لخّصلي

خدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمة

نتيجة التلخيص (50%)

اتخذ محمد علي باشا معسكراً بالقرب من القاهرة لإعداد حملته، وعقد لواءها لابنه طوسون باشا يرافقه فيها كبار قادته، بدأ محمد علي باشا في حشد المقاتلين والعتاد بشكل كبير، وقطع في ذلك ستة أشهر ونصف الشهر إلى أن صارت على أهبة الرحيل. بلغ عدد رجال الحملة المسيرين في أولها ثمانية آلاف مقاتل نظامي فقط، كما ارتفع العدد في الحجاز إلى أن بلغ أربعة عشر ألف مقاتل؛ معارك ينبع والسويق وبدر بدأ محمد علي باشا في تسيير قواته ناحية الحجاز، أما الفرسان وعلى رأسهم طوسون باشا فيسيرون براً مع مواشيهم وجمالهم المحملة بالمؤن والسلاح عن طريق برزخ السويس فالعقبة حتى يبلغوا ينبع البحر فيلتقوا بالمشاة بها ومن هناك يزحف الجمع إلى المدينة المنورة. وصلت السفن العثمانية بعد شهر من تحركها بلدة ينبع البحر واستولت عليها، إذ انسحب أميرها الموالي للدولة السعودية الشريف جابر بن جبارة بعد أن خسر ثلاثمائة من أتباعه. أسرع الشريف ابن جبارة في إعلام أمير المدينة المنورة المعين من قِبَل الدولة السعودية مسعود بن مضيان الحربي، ونهبوا كل ما كان بينبع من الودائع والأموال والأقمشة والبن، وسبوا النساء والبنات الكائنات بالبندر، وطافت المبشرون على بيوت الأعيان ليأخذوا منهم البقاشيش، وأرسلوا بتلك البشارة شخصا معينا كبيرا إلى إسطنبول، وفي طريقه أغار عليه الشريف ابن جبارة مع مسعود بن مضيان الحربي ليمنعاه من بلوغها، فسارع مسعود بن مضيان الحربي في الانضمام لقوات الدرعية الرئيسية والتي بدأت في حفر خندق في أحد خيوف وادي الصفراء في الطريق الرابط ما بين المدينة وينبع للإيقاع بالقوات العثمانية. واصلت الحملة العثمانية سيرها نحو المدينة المنورة، بعد اشتباكات يسيرة مع الشريف ابن جبارة من الاستيلاء على السويق، وأنَّهم ملكوا قرية ابن جبارة من الوهابية، وحضرت عربان كثيرة وقابلوا ابن الباشا. بأن جماعة من كبار الوهابية حضروا بنحو سبعة آلاف خيال وفيهم عبدالله بن سعود، وقصدوا أن يدهموا العرضى على حين غفلة. ووقع بينهم القتال والوهابية يقولون: «هاه يا مشركون»، وانجلت الحرب عن هزيمة الوهابية. وكانت الحرب بينهم مقدار ساعتين». نهبوهم وأخذوا نساءهم وبناتهم وأولادهم وكتبهم، معركة وادي الصفراء زحف طوسون باشا وقادته نحو المدينة المنورة، وكان قد أعد لهم عبدالله ابن الإمام سعود الكبير كميناً في أحد خيوف وادي الصفراء الضيقة في طريقهم للمدينة المنورة بعد أن اتفق الرأي مع من معه على حفر خندق وتعبئة قواتهم عنده، فصار عند الخندق أهل نجد بقيادة عبدالله بن سعود الكبير، وفي الجبال فوق الخندق أهل الحجاز وعسير وعليهم عامل الدولة السعودية على الحجاز عثمان بن عبدالرحمن العدواني؛ أنه عندما وصلت قوات طوسون باشا لاحقاً، فأخذوا يرمون من في الوادي وتقدموا؛ ومن بعده سقط الثاني ودخلوا لعمق الوادي. عندها تقدم عثمان بن عبدالرحمن العدواني ومسعود بن مضيان الحربي بأهل الحجاز ومن معهم من فوق الخندق ورموهم، عندها اندفعت قوات عبدالله بن سعود الكبير وراءهم بقلب الوادي وأوقعت فيهم خسائر فادحة في اليوم الثالث والأخير للمعركة. ومانع بن وحير العجمي، عبور طوسون باشا وادي الصفراء فر طوسون باشا بعد الهزيمة في الصفراء مع من بقي حياً من قواته قاصداً ينبع البحر، وصلت أنباء هذه الهزيمة لاحقاً إلى محمد علي باشا، ونسبها طوسون باشا إلى اختلاف قواده وتقصيرهم، فتأثر محمد علي باشا لهذه الهزيمة، اضطر محمد علي باشا للقيام بنفقات الحملة إلى فرض ضرائب جديدة وكبيرة أمكنته أن يمون منها قواته في فترة وجيزة، قدم من مصر عن طريق البحر أحمد بونابرت مع الأموال والعدد والعدة في خمسة عشر ألفاً من المقاتلين بالإضافة لثلاثة آلاف مقاتل من المغاربة جهزهم محمد علي باشا دعما للقوات المرابطة في ينبع البحر والتي عليها ابنه طوسون باشا. تحركت تلك الجموع النظامية بعد تأمين ينبع البحر إلى المدينة المنورة، وقد استولت في طريقها على وادي الصفراء وبلدات حرب حوله وغيرها دون قتال باستمالة أهلها وأحلافهم بالهدايا والمال مع الخُلَع لشيوخ العشائر. وصلت القوات العثمانية إلى المدينة المنورة في منتصف شوال سنة 1227هـ/1812م، ذلك أنه عندما استعصت المدينة بأسوارها وقوة تحصيناتها أمر طوسون