Lakhasly

Online English Summarizer tool, free and accurate!

Summarize result (100%)

إذا قامت الحرب نجمت عنها عدة آثار تشمل أغلب نواحي الحياة ، لأن الحرب تغير – لاسيما اليوم – معالم الكون ، وتثير الرعب والخوف في النفوس ، وبدل الأمن والطمأنينة بالقلق والاضطراب بما يقترن بها من تخريب الحضارة والعمران، وتدمير المدن وإبادة السكان فيمد أن يكون السلم سائداً في ربوع البلاد لكل من المتحاربين تصبح الحرب هي الحكم الفصل في مقدرات الأمم والشعوب ، وتقرر
مصير علاقاتهم مع بعضهم . و آثار الحرب : منها ما هو علم يتناول علاقة المتحاربين فيما بينهم أو
بين غيرهم ومنها ما هو خاص بتناول الأفراد والأموال . والفقهاء المسفون لم يفرقوا بين الآثار العامة والآثار الخاصة في كل الأحوال ؛ لأنه كان المألوف أن الحرب هي كفاح بين شعبي الدولتين المتحاربتين ، دون أن يكون هناك تمييز بين ما يتعلق بالحكومات وما يختص بالأفراد ، ولا سيما بالنسبة للأشخاص والأموال . وبناء على ذلك فقد تأثرت أحكام الحرب التي قررها فقهاؤنا في هذه الناحية بالوضع
-171-
السائد بين الأمم ، مما جعل تلك الأحكام مبنية في الغالب على شريعة
المعاملة بالمثل أما بعد استخدام الجيوش النظامية المدربة ، وإصدار الأوامر المشددة لهم بعدم التعرض للأفراد وأملاكهم ، فقد عدلت قاعدة أن الحرب كفاح بين شي الدولتين، تحت تأثير الرأي القائل بإلقاء عبد الحرب على الحكومات لا على الأفراد (۱) . وحينئذ فإنا نرى أنه يجوز الأخذ في مجال الفقه الإسلامي بالتفرقة الحديثة بين آثار الحرب بالنسبة للحكومات والأفراد، بناء على أن العلة المقررة في فقهنا لاستباحة دماء الحربين وأموالهم هي القتال والمحاربة . النسوية أما من الناحية الشكلية في تنظيم دراستنا لآثار الحرب ، فلن تقيد تلك الآثار إلى عامة وخاصة ، كما سلك بعض رجال القانون ؛ إذ أن ذلك التقسيم لم يلتزمه المؤلفون الآخرون ، ولأن الكلام في الفقه الإسلامي لا يختلف أحياناً بالنسبة للأثر العام أو الخاص . وذكر الأدلة ومناقشتها مع بعضها تعملي علينا عدم مسايرة النهج الذي يأخذ بالتقسيم السابق ، فمثلا أثر الحرب في أموال المدو يشمل العام منها والخاص ، وأثر الحرب في العلاقات السلمية بين المتحاربين عن طريق الأمان منه ماله أثر عام ومنه مالله اثر خاص ، كما سيتبين ذلك
أثناء دراستنا التالية :
وهكذا يكون الكلام في الباب الأول على هذا النحو :
الفصل الأول – انقسام الدنيا إلى دارين أو ثلاث . وفيه مبحثان . الفصل الثاني – في أثر الحرب في العلاقات السلمية بين المسلمين وغيرهم. الفصل الثالث - في أثر الحرب في العلاقات السياسية الدولية وفيه مبحثان :
المبحث الأول - أثر الحرب في العلاقات الدبلوماسية . المبحث الثاني - أثر الحرب في المعاهدات . . الفصل الرابع - الأسرى والجرحى والمرضى والقتلى. ويغلب على هذه الفصول أنها آثار عامة للحرب ما عدا الثاني منها فهو إما عام أو خاص . الفصل الخامس - أثر الحرب في الأشخاص والأموال، المبحث الثاني - أثر الحرب في العلاقات الاقتصادية. المبحث الثالث - أثر الحرب في أموال العدو . والغالب على هذا الفصل الأخير أنه من آثار الحرب الخاصة غير أن المبحث الثالث يشترك فيه الأثران العام والخاص. الفصل الأول
انقسام الدنيا ابی دارین او ثلاث
