستعمرات اليهودية. عرفت الفترة الواقعة بين عام 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين وعام 1928 ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين بفترة الركود في السياسة الفلسطينية، وقبل نهاية عام 1928 ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين ظهرت دلائل تشير إلى انتهاء فترة الركود السياسي، إذ حاول اليهود وضع ستار يفصل بين الرجال والنساء أثناء الصلاة عند حائط البراق الذي يعد من ممتلكات المسلمين المقدسة ويشكل الحد الغربي من الحرم الشريف. وفي اليوم التالي قام عدد من اليهود يقودهم بعض الصهاينة المتطرفين بمسيرة كبيرة عبر شوارع القدس حتى وصلوا إلى حائط البراق. وهناك رفعوا العلم الصهيوني وقاموا بإنشاد النشيد القومي الصهيوني، وشتموا المسلمين. فقاموا بمظاهرة كبيرة مضادة في اليوم التالي. وعندما وصلوا قاموا بحرق الأوراق التي تحتوي على نصوص دينية يهودية وضعها اليهود في ثقوب الحائط. وفي السابع عشر من آب نشب قتال بين شاب عربي وآخر يهودي في القدس انتهى بإصابة 11 إحدى عشر يهوديا وعربي واحد. ثم قام اليهود بالهجوم على منازل العرب المجاورة وأصابوا السكان بجروح. وقاموا بمهاجمة الضواحي اليهودية مما جعل البوليس يطلق النار عليهم، وقدوم السيارات العسكرية المصفحة للسيطرة على الأوضاع. وفي يافا هاجمت الجماهير العربية اليهود وتم قتل 60 ستين يهودي وجرح 50 خمسين غيرهم. أدى لتدمير ست مستعمرات تدميرا كليا. وألقت القوات البريطانية القبض على ما يقارب الألف نسمة تسعين بالمئة منهم من العرب، وقد بذلت الهيئات الوطنية مجهودات كبيرة كي لا يتم تنفيذ حكم الإعدام والاستعاضة عنه بالحكم المؤبد. وأبدى الشهداء من الصلابة والتضحية في سبيل الوطن ما جعلهم يخلدون في قلب أبناء الشعب وما دفع الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان أن يتحدث عنهم في قصيدته الثلاثة الحمراء. ولقد وضحت أحداث عام 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين للفلسطينيين حقيقتين، والحقيقة الثانية أن الزعماء السياسيين جبناء وغير قادرين على إدارة المقاومة ضد البريطانيين والصهاينة. وهكذا اتجهت الجماهير الفلسطينية لتشكيل جماعات مسلحة، لإرغام بريطانيا على تغيير سياستها. وقد امتد التحريض ضد الصهيونية إلى الأقطار العربية المجاورة، وبدأ يتم تهريب السلاح إلى فلسطين. الفصل السابع: ما قبل العاصفة 1930 - 1935
مما جعلهم يلجأون للكفاح المسلح. لم تعد الحال في فلسطين في عام 1930 ألف وتسعمائة وثلاثين وبعدها كما كانت قبل أحداث آب عام 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين، إذ أن المقاومة الفلسطينية لم تعد تقف عند مواجهة الصهاينة، بل توجهت المقاومة الفلسطينية لمواجهة الحكومة البريطانية وتحقيق الاستقلال التام. وفي شهر أيار عام 1931 ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين تلقت السلطات البريطانية معلومات سرية عن وجود مخطط ثوري يشمل الأقطار العربية لمواجهة الحكم الأجنبي، والذي كان على اتصال بكبار الزعماء القوميين في سوريا والعراق ومصر ولبنان وفلسطين ومختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية والعالم الإسلامي. وكان المخطط يهدف إلى جمع الدعم المالي للحركة، والقيام بمهاجمة القوات البريطانية من الأردن وسوريا ومصر وفلسطين في آن واحد. لكن الانقسام في صفوف الفلسطينيين شكل صعوبة كبيرة في تطبيق هذا المخطط. وفي القدس في شهر كانون الأول عام 1931 ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين انعقد المؤتمر الإسلامي، وأدى التحريض ضد الصهيونية وبريطانيا عام 1933 ألف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين إلى انتفاضة فلسطينية قوية، إذ عمت الاضطرابات والمظاهرات جميع أنحاء فلسطين. وبحلول عام 1935 ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين، كان القسام قد نظم خمس لجان لتحقيق الأهداف التالية: الدعوة، الاستخبارات، واتجه القسام يرافقه 25 خمسة وعشرين رجلا من أنصاره المسلحين من حيفا في الثاني عشر من تشرين الثاني قاصدين ضواحي جنين لدعوة الفلاحين لحمل السلاح والمقاومة. وحث أتباعه للقتال والاستشهاد في سبيل الله والوطن. وأسر خمس آخرون واختفى الباقي في الجبال. وقد كان لاستشهاد القسام أثر عميق في فلسطين كلها، وشيع في حيفا بمظاهرة كبيرة نادى المتظاهرون فيها بسقوط الانكليز. الفصل الثامن: الثورة الفلسطينية الكبرى 1936 - 1939
شكلت ثورة القسام انفجارا كبيرا في الأوساط العربية الفلسطينية، إذ جعلتهم يدركون أن لا سبيل للخلاص من الصهوينية إلا بالخلاص من بريطانيا، وهو ما أدى لقيام الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ألف وتسعمائة وستة وثلاثين. وقد بدأت الثورة مع قتل رجل يهودي في الخامس عشر من نيسان، وفي التاسع عشر من نيسان انتشر في أنحاء فلسطين قتل عدد من العرب على أيدي اليهود، مما أدى إلى تحرك العرب والاشتباك مع  اليهود عند حدود يافا-تل أبيب، لجأ العرب في مختلف أنحاء فلسطين إلى إضراب عام. وقد قررت اللجنة استمرار الإضراب. وعم فلسطين موجة كبيرة من المظاهرات العربية التي نادت بسقوط بريطانيا والصهيونية. ولإحكام السيطرة على البلاد قامت بريطانيا بإرسال التعزيزات العسكرية من مصر ومالطا، لكن ذلك لم يوقف الفلسطينيين عن مقاومتهم، واشتبك الفلسطينيون مع البوليس الذي جعل القوات البريطانية ترسل المدرعات لإزالة المتاريس. وكانت أشد الحالات خطورة في مدينة يافا، وكانت حاراتها الضيقة تحول دون قدرة البوليس على دخولها. الأمر الذي أدى إلى إحداث ضرر كبير للسكان، والتصميم على الاستمرار بالإضراب. أما الرئيسي فهو قيام الجماعات الفلسطينية المنظمة بعمليات مسلحة في مختلف أنحاء فلسطين. وكانت هذه الجماعات تتألف من ثلاث فئات، وحاولت القوات العسكرية إيقاف الإضراب والمقاومة المسلحة عن طريق تطويق منازل الثوار ونسفها، ولجأوا إلى حشد القوات وزيادتها لإيقاف الثورة، وفي أواخر شهر أيلول توجهت وفود اللجنة العربية العليا للاجتماع مع الحكام والزعماء العرب طلبا للمساندة، لكن الزعماء العرب بدلا من تقديم العون، طالبوا بإيقاف الثورة والإضراب، واستعادة ثقة الفلسطينيين ببريطانيا. وبذلك دعت اللجنة العربية العليا إلى وقف الإضراب والثورة. إضافة إلى ما لحق الفلسطينيين من الضرر الاقتصادي الكبير نتيجة للإضراب. لكن اللجنة في نفس الوقت أصرت على مطالب الفلسطينيين، إذ طالبت بإلغاء الانتداب وإقامة حكم وطني مستقل. وقد قامت بريطانيا بخطة لإقامة دولة صهيونية عن طريق تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: قسم دولة عربية في الأراضي التي تسكنها أكثرية عربية، وقسم دولة يهودية في الأراضي التي تسكنها أكثرية يهودية، لكن العرب قابلوا مشروع التقسيم بالرفض التام. وأبلغت اللجنة رفضها التقسيم إلى عصبة الأمم، لكن قرارات المؤتمر لم تنل رضا جميع الأعضاء بل إن بعضا منهم رأى أنها كانت مثيرة للسخرية. لذلك قام نحو 100 مائة عضو من الأعضاء السوريين والفلسطينيين باجتماع سري، وقرروا من خلاله مواجهة الصهاينة والبريطانيين عن طريق الحراك الثوري، إلا أن الكفاح المسلح كان منظما وقويا مما حال دون قدرة الحكومة على إحكام سيطرتها. وفي غضون صيف عام 1938 ألف وتسعمائة وثمانية وثلاثين، وسيطر الثوار على معظم المناطق الريفية في فلسطين، وتمكنوا من التسلل إلى المدن بشكل منظم. كما تمكنوا من تدمير المكاتب الحكومية في المدن، وخشية بريطانيا من قيام الحرب في أوروبا ضد ألمانيا، وقامت بحملة شديد لاستعادة الحكم البريطاني على البلاد. واستعادة الانتداب البريطاني للبلاد.


