لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

الفصل الأول
والتطور، والمفاهيم، والأنما ط المحاضرة الأولى النشأة الأولى وتطور التفكير الإنساني
لكن بظهور نظرية التطور بدأ البعض يتحدث عن تطور الفكر الإنساني، واللغة، بادئ ذى بدء علينا أن نفرق بين مصطلح الخ ارفة ومصطلح الأسطورة، ومن البداية نشير إلى أن الأسطورة جاءت فى الفكر الإنساني بعد الخ ارفة . والخ ارفة هى تفسير الإنسان لمظاهر الطبيعة )الفيضانات ـ الرعد ـ البرق ـ الزلازل. على أنها من تدبير كائنات خ ارفية تحاول قتل الإنسان. أما الأسطورة فهي الحكاية التي ألفها الإنسان لكي يفسر بها ليس مظاهر الطبيعة فحسب لكن أيضا لتفسير سر الكون، وهناك فارق كبير بين أن يخترع الإنسان الأسطورة ويصدقها ويحيكها، فقد اكتشف أنه كان - من دون وعى واضح منه - يؤرخ في الأسطورة لنفسه، وكينونته، لكن علينا أن ندرك أن هذا الوعي الإنساني بالأسطورة )بطريقة منهجية( وربطه بصورة واضحة ونهائية بتاريخ الوعى والتجربة الإنسانية قد تبلور حتى وصل إلى الذروة فى عصر النهضة الأوروبية، وصولًا إلى عصر التن وير،
فى هذا الكتاب يقول إن الإنسان منذ البدء شعر بحاجته إلى اخت ارع الأسطورة وجعلها جزءًا أساسيًا من حياته، وقبل أن يخترع العقل البشرى أى شيء آخر وقبل أن يصل إلى أى أفكار أخرى بما فى ذلك الأفكار الدينية، اخترع الحكاية التى كانت هى الأسطورة فى البداية*** . حتى قبل أن يتفلسف مع الإغريقيين إلى طرح أسئلته عن سر وهدف وجوده فى هذا الكون، وسر هذا الوجود، والقوة التي ساوره منذ البداية شعور جاد بأنها تسّير هذا الوجود، ومن البديهي أن بحث الإنسان عن معنى الأسطورة تأخر كثي ار عن الزمن الذي وجدت فيه الأسطورة نفسها، ولكن من الواضح أن الأسئلة عن الأسطورة طُرحت منذ زمن بعيد،
في نفس الكتاب يقول شيلنج إن فلسفة التاريخ والأسطورة عنص ارن متكاملان، ويبدأ هذا الجزء بالقول «إن الأسطورة لكي تكون أساس للوصول إلى فلسفة حقيقية، أي شيء آخر غير ذلك التتابع القصصي، عليها أن تحتوي على حقيقة خاصة بها»، ويرى أن هذه السيرورة تتحقق داخل الوعي البشرى لا خارجه، وهذا كله قبل عصر الأنبياء والكتب المقدسة، وهنا نرى مبادئ السيرورة هى نفسها مبادئ الكينونة. ومن هنا يرى شيلنج أن الابتكا ارت والاكتشافات والإعلانات التى توصل إليها الوعي الإنساني على مدى مئات الآلاف من السنين إنما هى تصور الخالق بوصفه إلهًا واحدًا، وإن كان الوعي البشرى قد وصل إلى هذا من طريق أشكال وأساليب متنوعة، وهذا الكائن المطلق أو الكينونة المطلقة لابد أن يكون له تموضع ذاتي فأي كينونة لها ذات . لكن يأتي سؤال يقف عنده شيلنج هو العلاقة الثلاثية بين إد ارك وحدانية الله وإ اردته من جهة، والأسطورة من جهة أخرى، والوعي الإنساني من جهة ثالثة. ويضيف المفكر المصري عبد الرحمن بدوي إلى هذا أن شيلنج إنما بدأ بحثه كله عبر طرحه ثلاثة أسئلة هى التي تخطر ببال الإنسان العادي حين يجد نفسه فى إ ازء الأساطير: كيف ينبغي أن تفهم الأساطير؟! ما معناها أو المعاني التي تقدمها؟ وكيف حدثت؟
مارحل تطوّر الفكر الإنساني
بدأ الإنسان الأول قبل ارتقائه للحالة الإنسانية الكاملة كما هي اليوم، بدون لغة، فاكتفى بالرسوم والإشا ارت مع بعض الكلمات البسيطة التي تقترب من الطبيعة الحيوانية ، وكانت لغته شبه معدومة لأنّ أهم ما كان يسعى إليه الفرد هو البحث عن سبل العيش من طعام وش ارب وسكن وتكاثر ونحو ذلك، فكان أقرب إلى الطبيعة الحيوانية منه إلى الطبيعة البشرية ،
وبعد أن ظهرت اللغة بشكل واضح وتام للتواصل بين الأف ارد بدأ الإنسان يبحث عن وسائل متطورة للعيش وبدأ يبتكر الكثير من الأشياء من الخشب والحجر والنار والصلصال وبدأ يفسّر الأحداث والظواهر الكونية وأزمة الوجود بشكل بدائي من خلال )الأسطورة( مع وجود التابوهات؛ فظه رت عدة أشكال من الأساطير تتمثل في الأسطورة الطقوسية المرتبطة بالشعائر والأسطورة الرمزية ذات البعد الدلالي، والأسطورة التعليلية التي تفسر أسباب الظواهر وعلل الأشياء بالإضافة إلى أسطورة التكوين التي تفسّر الظواهر الكونية وحقيقة الوجود. ثم ارتقى الانسان بعد ذلك – بعد أن اتسعت مفرداته وكلماته وأصبح لديه فائض لغوي – ليبدأ بالتأمل الذهني عبر التفكير الفلسفي الذي يبدأ بمقدّمات منطقية يصل من خلالها إلى نتائج مقنعة فأصبح يعالج قضايا الكون والوجود من منطلق فلسفي وتفكير تأمّلي خارج نطاق الأسطورة البدائية التي تفتقد المنطق في التفكير أو النظر للأمور من خلال الاستقصاء والاستنتاج والتأمّل والربط بطريقة مقنعة. وبذلك تشعبّت الأمور الفلسفية من خلال ال ازوية التي تركز عليها فظهرت الفلسفة الميتافيزيقية والفلسفة الإبستمولوجية: وهنا نوضح أن الأبستمولوجيا مصطلح تعود جذوره للغة اليونانية وهو مؤلف من مقطعين (episteme) وتعني العلم أو المعرفة، و(logos) وتعني د ارسة أو نظرية، ومن هنا تكون ترجمتها إلى العربيةنظرية العلوم، أو د ارسة العلوم. ومصطلح أبستمولوجيا يدور في محورين: المحور الأول في الاصطلاح المعاصر ويعني الد ارسة النقدية للعلوم والتي تهتم بد ارسة العلوم وموضوعاتها ، وأهميتها، ونتائجها.
والمحور الثاني هو الأبستمولوجيا في سياق الفلسفة وهي د ارسة المعرفة والفرق بينها وبين العلم والإد ارك وطرق تحصيل المعرفة وهو قسم من أقسام الفلسفة الثلاثة التي تهتم بد ارساتها فلسفة )الأبستمولوجيا.