ستعطي فكرة في هذا الفصل عن صورة العلاقات الدولية في ظل الإسلام ؛ لأن مقر هذه العلاقات هو المجال الطبيعي لظهور آثار الحرب على مسرحه ، وسوف تبحث ذلك في مبحثين : المبحث الأول - أثر الحرب في تقسيم الدنيا إلى دارين ، ونقاش الفقهاء في العلاقات الدولية في الإسلام المبحث الثاني - هل للحرب أثر في إيجاد حالة حياد في الاسلام ؟
المبحث الأول
أثر الحرب في تقسيم الدنيا إلى دارين أو ثلاث وطبيعة العلاقات الدولية في الاسلام
يترتب على قيام الحرب – في القانون الدولي – بين دولتين أو أكثر انقسام العائلة الدولية (1) إلى فريقين : فريق المحاربين : ويشمل الدول المشتبكة في الحرب. وفريق غير المحاربين ، ومن اتخذ صفة الحياد : ويشمل باقي الدول الأعضاء في المائلة الدولية (٢). فهل نجد هذا الأثر في الاسلام؟ وما هي نظرة الاسلام إلى المائلة الدولية في الوقت الحاضر ؟ وهل التقسيم الذي ذكروه تقسيم دائم أم هو مجرد أثر من آثار الحرب ؟ نرى جمهور فقهاء المسلمين يقسمون الدنيا إلى دارين : دار اسلام ودار حرب ، ويعتبرون الحرب أثراً في هذا التقسيم ، حيث يتغير وصف الدار تبعاً لحالة الفتح من انتصار أو هزيمة بين المسلمين وغيرهم ، وقد رتب الفقهاء
وقد تحددت فكرة العائلة الدولية ووضعت منذ مؤتمر وستفاليا سنة ١٦٤٨ وهي تقوم على أساس وجود الجماعة الدولية التي تتألف من الدول المستقلة ذات السيادة التي تستطيع الدخول في علاقات دولية، والدول متساوية في الحقوق وتطبق مبدأ التوازن الدولي للمحافظة على السلم ( راجع القانون الدول العام الدكتور حامد سلطان : ص ١٣ – ١٤، مبادىء القانون الدولي العام طبيعة ١٩٩١ الدكتور حافظ قائم : من ٤٦ – ٤٧ ) . (٢) القانون الدولي العام الدكتور علي صادق أبو هيف طبعة ١٩٥٩ : من ٠٦٥٧
1131
على هذا التقسيم اختلافاً في أحكام الشريعة بسبب الحرب الدائرة بين المسلمين وأعدائهم، وسوف نعرض ذلك بالتفصيل . أما نظرة الاسلام إلى ما عرف حديثاً من نظام العائلة الدولية ، فإن المتبادر لأول وهلة من تقسيم الدنيا إلى دارين أن الاسلام لا يعترف بانقسام العالم إلى دول متعددة ذات سيادة ، وقانون مختلف (۱) . في بالنسبة للاسلام شيء واحد مخالف الشريعة الإله . غير أنه من المسلم به أن الاسلام يقر بوجود دول مختلفة في هذا العالم من الناحية الواقعية. فالقرآن الكريم محرم نقض العهود ويلزم الوفاء بها دون اغترار بكثرة الأمم الأخرى وثروتها وقوتها ، قال الله تعالى : ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكانا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة ، إنما يبلوكم الله به ، فقوله تعالى : و أن تكون أمة هي أربى من أمة ، ( أي أكثر مالاً ورجالاً وصولة مما يجعلها أعز مكانة ) دليل على إقرار وجود دول أخرى لغير المسلمين، وأن لها سيادتها وكيانها ونظامها المختلفة بحسب طبائع الأمور ، ذلك أن الاسلام بأبي التعصب المعقوت نحو الأديان الأخرى ، ولا ينظم علاقاته مع بقية الأمم على أساس الحرب كما عرفنا ، وفرق بين النزعة العالية الدعوة الاسلامية وبين الاعتراف بالواقع . وبهذا يرد على الاستاذ مجيد خدوري الذي يقول : إن قواعد القانون الدولي في الاسلام لا تقوم على أساس الرضا المتبادل بين أعضاء الجماعة (۱) راجع القانون الدولي العام : من ٤٢، والمجمعات الدولية الاقليمية : من ٢٤ الأستاذة الدكتور حافظ قائم ، وراجع القانون الدول الماس الدكتور أحمد مسلم : من ٠٥٦