Original text

عنوان الكتاب باللغة العربية: تاريخ فلسطين الحديث


اسم المؤلف باللغة العربية: د. عبد الوهاب  الكيالي الكالي


عدد صفحات الكتاب: 408


عدد فصول الكتاب: 8


المقدمة:


تعد فلسطين قلب الوطن العربي النابض، وهي التي تشكل القضية المركزية المصيرية للأمة العربية، وعلى أرضها سيتقرر مستقبلها. لكن بالرغم من كل ذلك، لازال العرب لا يمتلكون الإدراك الكافي لخطورة هذه القضية التي تهدد وجودهم. وتشكل دراسة التاريخ الفلسطيني أهمية كبيرة في إدراك هذا الواقع، وفي تحفيز العرب للنضال والتقدم، واستلهام العبرة من الماضي. وتكمن أهمية هذا الكتاب في إبراز نضال الشعب الفلسطيني عبر أكثر من نصف قرن،  كما يبين حقيقة الأهداف والمخططات الصهيونية والبريطانية. وقد لجأ المؤلف في بحثه إلى الاطلاع على الوثائق السرية البريطانية والصهيونية، إضافة إلى المعلومات التاريخية العربية. ويستعرض الكتاب تاريخ فلسطين الحديث، من عام 1881 ألف و ثمانمائة وواحد وثمانين حتى عام 1939 ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين.


الفصل الأول: لمحة جغرافية وتاريخية.


شهدت فلسطين صراعات كبيرة على أرضها منذ القديم.


ارتبط مصير فلسطين بدول الجوار العربية، فمنذ أواخر الألف الرابع قبل الميلاد وأوائل الألف الثالث قبل الميلاد، دخل إلى فلسطين أعداد كبيرة من العرب الساميين المعروفين باسم: الأمورية الكنعانية. واستقر الأموريون داخل بلاد الشام وفي جنوبها الشرقي، واستقر الكنعانيون في فلسطين، وأطلق عليها اسم أرض كنعان، وهو أقدم اسم عرفت به فلسطين. وظل الكنعانيون يسيطرون على أرض فلسطين من 2500 ق.م ألفين وخمسمائة قبل الميلاد إلى 1000 ق.م، ألف قبل الميلاد. وفي عام 1805 ق.م ألف وثمانمائة وخمسة قبل الميلاد هاجر النبي إبراهيم إلى بلاد الشام، واستقر في مدينة نابلس. وأنجب إبراهيم إسحق والد يعقوب الذي لقب بإسرائيل، وهو اللقب الذي حمله جميع أفراد ذريته. وبسبب القحط اضطر يعقوب وأولاده النزوح من أرض كنعان إلى مصر عام 1656 ق.م، ألف وستمائة وستة وخمسين قبل الميلاد. وبعد أربعمائة عام، اضطر اليهود للخروج من مصر بقيادة موسى بسبب الاضطهاد الشديد من قبل الفراعنة. وفي عام 1191 ق.م ألف ومائة وواحد وتسعين قبل الميلاد  تمكن اليهود بقيادة يوشع من الدخول إلى أرض فلسطين، والسيطرة على أجزاء منها وإقامة حكمهم فيها. لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على جميع أراضيها، إذ بقي عدد من المدن الكنعانية خارج سيطرتهم، وهو ما يشير إلى أن اليهود لم يتمكنوا من إحكام السيطرة على كامل فلسطين في أي مرحلة من مراحل تاريخ وجودهم فيها. وفي عام 586 ق.م خمسمائة وستة وثمانين قبل الميلاد،  تمكن نبوخذ نصر من غزو فلسطين، والسيطرة على القدس، وإنهاء حكم اليهود في فلسطين. وتمكن من سبي ما يقارب الخمسين ألفا من اليهود ونقلهم إلى بابل. لكن اليهود تمكنوا من العودة إلى فلسطين بعد أن سيطر الفرس على بابل عام 539 ق.م خمسمائة وتسعة وثلاثين، ومن ثم سيطروا على بلاد الشام. وفي عام 37 ق.م سبعة وثلاثين قبل الميلاد، تمكن الرومان من السيطرة على فلسطين وتعيين هيرودس (Herodus) ملكا عليها. وفي آخر سنة من حكم هيرودس (Herodus) ولد المسيح في بلدة بيت لحم وعاش حياته في فلسطين ونشر تعاليمه. لكن الدعوة النصرانية لقيت مقاومة شديدة من اليهود ومن الرومان كذلك حتى مطلع القرن الرابع الميلادي حين تنصر الإمبراطور قسطنطين (Constantine)، وشيد كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم. وقد شهدت فترة حكم الرومان معاملة وصفت بالتسامح مع اليهود في فلسطين. لكن بالرغم من ذلك قام اليهود بالثورة ضد الرومان عام 66م ستة وستين لاستعادة الدولة اليهودية المستقلة، لكن الإمبراطور الروماني طيطوس (Titus) تمكن من سحقها عام 70 م سبعين.  وفي عام 132م مئة واثنين وثلاثين قامت ثورة يهودية أخرى، تم سحقها عن طريق الإمبراطور الروماني هارديان (Hadrian) عام 135م مئة وخمسة وثلاثين، وإخراج اليهود من القدس، وبذلك انتهت صلة اليهود بفلسطين وانتشروا في أنحاء العالم حتى القرن التاسع عشر. وفي عام 636 م ستمائة وستة وثلاثين تمكن العرب المسلمون من الدخول إلى القدس، وبسط نفوذهم على فلسطين. وقد دخل المسلمون فلسطين دون أن يريقوا الدماء، وحافظوا على حقوق الديانات الأخرى. وشهدت فلسطين تحت حكم المسلمين ازدهارا كبيرا. 