كما ظهرت أيضاً إلى جانب الفلسفة الميتافيزيقية والأبستمولوجية الفلسفة الجمالية والفلسفة الأخلاقية ثم ظهرت فلسفات للعلوم وغير ذلك من أنواع الفلسفة. وبوجود اللغة – التي وصلت مستوى عاليا رفيعاً مع مستوى من الفكر المتوقّد والخيال الجامح الذي خلفته الأساطير في نفوس النا س- نشأ الشعر والغناء والقصص. ثم جاءتْ مرحلة جديدة حيث بدأ يخوض الإنسان التجارب ويعتمد على الملاحظة والتفكير المنطقي مما أدى ذلك إلى ظهور الحركة العلمية فبدأ الإنسان بالصناعة والعمل في ميدان الصحة واكتشاف بعض الأمور في الطبيعة أو في جسم الإنسان، حيث أصبحت الأحكام العقلية مبنية على التجارب والمحسوسات والنظر للأمور بشكل علمي مدروس . وظهر أشخاص آخرون رفضوا الفكر العلمي وارتبطوا بالفكر الأسطوريّ والتابوهات والغيبيات، وهنالك من رفض الفكر العلمي لعدم شعوره بالاطمئنان تجاهه ولأنه لم يجد فيه ما يبني إنسانيته ورفض معه كذلك الفكر الأسطوري والتعلق بالتابوهات والأمور الميتافيزيقية لأنه لم يجدها – أيض اً- قد حققتْ ما يطمح إليه من سعادة.
ومن الطبيعي مع ارتفاع مستوى الفكر ومستوى العلم وسهولة الحصول على المعرفة أن تتغير المعادلة، بالإضافة إلى شعور الإنسان بالسيطرة والقوة والتفوّق، الاول الفكر المتحضّر التنويري بما فيه من علم ومعرفة وحقوق إنسان، وهكذا تطوّر الفكر الإنساني من البساطة إلى التعقيد ولا ي ازل هذا الفكر متطواًر بشكل ديالكتيك حتميّ عبر الزمن ليجد الإنسان نفسه في حقبة تاريخية متلونة بنمط فكريّ معيّن . تزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، ومن ي ارجع قواميس اللغة والد ارسات المنطقية والعلمية التي عرّفت الفكر وتحدثت عنه، ومن المفيد هنا أن نعرض مفهوم الفكر في اللغة والمعاجم الحديثة، ورجل فكير: كثير التفكير، وعرفه الفيروز آبادي بقوله: الفكر، بالكسر ويفتح، إعمال النظر في الشيء كالفكرة.
والتفكّر جولان تلك القوّة بحسب نظرالعقل، ولا تفكّروا في الله(. ومنها: أفكر في الأمر، وفي الأمر أعمل عقله فيه، ومنها تفكر، والتفكير إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها ، ومنها الفكير: الكثير التفكي ر
وتري الموسوعة الحرة أن:
الفكر هو مجموع العمليات العقلية التي تمكن البشر من نمذجة العالم المحيط بهم، الوعيconsciousness ، والاستنتاج واتخاذ الق ارار ت. ويعتبر التفكير أعلى الوظائف الإد اركية التي يندرج تحليلها وتحليل العمليات التي تسهم في التفكير ضمن إطار علم النفس الإد اركيcognitive psychology.
والاتجاهات الفكرية تتقاطع فيما بينها بشكل كبير، فقد جاءت مشتقات العقل في تسع وأربعين آية كلها بالصيغة الفعلية، مثل يعقلون، وان وردت م اردفاتها بهذه الصيغة، مثل: اللبّ، والحجر، والنهى، ويمكن القول إن تلبس العقل في تمام الموارد التي جاء فيها في القرآن بالصيغة الفعلية، وهي العمل باستم ارر على التفكر، والتبصر، والنظر، والتذكر، وهذه كلها أفعال تتطلب فعالية دؤوبة متوثبة للعقل بنحو متواصل. قال الله: }أفَلَا يَنظُرُونَ إلى الِْإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ{ أفلا يفكرون في خلقها… ويضيف بأن “النظر إذا قيد بالقلب لا يحتمل إلا التفكير، والرؤية، وغيرها.
4 -الفكر عند بعض العلماء والمفكرين قديماً وحديث اً
وبروز إشكالات من قبيل ما هو كلامي أو فلسفي في الثقافة المعرفية الإسلامية، كان لهذا المفهوم حضواًر في مجموع السجلات والتأليفات، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بصيغة الفكر، والتدبر، والنظر. والواحد منا يجد هذه الصفة من نفسه، ويفصل بين أن يكون متفك اًر أو بين أن لا يكون متفك اًر، وأجلى الأمور ما يجده الإنسان من نفسه. ”
ويرى الإمام أبو القاسم جار الله الزمخشري في كتابه المنهاج في أصول الدين أن “النظر هو التأمل والاستدلال: أي ترتيب علوم أو ظنون ليتوصل بها إلى علم أو ظن، كمن أرى دخاناً فعلم أن تحته نا اًر، يقول الإمام أبو حامد الغ ازلي: “اعلم أن معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة”، وعرفه عبد الرحمن الزنيدي: “الفكر في المصطلح الفكري -والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشر ي. وعرف الشيخ محمد رضا المظفر الفكر بقوله: “تعرف مما سبق أن النظر -الفك ر- المقصود منه إج ارء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلى المطلو ب. أي جمله الآ ارء والأفكار التي يعبر بواسطتها هذا الشعب أو ذاك عن مشاكله واهتماماته، عن مثله الأخلاقية ومعتقداته المذهبية وطموحاته السياسية والاجتماعية، وأيضاً عن رؤيته للإنسان والعالم. ”
ويعرف الفكر كأداة بأنه: “أداة لإنتاج الأفكار سواء منها تلك التي تصنف داخل دائرة الأيديولوجيا أو داخل دائرة العلم،
ومن الآ ارء والأفكار والنظريات. ويربط الجابري بين الفكر كأداة والفكر كمحتوي ويقول” المبادئ والمفاهيم والآليات الذهنية التي يفكر العربي بواسطتها هي علي الرغم من طابعها كلي إنساني، الاجتماعي الثقافي، وعلى ذلك فالفكر العربي هو في آن واحد أداة ومحتوى أو بنية عقلية وبنية أيديولوجية )بالمعني العام والواسع لكلمة أيديولوجيا(.
المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة:
وغير ذلك، يستفاد ما يلي:
بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة. ‌ج- إن التفكر عملية عقلية تستخدم فيها كل الوسائل المساعدة للوصول إلى حقيقة الدنيا والآخرة. وهكذا تتضح حقيقة التفكّر، وبأنها: حركة عقلية وقوّة مدركة يكتشف الإنسان عن طريقها القضايا المجهولة لديه والتي يبحث عنها ويستهدف تحصيلها، فتنمو معارفه وعلومه وأفكاره في الحياة. ويرتبط بمفهوم الفكر مفاهيم أخري تشكل منظومة مت اربطة ومتناسقة مع بعضها البعض بداية من المفهوم الرئيسي والجذري وهو )الفكر( والمفاهيم النابعة منه،