٢) النحل : ٩٢
الدولية ، ولكن على أساس تفسير المسلمين وفهمهم بمصالحهم السياسية
والخلقية والدينية (١). ولكن المعروف أن الاسلام يقصد نشر الشريعة في كافة أنحاء الدنيا ، ويتلازم الدين مع قيام الدولة في دار الاسلام. هذه الدولة تقوم على العقيدة وليس ذلك تعصباً ولا تطرفاً منها ، وإنما كان ذلك هو الضمان الوحيد لقيامها على كمالها . فالعقيدة من حرية الفكر، والحكم مسلط على الحرية قبضاً وبسطا (۲۳) . ونظراً لانه لم يتحقق الاسلام بلوغ غايته في شمول نظامه، وكانت الحرب قائمة بين المسلمين وغيرهم ، فقد قسم الفقهاء الدنيا إلى دارين بحيث تضم دار الحرب جميع الأمم غير الاسلامية. فما هو الضابط الذي يميز الدارين ويحدد كلا منها . دار الاسلام
تجد في تحديد هذه الدار أربعة آراء للعلماء ، تختار منها الرأي الاود) لأنه أقرب الآراء إلى نصوص جمهور الفقهاء ، وهو أن كل ما دخل من البلاد في محيط سامان الاسلام، ونفذت فيها أحكامه وأقيمت شعائره قد مار من دار الاسلام ، ووجب على المسلمين عند الاعتداء عليه أن يدافعوا عنه وجوباً كفائياً بقدر الحاجة وإلا فوجوباً عينياً وكانوا كلهم آلمين بتركه، وأن استيلاء الأجانب عليه لا يرفع عنهم وجوب ) القتال لاسترداده وإن طال الزمان (۳). يجب على المسلمين جميعهم تطويرها من الدخيل. 1) راجع الحرب والسلام في الاسلام للاستاذ المذكور : من ٤٣ . 2) الدكتور مسلم في المرجع السابق : ص ٣٣٦ . 3) تغير المنار : ١٠ ص ٣١٦ ، يجيري الخطيب : ٤ ص ٢٣٦ مقدمة ابن خلدون
من ۱۹۰ ، مقالات الاسلاميين واختلاف المصلين للاشعري : ص ٤٦٣ . -17—
خارج
وعلى هذا فدار الاسلام تشمل جزيرة العرب والبلاد التي افتتحها المسلمون ، والتي تخضع لسيادة الاسلام وسلطانه وتسري فيها النظم الاسلامية. وتسمى دار الاسلام دار البدل أيضاً و لا من العدل واجب فيها في جميع أهلها بالمساواة . ويقابل هذه التسمية اصطلاح « دار البني، وهي جزء من دار الاسلام تفرد به جماعة من المسلمين خرجوا على طاعة الامام الشرعي، ثم إنهم تحصنوا في تلك الدار وأقاموا عليهم حاكما منهم وصار لهم بها جيش ومنعة ودار الحرب :
في الدار التي لا تطبق فيها أحكام الاسلام الدينية والسياسية لوجودها
وتسمى عند الإباضية ودار الشركه :
وهي الدار التي أمرها للشرك يجري فيها الأحكام الشركية لا يرد عنها ، ويقابلها عندهم ودار التوحيد . وتظل الدار في رأيهم دار عدل ولو غلب
عليها أهل الضلال مشركين أو منافقين، ما دام يمكن لأهل العدل إظهار
دينهم فيها (1)
استنبط الفقهاء هذا التقسيم من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام . والمدينة صارت دار إسلام (۲). جاء في رسالة خالد بن الوليد (۳) في كتاب الخراج . وجعلت لهم ( أي أهل القدمة ) أيها شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات ، أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه ، طرحت (۱) راجع شرح النيل وشفاء العليل :۱۰ ص ۳۹۰، والمراجع في الصفحة السابقة رقم ٣. (۲) انظر شرح النيل المذكور : ۱۰ ص ٣٦٣ – ٢٦٩ . (۳) هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي الفرقي ، سيف الله الفاتح الكبير والصحابي