باشا قواته بحفر سراديب تحت سور المدينة ناحية قلعة البلد وثوروا فيها البارود وأشعلوا فيها النار، وانقضت القوات العثمانية على من كان فيها. وقد كان بالمدينة المنورة من الحامية التابعة للدرعية عدد من أهل نواحيها جعلهم فيها إمامها سعود الكبير بن عبد العزيز أثناء قفوله من الحج سنة 1226هـ/1811م، حيث وضع فيها سبعة آلاف مقاتل إلى جانب القوات المرابطة فيها من أهلها تحسبا لهجوم محتمل. قام بعض من كان يسكن المدينة بفتح باب البلد، وانهارت صفوفها، وكثر الرمي والقتل فيهم عند فجوة السور المنهار ومن داخل البلد، فأخذت قوات طوسون باشا في ضرب القلعة بالمدافع حتى طلب من كان فيها المصالحة بعد أيام فأنزلوهم منها بالأمان على أن يغادروا المدينة فغادروها بعد شهر من بدأ المعركة التي امتدت من منتصف شهر شوال إلى منتصف شهر ذي القعدة تقريبا، كما خسرت الدرعية ثلثي عسكرها المكلف بحماية المدينة. ما قام به أحمد بونابرت بعد المعركة، جماجم كل الوهابيين الذين قتلوا في المدينة، وحين وصلت إلى المدينة. روى عبدالرحمن الجبرتي عن مصير عامل الدولة السعودية على المدينة المنورة، مسعود بن مضيان الحربي، وما جرى له عند وصوله إلى الأستانة أسيراً، فلما حصلت النصرة للعسكر واستولوا على المدينة، وأتوا بمفاتيح زعموا أنها مفاتيح المدينة كان هو المتعين بها للسفر للديار الرومية بالبشارة للدولة، وأرسلوا صحبته مضيان الذي كان متأمراً بالمدينة، ودخلوا إلى إسلامبول في موكب جليل وأبهة عظيمة إلى الغاية. وعلقوه على باب السراية، حج إمام الدولة السعودية سعود الكبير حجته التاسعة والأخيرة وقد بلغه سقوط المدينة المنورة قَبْل دخول مكة المكرمة، وأمره أن ينزل بمن معه وادي مرّ بالقرب من مكة شمالاً لحمايتها ولتكون مكة قاعدة يجتمعون فيها إن انهزموا؛ بعد انقضاء موسم الحج وعودة سعود الكبير إلى الدرعية، قام الشريف غالب بن مساعد بمراسلة قوات محمد علي باشا عارضا عليهم تسليم جدة ومكة دون قتال؛ عندها وقع بعبدالله بن سعود الكبير ما أوحشه من الشريف غالب بن مساعد وأحس بغدر الأخير، عندها قام إمام الدولة السعودية سعود الكبير بتجريد حملتين إحداهما بقيادة ابنه فيصل بن سعود الكبير لدعم المرابطين جهة مكة الذين جَدَّ الشريف غالب في طلبهم، والذين تنقلوا بين العبيلاء والطائف (دخلها أتباع الشريف في شهر صفر) ورَنْيَة واستقروا بتْرُبَة. والأُخْرى خرج هو على رأسها من عشرين ألفاً في آخر ربيع سنة 1228هـ/1813م قاصداً جهة المدينة المنورة لمعاقبة القبائل التي غدرت به ولمحاولة قطع الطريق بين المدينة المنورة والإمدادات القادمة من ناحية مصر، فنزل الحِنَاكِية شرق المدينة المنورة وهزم حامية طوسون باشا فيها واستردها، فأغارت عليه الخيالة العثمانية وحاولت استدراجه لأسوار المدينة المنورة وعليها أحمد بونابرت فلم تفلح، ثم سار في الحرة ونزل على أهل بلدة السوارقية فهزمهم وقطع نخيلهم. اكتمل جمع طوسون باشا ومصطفى بيك مع الشريف غالب في مكة بعد أن وصلت السفن العثمانية جدة الساحلية من ناحية مصر محملة بالمؤن الكبيرة. البلدة المحصنة التي استقر فيها المرابطة من أتباع الدرعية بعد خروجهم من مكة والتي قصدها فيصل بن سعود الكبير لدعم من استعصم بها. أرسل طوسون باشا إلى أبيه لاحقاً، وأنه خشي أن تنكث العربان عهودها، وألح على أبيه في سرعة إرسال نجدة إليه. قرر محمد علي باشا أن يتولى قيادة قواته بنفسه وسار إلى الحجاز سنة 1228هـ/1813م. بلغت خسائر الحملة العثمانية في دورها الأول على الحجاز نحو ثمانية آلاف مقاتل نظامي، وكلفت الحملة إلى ذلك الحين 35 مليون فرنك. في حين خسرت الدولة السعودية مناطق مهمة في الحجاز، مطلق بن محمد المطيري، كما توفي أبرز حلفائها الشيخ حميد بن ناصر الغافري العماني، خسرت الدولة السعودية أيضا عاملها على الحجاز، عثمان بن عبد الرحمن العدواني، حيث غُدِر به وأُسِر من قِبَل بعض العربان الذين نجح طوسون باشا في استمالتهم بالأموال قرب العبيلاء، فَسُلم للقوات العثمانية، وأُرْسل إلى القاهرة ومنها إلى الأستانة. ودخل به إلى المدينة وأمامه الجاويشية والقواسة الأتراك، وطلعوا به إلى القلعة، فلما دخل عليهم أجلسوه معهم فحدثوه ساعة، حتى قال الجماعة لبعضهم البعض: «يا أسفاً على مثل هذا، إذا ذهب إلى إسلامبول يقتلونه»، فأركبوه وتوجهوا به إلى بولاق،