النص الأصلي

الفصل الأول

الفكر والتفكير الإنساني

النشأة، والتطور، والمفاهيم، والأنما ط المحاضرة الأولى النشأة الأولى وتطور التفكير الإنساني

من المتوافق عليه تاريخيًا أن الإنسان منذ لحظة وجوده على الأرض هو كائن مفكر، لكن بظهور نظرية التطور بدأ البعض يتحدث عن تطور الفكر الإنساني، وكما رفض كثيرون هذه النظرية لأنها تتعارض مع الكتب المقدسة قَبلها كثيرون أيضا لكن الطرفين اتفقا على أن الإنسان ـ بلا شك ـ يتطور في طريقة تفكيره، والدليل على ذلك الاكتشافات والاخت ارعات التي يعلن عنها كل يوم .
من هنا بدأ الحديث عن متى وكيف اكتشف الإنسان ما أطلق عليه معضلة التفكير وتاريخ الفكر وم ارحل تطوره، وهنا ظهرت مصطلحات الخ ارفة، والأسطورة، واللغة، والمنطق.. إلخ مصطلحا الأسطورة الخارفة:
بادئ ذى بدء علينا أن نفرق بين مصطلح الخ ارفة ومصطلح الأسطورة، ومن البداية نشير إلى أن الأسطورة جاءت فى الفكر الإنساني بعد الخ ارفة .
والخ ارفة هى تفسير الإنسان لمظاهر الطبيعة )الفيضانات ـ الرعد ـ البرق ـ الزلازل... إلخ(، على أنها من تدبير كائنات خ ارفية تحاول قتل الإنسان.
أما الأسطورة فهي الحكاية التي ألفها الإنسان لكي يفسر بها ليس مظاهر الطبيعة فحسب لكن أيضا لتفسير سر الكون، ومن هنا بدأ ما يسمى وعى الإنسان أو الوعي عند الإنسان بذاته والكون المحيط به، وهناك فارق كبير بين أن يخترع الإنسان الأسطورة ويصدقها ويحيكها، وبين أن يعي دلالتها وإلى ماذا تشير وتهدف. ولقد عاش الإنسان الأسطورة منذ بدء وعيه ـ كما ذكرنا ـ لكنه احتاج إلى زمن طويل قبل أن ينتقل إلى عملية تحليل الأسطورة وإد ارك جذور ابتكار الإنسان لها، واستطاع أن يدرك ذلك عن طريق الشع ارء، ثم لاحقًا بعد ذلك الفلاسفة .
فقد اكتشف أنه كان - من دون وعى واضح منه - يؤرخ في الأسطورة لنفسه، وتاريخه، وكينونته، ووجوده فى الكون.
وفى هذا الإطار من المهم الإشارة إلى أن وعى الإنسان بالأسطورة بدأ مبك ار على الأقل مع الفكر الإغريقي، لكن علينا أن ندرك أن هذا الوعي الإنساني بالأسطورة )بطريقة منهجية( وربطه بصورة واضحة ونهائية بتاريخ الوعى والتجربة الإنسانية قد تبلور حتى وصل إلى الذروة فى عصر النهضة الأوروبية، وصولًا إلى عصر التن وير، حيث أفرد الفلاسفة مؤلفات كثيرة ومهمة من أهمها كتاب «فلسفة الأساطير» للألماني شيلنج 1775 ـ 1854.