وفيما يتعلق باليهود في أوروبا فقد كان عملهم في التجارة يحقق لهم ازدهارا حتى القرن الثاني عشر، ففي هذا القرن شهدت أوروبا نموا حضاريا واقتصاديا، نشأت على إثر هذا النمو طبقة تجارية أوروبية زاحمت اليهود في تجارتهم وقامت باضطهادهم. وقد أدى ذلك إلى فقدان اليهود مكانتهم المالية في أوروبا الغربية، وانتهت بذلك مرحلة ازدهارهم في أوروبا، وتعرضوا للاضطهاد خلال القرون التي تلت القرن الثاني عشر. وفي القرن الثامن عشر ومع الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا الغربية لم يعد لليهود أي دور اقتصادي، فتم طردهم من أوروبا الغربية، واضطروا للنزوح إلى أوروبا الشرقية، ومارسوا هناك دورهم بالتجارة والربا. واستمر ذلك حتى القرن التاسع عشر، إذ برزت الصناعة الرأسمالية في روسيا وبولندا، فأبعد اليهود عن الساحة التجارية، وتمت معاملتهم بقسوة شديدة. وأصبحت أوروبا بغربها وشرقها ترغب بإخراجهم من كامل أراضيها. ومن هنا نشأت الحركة الصهيونية وحددت هدفها بإيجاد دولة لليهود خارج أوروبا. وقد وقع الاختيار على فلسطين لإنشاء هذه الدولة، نظرا لأطماع الأوروبيين في فلسطين لأهميتها الجغرافية والاقتصادية والسياسية والدينية، إضافة إلى رغبتهم بتقسيم العرب ومنعهم من إنشاء دولة عربية مستقلة. وقد أعلنت بريطانيا حمايتها لليهود، وأقامت أول قنصلية غربية في القدس عام 1839 ألف وثمانمائة وتسعة وثلاثين. وفي مطلع ستينيات القرن التاسع عشر أخذ بعض المفكرين اليهود بالدعوة للعودة إلى فلسطين واستعمارها. وتمكن تيودور هرتزل (Theodor Herzl) المفكر الصهيوني من عقد المؤتمر الصهيوني في مدينة بازل (Basel) السويسرية عام 1897 ألف وثمانمائة وسبعة وتسعين. وقد أكد هرتزل (Herzl) على أن المشكلة اليهودية هي مشكلة قومية تحتم على الدول الكبرى حلها بإيجاد دولة مستقلة لليهود، وليست مشكلة اجتماعية أو دينية يتم حلها عن طريق اندماج وتقبل اليهود في دول العالم. وقد توصل المؤتمر الصهيوني إلى وضع هدف واضح للحركة الصهيونية، وهو إقامة وطن للشعب اليهودي في فلسطين. والاستراتيجية التي يجب اتباعها لتحقيق أهداف الحركة تتمثل بالتزام الدول الاستعمارية رعاية هذا المخطط وتطبيقه. وفي عام 1904 ألف وتسعمائة وأربعة مات هرتزل (Herzl)، وانعقد المؤتمر الصهيوني السابع عام 1905 ألف وتسعمائة وخمسة، وتوصل الصهاينة إلى أن لا بديل لليهود عن فلسطين، وبدأوا باتخاذ خطوات فعلية بجلب المهاجرين اليهود إلى فلسطين والاستيلاء عليها تدريجيا دون انتظار الموافقة الدولية، وبذلك أعلنت المرحلة الثانية من الهجرة اليهودية. وقد وعى العرب لخطر الهجرة اليهودية والحركة الصهيونية، فتصدوا لها بكل قوتهم.


الفصل الثاني: المقاومة العربية الفلسطينية قبل الحرب العالمية الأولى.


فقد العرب والفلسطينيون ثقتهم بالدولة العثمانية، وطالبوا بالاستقلال التام.


كانت فلسطين في عام 1882 ألف وثمانمائة واثنين وثمانين تابعة للإمبراطورية العثمانية، وهو العام الذي بدأت فيه الهجرة اليهودية الأولى. وتحت ظل النظام العثماني في فلسطين شاع النظام الإقطاعي، إذ احتكر عدد من العائلات الفلسطينية مساحات واسعة من الأراضي وقاموا باستغلال الفلاحيين استغلالا كبيرا تحت رضا الحكومة التي كانت تحقق مكاسب من هذه العائلات. ولم تكتف الحكومة العثمانية بالتعاون مع الإقطاعيين العرب، بل قامت بفرض ضرائب كبيرة على الفلاح الفلسطيني حالت دون قدرته على تسديدها، مما أدى إلى استيلاء الدولة على هذه الأراضي وعرضها في المزاد 1869 ألف وثمانمائة وتسعة وستين لاستيفاء الديون المترتبة على هذه الضرائب. وبتلك الطريقة تمكنت العائلات الغنية في بيروت من الحصول على أخصب الأراضي الفلسطينية.


وقد شهد القرن التاسع عشر احتكاكا حضاريا بين الغرب والدول العربية أسهم في زيادة الوعي العربي، فمع الحملة الفرنسية على مصر في أواخر القرن الثامن عشر دخلت الصحافة إلى البلاد وتطورت وسائل الطباعة والنشر، مما جعل الشعوب العربية تزيد من ثقافتها ومعرفتها بواقعها ومصيرها. وخلال القرن التاسع عشر تم إرسال البعثات الدراسية إلى أوروبا، فقام الطلبة والمفكرون العرب بالاطلاع على الثقافة القومية الليبرالية وأفكار الثورة الفرنسية ونقلها إلى الأمة العربية، الأمر الذي أسهم في زيادة الوعي العربي عن طريق هؤلاء المفكرين. ونتيجة لهذا الوعي العربي أطلق رواد النهضة العربية عبارتهم الشهيرة: (تنبهوا واستفيقوا أيها العرب)، في عام 1868 ألف وثمانمائة وثمانية وستين. وتمكن العرب من تأسيس أول حركة قومية عربية عام 1875 ألف وثمانمائة وخمسة وسبعين. وقبل عام 1882 ألف وثمانمائة واثنين وثمانين كانت معاملة الفلسطينيين لليهود تتسم بالتسامح، لكن بعد الهجرة الصهيونية ورغبتهم بامتلاك الأراضي الفلسطينية بدأت تتغير معاملة الفلسطينيين لليهود. وهو ما يشير إلى أن الفلسطينيين قد أدركوا خطورة المشروع الصهيوني، وخطورة بيع أراضيهم لليهود. ومن الخطأ القول أن جميع  الفلسطينيين قاموا ببيع أراضيهم بعد الإغراءات المالية الكبيرة التي قدمها المليونير اليهودي إدموند روتشيلد ( Edmond Rothschild). لكن الأمر الذي أدى لبيع الأراضي الفلسطينية هو سيطرة المرابين العرب عليها، وعدم منح الفلاح الفلسطيني حقه فيها، فنتج عن ذلك عدم ارتباط الفلاح بالأرض، وبالتالي سهولة التخلي عنها. لكن بالرغم من كل ذلك، بدأ الفلاحون الفلسطينيون عام 1886 ألف وثمانمائة وستة وثمانين بالاصطدام مع الصهاينة، إذ هاجموا القرى والأراضي التي اغتصبوها. ولم تقتصر المواجهة على المزارعين فقط، بل إن التجار وحتى الموظفين العاديين قاموا بمواجهة هذا التهديد. وهو ما يظهر مقدار الوعي العربي لخطر الفكرة الصهيونية. وفي عام 1891 ألف وثمانمائة وواحد وتسعين قام وجهاء القدس بتقديم عريضة لرئيس الوزارة العثمانية، طالبوا فيها بمنع الهجرة اليهودية.


وعندما أدرك العرب خطورة المشروع الصهيوني، وعدم تقديم الحكومة العثمانية أي وعود أو تحركات للتصدي للمشروع، قامت عدة جمعيات عربية تنادي بالاستقلال العربي، لكن الدولة العثمانية تمكنت من القضاء عليها. وفي عام 1911 ألف وتسعمائة وإحدى عشر تأسست الجمعية العربية الفتاة في باريس، وقد كان هدف الجمعية واضحا يتمثل بالاستقلال الكلي عن الدولة العثمانية وعن أي حكم أجنبي. وأسس نجيب الخوري صحيفة الكرمل، والتي كان هدفها الكتابة ضد المشروع الصهيوني. وقد نشرت صحيفة الكرمل نداء عام للفلسطينيين، بمواجهة الخطر الصهيوني بكل قوة، وعدم بيعهم الأراضي، ومحاربة السماسرة. وكشف هذا النداء العام، أن الفلسطينيين فقدوا الثقة بالحكومة لتخليصهم من خطر الصهيونية. ومن هنا بدأ الاتجاه للاستقلال ومواجهة الحكومة العثمانية. وقد كانت منظمة العهد ومنظمة الفتاة أول منظمتين ناضلت من أجل الاستقلال بعد بداية الحرب العالمية الأولى، وكانت تحتوي عددا كبيرا من الفلسطينيين. 