كان من أشراف قريش في الجاهلية ، أسلم قبل فتح مكة ) هو و مرو بن العاص ) سنة ٥٧ ، فسر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاء الخيل، توفي يجمع ( في سوريا ) سنة ٢١ه . جزينه وعيل من بيت مال المسلمين وعبدالله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام ، وقال ابن حزم : وكل موضع سوى مدينة رسول الله فقد كان تفراً ، ودار حرب ومغزی جهاد ، (۳). والواقع أن استنباط تقسيم الدنيا إلى دارين من الدعوة إلى الهجرة غير سليم : لا من ذلك قد نسخ بفتح مكة ، وقول التي : و لا هجرة بعد الفتح، رواء الجماعة إلا ابن ماجه (۳). يظهر من تعريف كل من الدارين أن الممول في تمييز الدار هو وجود السلطة وسريان الأحكام . فإذا كانت إسلامية كانت الدار دار إسلام ، وإذا كانت غير إسلامية كانت الدار دار حرب قال محمد بن الحسن : و المعتبر في حكم الدار هو السلطان والمنعة في ظهور الحكم ، فإن كان الحكم حكم الموادعين فيظهورهم على الأخرى كانت الدار دار موادعة ، وإن كان الحكم حكم سلطان آخر في الدار الأخرى فليس لواحد من حكم الموادعة ، (4) . . أهل الدارين
ومن هنا قال الفقهاء : لا يتحقق اختلاف الفارين بالنسبة الميراث
ونحوه إلا بتوافر شروط ثلاثة : هي اختلاف المتعة أي المسكر ، واختلاف
وانقطاع المصمة فيا بينها حتى يستحل كل قتال الآخر
1) الخراج لاني يوسف : ص ١٤٤ ، السياسة الشرعية للاستاذ الشيخ عبد الوهاب
خلاف : ص ۹۷
۲) المحلى : ۲ می ۳۰۳ . وانظر المبسوط للسرخي
4) راجع نيل الأوطار : ٨ من ٠٢٥
4) شرح السير الكبير : ٤ ص ٠١٠٠٨
وبهذا المنطق نفسه قال أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد بصدد تغير وصف الدار نظراً لأن الحرب بين المسلمين وغيرهم في حال مد وجزر ، قالا : نصير دار الإسلام دار حرب بإجراء أحكام الشرك فيها فقط لأن ظهور الاسلام بظهور أحكامه. فإذا زالت منها هذه الاحكام لم تبق دار إسلام ، ويرى أبو حنيفة أن دار الإسلام لا تصير دار حرب إلا بشروط ثلاثة : أحدها : ظهور أحكام الكفر ونفاذه فيها الثاني: أن تكون متاخمة لدار الكفر والحرب. الثالث : ألا يبني فيها مسلم ولا ذي آمنا بأمان المسلمين الذي كان يتمتع به ، أي بالأمان الإسلامي الأول الذي مكن رعية المسلمين من الإقامة فيها. الذميين . فقد اعتبر أبو حنيفة أن أساس اختلاف الدار هو وجود الأمان بالنسبة
للمقيمين فيها، فإذا كان الأمن فيها المسلمين على الإطلاق في دار إسلام وإذا لم يأمنوا فيها في دار حرب. ولا يزول الأمن بالنسبة المسلم إلا بالأمور الثلاثة المذكورة (1) وانفق أبو حنيفة مع صاحبيه على أن دار الكفر تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها . وإنما المقصود هو وجود الأمن والسلام ، أو عدم وجوده ، وهو معنى تقسيم الدنيا إلى دارين وهو الأقرب إلى معنى الإسلام، (۱) راجع شرح السير الكبير : ٤ من ٣٠٢ ، فتاوى الولوالجي : ۲ ق ۲۸۲ ب ، البدائع : ٧ – ١٣٠ – ١٣١ وشرح قاضي خان على الزيادات : في 1 من باب السير بالفتاوى المانية : ٣ من ٠٨٤ ، المحيط : ۲ ق ۲۰۰ ب ، فرح ابن الساعاتي على مجمع البحرين : ٢ من باب السير، قرر الحكام : ۱ ص ۲۹۰ ، الفتاوى الهندية : ٢ من ۲۳۲ – حاشية ابن ما بدين : ٣ من ٢٥٠، طوالع الأنوار المستمي : ٨ ورقة ٦٢ شرح الدر المختار مخطوط بمكتبة الأزهر الإفصاح لابن هيرة: من ٢٤٨ ، رحمة الامة بهاملي الميزان الشمراني : ٢ ص ۱۲۹ -
ويوافق الاصل في فكرة الحروب الإسلامية وأنها لدفع الاعتداء ؛