النص الأصلي

الحملة الأولى (1811م - 1813م)
اتخذ محمد علي باشا معسكراً بالقرب من القاهرة لإعداد حملته، وعقد لواءها لابنه طوسون باشا يرافقه فيها كبار قادته، ولما وقعت مذبحة المماليك بالقلعة، بدأ محمد علي باشا في حشد المقاتلين والعتاد بشكل كبير، وقطع في ذلك ستة أشهر ونصف الشهر إلى أن صارت على أهبة الرحيل. بلغ عدد رجال الحملة المسيرين في أولها ثمانية آلاف مقاتل نظامي فقط، كما ارتفع العدد في الحجاز إلى أن بلغ أربعة عشر ألف مقاتل؛ إذ دخلت فيهم قوات غير نظامية من العربان.


معارك ينبع والسويق وبدر
في شعبان سنة 1226هـ/سبتمبر 1811م، بدأ محمد علي باشا في تسيير قواته ناحية الحجاز، وكان خط سير الحملة أن تتحرك السفن بالجنود المشاة من ثغر السويس إلى ينبع البحر، أما الفرسان وعلى رأسهم طوسون باشا فيسيرون براً مع مواشيهم وجمالهم المحملة بالمؤن والسلاح عن طريق برزخ السويس فالعقبة حتى يبلغوا ينبع البحر فيلتقوا بالمشاة بها ومن هناك يزحف الجمع إلى المدينة المنورة. وصلت السفن العثمانية بعد شهر من تحركها بلدة ينبع البحر واستولت عليها، وقد كان فيها حامية صغيرة؛ إذ انسحب أميرها الموالي للدولة السعودية الشريف جابر بن جبارة بعد أن خسر ثلاثمائة من أتباعه. أسرع الشريف ابن جبارة في إعلام أمير المدينة المنورة المعين من قِبَل الدولة السعودية مسعود بن مضيان الحربي، ليبعث الأخير برسالة لسعود الكبير بن عبدالعزيز بالدرعية يعلمه فيها عن هذا الإنزال، ويعلمه عن القوات الأخرى التي تسير بمحاذاة الساحل براً والتي أخذت في استمالة أبناء القبائل بالهدايا والأموال في طريقها إلى ينبع البحر.