الفصل الثالث: الحرب العالمية الأولى: المؤامرات الاستعمارية ضد الوحدة العربية وعروبة فلسطين.


استغلت بريطانيا رغبة العرب بالاستقلال لتحقيق أهدافها الاستعمارية.


في أواخر صيف عام 1914 ألف وتسعمائة وأربعة عشر بدأت الدلائل تشير إلى دخول تركيا الحرب إلى جانب ألمانيا، وهو ما دفع بريطانيا للاتصال بالشريف حسين، حتى تضمن وقوف العرب إلى جانبها ضد الأتراك. ولكي تستميل بريطانيا العرب أكدت لهم أنها تقف إلى جانبهم لتحقيق الاستقلال العربي، وإعادة الحكم العربي بتسليم قيادة الدولة العربية للشريف حسين. وفي مطلع عام 1915 ألف وتسعمائة وخمسة عشر، اتصل رجال العربية الفتاة بالشريف حسين وأطلعوه على اتجاه قادة الحركة الوطنية العربية في سوريا والعراق للقيام بثورة الاستقلال، وعرضوا عليه تولي قيادة الثورة. وقد وضع قادة الفتاة والعهد خطة للتعاون مع بريطانيا وسلموها للشريف حسين. وتمثلت الخطة برسم حدود الدولة العربية المستقلة، وإلغاء الامتيازات الأجنبية التي تتيح للأجانب السيطرة على الأراضي العربية، وعقد محالفة دفاع مشترك بين الدول العربية وبريطانيا. وقد سلم الشريف حسين هذه الخطة لبريطانيا. 


توصلت المراسلات بين الشريف حسين وبريطانيا إلى تفاهم عربي بريطاني، حيث تلتزم بريطانيا الاعتراف بـ خليفة للمسلمين، والاعتراف بدولة عربية مستقلة ضمن حدود اتفق عليها الطرفان، وعليه تم إعلان الثورة العربية ضد الأتراك في الخامس من حزيران عام 1916 ألف وتسعمائة وستة عشر. ولم تكن بريطانيا في حقيقة الأمر صادقة مع العرب بشأن الاعتراف بدولتهم المستقلة، بل إنها في الوقت الذي كانت تتفاوض معهم من أجل ثورتهم ضد الأتراك، قامت بعقد المفاوضات مع فرنسا لتقاسم الأراضي العربية الخاضعة للحكم التركي. وقد توصلت هذه المباحثات بين بريطانيا وفرنسا إلى اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الأراضي العربية بين بريطانيا وفرنسا. وقد وضعت فلسطين طبقا لاتفاقية سايكس بيكو تحت حكم إدارة دولية، لكن بريطانيا رفضت ذلك خشية من تهديد مصالحها في مصر والمنطقة العربية. كما رفضت الحركة الصهيونية الإدارة الدولية أيضا، لأنها كانت ترى أن مشروع الدولة الصهيونية في فلسطين  لن يتحقق إلا عن طريق الحماية البريطانية. ونتج عن هذا التوافق البريطاني الصهيوني بشأن فلسطين وعد بلفور في تشرين الثاني عام 1917 ألف وتسعمائة وسبعة عشر. 


وقد أتى إعلان بلفور على شكل عقد زواج بين الإمبريالية البريطانية والحركة الصهيونية على حساب شعب فلسطين ومستقبل الأمة العربية، إذ أرسل وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور (Arthur  Balfour) إلى اللورد الصهيوني ليونيل والتر روتشيلد (Lionel Walter Rothschild) وعدا بالتزام بريطانيا تحقيق حلم الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. لكن ذلك الوعد واجه اعتراضات عربية كبيرة تمثلت بحراك سياسي وثوري للحيلولة دون تطبيقه.


الفصل الرابع: من الاحتلال البريطاني حتى ثورة العشرين.


أصرت بريطانيا بالرغم من الاعتراضات العربية على إقامة وطن لليهود في فلسطين.


على الرغم من الآثار الكبيرة والظروف القاسية التي تركتها الحرب العالمية على دول العالم ومن ضمنها فلسطين، إلا أن ذلك لم يصرف أنظار الفلسطينيين عن مواجهة الخطر الصهيوني. وإذ كانت بريطانيا تدرك أن العرب مستعدون لمواجهة الصهاينة حتى لو أدى ذلك بهم للوقوف بوجهها، لم تتطرق للحديث عن موضوع تنفيذ المشروع الصهيوني أثناء سنين الحرب العالمية الأولى خشية من اندلاع المواجهة ضدهم. وتمكن عن طريق سياسة التهدئة تلك وعدم التطرق للحديث عن المشروع الصهيوني الجنرال البريطاني إدموند اللنبي (  Edmund  Allenby) وبعثته العسكرية المصرية دخول القدس عام 1917 ألف وتسعمائة وسبعة عشر.  لكن في نفس الوقت كان دخول بريطانيا لفلسطين بعد أقل من ستة أسابيع من إعلان وعد بلفور، الأمر الذي خلق توترا كبيرا بالنسبة للعرب، إذ زاد خشيتهم من تحقيق بريطانيا حلم الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود على أرضهم. فقامت معارضة عربية حالت دون قدرة بريطانيا على اتخاذ خطوات فعلية لتطبيق وعدها. وعندما حلت الذكرى السنوية الأولى لوعد بلفور عزم الصهاينة على الاحتفال بهذا اليوم، مما جعل العرب يهددون بالقيام بثورات معاكسة. وإذ أدركت بريطانيا خطورة الموقف، قامت بتحذير الصهاينة من الاقتراب من الأحياء العربية في ذلك الوقت. 


وما أن وضعت الحرب العالمية أوزارها حتى أصبحت المعارضة الإسلامية المسيحية للمشروع الصهيوني أكثر جدية. وقد اتخذ المؤتمر العربي الفلسطيني عام 1919 ألف وتسعمائة وتسعة عشر قراراته بقوة وحزم، وأبلغوا مضمونها لمؤتمر السلام الذي عقده الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى في باريس. وكانت هذه القرارات هي أن الفلسطينيين يعتبرون أن فلسطين جزء من سوريا العربية، ولا مجال لانفصال فلسطين عن محيطها العربي، كما أن كل وعد أو اتفاقية تمت بشأن بلادهم هي باطلة ومرفوضة رفضا قاطعا من قبل الفلسطينيين الذين سيبقون في علاقة طيبة مع بريطانيا ما دامت تلتزم بما يريده الفلسطينيون. لكن رفض بريطانيا لهذه المطالبات الفلسطينية بدأ يشكل علاقة متوترة بين الطرفين، وينبئ باصطدام مرتقب. ومع ازدياد مشاعر الغضب عند الفلسطينيين بدأوا يتحركون لمواجهة المشروع الصهيوني بأنفسهم. وقد أبلغت المنظمة الصهيونية الخارجية البريطانية أنهم منزعجون من المعلومات التي تفيد أن العرب يتأهبون للقيام باضطرابات وبدأوا بالتسلح سرا. 