فى هذا الكتاب يقول إن الإنسان منذ البدء شعر بحاجته إلى اخت ارع الأسطورة وجعلها جزءًا أساسيًا من حياته، فمنذ بداية الوعي الإنساني، وقبل أن يخترع العقل البشرى أى شيء آخر وقبل أن يصل إلى أى أفكار أخرى بما فى ذلك الأفكار الدينية، اخترع الحكاية التى كانت هى الأسطورة فى البداية*** .
وعلى مر الزمن طور الإنسان علاقته بالأسطورة التي سرعان ما أصبحت جزءًا أساسيًا من تاريخ الوعي الإنساني وتعبي ار عن توق الإنسان، حتى قبل أن يتفلسف مع الإغريقيين إلى طرح أسئلته عن سر وهدف وجوده فى هذا الكون، وسر هذا الوجود، والقوة التي ساوره منذ البداية شعور جاد بأنها تسّير هذا الوجود، ومن البديهي أن بحث الإنسان عن معنى الأسطورة تأخر كثي ار عن الزمن الذي وجدت فيه الأسطورة نفسها، ولكن من الواضح أن الأسئلة عن الأسطورة طُرحت منذ زمن بعيد، أى قبل شيلنج وغيره.

أما ما قام به هؤلاء الفلاسفة فإنما كان محاولة فلسفة الأسطورة وربطها بوعي الإنسان، ومن ثم منهجه تاريخها كجزء أساسي من أج ازء الوعي الإنساني وتطوره إذ تحول الإنسان إلى إنسان وا ع.
في نفس الكتاب يقول شيلنج إن فلسفة التاريخ والأسطورة عنص ارن متكاملان، ويقسم كتابه إلى قسمين القسم الأول بعنوان «التوحيد» وهو عبارة عن مقدمة فلسفية، ثم الجزء الثاني بحث فى فلسفة الأساطير، ويبدأ هذا الجزء بالقول «إن الأسطورة لكي تكون أساس للوصول إلى فلسفة حقيقية، يجب عليها أن تكون شيئًا آخر غيرالصورة السائدة.. أي شيء آخر غير ذلك التتابع القصصي، عليها أن تحتوي على حقيقة خاصة بها»، وهذه الحقيقة تكمن في نظر شيلنج فى أن الأساطير هي في واقع الأصل سيرورة إلهية - كونية أي إعلان الله عن ذاته من خلال الطبيعة والكون )في الأفاق وفى أنفسهم( قرآن كريم و)السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه( الكتاب المقدس .
ويرى أن هذه السيرورة تتحقق داخل الوعي البشرى لا خارجه، وهذا كله قبل عصر الأنبياء والكتب المقدسة، وهنا نرى مبادئ السيرورة هى نفسها مبادئ الكينونة..

بمعنى أن ما نحن بصدده هنا والآن إنما هو سيرورة تطور العالم الشاملة والمطلقة، ومن هنا يرى شيلنج أن الابتكا ارت والاكتشافات والإعلانات التى توصل إليها الوعي الإنساني على مدى مئات الآلاف من السنين إنما هى تصور الخالق بوصفه إلهًا واحدًا، أي إلهًا منطلقًا من ذاته.

وإن كان الوعي البشرى قد وصل إلى هذا من طريق أشكال وأساليب متنوعة، فإن الخالق طبقًا لهذا التصور، هو مركز وقوة الكينونة، أى الكينونة المطلقة، وهذا الكائن المطلق أو الكينونة المطلقة لابد أن يكون له تموضع ذاتي فأي كينونة لها ذات .
لكن يأتي سؤال يقف عنده شيلنج هو العلاقة الثلاثية بين إد ارك وحدانية الله وإ اردته من جهة، والأسطورة من جهة أخرى، والوعي الإنساني من جهة ثالثة.
ويضيف المفكر المصري عبد الرحمن بدوي إلى هذا أن شيلنج إنما بدأ بحثه كله عبر طرحه ثلاثة أسئلة هى التي تخطر ببال الإنسان العادي حين يجد نفسه فى إ ازء الأساطير: كيف ينبغي أن تفهم الأساطير؟! ما معناها أو المعاني التي تقدمها؟ وكيف حدثت؟


مارحل تطوّر الفكر الإنساني
بدأ الإنسان الأول قبل ارتقائه للحالة الإنسانية الكاملة كما هي اليوم، بدون لغة، فاكتفى بالرسوم والإشا ارت مع بعض الكلمات البسيطة التي تقترب من الطبيعة الحيوانية ،وكانت لغته شبه معدومة لأنّ أهم ما كان يسعى إليه الفرد هو البحث عن سبل العيش من طعام وش ارب وسكن وتكاثر ونحو ذلك، فكان أقرب إلى الطبيعة الحيوانية منه إلى الطبيعة البشرية ،بالإضافة إلى أنّ هذا الفرد كان يتعل ق- أيضاً – بالتابوهات التي نشأت من خلال اقت ارنات شرطية فابتعد –مثلاً - عن كائن ما لارتباطه بحدث مزعج مما جعله يربط بين هذا الكائن وبين الحدث ليصبح محظواًر فيما بعد حتى مع انتفاء ذلك الحدث .