روى عبدالرحمن الجبرتي المؤرخ المصري المعاصر لتلك الحقبة ما جرى لأهل البلدة وأحداثها، بقوله: «وردت الأخبار بأن عساكر البحرية ملكوا ينبع البحر، ونهبوا ما كان فيه من ودائع التجار، وذلك أنه كان بمرساة ينبع عدة مراكب وأدوات.. ونهبوا كل ما كان بينبع من الودائع والأموال والأقمشة والبن، وسبوا النساء والبنات الكائنات بالبندر، وأخذوهن أسرى، ويبيعوهن على بعضهم البعض، ووصل المبشرون بذلك.. فضربوا لذلك مدافع من القلعة كثيرة، وعملوا شنكا، وطافت المبشرون على بيوت الأعيان ليأخذوا منهم البقاشيش، وأرسلوا بتلك البشارة شخصا معينا كبيرا إلى إسطنبول، يبشرون أهل الدولة وسلطان الإسلام، وكان ذلك أول فتح حصل».


وفي نوفمبر من نفس السنة، وصل طوسون باشا بفرسانه إلى ينبع البحر حيث التقى بقواته المشاة فيها، وسار منها مع قادته قاصداً ينبع البر. وفي طريقه أغار عليه الشريف ابن جبارة مع مسعود بن مضيان الحربي ليمنعاه من بلوغها، فهزمهما؛ إذ أهلك ألف من أتباعهما تحت ضربات المدافع ودخل ينبع البر سلماً. فسارع مسعود بن مضيان الحربي في الانضمام لقوات الدرعية الرئيسية والتي بدأت في حفر خندق في أحد خيوف وادي الصفراء في الطريق الرابط ما بين المدينة وينبع للإيقاع بالقوات العثمانية. لاحقاً، واصلت الحملة العثمانية سيرها نحو المدينة المنورة، تعاونها جموع من القبائل التي استمالها طوسون باشا بالهدايا والأموال. وتمكنت، بعد اشتباكات يسيرة مع الشريف ابن جبارة من الاستيلاء على السويق، كما أخضعت بدر.


روى عبدالرحمن الجبرتي عن دخول طوسون باشا ينبع البر، وإخضاع السويق، واشتباكات طلائع الجيشين قرب وادي الصفراء، ما نصه: «وصلت هجانة ومعهم رؤوس قتلى ومكاتبات مؤرخة في منتصف شهر القعدة، مضمونها: أنهم وصلوا إلى ينبع البر في الحادي والعشرين شوال.. وأنَّهم ملكوا قرية ابن جبارة من الوهابية، وتسمى قرية السويق، وفر ابن جبارة هاربا، وحضرت عربان كثيرة وقابلوا ابن الباشا.. وأنَّه ورد عليهم خبر ليلة أربعة عشر شهره -ذي الحجة-، بأن جماعة من كبار الوهابية حضروا بنحو سبعة آلاف خيال وفيهم عبدالله بن سعود، وعثمان.. ومعهم مشاة، وقصدوا أن يدهموا العرضى على حين غفلة.. ووقع بينهم القتال والوهابية يقولون: «هاه يا مشركون»، وانجلت الحرب عن هزيمة الوهابية.. وكانت الحرب بينهم مقدار ساعتين». كما قال عن مصير بدر التي خضعت قَبْل اشتباكات الطلائع، ما نصه: «ولما وصلوا بدرا واستولوا عليها.. نهبوهم وأخذوا نساءهم وبناتهم وأولادهم وكتبهم، فكانوا يفعلون فيهم ويبيعونهم من بعضهم لبعض».


معركة وادي الصفراء
وفي أواخر ديسمبر من نفس السنة، زحف طوسون باشا وقادته نحو المدينة المنورة، وكان قد أعد لهم عبدالله ابن الإمام سعود الكبير كميناً في أحد خيوف وادي الصفراء الضيقة في طريقهم للمدينة المنورة بعد أن اتفق الرأي مع من معه على حفر خندق وتعبئة قواتهم عنده، فصار عند الخندق أهل نجد بقيادة عبدالله بن سعود الكبير، وفي الجبال فوق الخندق أهل الحجاز وعسير وعليهم عامل الدولة السعودية على الحجاز عثمان بن عبدالرحمن العدواني؛ كما عمل أيضا على وضع بعض التحصينات الصغيرة لتأخير تقدمهم.


روى عبدالرحمن الجبرتي المؤرخ المصري في تاريخه، أنه عندما وصلت قوات طوسون باشا لاحقاً، نصبت خيامها بالصفراء قرب الجبال، وأرزت خيولهم، فأخذوا يرمون من في الوادي وتقدموا؛ إذ أخذوا يحاربون على المتراس الأول حتى أخذوه، ومن بعده سقط الثاني ودخلوا لعمق الوادي.