Original text

إذا قامت الحرب نجمت عنها عدة آثار تشمل أغلب نواحي الحياة ، لأن الحرب تغير – لاسيما اليوم – معالم الكون ، وتثير الرعب والخوف في النفوس ، وبدل الأمن والطمأنينة بالقلق والاضطراب بما يقترن بها من تخريب الحضارة والعمران، وتدمير المدن وإبادة السكان فيمد أن يكون السلم سائداً في ربوع البلاد لكل من المتحاربين تصبح الحرب هي الحكم الفصل في مقدرات الأمم والشعوب ، وتقرر


مصير علاقاتهم مع بعضهم . و آثار الحرب : منها ما هو علم يتناول علاقة المتحاربين فيما بينهم أو


بين غيرهم ومنها ما هو خاص بتناول الأفراد والأموال . والفقهاء المسفون لم يفرقوا بين الآثار العامة والآثار الخاصة في كل الأحوال ؛ لأنه كان المألوف أن الحرب هي كفاح بين شعبي الدولتين المتحاربتين ، دون أن يكون هناك تمييز بين ما يتعلق بالحكومات وما يختص بالأفراد ، ولا سيما بالنسبة للأشخاص والأموال . وبناء على ذلك فقد تأثرت أحكام الحرب التي قررها فقهاؤنا في هذه الناحية بالوضع


-171-


السائد بين الأمم ، مما جعل تلك الأحكام مبنية في الغالب على شريعة


المعاملة بالمثل أما بعد استخدام الجيوش النظامية المدربة ، وإصدار الأوامر المشددة لهم بعدم التعرض للأفراد وأملاكهم ، فقد عدلت قاعدة أن الحرب كفاح بين شي الدولتين، تحت تأثير الرأي القائل بإلقاء عبد الحرب على الحكومات لا على الأفراد (۱) . وحينئذ فإنا نرى أنه يجوز الأخذ في مجال الفقه الإسلامي بالتفرقة الحديثة بين آثار الحرب بالنسبة للحكومات والأفراد، بناء على أن العلة المقررة في فقهنا لاستباحة دماء الحربين وأموالهم هي القتال والمحاربة .


النسوية أما من الناحية الشكلية في تنظيم دراستنا لآثار الحرب ، فلن تقيد تلك الآثار إلى عامة وخاصة ، كما سلك بعض رجال القانون ؛ إذ أن ذلك التقسيم لم يلتزمه المؤلفون الآخرون ، ولأن الكلام في الفقه الإسلامي لا يختلف أحياناً بالنسبة للأثر العام أو الخاص . فضرورة المحافظة على وحدة المرض للموضوع ، وذكر الأدلة ومناقشتها مع بعضها تعملي علينا عدم مسايرة النهج الذي يأخذ بالتقسيم السابق ، فمثلا أثر الحرب في أموال المدو يشمل العام منها والخاص ، وأثر الحرب في العلاقات السلمية بين المتحاربين عن طريق الأمان منه ماله أثر عام ومنه مالله اثر خاص ، كما سيتبين ذلك


أثناء دراستنا التالية :


وهكذا يكون الكلام في الباب الأول على هذا النحو :


الفصل الأول – انقسام الدنيا إلى دارين أو ثلاث . وفيه مبحثان .


الفصل الثاني – في أثر الحرب في العلاقات السلمية بين المسلمين وغيرهم.
الفصل الثالث - في أثر الحرب في العلاقات السياسية الدولية وفيه مبحثان :


المبحث الأول - أثر الحرب في العلاقات الدبلوماسية . المبحث الثاني - أثر الحرب في المعاهدات . . الفصل الرابع - الأسرى والجرحى والمرضى والقتلى. ويغلب على هذه الفصول أنها آثار عامة للحرب ما عدا الثاني منها فهو إما عام أو خاص .


الفصل الخامس - أثر الحرب في الأشخاص والأموال، وفيه مباحث ثلاثة: المبحث الأول - أثر الحرب في الأشخاص . المبحث الثاني - أثر الحرب في العلاقات الاقتصادية. المبحث الثالث - أثر الحرب في أموال العدو . والغالب على هذا الفصل الأخير أنه من آثار الحرب الخاصة غير أن المبحث الثالث يشترك فيه الأثران العام والخاص.