وهنالك اقت ارنات شرطية غيبية تشبه تلك التابوهات كأن يتوسل الأف ارد – مث لاً- بمكان معين لارتباطه بحدث مهم وسار مما جعل المكان يحتل قدسية ومكانة في نفوس الأف ارد، وهكذا اكتسب )الموضوع( قدسية أو تحريماً لارتباطه بحدث يستدعي ذلك فاستمرّتْ الاستجابة لذلك الموضوع حتى بعد أن انتفى الموقف الذي أدّى إلى الربط بينه وبين موضوعه.

وبعد أن ظهرت اللغة بشكل واضح وتام للتواصل بين الأف ارد بدأ الإنسان يبحث عن وسائل متطورة للعيش وبدأ يبتكر الكثير من الأشياء من الخشب والحجر والنار والصلصال وبدأ يفسّر الأحداث والظواهر الكونية وأزمة الوجود بشكل بدائي من خلال )الأسطورة( مع وجود التابوهات؛ فظه رت عدة أشكال من الأساطير تتمثل في الأسطورة الطقوسية المرتبطة بالشعائر والأسطورة الرمزية ذات البعد الدلالي، والأسطورة التعليلية التي تفسر أسباب الظواهر وعلل الأشياء بالإضافة إلى أسطورة التكوين التي تفسّر الظواهر الكونية وحقيقة الوجود.
ثم ارتقى الانسان بعد ذلك – بعد أن اتسعت مفرداته وكلماته وأصبح لديه فائض لغوي – ليبدأ بالتأمل الذهني عبر التفكير الفلسفي الذي يبدأ بمقدّمات منطقية يصل من خلالها إلى نتائج مقنعة فأصبح يعالج قضايا الكون والوجود من منطلق فلسفي وتفكير تأمّلي خارج نطاق الأسطورة البدائية التي تفتقد المنطق في التفكير أو النظر للأمور من خلال الاستقصاء والاستنتاج والتأمّل والربط بطريقة مقنعة.
وبذلك تشعبّت الأمور الفلسفية من خلال ال ازوية التي تركز عليها فظهرت الفلسفة الميتافيزيقية والفلسفة الإبستمولوجية: وهنا نوضح أن الأبستمولوجيا مصطلح تعود جذوره للغة اليونانية وهو مؤلف من مقطعين (episteme) وتعني العلم أو المعرفة، و(logos) وتعني د ارسة أو نظرية، ومن هنا تكون ترجمتها إلى العربيةنظرية العلوم، أو د ارسة العلوم.
ومصطلح أبستمولوجيا يدور في محورين: المحور الأول في الاصطلاح المعاصر ويعني الد ارسة النقدية للعلوم والتي تهتم بد ارسة العلوم وموضوعاتها ،وفرضياتها، وأهميتها، ونتائجها.

ويمكن القول بأن الأبستمولوجيا أصبحت تهتم في د ارسة العلوم بعد أنّ كانت تتعلق بالوجود كاملاً، والمحور الثاني هو الأبستمولوجيا في سياق الفلسفة وهي د ارسة المعرفة والفرق بينها وبين العلم والإد ارك وطرق تحصيل المعرفة وهو قسم من أقسام الفلسفة الثلاثة التي تهتم بد ارساتها فلسفة )الأبستمولوجيا.(
كما ظهرت أيضاً إلى جانب الفلسفة الميتافيزيقية والأبستمولوجية الفلسفة الجمالية والفلسفة الأخلاقية ثم ظهرت فلسفات للعلوم وغير ذلك من أنواع الفلسفة. وبوجود اللغة – التي وصلت مستوى عاليا رفيعاً مع مستوى من الفكر المتوقّد والخيال الجامح الذي خلفته الأساطير في نفوس النا س- نشأ الشعر والغناء والقصص.
ثم جاءتْ مرحلة جديدة حيث بدأ يخوض الإنسان التجارب ويعتمد على الملاحظة والتفكير المنطقي مما أدى ذلك إلى ظهور الحركة العلمية فبدأ الإنسان بالصناعة والعمل في ميدان الصحة واكتشاف بعض الأمور في الطبيعة أو في جسم الإنسان، وهذه الحركة العلمية جعلتّ التابوهات والأساطير والفلسفة تت ارجع إلى ح د ما؛ حيث أصبحت الأحكام العقلية مبنية على التجارب والمحسوسات والنظر للأمور بشكل علمي مدروس .
من هنا بدأتْ الأمور تتخذ منحى آخر فأصبح الفكر يفوق اللغة وأصبحت العقلانية تفوق السذاجة الفكرية المرتبطة بالميتافيزيقيا والتفسي ارت غير المنطقية وهذا أوجد أشكالاً مختلفة من الفكر الإنساني الذي طغى عليه الفكر المادي والحس التجريبي فأصبح هنالك فئة من الناس مرتبطة بالفكر العلمي مع ارتباطهم بالفكر الأسطوري والخوارق الميتافيزيقية والتابوهات.
وهنالك فئة أخرى أخذتْ الفكر العلمي فقط، وظهر أشخاص آخرون رفضوا الفكر العلمي وارتبطوا بالفكر الأسطوريّ والتابوهات والغيبيات، وهنالك من رفض الفكر العلمي لعدم شعوره بالاطمئنان تجاهه ولأنه لم يجد فيه ما يبني إنسانيته ورفض معه كذلك الفكر الأسطوري والتعلق بالتابوهات والأمور الميتافيزيقية لأنه لم يجدها – أيض اً- قد حققتْ ما يطمح إليه من سعادة.