عندها تقدم عثمان بن عبدالرحمن العدواني ومسعود بن مضيان الحربي بأهل الحجاز ومن معهم من فوق الخندق ورموهم، كما كسروا بعض قوات طوسون باشا التي سبق أن صعدت بعض أطراف الجبال، فتراجعت قوات طوسون باشا للأسفل والحرب لا تزال قائمة فيه، فانهزموا؛ عندها اندفعت قوات عبدالله بن سعود الكبير وراءهم بقلب الوادي وأوقعت فيهم خسائر فادحة في اليوم الثالث والأخير للمعركة. خسرت الدولة السعودية اثنين من كبار قادة الخيالة في صفوفها، هما: شيخ شمل قحطان هادي بن قرملة القحطاني، ومانع بن وحير العجمي، إلا أنها لم تخسر من قواتها البالغة ثمانية عشر ألفاً أكثر من ستمائة إلى ألف وستمائة مقاتل مما عد هزيمة شنيعة للحملة العثمانية الجديدة.


عبور طوسون باشا وادي الصفراء
فر طوسون باشا بعد الهزيمة في الصفراء مع من بقي حياً من قواته قاصداً ينبع البحر، وتحصن بها؛ إذ لم يعد معه من عساكره سوى ثلاثة آلاف مقاتل من أصل ثمانية آلاف مقاتل نظامي والتي لم يدخل فيها القوات الغير نظامية التي نجح في استمالتها وحاربت معه وتشتت شملها، فأسرع في طلب المدد. وصلت أنباء هذه الهزيمة لاحقاً إلى محمد علي باشا، ونسبها طوسون باشا إلى اختلاف قواده وتقصيرهم، وطلب المدد كي يسد الفراغ الذي وقع في صفوف قواته، فتأثر محمد علي باشا لهذه الهزيمة، وأرسل يستدعي قادته المسؤولين عنها، ورجع بعضهم إلى مصر من تلقاء أنفسهم، فغضب عليهم محمد علي باشا وأقصاهم من مراكزهم ونفاهم من مصر، وكان منهم صالح قوج رئيس الجند الأرنؤوط والذي كان له شأن كبير في مذبحة المماليك بالقلعة. اضطر محمد علي باشا للقيام بنفقات الحملة إلى فرض ضرائب جديدة وكبيرة أمكنته أن يمون منها قواته في فترة وجيزة، كما اختار لقيادتها خيرة رجالاته.


وفي سنة 1227هـ/1812م، قدم من مصر عن طريق البحر أحمد بونابرت مع الأموال والعدد والعدة في خمسة عشر ألفاً من المقاتلين بالإضافة لثلاثة آلاف مقاتل من المغاربة جهزهم محمد علي باشا دعما للقوات المرابطة في ينبع البحر والتي عليها ابنه طوسون باشا. تحركت تلك الجموع النظامية بعد تأمين ينبع البحر إلى المدينة المنورة، وقد استولت في طريقها على وادي الصفراء وبلدات حرب حوله وغيرها دون قتال باستمالة أهلها وأحلافهم بالهدايا والمال مع الخُلَع لشيوخ العشائر.


معركة المدينة المنورة
وصلت القوات العثمانية إلى المدينة المنورة في منتصف شوال سنة 1227هـ/1812م، وضربت عليها الحصار، وسدت عنها الماء، ونصبت عليها المدافع والقنابر الكبار، وهدمت ناحية قلعة البلد؛ ذلك أنه عندما استعصت المدينة بأسوارها وقوة تحصيناتها أمر طوسون باشا قواته بحفر سراديب تحت سور المدينة ناحية قلعة البلد وثوروا فيها البارود وأشعلوا فيها النار، فانهار السور، وانقضت القوات العثمانية على من كان فيها. وقد كان بالمدينة المنورة من الحامية التابعة للدرعية عدد من أهل نواحيها جعلهم فيها إمامها سعود الكبير بن عبد العزيز أثناء قفوله من الحج سنة 1226هـ/1811م، حيث وضع فيها سبعة آلاف مقاتل إلى جانب القوات المرابطة فيها من أهلها تحسبا لهجوم محتمل. في تلك الأثناء، قام بعض من كان يسكن المدينة بفتح باب البلد، فانكسرت القوات السعودية المرابطة فيها، وانهارت صفوفها، وكثر الرمي والقتل فيهم عند فجوة السور المنهار ومن داخل البلد، فانحازوا لقلعة المدينة المحصنة وذلك لتسعة مضين من ذي القعدة. فأخذت قوات طوسون باشا في ضرب القلعة بالمدافع حتى طلب من كان فيها المصالحة بعد أيام فأنزلوهم منها بالأمان على أن يغادروا المدينة فغادروها بعد شهر من بدأ المعركة التي امتدت من منتصف شهر شوال إلى منتصف شهر ذي القعدة تقريبا، وقد مات بعد خروجهم الكثير مرضا أو جوعا، كما خسرت الدرعية ثلثي عسكرها المكلف بحماية المدينة.