الفصل الأول


انقسام الدنيا ابی دارین او ثلاث


ستعطي فكرة في هذا الفصل عن صورة العلاقات الدولية في ظل الإسلام ؛ لأن مقر هذه العلاقات هو المجال الطبيعي لظهور آثار الحرب على مسرحه ، وسوف تبحث ذلك في مبحثين : المبحث الأول - أثر الحرب في تقسيم الدنيا إلى دارين ، ونقاش الفقهاء في العلاقات الدولية في الإسلام المبحث الثاني - هل للحرب أثر في إيجاد حالة حياد في الاسلام ؟
المبحث الأول


أثر الحرب في تقسيم الدنيا إلى دارين أو ثلاث وطبيعة العلاقات الدولية في الاسلام


يترتب على قيام الحرب – في القانون الدولي – بين دولتين أو أكثر انقسام العائلة الدولية (1) إلى فريقين : فريق المحاربين : ويشمل الدول المشتبكة في الحرب. وفريق غير المحاربين ، ومن اتخذ صفة الحياد : ويشمل باقي الدول الأعضاء في المائلة الدولية (٢). فهل نجد هذا الأثر في الاسلام؟ وما هي نظرة الاسلام إلى المائلة الدولية في الوقت الحاضر ؟ وهل التقسيم الذي ذكروه تقسيم دائم أم هو مجرد أثر من آثار الحرب ؟ نرى جمهور فقهاء المسلمين يقسمون الدنيا إلى دارين : دار اسلام ودار حرب ، ويعتبرون الحرب أثراً في هذا التقسيم ، حيث يتغير وصف الدار تبعاً لحالة الفتح من انتصار أو هزيمة بين المسلمين وغيرهم ، وقد رتب الفقهاء


(1) المالة الدولية : ظهرت بإنهيار النظام الاقطاعي وتحطم السلطة البابوية . وقد تحددت فكرة العائلة الدولية ووضعت منذ مؤتمر وستفاليا سنة ١٦٤٨ وهي تقوم على أساس وجود الجماعة الدولية التي تتألف من الدول المستقلة ذات السيادة التي تستطيع الدخول في علاقات دولية، والدول متساوية في الحقوق وتطبق مبدأ التوازن الدولي للمحافظة على السلم ( راجع القانون الدول العام الدكتور حامد سلطان : ص ١٣ – ١٤، مبادىء القانون الدولي العام طبيعة ١٩٩١ الدكتور حافظ قائم : من ٤٦ – ٤٧ ) . (٢) القانون الدولي العام الدكتور علي صادق أبو هيف طبعة ١٩٥٩ : من ٠٦٥٧


1131


على هذا التقسيم اختلافاً في أحكام الشريعة بسبب الحرب الدائرة بين المسلمين وأعدائهم، وسوف نعرض ذلك بالتفصيل . أما نظرة الاسلام إلى ما عرف حديثاً من نظام العائلة الدولية ، فإن المتبادر لأول وهلة من تقسيم الدنيا إلى دارين أن الاسلام لا يعترف بانقسام العالم إلى دول متعددة ذات سيادة ، وقانون مختلف (۱) . وهذا صحيح في الظاهر فقط باعتبار أن الاسلام لا يهتم بما بين الدول الأخرى من اختلاف في نظم الحكم والشرائع ، في بالنسبة للاسلام شيء واحد مخالف الشريعة الإله . غير أنه من المسلم به أن الاسلام يقر بوجود دول مختلفة في هذا العالم من الناحية الواقعية. فالقرآن الكريم محرم نقض العهود ويلزم الوفاء بها دون اغترار بكثرة الأمم الأخرى وثروتها وقوتها ، قال الله تعالى : ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكانا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة ، إنما يبلوكم الله به ، وليبيين لكم يوم القيامة ماكنتم فيه تختلفون (٣) ، فقوله تعالى : و أن تكون أمة هي أربى من أمة ، ( أي أكثر مالاً ورجالاً وصولة مما يجعلها أعز مكانة ) دليل على إقرار وجود دول أخرى لغير المسلمين، وأن لها سيادتها وكيانها ونظامها المختلفة بحسب طبائع الأمور ، ذلك أن الاسلام بأبي التعصب المعقوت نحو الأديان الأخرى ، ولا ينظم علاقاته مع بقية الأمم على أساس الحرب كما عرفنا ، وفرق بين النزعة العالية الدعوة الاسلامية وبين الاعتراف بالواقع . وبهذا يرد على الاستاذ مجيد خدوري الذي يقول : إن قواعد القانون الدولي في الاسلام لا تقوم على أساس الرضا المتبادل بين أعضاء الجماعة (۱) راجع القانون الدولي العام : من ٤٢، والمجمعات الدولية الاقليمية : من ٢٤ الأستاذة الدكتور حافظ قائم ، وراجع القانون الدول الماس الدكتور أحمد مسلم : من ٠٥٦


(٢) النحل : ٩٢
الدولية ، ولكن على أساس تفسير المسلمين وفهمهم بمصالحهم السياسية


والخلقية والدينية (١).