وقد أعاد مؤتمر السلام المنعقد في باريس في مطلع كانون الثاني عام 1919 ألف وتسعمائة وتسعة عشر ترتيب خارطة العالم. إذ صرحت الدول الاستعمارية بأنها ستضع يدها على الأراضي التي كانت واقعة تحت سيطرة ألمانيا وتركيا. وقد قرر المؤتمر وضع الأراضي التي كانت خاضعة لتركيا تحت وصاية عصبة الأمم،  وتم تقاسم الأراضي العربية بين بريطانيا وفرنسا ووضعها تحت نظام الانتداب. وقد عبر العرب عن رفضهم لهذا القرار،   وعقدوا المؤتمر السوري العام، الذي ضم مندوبين من سوريا وفلسطين. وأكدوا خلال المؤتمر مطالبهم باستقلال سوريا التام، وإلغاء اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور. وفي السابع والعشرين من شهر شباط عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين قامت تظاهرة عربية سياسية كبيرة في القدس. وفي اليوم الأول من آذار شنت العصابات الفلسطينية المسلحة هجوما على اثنتين من المستوطنات اليهودية الواقعة قرب الحدود السورية. وقد قتل في هذين الهجومين الكابتن العسكري الصهيوني جوزيف ترومبلدور (Joseph Trumpeldor) وستة من اليهود. وقامت انتفاضة أخرى في الرابع من نيسان وحتى العاشر منه، وتم فيها قذف الحوانيت اليهودية بالحجارة والاشتباك مع اليهود. وعلى الرغم من الانتفاضة الفلسطينية القوية، إلا أنها لم تتمكن من تغيير السياسة البريطانية، بل أكثر من ذلك قررت بريطانيا تعيين هربرت صموئيل (Herbert Samuel) السياسي اليهودي كأول مندوب سامي بريطاني في فلسطين. وفي أعقاب إعلان الانتداب على فلسطين، وإدخال نص تصريح بلفور في بنود الانتداب، وتعيين هربرت صموئيل (Herbert Samuel) مندوبا ساميا على فلسطين، تمكن عدد من الشخصيات البارزة الفلسطينية من الاجتماع وتأسيس الجمعية الفلسطينية العربية. وحثت الجمعية كل الجمعيات والنوادي على العمل سويا لمواجهة الخطر الصهيوني. وهكذا دخل الكفاح ضد الصهيونية والاستعمار مرحلة جديدة.


الفصل الخامس: مرحلة التبلور 1920-1923


واجه الفلسطينيون المشروع الصهيوني عبر الحراك السياسي والثوري.


عبرت انتفاضة القدس التي قامت في شهر نيسان عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين عن عمق الخلاف العربي الصهيوني، إذ تمت فيها عدة مظاهرات واشتباكات بين العرب واليهود أسفرت عن عدد من القتلى في كلا الجانبين. وقد لفتت هذه الانتفاضة أنظار مؤتمر السلام في سان ريمو عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين إلى هذه القضية. لكن المؤتمر لم ينصف الفلسطينيين، وأكد الانتداب البريطاني على فلسطين، وتطبيق بريطانيا لوعد بلفور. لذلك اجتاحت البلاد احتجاجات فلسطينية كبيرة رفضا لهذه السياسات الظالمة. ووقعت عدة اشتباكات بين القبائل العربية والقوات البريطانية على طول الحدود الفاصلة بين فلسطين وسوريا. وقد حاولت طبقة الوجهاء السياسيين الفلسطينيين، عن طريق الحراك السياسي أن تحمل بريطانيا على تغيير سياستها بشأن فلسطين، لكن ذلك لم يأت بأي نتائج ملموسة. ومع ازدياد الغضب العربي عمل هربرت صموئيل (Herbert Samuel) على تهدئة العرب وكسب ودهم كي يتحقق المشروع الصهيوني دون مواجهة عربية. وكانت خطته للتهدئة تعتمد على جعل الفلسطينيين الذين لهم مصالح اقتصادية واجتماعية ثابتة سواء تحقق وعد بلفور أم لم يتحقق يقفون إلى جانبه لتهدئة الأوضاع. ولطمأنة الشعب الفلسطيني وتهدئته قام صموئيل هربرت (Herbert Samuel) بقراءة رسالة من الملك البريطاني على الوجهاء الفلسطينيين تفيد بوعد من الملك بتحقيق الحرية والمساواة لجميع الأديان في فلسطين، وإحداث تطوير اقتصادي، وأعلن العفو عن السجناء الفلسطينيين. لكن ذلك لم ينطل على الشعب الفلسطيني، وأعلن رفضه القاطع لأي وسيلة من الممكن أن تجعلهم يقبلون المشروع الصهيوني. وفي الثالث عشر من كانون الأول عام 1920 ألف وتسعمائة وعشرين انعقد المؤتمر الفلسطيني الثالث، وأكد على رفضه القاطع للهجرية اليهودية وإقامة وطن قومي لليهود، وينبغي على بريطانيا الالتزام بوعدها بالاعتراف بـ دولة عربية مستقلة. 


لكن المطالبات العربية لم تلق تأثيرا عند ونستون تشرشل (Winston  Churchill) الذي كان وزيرا للمستعمرات في ذلك الوقت، إذ أكد التزام بريطانيا بتحقيق وعد بلفور، ودعا لإنشاء مقاطعة عربية شرقي الأردن لإيواء الفلسطينيين الذين سيغادرون البلاد بعد تنفيذ وعد بلفور. لكن الفلسطينيين قابلوا ذلك بالرفض التام. وحين زار تشرشل فلسطين استقبلته حشود كبيرة تهتف: (يسقط بلفور، لا نريد اليهود). وحدثت الاضطرابات في يافا، وحفزت الفلسطينيين لمواجهة الصهاينة. وكتب صموئيل (Samuel) إلى تشرشل (Churchill) يخبره أن المستعمرات اليهودية تتعرض للهجوم، وطالبه بإرسال القوات العسكرية لحمايتهم. وخلال شهر أيار عام 1921 ألف وتسعمائة وواحد وعشرين تم عقد المؤتمر الفلسطيني الرابع، وقرر المؤتمر اختيار وفد عربي فلسطيني لشرح القضية الفلسطينية في أوروبا ولندن. وحين توجه الوفد إلى لندن قام بشن حملة إعلامية واسعة لإظهار حق العرب بفلسطين. كما أكد الوفد لبريطانيا رفضه لكل محاولات التهدئة القائمة على إيجاد صيغة تفاهم بين العرب والصهاينة.


لكن الجهود الدبلوماسية لم تحقق للفلسطينيين أي فائدة تذكر، لذلك قام الفلسطينيون بتوحيد صفوفهم، والاتجاه لمجابهة اليهود بأنفسهم، وقاموا بغارات منظمة على المستعمرات اليهودية. وتوترت الأجواء في مختلف أنحاء فلسطين، وبدا خيار العنف هو الخيار الوحيد لإخضاع بريطانيا للمطالب الفلسطينية. وفي عام 1922 ألف وتسعمائة واثنين وعشرين أصدر تشرشل كتابه الأبيض المشهور، ردا على الاعتراضات داخل بريطانيا عن سياسة الحكومة في فلسطين، إذ كانت الأجواء في بريطانيا ترى أن وعد بلفور غير عادل للفلسطينيين. وقد ذكر كتاب تشرشل أن تطبيق وعد بلفور لا يعني إخضاع العرب الفلسطينيين وإلحاق الضرر بهم، ولكن اليهود هم شعب موجود أصلا في فلسطين، وسيتم تنظيم الهجرة اليهودية إلى هناك بشكل تدريجي، وسيتم إنشاء مجلس تشريعي يتكون من أعضاء منتخبين من اليهود والعرب. وفي الثاني والعشرين من آب انعقد المؤتمر الفلسطيني الخامس، ورفض إقامة مجلس تشريعي، لأن تنظيم الهجرة يعني زيادة عدد اليهود وجعلهم أكثرية وبالتالي سيطرتهم على المجلس وعلى كامل فلسطين. كما قرر المؤتمر إنشاء مكتب عربي فلسطيني في لندن، ومقاطعة اليهود وعدم بيع الأراضي لهم، وتوعية الفلاحين. وبحلول نهاية عام 1923 ألف وتسعمائة وثلاثة وعشرين أدرك العرب أن المصالح الاستعمارية البريطانية تلتقي بما يشبه التمازج مع المصالح الصهيونية، وأن بريطانيا ستعمل على تنفيذ وعدها ولن تلتفت للمعارضات العربية. لكن بالرغم من ذلك لم يتجه الزعماء السياسيين الفلسطينيين للقيام بحركات ثورية تجاه البريطانيين والصهاينة، واكتفوا بالحراك السياسي. الأمر الذي حال دون تشكل قيادة ثورية تنظم الفلسطينيين للقيام بحركات فعلية ضد الصهاينة. وقد أدى ذلك إلى فترة من الهدوء والركود.