روى بركهارت مؤرخ حملات محمد علي باشا في تاريخه، ما قام به أحمد بونابرت بعد المعركة، ما نصه: «جمع أحمد، بأسلوب الوندال الحقيقي، جماجم كل الوهابيين الذين قتلوا في المدينة، فكون منها برجاً في الطريق الرئيسية إلى ينبع، ووضع حرساً قربه. ومع ذلك نجح العرب، وحتى سكان المدينة، من وقت إلى آخر في إزالة ذلك التذكار المرعب. وحين وصلت إلى المدينة.. لم يكن قد بقي منه إلا القليل».


روى عبدالرحمن الجبرتي عن مصير عامل الدولة السعودية على المدينة المنورة، مسعود بن مضيان الحربي، وما جرى له عند وصوله إلى الأستانة أسيراً، ما نصه: «وقعت كائنة لطيف باشا، وذلك أن المذكور مملوك الباشا أهداه له عارف بيك.. فلما حصلت النصرة للعسكر واستولوا على المدينة، وأتوا بمفاتيح زعموا أنها مفاتيح المدينة كان هو المتعين بها للسفر للديار الرومية بالبشارة للدولة، وأرسلوا صحبته مضيان الذي كان متأمراً بالمدينة، ولما وصل إلى دار السلطنة، ووصلت أخباره احتفل أهل الدولة بشأنه احتفالا زائدا، ونزلوا لملاقاته في المركب في مسافة بعيدة، ودخلوا إلى إسلامبول في موكب جليل وأبهة عظيمة إلى الغاية.. وكان يوم دخوله يوما مشهودا، وقتلوا مضيان المذكور في ذلك اليوم، وعلقوه على باب السراية، وعملوا شنانك ومدافع وأفراحا وولائم».


تحصينات مكة المكرمة
وفي الأواخر من نفس السنة 1227هـ/1812م، حج إمام الدولة السعودية سعود الكبير حجته التاسعة والأخيرة وقد بلغه سقوط المدينة المنورة قَبْل دخول مكة المكرمة، فاجتمع عليه أهل الأحساء وعمان ونجد والحجاز وتهامة وغيرهم، والتقى بابنه عبدالله، وأمره أن ينزل بمن معه وادي مرّ بالقرب من مكة شمالاً لحمايتها ولتكون مكة قاعدة يجتمعون فيها إن انهزموا؛ كما اجتمع بشريف مكة غالب بن مساعد مرارا وأهدى إليه هدايا وأعطاه عطايا جزيلة كما أخذ عليه العهد أن لا يخونه أو يغدر به؛ كما كسى الكعبة المشرفة بالديباج والقيلان الأسود والحرير ووضع بمكة بعض الجند المخلصين له ورجع إلى عاصمته الدرعية للتحضير لمعاقبة القبائل التي غدرت به حديثا والتي سَلَّمَت واِنْفَضت عن مواقعها المحصنة بين ينبع والمدينة المنورة كموقع وادي الصفراء الإستراتيجي.