ولكن المعروف أن الاسلام يقصد نشر الشريعة في كافة أنحاء الدنيا ، ويتلازم الدين مع قيام الدولة في دار الاسلام. هذه الدولة تقوم على العقيدة وليس ذلك تعصباً ولا تطرفاً منها ، وإنما كان ذلك هو الضمان الوحيد لقيامها على كمالها . فالعقيدة من حرية الفكر، والحكم مسلط على الحرية قبضاً وبسطا (۲۳) . ونظراً لانه لم يتحقق الاسلام بلوغ غايته في شمول نظامه، وكانت الحرب قائمة بين المسلمين وغيرهم ، فقد قسم الفقهاء الدنيا إلى دارين بحيث تضم دار الحرب جميع الأمم غير الاسلامية. فما هو الضابط الذي يميز الدارين ويحدد كلا منها .


دار الاسلام


تجد في تحديد هذه الدار أربعة آراء للعلماء ، تختار منها الرأي الاود) لأنه أقرب الآراء إلى نصوص جمهور الفقهاء ، وهو أن كل ما دخل من البلاد في محيط سامان الاسلام، ونفذت فيها أحكامه وأقيمت شعائره قد مار من دار الاسلام ، ووجب على المسلمين عند الاعتداء عليه أن يدافعوا عنه وجوباً كفائياً بقدر الحاجة وإلا فوجوباً عينياً وكانوا كلهم آلمين بتركه، وأن استيلاء الأجانب عليه لا يرفع عنهم وجوب ) القتال لاسترداده وإن طال الزمان (۳). فمثل فلسطين اليوم والجزائر في الأمس القريب تثير كل منها دار إسلام ، يجب على المسلمين جميعهم تطويرها من الدخيل.


(1) راجع الحرب والسلام في الاسلام للاستاذ المذكور : من ٤٣ .


(2) الدكتور مسلم في المرجع السابق : ص ٣٣٦ .


(3) تغير المنار : ١٠ ص ٣١٦ ، يجيري الخطيب : ٤ ص ٢٣٦ مقدمة ابن خلدون


من ۱۹۰ ، مقالات الاسلاميين واختلاف المصلين للاشعري : ص ٤٦٣ .


-17—


خارج


وعلى هذا فدار الاسلام تشمل جزيرة العرب والبلاد التي افتتحها المسلمون ، والتي تخضع لسيادة الاسلام وسلطانه وتسري فيها النظم الاسلامية. وتسمى دار الاسلام دار البدل أيضاً و لا من العدل واجب فيها في جميع أهلها بالمساواة . ويقابل هذه التسمية اصطلاح « دار البني، وهي جزء من دار الاسلام تفرد به جماعة من المسلمين خرجوا على طاعة الامام الشرعي، بحجة تأولوها مبررة لخروجهم، ثم إنهم تحصنوا في تلك الدار وأقاموا عليهم حاكما منهم وصار لهم بها جيش ومنعة ودار الحرب :


في الدار التي لا تطبق فيها أحكام الاسلام الدينية والسياسية لوجودها


نطاق السيادة الإسلامية. وتسمى عند الإباضية ودار الشركه :


وهي الدار التي أمرها للشرك يجري فيها الأحكام الشركية لا يرد عنها ،


ويقابلها عندهم ودار التوحيد .. وتظل الدار في رأيهم دار عدل ولو غلب


عليها أهل الضلال مشركين أو منافقين، ما دام يمكن لأهل العدل إظهار


دينهم فيها (1)


استنبط الفقهاء هذا التقسيم من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام . فقد ورد في بعض الآثار أن مكة كانت دار حرب بعد الهجرة ، والمدينة صارت دار إسلام (۲). جاء في رسالة خالد بن الوليد (۳) في كتاب الخراج .... وجعلت لهم ( أي أهل القدمة ) أيها شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات ، أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه ، طرحت (۱) راجع شرح النيل وشفاء العليل :۱۰ ص ۳۹۰، والمراجع في الصفحة السابقة رقم ٣. (۲) انظر شرح النيل المذكور : ۱۰ ص ٣٦٣ – ٢٦٩ . (۳) هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي الفرقي ، سيف الله الفاتح الكبير والصحابي