الفصل السادس: هدوء وركود 1923 - 1929


فجر حائط البراق الغضب العربي اتجاه الصهاينة، فقام الفلسطينيون بمهاجمة المستعمرات اليهودية.


عرفت الفترة الواقعة بين عام 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين وعام 1928 ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين بفترة الركود في السياسة الفلسطينية، وذلك يعود إلى قرار عصبة الأمم بالتسوية النهائية للانتداب البريطاني، بالإضافة لعدم إحراز الصهاينة أي تقدم على أرض الواقع. وقبل نهاية عام 1928 ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين ظهرت دلائل تشير إلى انتهاء فترة الركود السياسي، إذ أن الصهاينة بدأوا بالتحرك من جديد لتنفيذ مشروعهم عبر شراء مزيد من الأراضي. مما جعل العرب يتحركون بدورهم للوقوف في وجه الخطر الذي يهدد بقاءهم، وقد أدى ذلك إلى عودة الاضطرابات إلى فلسطين عام 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين. 


وقد كان الحدث الذي أشعل شرارة الاضطرابات هو المشكلة التي وقعت على حائط البراق بين العرب واليهود. إذ حاول اليهود وضع ستار يفصل بين الرجال والنساء أثناء الصلاة عند حائط البراق الذي يعد من ممتلكات المسلمين المقدسة ويشكل الحد الغربي من الحرم الشريف. وقد حاولت الحكومة البريطانية حفظ الاستقرار في البلاد وعدم تفجر الأوضاع عن طريق إزالة هذا الستار. لكن اليهود لم يتوقفوا عند هذا الحد، وقاموا بمظاهرة كبيرة في الرابع عشر من شهر آب عام 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين في تل أبيب بمناسبة ذكرى تدمير هيكل سليمان. وفي اليوم التالي قام عدد من اليهود يقودهم بعض الصهاينة المتطرفين بمسيرة كبيرة عبر شوارع القدس حتى وصلوا إلى حائط البراق. وهناك رفعوا العلم الصهيوني وقاموا بإنشاد النشيد القومي الصهيوني، وشتموا المسلمين. وقد أدى هذا الأمر إلى اشتعال مشاعر الغضب عند العرب المسلمين، فقاموا بمظاهرة كبيرة مضادة في اليوم التالي. إذ سارت مظاهرة من آلاف الفلسطينيين بعد صلاة الظهر من الحرم الشريف، واتجهت نحو حائط البراق. وعندما وصلوا قاموا بحرق الأوراق التي تحتوي على نصوص دينية يهودية وضعها اليهود في ثقوب الحائط. وفي السابع عشر من آب نشب قتال بين شاب عربي وآخر يهودي في القدس انتهى بإصابة 11 إحدى عشر يهوديا وعربي واحد. ثم قام اليهود بالهجوم على منازل العرب المجاورة وأصابوا السكان بجروح. وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من آب تدفق القرويون المسلمون إلى المسجد الأقصى وهم يحملون العصي والهراوات، وقاموا بمهاجمة الضواحي اليهودية مما جعل البوليس يطلق النار عليهم، إضافة لتحليق الطائرات فوق المدينة، وقدوم السيارات العسكرية المصفحة للسيطرة على الأوضاع. وعندما وصلت أخبار اضطرابات القدس إلى نابلس والخليل قامت الجماهير العربية بمظاهرات صاخبة. وفي يافا هاجمت الجماهير العربية اليهود وتم قتل 60 ستين يهودي وجرح 50 خمسين غيرهم. وفي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر آب هاجم العرب في مناطق مختلفة من فلسطين المستعمرات اليهودية، أدى لتدمير ست مستعمرات تدميرا كليا. 


وقد لجأت القوات البريطانية إلى حماية المستعمرات اليهودية عن طريق إطلاق النار على الجماهير العربية، والهجوم بالطائرات والسيارات المصفحة. وألقت القوات البريطانية القبض على ما يقارب الألف نسمة تسعين بالمئة منهم من العرب، بتهم تتعلق باضطرابات شهر آب 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين، وصدر الحكم بإعدام 26 ستة وعشرين عربيا ويهودي واحد. وقد بذلت الهيئات الوطنية مجهودات كبيرة كي لا يتم تنفيذ حكم الإعدام والاستعاضة عنه بالحكم المؤبد. لكن بالرغم من ذلك صدر قرار رسمي بإعدام عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي يوم الثلاثاء 17 سبعة عشر من حزيران عام 1930 ألف وتسعمائة وثلاثين في سجن عكا. وأبدى الشهداء من الصلابة والتضحية في سبيل الوطن ما جعلهم يخلدون في قلب أبناء الشعب وما دفع الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان أن يتحدث عنهم في قصيدته الثلاثة الحمراء. ولقد وضحت أحداث عام 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين للفلسطينيين حقيقتين، وهي أن الصهاينة يعتمدون كل الاعتماد على البريطانيين الذين يوجهون أسلحتهم لحماية الصهاينة، ولابد من أجل التخلص من الصهاينة هو التخلص من البريطانيين. والحقيقة الثانية أن الزعماء السياسيين جبناء وغير قادرين على إدارة المقاومة ضد البريطانيين والصهاينة. وهكذا اتجهت الجماهير الفلسطينية لتشكيل جماعات مسلحة، لإرغام بريطانيا على تغيير سياستها. وقد امتد التحريض ضد الصهيونية إلى الأقطار العربية المجاورة، وبدأ يتم تهريب السلاح إلى فلسطين.


الفصل السابع: ما قبل العاصفة 1930 - 1935


فقد الفلسطينيون ثقتهم بالحكومة البريطانية، مما جعلهم يلجأون للكفاح المسلح.


لم تعد الحال في فلسطين في عام 1930 ألف وتسعمائة وثلاثين وبعدها كما كانت قبل أحداث آب عام 1929 ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين، إذ أن المقاومة الفلسطينية لم تعد تقف عند مواجهة الصهاينة، بل توجهت المقاومة الفلسطينية لمواجهة الحكومة البريطانية وتحقيق الاستقلال التام. وفي شهر أيار عام 1931 ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين تلقت السلطات البريطانية معلومات سرية عن وجود مخطط ثوري يشمل الأقطار العربية لمواجهة الحكم الأجنبي، ودلت التقارير على أن الأمير شكيب أرسلان اللبناني الدرزي هو قائد هذه الحركة، والذي كان على اتصال بكبار الزعماء القوميين في سوريا والعراق ومصر ولبنان وفلسطين ومختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية والعالم الإسلامي. وكان المخطط يهدف إلى جمع الدعم المالي للحركة، والقيام بمهاجمة القوات البريطانية من الأردن وسوريا ومصر وفلسطين في آن واحد. لكن الانقسام في صفوف الفلسطينيين شكل صعوبة كبيرة في تطبيق هذا المخطط. 