الشريف غالب يغدر بسعود الكبير ووقوع معركتي الحِنَاكِية وتْرُبَة
بعد انقضاء موسم الحج وعودة سعود الكبير إلى الدرعية، قام الشريف غالب بن مساعد بمراسلة قوات محمد علي باشا عارضا عليهم تسليم جدة ومكة دون قتال؛ عندها وقع بعبدالله بن سعود الكبير ما أوحشه من الشريف غالب بن مساعد وأحس بغدر الأخير، فاستظهر جنوده المخلصين له بمكة وعجلوا بالخروج منها. عندها قام إمام الدولة السعودية سعود الكبير بتجريد حملتين إحداهما بقيادة ابنه فيصل بن سعود الكبير لدعم المرابطين جهة مكة الذين جَدَّ الشريف غالب في طلبهم، والذين تنقلوا بين العبيلاء والطائف (دخلها أتباع الشريف في شهر صفر) ورَنْيَة واستقروا بتْرُبَة. والأُخْرى خرج هو على رأسها من عشرين ألفاً في آخر ربيع سنة 1228هـ/1813م قاصداً جهة المدينة المنورة لمعاقبة القبائل التي غدرت به ولمحاولة قطع الطريق بين المدينة المنورة والإمدادات القادمة من ناحية مصر، فنزل الحِنَاكِية شرق المدينة المنورة وهزم حامية طوسون باشا فيها واستردها، ثم سار منها حتى بلغ جبل أحد، فأغارت عليه الخيالة العثمانية وحاولت استدراجه لأسوار المدينة المنورة وعليها أحمد بونابرت فلم تفلح، وواصل مهاجمة القبائل التي غدرت به حتى بلغ الصفراء فأحرق نخيلها، ثم سار في الحرة ونزل على أهل بلدة السوارقية فهزمهم وقطع نخيلهم. في تلك الأثناء، وفي شهر شعبان، اكتمل جمع طوسون باشا ومصطفى بيك مع الشريف غالب في مكة بعد أن وصلت السفن العثمانية جدة الساحلية من ناحية مصر محملة بالمؤن الكبيرة. خرج مصطفى بيك لاحقاً قاصداً تْرُبَة شرق الطائف؛ البلدة المحصنة التي استقر فيها المرابطة من أتباع الدرعية بعد خروجهم من مكة والتي قصدها فيصل بن سعود الكبير لدعم من استعصم بها. فحاصرها مصطفى بيك لثلاثة أيام وأخذ في ضربها بالمدافع حتى أقبل مدد من أهل بِيْشَة وغيرهم لفك الحصار، فناوشوا قواته حتى أوقعوها في أحد الكمائن وكسروها. ففر مصطفى بيك أخيرا إلى الطائف واحتمى بها. أرسل طوسون باشا إلى أبيه لاحقاً، يخبره بأمر هزيمة قواتهم في تْرُبَة، وأنه يجهل مصير الحامية في الحِنَاكِية لسيطرة سعود الكبير بن عبدالعزيز على الطرق الموصلة لها، وأنه خشي أن تنكث العربان عهودها، وتنقلب عليه. وألح على أبيه في سرعة إرسال نجدة إليه. لذا، قرر محمد علي باشا أن يتولى قيادة قواته بنفسه وسار إلى الحجاز سنة 1228هـ/1813م.


بلغت خسائر الحملة العثمانية في دورها الأول على الحجاز نحو ثمانية آلاف مقاتل نظامي، كما خسرت من مؤونتها نحو خمسة وعشرين ألف رأس من الماشية، وكلفت الحملة إلى ذلك الحين 35 مليون فرنك. في حين خسرت الدولة السعودية مناطق مهمة في الحجاز، مثل: وادي الصفراء الإستراتيجي، والطائف، وميناء جدة، وفقدت الحرمين الشريفين. كما خسرت في أقصى جنوبها الشرقي أجزاء كبيرة من عمان، إثر مقتل قائدها هناك، مطلق بن محمد المطيري، والذي قتل في بلدة الواصل عقب ثورة اندلعت أثناء انشغال الدرعية بأحداث الحجاز، كما فشلت الحملة التي بعثها إمامها سعود الكبير بقيادة عبد الله بن مزروع التميمي لوقف التراجع على الجبهة العمانية سنة 1813م، كما توفي أبرز حلفائها الشيخ حميد بن ناصر الغافري العماني، مما دفع بقواتها للتحصن في البريمي حتى سنة 1233هـ/1818م. خسرت الدولة السعودية أيضا عاملها على الحجاز، عثمان بن عبد الرحمن العدواني، حيث غُدِر به وأُسِر من قِبَل بعض العربان الذين نجح طوسون باشا في استمالتهم بالأموال قرب العبيلاء، وبتدبير الشريف غالب، فَسُلم للقوات العثمانية، وأُرْسل إلى القاهرة ومنها إلى الأستانة. وقد روى عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ المصري المعاصر لتلك الحقبة قصته، بقوله: «كان أعظم أعوانهم وهو الذي كان يحارب لهم ويقاتل ويجمع قبائل العربان ويدعوهم عدة سنين ويوجه السرايا على المخالفين ونما أمره واشتهر لذلك ذكره في الأقطار»، إلى أن قال: «واستهل شهر ذي القعدة بيوم الثلاثاء سنة 1228 وفي خامس عشره، وصل عثمان.. صحبة المتسفرين معه إلى الريدانية آخر الليل، وأشيع ذلك، فلما طلعت الشمس ضربوا مدافع من القلعة إعلاما وسروراً بوصوله أسيراً، وركب صالح بيك السلحدار في عدة كبيرة، وخرجوا لملاقاته، وإحضاره، فلما واجهه صالح بيك نزع من عنقه الحديد، وأركبه هجيناً، ودخل به إلى المدينة وأمامه الجاويشية والقواسة الأتراك، وبأيديهم العصي المفضضة، وخلفه صالح بيك وطوائفه، وطلعوا به إلى القلعة، وأدخله إلى مجلس كتخدا بيك وصحبه حسن باشا وطاهر باشا وباقي أعيانهم، ونجيب أفندي قبي كتخدا الباشا ووكيله بباب الدولة، وكان متأخرا عن السفر، ينتظر قدوم المضايفي -عثمان- ليأخذه بصحبته إلى دار السلطنة، فلما دخل عليهم أجلسوه معهم فحدثوه ساعة، وهو يجيبهم من جنس كلامهم بأحسن خطاب، وأفصح جواب، وفيه سكون وتؤدة في الخطاب، وظاهر عليه آثار الإمارة والحشمة والنجابة، ومعرفة مواقع الكلام، حتى قال الجماعة لبعضهم البعض: «يا أسفاً على مثل هذا، إذا ذهب إلى إسلامبول يقتلونه»، ولم يزل يتحدث معهم حصة، ثم أحضروا الطعام فواكلهم، ثم أخذه كتخدا بيك إلى منزله، فأقام عنده مكرماً ثلاثة حتى تمم نجيب أفندي أشغاله، فأركبوه وتوجهوا به إلى بولاق، وأنزلوه في السفينة مع نجيب أفندي، ووضعوا في عنقه الجنزير وانحدروا طالبين الديار الرومية، وذلك يوم الإثنين حادي عشرينه».