ومن الطبيعي مع ارتفاع مستوى الفكر ومستوى العلم وسهولة الحصول على المعرفة أن تتغير المعادلة، بالإضافة إلى شعور الإنسان بالسيطرة والقوة والتفوّق، فبرزت دعوات التحرّر وظهرت العولمة وحقوق الإنسان، وفي مقابل ذلك ظهرت دعوات مضادة ترفض العقل والعلم وتحارب الحريا ت والعولمة وحقوق الإنسان وتعود إلى استحضار الماضي لتفتك بالحاضر ممّا أدى ذلك الأمر إلى وجود معسكرين متصارعين هما :
الاول الفكر المتحضّر التنويري بما فيه من علم ومعرفة وحقوق إنسان، والثاني الفكر الرجعي بما فيه من عودة للماضي ورفض لكل جديد وإقصاء كل فكر لا ينتمي إلى الموروث القديم ونتج عن ذلك حالة من التشظي الفكري والنفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى ظهور حالة الاغت ارب والاستلاب الثقافي وحالة التبعية العمياء أو الاستقلالية المفرطة.

وهكذا تطوّر الفكر الإنساني من البساطة إلى التعقيد ولا ي ازل هذا الفكر متطواًر بشكل ديالكتيك حتميّ عبر الزمن ليجد الإنسان نفسه في حقبة تاريخية متلونة بنمط فكريّ معيّن .
قارءة في مفهوم الفكر الإنسان ي
تزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تحاول قدر الإمكان استئناف النظر في مداخل النهضة والتقدم، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، وكذا النهوض المعاق، بفعل عدة عوامل يطول شرحها الآن.
ومن ي ارجع قواميس اللغة والد ارسات المنطقية والعلمية التي عرّفت الفكر وتحدثت عنه، يجد أن للفكر تحديداً واضحاً وتعريفاً دقيقاً في هذه الد ارسات والعلوم، ومن المفيد هنا أن نعرض مفهوم الفكر في اللغة والمعاجم الحديثة، ثم ننظر إليه من خلال وضعه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ثم لدي عدد من المفكرين والأكاديميين.
1 -الفكر في اللغة:
عرف ابن منظور في لسان العرب الفكر بقوله: الفكر: إعمال الخاطر في الشيء، والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكري، ورجل فكير: كثير التفكير، وقال الجوهري: التفكر: التأمل.
وعرفه الفيروز آبادي بقوله: الفكر، بالكسر ويفتح، إعمال النظر في الشيء كالفكرة.

وعرفه ال ارغب الأصفهاني بقوله: “الفكرة قوّة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكّر جولان تلك القوّة بحسب نظرالعقل، وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلاّ فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب.
ولهذا روي: )تفكّروا في آلاء الله، ولا تفكّروا في الله(.
قال تعالي: }كذلك يُبيّنُ اللهُ لكُمُ الآيات لعلكّم تتفكّرون{.
2 -الفكر في المعاجم الحديثة والمعاصرة:
عرفه صاحب )المعجم الوسيط( بقوله: “الفكر إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول، ويقال لي في الأمر فكر نظر ورؤية، ]و[ الفكرة: الصورة الذهنية لأمر ما”، ومنها: أفكر في الأمر، فكر فيه، فهو مفكر.
وأفتكر تذكر، وفي الأمر أعمل عقله فيه، ومنها تفكر، والتفكير إعمال العقل في مشكلة للتوصل إلى حلها ،ومنها الفكير: الكثير التفكي ر
أما فى الموسوعة الفلسفي ة فقد ورد عدة تعريفات منها: الفكر: هو النتاج الأعلى للدماغ كمادة ذات تنظيم عضوي خاص، وهو العملية الإيجابية التي بواسطتها ينعكس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحكام ونظريات وهو الشرط الجوهري لأي نشاط آخر، طالما أن هذا النشاط هو نتيجته المجملة والمتمثلة، والكلام هو صورة الفكر.
وتري الموسوعة الحرة أن:
الفكر هو مجموع العمليات العقلية التي تمكن البشر من نمذجة العالم المحيط بهم، والتالي التعامل معه بفعالية حسب أهدافهم، وخططهم، ورغباتهم النهائية .
هناك العديد من المصطلحات المرتبطة بمفهوم الفكر، أهمها: الإد ارك، الوعيconsciousness ، شدة الإحساسsentience ، الأفكارideas ، الخيال. imagination
فعملية التفكير تتضمن أيضاً التعامل مع المعلومات، كما في حالة صياغتنا للمصطلحات، والإسهام في عملية حل المشكلات، والاستنتاج واتخاذ الق ارار ت.
ويعتبر التفكير أعلى الوظائف الإد اركية التي يندرج تحليلها وتحليل العمليات التي تسهم في التفكير ضمن إطار علم النفس الإد اركيcognitive psychology.

الفكر أيضاً هو اتجاه يرتبط به الإنسان بعد تفكير لاختيار توجه يقيم على أساسه نهج حياته والقيم الإنسانية التي يسير عليها، والاتجاهات الفكرية تتقاطع فيما بينها بشكل كبير، كما أنه يمكن لأي إنسان اتخاذ مجموعة من المبادئ التي لا تنتمي لتوجه فكري معين واعتبارها توجهاً فكرياً خاص اً.
3 -الفكر في القرآن الكريم
احتل الحث على استخدام العقل، والدعوة إلى التفكر، والتدبر، والنظر، مساحة واسعة في القرآن الكريم، فقد جاءت مشتقات العقل في تسع وأربعين آية كلها بالصيغة الفعلية، مثل يعقلون، وتعقلون، ونعقل، وعقلوه، ويعقلها، بينما لم ترد كلمة العقل بالصيغة الاسمية في القرآن، وان وردت م اردفاتها بهذه الصيغة، مثل: اللبّ، والحلم، والحجر، والنهى، والقلب، والفؤاد، التي جاءت بمعنى العقل.
واشتمل القرآن على أكثر من ثلاثمائة آية تتضمن دعوة الناس إلى التفكر أو التذكر أو التعقل، ويمكن القول إن تلبس العقل في تمام الموارد التي جاء فيها في القرآن بالصيغة الفعلية، يوحي بتوجيه العقل نحو النهوض بوظيفته التي خلق لأجلها، وهي العمل باستم ارر على التفكر، والتدبر، والتبصر، والنظر، والتذكر، والتفقه ،وهذه كلها أفعال تتطلب فعالية دؤوبة متوثبة للعقل بنحو متواصل.