وفي القدس في شهر كانون الأول عام 1931 ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين انعقد المؤتمر الإسلامي، ودعا إلى اجتماع الزعماء السياسيين الإسلاميين في مختلف أنحاء العالم. وقد حضر الاجتماع السياسيون الإسلاميون البارزون من 22 اثنين وعشرين قطرا مختلفا. وأكد المؤتمر رفضه للانتداب البريطاني ورفض المشروع الصهيوني. وأدى التحريض ضد الصهيونية وبريطانيا عام 1933 ألف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين إلى انتفاضة فلسطينية قوية، إذ عمت الاضطرابات والمظاهرات جميع أنحاء فلسطين. وقد برهنت الأحداث على أن العرب مصممون على مقاومة الاحتلال بشتى الطرق، وبدا خيار المقاومة المسلحة الذي حمل لواءه الشيخ عز الدين القسام هو الخيار الوحيد للخلاص من الصهاينة وبريطانيا.


هاجر القسام إلى حيفا عام 1921 ألف وتسعمائة وواحد وعشرين، بعد انهيار الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي، ومنذ دخل القسام فلسطين وهو يقوم بدور مشرف في المدارس والمعاهد بتوعية الفلسطينيين وتحريضهم ضد الاحتلال البريطاني وضد المخطط الصهيوني. وقد بدأ القسام جمع التبرعات في حيفا، لشراء عدد من الأسلحة الصغيرة استعدادا للقيام بثورة ضد الحكومة البريطانية والصهاينة. وقد حافظ القسام على السرية في اتصالاته واستعداداته. وبحلول عام 1935 ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين، كان القسام قد نظم خمس لجان لتحقيق الأهداف التالية: الدعوة، التدريب العسكري، التموين، الاستخبارات، العلاقات الخارجية. وخلال شهر تشرين الثاني من عام 1935 ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين، أعلن القسام الثورة المسلحة ضد البريطانيين والصهاينة. واتجه القسام يرافقه 25 خمسة وعشرين رجلا من أنصاره المسلحين من حيفا في الثاني عشر من تشرين الثاني قاصدين ضواحي جنين لدعوة الفلاحين لحمل السلاح والمقاومة. وفي أثناء ذلك وقع صدام جانبي بينهم وبين البوليس نبه السلطات إلى وجود عصابة مسلحة، مما جعلهم يحاصرون المنطقة. لكن القسام رفض الاستسلام، وحث أتباعه للقتال والاستشهاد في سبيل الله والوطن. وفي التاسع عشر من تشرين الثاني واجه المجاهدون القوات البريطانية بغابة بعيدة في منطقة جنين، استشهد فيها القسام واثنين من أتباعه، وأسر خمس آخرون واختفى الباقي في الجبال. وقد كان لاستشهاد القسام أثر عميق في فلسطين كلها، إذ أصبح رمزا للتضحية والفداء. وشيع في حيفا بمظاهرة كبيرة نادى المتظاهرون فيها بسقوط الانكليز.


الفصل الثامن: الثورة الفلسطينية الكبرى 1936 - 1939


أدى إصرار بريطانيا على تنفيذ وعد بلفور إلى قيام الثورة الفلسطينية الكبرى.


شكلت ثورة القسام انفجارا كبيرا في الأوساط العربية الفلسطينية، إذ جعلتهم يدركون أن لا سبيل للخلاص من الصهوينية إلا بالخلاص من بريطانيا، ولا يتحقق ذلك إلا بالثورة والكفاح المسلح، وهو ما أدى لقيام الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ألف وتسعمائة وستة وثلاثين. وقد بدأت الثورة مع قتل رجل يهودي في الخامس عشر من نيسان،  وإصابة آخرين بجروح خطيرة. وفي التاسع عشر من نيسان انتشر في أنحاء فلسطين قتل عدد من العرب على أيدي اليهود، مما أدى إلى تحرك العرب والاشتباك مع  اليهود عند حدود يافا-تل أبيب، وأصيب عدد من كلا الجانبين بجروح. وهنا حضرت الحكومة التجول في يافا وتل أبيب وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد. واعتراضا على سياسة بريطانيا في فلسطين، ورفضا للمشروع الصهيوني، لجأ العرب في مختلف أنحاء فلسطين إلى إضراب عام. وفي الخامس والعشرين من شهر نيسان عقد اجتماع ضم جميع الأحزاب العربية وشكلت لجنة عليا عرفت باللجنة العربية العليا. وقد قررت اللجنة استمرار الإضراب. وعم فلسطين موجة كبيرة من المظاهرات العربية التي نادت بسقوط بريطانيا والصهيونية. ولإحكام السيطرة على البلاد قامت بريطانيا بإرسال التعزيزات العسكرية من مصر ومالطا، وتمكنت من إلقاء القبض على 61 واحد وستين مناضلا ممن أشرفوا على تنظيم الإضراب. لكن ذلك لم يوقف الفلسطينيين عن مقاومتهم، إذ قاموا في أواخر شهر أيار بنصب المتاريس في نابلس بالشوارع العامة وفي الأزقة، وجرت حالة مماثلة في طولكرم وعقربة. وفي ضواحي القدس تعرضت سيارات اليهود للهجوم من الثوار. وفي غزة وضعت المتاريس أيضا، واشتبك الفلسطينيون مع البوليس الذي جعل القوات البريطانية ترسل المدرعات لإزالة المتاريس. وكانت أشد الحالات خطورة في مدينة يافا، إذ كانت معقلا للثوار، وكانت حاراتها الضيقة تحول دون قدرة البوليس على دخولها. مما جعل الحكومة تلجأ إلى إنشاء طريق عام بهدم بيوت الفلسطينيين، الأمر الذي أدى إلى إحداث ضرر كبير للسكان، وزيادة السخط على الحكومة، والتصميم على الاستمرار بالإضراب.


وقد كان الإضراب جزءا ثانويا من الثورة، أما الرئيسي فهو قيام الجماعات الفلسطينية المنظمة بعمليات مسلحة في مختلف أنحاء فلسطين. وكانت هذه الجماعات تتألف من ثلاث فئات، الفئة الرئيسية التي تبقى في الجبال والتي تقوم بهجمات منظمة على القوات البريطانية، والفئة الثانية تكون متخفية في المدن يوكل إليها مهام تقوم بها، والفئة الثالثة هي فئة تقدم الدعم حين يطلب منها. وحاولت القوات العسكرية إيقاف الإضراب والمقاومة المسلحة عن طريق تطويق منازل الثوار ونسفها، وفرض غرامات مالية كبيرة على الفلسطينيين الذين يساندون الثوار. ولجأوا إلى حشد القوات وزيادتها لإيقاف الثورة، مما أدى إلى وقوع معارك شديدة بين الثوار والقوات البريطانية. وفي أواخر شهر أيلول توجهت وفود اللجنة العربية العليا للاجتماع مع الحكام والزعماء العرب طلبا للمساندة، لكن الزعماء العرب بدلا من تقديم العون، طالبوا بإيقاف الثورة والإضراب، واستعادة ثقة الفلسطينيين ببريطانيا. وبذلك دعت اللجنة العربية العليا إلى وقف الإضراب والثورة. وربما كان الأمر الذي جعل اللجنة تتخذ مثل هذا القرار هو تخوفها من زيادة عدد القوات البريطانية، إضافة إلى ما لحق الفلسطينيين من الضرر الاقتصادي الكبير نتيجة للإضراب. لكن اللجنة في نفس الوقت أصرت على مطالب الفلسطينيين، إذ طالبت بإلغاء الانتداب وإقامة حكم وطني مستقل. وقد قامت بريطانيا بخطة لإقامة دولة صهيونية عن طريق تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: قسم دولة عربية في الأراضي التي تسكنها أكثرية عربية، وقسم دولة يهودية في الأراضي التي تسكنها أكثرية يهودية، وقسم يحتوي على المناطق الاستراتيجية أو الدينية التي تبقى تحت الانتداب. 