تلخيص النصوص العربية والإنجليزية أونلاين

تلخيص النصوص آلياً

تلخيص النصوص العربية والإنجليزية اليا باستخدام الخوارزميات الإحصائية وترتيب وأهمية الجمل في النص

تحميل التلخيص

يمكنك تحميل ناتج التلخيص بأكثر من صيغة متوفرة مثل PDF أو ملفات Word أو حتي نصوص عادية

رابط دائم

يمكنك مشاركة رابط التلخيص بسهولة حيث يحتفظ الموقع بالتلخيص لإمكانية الإطلاع عليه في أي وقت ومن أي جهاز ماعدا الملخصات الخاصة

مميزات أخري

نعمل علي العديد من الإضافات والمميزات لتسهيل عملية التلخيص وتحسينها


آخر التلخيصات

المطلب الثاني: ...

المطلب الثاني: المسؤولية الجزائية للمحافظ العقاري إن المحافظ العقاري، وأثناء ممارسته لمهامه الرئيسي...

وقد عرف الفقه ا...

وقد عرف الفقه العقار بالتخصيص على أنه:" منقول بطبيعته مرصود لخدمة أو استغلال عقار بطبيعته" ، أي هي ع...

الشرح النحوي لأ...

الشرح النحوي لأبيات من ألفية ابن مالك على منهج ابن عقيل: البيت: كلامنا لفظ مفيد كاستقم .....

شعر الغزل : يعد...

شعر الغزل : يعد الغزل من بين الأغراض الشعرية الأساسية التي نظم فيها شعراء الأندلس قصائدهم، "وأوضح سم...

أهلية الأداء : ...

أهلية الأداء : هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه بنفسه والالتزام بالالتزامات المالية بنفسه، أي صلاحية ...

الصفة هي العلاق...

الصفة هي العلاقة التي تربط أطراف الدعوى بموضوعها، حيث يحق فقط للمتضرر من الاعتداء رفع الدعوى. رغم وج...

Récemment, un i...

Récemment, un incendie s'est déclaré près de notre quartier, et j'ai pu voir la fumée s'élever dans ...

تعريف المؤسسة: ...

تعريف المؤسسة: المؤسسة هي وحدة اجتماعية واقتصادية منظمة، تُنشأ لتحقيق أهداف محددة، وتضم مجموعة من ا...

العوامل الخارجي...

العوامل الخارجية لإلجرام العوامل الخارجية يقصد بها مجموعة الظروف الخارجة عن شخصية اإلنسان التي تحيط...

Retail began wi...

Retail began with bartering in ancient times, evolving with the use of coins for standardized trade....

طاهر 2 متاء منا...

طاهر 2 متاء منام محاذ C:/Users/Admin/AppData/Local/Microsoft/Windows/INetCache/IE/G5LHCP اسأل Copilo...

إن التصورات الت...

إن التصورات التقليدية للصحة والمرض مرتبط بالسياق التاريخي والاجتماعي والثقافي للمجتمع ولذلك فيمكننا ...