ويقول القاضي عبد الجبار في معني “ينظرون” إنه التفكر بالقلب، قال الله: }أفَلَا يَنظُرُونَ إلى الِْإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ{ أفلا يفكرون في خلقها… ويضيف بأن “النظر إذا قيد بالقلب لا يحتمل إلا التفكير، ثم إن النظر بالقلب له أسماء من جملتها: التفكير، والبحث، والتأمل، والتدبر، والرؤية، وغيرها.

4 -الفكر عند بعض العلماء والمفكرين قديماً وحديث اً
نظ ارً لطبيعة المعرفة في البيئة الإسلامية الأولى، ودخول العلماء والمفكرين ميدان استنباط العلوم والمناهج والأدلة، وبروز إشكالات من قبيل ما هو كلامي أو فلسفي في الثقافة المعرفية الإسلامية، كان لهذا المفهوم حضواًر في مجموع السجلات والتأليفات، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بصيغة الفكر، وإنما جاء في كثير من الم ارت بصيغة: العقل، والتأمل، والتدبر، والنظر.
وفيما يلي بعض التعريفات لهذا المفهوم:
يقول قاضي القضاة عبد الجبار الهمذاني في كتابه الشهير “شرح الأصول الخمسة: “الفكر هو المعنى الذي يوجب كون المرء متفك اًر، والواحد منا يجد هذه الصفة من نفسه، ويفصل بين أن يكون متفك اًر أو بين أن لا يكون متفك اًر، وأجلى الأمور ما يجده الإنسان من نفسه.”
ويرى الإمام أبو القاسم جار الله الزمخشري في كتابه المنهاج في أصول الدين أن “النظر هو التأمل والاستدلال: أي ترتيب علوم أو ظنون ليتوصل بها إلى علم أو ظن، كمن أرى دخاناً فعلم أن تحته نا اًر، فالذي توصِّل به إلى هذا العلم ترتيب علمين قبله وهما: علمه أن الدخان لا يكون إلا عن نار، وعلمه أن ما رآه دخان .
يقول الإمام أبو حامد الغ ازلي: “اعلم أن معنى الفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة”، وقد جعل الفكر م اردفاً للتأمل والتدبر.
وعرفه عبد الرحمن الزنيدي: “الفكر في المصطلح الفكري -والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشر ي.
وعرف الشيخ محمد رضا المظفر الفكر بقوله: “تعرف مما سبق أن النظر -الفك ر- المقصود منه إج ارء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلى المطلو ب.”
ويعرف الفكر كأيديولوجيا بمعناها الواسع بأنها “مضمون الفكر ومحتواه، أي جمله الآ ارء والأفكار التي يعبر بواسطتها هذا الشعب أو ذاك عن مشاكله واهتماماته، عن مثله الأخلاقية ومعتقداته المذهبية وطموحاته السياسية والاجتماعية، وأيضاً عن رؤيته للإنسان والعالم.”
ويعرف الفكر كأداة بأنه: “أداة لإنتاج الأفكار سواء منها تلك التي تصنف داخل دائرة الأيديولوجيا أو داخل دائرة العلم، وهو أداة بمعنى أنه جملة مبادئ ومفاهيم وآليات، تنتظم وتترسخ في ذهن الطفل الصغير منذ ابتداء تفتحه على الحياة لتشكل فيما بعد “العقل” الذي به يفكر، أي الجهاز الذي به يفهم ويؤول ويحاكم، ويعترض ،وهي عبارة عن عناصر متداخلة ومتشابكة بصورة تجعل منها بنية: أي منظومة من العلاقات الثابتة في إطار بعض التحولات.

والفكر كمحتو ى هو: “جملة من الأفكار والآ ارء والنظريات تنظمها عناصر ترتبط بعلاقات بنيوية، علاقات تجعل منها أج ازء تستقي دلالتها ووظيفتها من الكل الذي تنتمي إليه، وهي بنية من التصوارت، ومن الآ ارء والأفكار والنظريات.
ويربط الجابري بين الفكر كأداة والفكر كمحتوي ويقول” المبادئ والمفاهيم والآليات الذهنية التي يفكر العربي بواسطتها هي علي الرغم من طابعها كلي إنساني، ذات طابع خصوصي أو فيها جوانب من الخصوصية تسمح وتبرر وصف الفكر الأداة الذي تشكله بأنه “عربي”، تماماً مثلما أن الآ ارء والأفكار والنظريات التي ينتجها المثقف العربي المؤطر بمحيطه العربي، الاجتماعي الثقافي، تشكل محتوى فكرًّيا “عربيًّا” ليس فقط لأنه يتناول قضايا عربية أو قضايا إنسانية في بعدها العربي بل أيضاً لأنه نتيجة ق ارءة تتخذ المحيط الاجتماعي الثقافي العربي إطا اًر مرجعياً لها، وعلى ذلك فالفكر العربي هو في آن واحد أداة ومحتوى أو بنية عقلية وبنية أيديولوجية )بالمعني العام والواسع لكلمة أيديولوجيا(.

المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة:
بالنظر في مجموع ما تم تقديمه من أمثلة، وغير ذلك، يستفاد ما يلي:
‌أ- الفكر بمعنى إعمال النظر والتأمل في مجموعة من المعارف، بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة.
‌ب- الفكر بمعنى الثمرة التي تنتج عن عملية التفكير.
‌ج- إن التفكر عملية عقلية تستخدم فيها كل الوسائل المساعدة للوصول إلى حقيقة الدنيا والآخرة.
‌د- الفكر م اردف للنظر، وهو إعمال العقل في الأمور المختلفة للوصول إلى أمر جدي د.
هـ- التفكير تمرثه التذكير.
وهكذا تتضح حقيقة التفكّر، وتشخيص معناها، وبأنها: حركة عقلية وقوّة مدركة يكتشف الإنسان عن طريقها القضايا المجهولة لديه والتي يبحث عنها ويستهدف تحصيلها، فتنمو معارفه وعلومه وأفكاره في الحياة.
ويرتبط بمفهوم الفكر مفاهيم أخري تشكل منظومة مت اربطة ومتناسقة مع بعضها البعض بداية من المفهوم الرئيسي والجذري وهو )الفكر( والمفاهيم النابعة منه، والتي تعطي قد اًر من التفاعل والمفاعلة كمفهوم: المفكر والمنظر والفيلسوف والكاتب والمجتهد والمفسر، وهذا المفهوم ب دوره أنتج مفاهيم فرعية أخري كـ: النظر والتأمل والإد ارك والتمحيص والتفكير والجدل وإعمال العقل والاستنباط والاستنتاج، والبحث والتدبر والخاطر والعلم والد ارية والفقه والفهم، والفطنة والحس، والمعرفة، والتبصر، والتذكر.
ويأتي عكس هذه المفاهيم مفاهيم من قبيل: التجمد والتيبس والتقليد والتحجر، والبلادة والركود والجمود والجهل، والنسيان، والغفلة، والسهو.
إن البحث بالعقل كمنتج للتفكير والبحث بهما معاً يهدف لإنتاج النهوض الحضاري والاستم ارر بعيش الأمة عيشاً حضارياً ومحاولة تفاعل حضارة وثقافة الأمة بالحضا ارت الأخرى تأثي اًر وتأث اًر، وجعل حضارتنا قائمة وباستم ارر على الإنجاز في الاكتشاف والاخت ارع والإبداع وتوجيه الاكتشافات والاخت ارعات والإبداعات لخير الأمة وزوال شقاء العالم كل ذلك ليس بحثاً في التفكير العادي أو الذاتي.
الخلاصة في تعريف الفكر:

يعرف في اللغة الإنجليزية بمصطلح(Thought) ، وهو مجموعة من الأفكار، والآ ارء التي يعمل عقل الإنسان على تفعيلها عند التعامل مع موقف، أو حدث ما، ويعرف أيضاً بأنه وظيفة عقلية تهدف إلى تحفيز الدماغ لفهم، واستيعاب البيئة المحيطة به، حتى يتمكن من تحويل المجهولات التي تواجهه إلى معلومات يقدر على التعامل معها، واستخدامها عند الحاجة لها .
إن الفكر عموماً يرتبط بمجموعة من المصطلحات، والمفاهيم الإد اركية، والاستنتاجية، والتي تعتمد على قيام فرد، أو مجموعة من الأف ارد بالتفكير بمجال معين، من أجل الوصول إلى بناء أفكار واضحة، ومفهومة ،وعقلانية، ومنطقية ليتم التعامل معها بشكل حقيقي، ثم نشرها بين أف ارد آخرين حتى يصبح للفكر الواحد حيزٌ إنساني، وتطبيقي داخل البيئة المحيطة به، ويهتم علم نفس الإد ارك بد ارسة، وتحليل العوامل الفكرية التي تؤثر، ويتأثر بها الأف ارد .


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

تهتم شركة صافول...

تهتم شركة صافولا بتوفير مدخلاتها (المواد الأولية)لتصنيع سكر الأسرة بأعلى جودة من خلال اتباع أساليب د...

الأشكال والمصطل...

الأشكال والمصطلحات الفنية هي أول ما يتبادر إلى الذين عند الحديث أو الكتابة عن موضوع فني حيث نجد أنفس...

2. تاريخ استخدا...

2. تاريخ استخدام الخشب لقد لعبت الشجرة وخشبها دورًا بارزًا في حياة الإنسان عبر التاريخ. لقد كان الخ...

التحليل الإحصائ...

التحليل الإحصائي للبيانات من أهم فروع علم الاقتصاد وذلك لما له من ارتباط كبير في مجالات مختلفة، فقد ...

إذا كان إثبات ع...

إذا كان إثبات عقد النقل يتم بجميع وسائل الإثبات كشهادة شهود والإقرار والقرائن فإن هذه الوسائل قد لا...

و انك لعلى خلق ...

و انك لعلى خلق عظيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا...

يتم ضغط قدرة ال...

يتم ضغط قدرة التبخير عن طريق ترموستات منظم لدرجة الحرارة، وهذا يؤدي إلى حفظ درجة حرارة غرفة القيادة ...

وكتاب أبي بكر ا...

وكتاب أبي بكر الباقلاني - كما يدل عليه اسمه - وضع للدلالة على وجوه الإعجاز التي تضمنها كتاب الله، وق...

‏Campaigns prom...

‏Campaigns promoting good health and well-being can have a significant impact on society. These camp...

مشيرًا إلى أنه ...

مشيرًا إلى أنه بعد 52 عامًا، أصبحت إسرائيل قوية بما يكفي لمواجهة ماضيها. يُظهر النص كيف تم تقسيم الأ...

المدينة تَكْبُر...

المدينة تَكْبُرُ وَتَمْتَلِي بِالنَّاسِ ، وَتَمْتَلِيُّ بِالْمَصَانِعِ وَبِالدُّخَانِ وَالدُّرُوبِ ،...

قبول وكالة المح...

قبول وكالة المحامي عن متهم هارب بين الحظر والإباحة دراسة استعراضية لموقف القضائين العراقي والكوردستا...