لكن العرب قابلوا مشروع التقسيم بالرفض التام. وقامت اللجنة العربية العليا بدعوة الحكام العرب والمسلمين بالتضامن مع فلسطين. وأبلغت اللجنة رفضها التقسيم إلى عصبة الأمم، إضافة إلى طلبهم بإلغاء الانتداب البريطاني وإقامة دولة عربية مستقلة تحفظ لبريطانيا مصالحها المعقولة كما تضمن مصالح الأقلية اليهودية. وأقامت اللجنة العربية العليا مؤتمرا عربيا في بلودان السورية. وفي الثامن من أيلول اجتمع 411 أربعمائة وإحدى عشر مندوبا عربيا جاؤوا من مصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين في بلودان. وطالب المؤتمر بإلغاء الانتداب ووعد بلفور وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي حال لم تحقق بريطانيا هذه المطالب ستلجأ الدول العربية إلى مقاطعة البضائع البريطانية واليهودية. لكن قرارات المؤتمر لم تنل رضا جميع الأعضاء بل إن بعضا منهم رأى أنها كانت مثيرة للسخرية. لذلك قام نحو 100 مائة عضو من الأعضاء السوريين والفلسطينيين باجتماع سري، وقرروا من خلاله مواجهة الصهاينة والبريطانيين عن طريق الحراك الثوري، وقد أدى ذلك إلى نوع من التنسيق بين الثوار الفلسطينيين والثوار السوريين. وبذلك بدأت المرحلة الثانية من الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1937 ألف وتسعمائة وسبعة وثلاثين. فقامت موجات كبيرة من الاضطرابات والكفاح المسلح في أنحاء فلسطين. وعلى الرغم من إجراءات الحكومة البريطانية القمعية، إلا أن الكفاح المسلح كان منظما وقويا مما حال دون قدرة الحكومة على إحكام سيطرتها. وفي غضون صيف عام 1938 ألف وتسعمائة وثمانية وثلاثين، وصلت الثورة إلى أعلى مداها، وسيطر الثوار على معظم المناطق الريفية في فلسطين، وتمكنوا من التسلل إلى المدن بشكل منظم. كما تمكنوا من تدمير المكاتب الحكومية في المدن، الأمر الذي جعل الإدارة الحكومية في انهيار شبه تام. وبسبب أعمال الثورة، وخشية بريطانيا من قيام الحرب في أوروبا ضد ألمانيا، لجأت بريطانيا إلى أعمال وحشية في سبيل إخماد الثورة. وقامت بحملة شديد لاستعادة الحكم البريطاني على البلاد. وتمكنت من إحكام السيطرة عبر فرقتين عسكريتين بريطانيتين وعددا من أسراب الطائرات والبوليس البريطاني وحرس الحدود، إضافة إلى قوة يهودية مساعدة مؤلفة من ستة آلاف جندي. وأعلنت بريطانيا إلغاء مشروع التقسيم بوصفه مشروعا غير عملي، واستعادة الانتداب البريطاني للبلاد. وسرعان ما أخذ زعماء الثورة يختفون، واحدا تلو الآخر. وعند اقتراب الحرب العالمية الثانية أخذت الثورة في التلاشي، وبذلك انتهت الثورة الفلسطينية الكبرى.


الأفكار الرئيسية:


1- اعتمدت الصهيونية على بريطانيا لتحقيق مشروعها بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.


2- أصرت بريطانيا على تنفيذ وعد بلفور، مما جعل الفلسطينيين يواجهونها بشتى الطرق.


3- أشعل حائط البراق فتيل غضب الفلسطينيين، فقاموا بثورة كبيرة لمواجهة اليهود. 


4- فقد العرب ثقتهم ببريطانيا، ورأوا أن الكفاح المسلح هو السبيل لتحرر.


تقييم الملف الأول


النتيجة 


المقياس


المعايير


البند 


23


18


25


20


شمولية جميع أفكار الكتاب


الصحة والدقة في التعامل مع معلومات الكتاب (خصوصاً المعلومات العلمية والتاريخية)


التلخيص (من 65)


2


2


2


2


2


2


2


2


2


2


التنسيق العام للملف:-


الالتزام بكتابة اسم الكتاب كاملاً وترجمته إن كان إنجليزياً، واسم المؤلف (الاسم بالإنجليزي في حالة كان المؤلف أجنبي)


الالتزام بعدد الكلمات (1000 على الأقل لكل 100 صفحة)


الالتزام بتسلسل الفصول كما هي في فهرس الكتاب


كتابة ملخص عن المقدمة والخاتمة إن وجدت في الكتاب


تنسيق الفصل الواحد ضمن فقرات (فقرتين على الأقل لكل فصل)


3


3


5


5


كتابة الأفكار الرئيسية وفق الشروط (دمج الأفكار الرئيسية المتشابهة بفكرة واحدة)


كتابة الجمل التعريفية وفق الشروط (أن تكون جملة خبرية تخبر وتعرف عن الفصل)


5


5


15


10


الصياغة والسلاسة والأسلوب المبسط:


(عدم استخدام الكلمات الصعبة، تجنب النقل الحرفي وشبه الحرفي من الكتاب أو المواقع)


ترابط وتسلسل الأفكار (ترابط النص بالفقرات)


اللغة (من 25)


6


10


الالتزام بتعديل وتطبيق ملاحظات المحرر


الالتزام 10


73


100


المجموع


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

L'énergie éolie...

L'énergie éolienne occupe une place cruciale dans le paysage énergétique mondial, représentant une s...

photo _استخدم أ...

photo _استخدم أنطوان، بإصرار، حزامه ليصنع عاصبة ويوقف تدفق الدم. ثم قام بعد ذلك بتنظيف جرح الفتاة وا...

أنا مهتم جداً ب...

أنا مهتم جداً بمشروعكم التطوعي القادم الذي يركز على الاستدامة، وتقليل هدر الطعام، والتفاعل الثقافي ف...

تحديد المستوى ا...

تحديد المستوى القومي ذكرنا سابقا ان الادخار هو ذلك الجزء من الدخل الذي لا ينفق على الاستهلاك الاد...

في مقاله يتحدث ...

في مقاله يتحدث حسين بولهان 2015 عن التواطؤ بين علم النفس الكلاسيكي والبنية الاستعمارية، ولم تنته مسا...

: إنَّ الحمدَ...

: إنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ...

Description de ...

Description de la Villa Moderne La photo montre une vue en plan 3D d'une villa moderne, comprenant p...

حيث لا يمكن الف...

حيث لا يمكن الفصل بين النهضة الثقافية، النهضة الأخلاقية، النهضة الاقتصادية، النهضة العسكرية والاجتما...

يبحث المقال في ...

يبحث المقال في الاختلافات وإمكانيات الوصول والمساواة في التعليم في جهاز التربية والتعليم، المقال مقس...

تقع ماليزيا في ...

تقع ماليزيا في جنوب شرقي آسيا وتتكون من 13 ولاية وثلاثة أقاليم اتحادية؛ حيث تبلغ مساحتها أكثر من 330...

تحليل أهداف الع...

تحليل أهداف العمل والقيود تعمل هذه الفصول كمقدمة لبقية الكتاب من خالل وصف تصميم الشبكات بأسلوب متكا...

الانسداد والتأخ...

الانسداد والتأخر في السداد نص الرسالة: بعد الانتهاء من الخدمة بأكملها تقريبًا الخاضعة للنفقات رقم ، ...