كان من أشراف قريش في الجاهلية ، أسلم قبل فتح مكة ) هو و مرو بن العاص ) سنة ٥٧ ،


فسر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاء الخيل، توفي يجمع ( في سوريا ) سنة ٢١ه .
جزينه وعيل من بيت مال المسلمين وعبدالله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام ، فإن خرجوا إلى غير دار الهجرة ودار الإسلام فليس على المسلمين النفقة على عيالهم ... (١) . وقال ابن حزم : وكل موضع سوى مدينة رسول الله فقد كان تفراً ، ودار حرب ومغزی جهاد ، (۳). والواقع أن استنباط تقسيم الدنيا إلى دارين من الدعوة إلى الهجرة غير سليم : لا من ذلك قد نسخ بفتح مكة ، وقول التي : و لا هجرة بعد الفتح، رواء الجماعة إلا ابن ماجه (۳).


يظهر من تعريف كل من الدارين أن الممول في تمييز الدار هو وجود السلطة وسريان الأحكام . فإذا كانت إسلامية كانت الدار دار إسلام ، وإذا كانت غير إسلامية كانت الدار دار حرب قال محمد بن الحسن : و المعتبر في حكم الدار هو السلطان والمنعة في ظهور الحكم ، فإن كان الحكم حكم الموادعين فيظهورهم على الأخرى كانت الدار دار موادعة ، وإن كان الحكم حكم سلطان آخر في الدار الأخرى فليس لواحد من حكم الموادعة ، (4) . . أهل الدارين


ومن هنا قال الفقهاء : لا يتحقق اختلاف الفارين بالنسبة الميراث


ونحوه إلا بتوافر شروط ثلاثة : هي اختلاف المتعة أي المسكر ، واختلاف


الملك ، وانقطاع المصمة فيا بينها حتى يستحل كل قتال الآخر


(1) الخراج لاني يوسف : ص ١٤٤ ، السياسة الشرعية للاستاذ الشيخ عبد الوهاب


خلاف : ص ۹۷


(۲) المحلى : ۲ می ۳۰۳ . وانظر المبسوط للسرخي


(4) راجع نيل الأوطار : ٨ من ٠٢٥


(4) شرح السير الكبير : ٤ ص ٠١٠٠٨


وبهذا المنطق نفسه قال أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد بصدد تغير وصف الدار نظراً لأن الحرب بين المسلمين وغيرهم في حال مد وجزر ، قالا : نصير دار الإسلام دار حرب بإجراء أحكام الشرك فيها فقط لأن ظهور الاسلام بظهور أحكامه. فإذا زالت منها هذه الاحكام لم تبق دار إسلام ، ويرى أبو حنيفة أن دار الإسلام لا تصير دار حرب إلا بشروط ثلاثة : أحدها : ظهور أحكام الكفر ونفاذه فيها الثاني: أن تكون متاخمة لدار الكفر والحرب. الثالث : ألا يبني فيها مسلم ولا ذي آمنا بأمان المسلمين الذي كان يتمتع به ، أي بالأمان الإسلامي الأول الذي مكن رعية المسلمين من الإقامة فيها. اي بامان أقره الشرع يسبب الإسلام للمسلمين وسبب عقد الذمة بالنسبة


الذميين .


فقد اعتبر أبو حنيفة أن أساس اختلاف الدار هو وجود الأمان بالنسبة


للمقيمين فيها، فإذا كان الأمن فيها المسلمين على الإطلاق في دار إسلام وإذا لم يأمنوا فيها في دار حرب. ولا يزول الأمن بالنسبة المسلم إلا بالأمور الثلاثة المذكورة (1) وانفق أبو حنيفة مع صاحبيه على أن دار الكفر تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها . وانن : فليس معنى دار الحرب ودار الإسلام أنها في حالة عداء وخصام مستمر ، وإنما المقصود هو وجود الأمن والسلام ، أو عدم وجوده ، وهو معنى تقسيم الدنيا إلى دارين وهو الأقرب إلى معنى الإسلام، (۱) راجع شرح السير الكبير : ٤ من ٣٠٢ ، فتاوى الولوالجي : ۲ ق ۲۸۲ ب ، البدائع : ٧ – ١٣٠ – ١٣١ وشرح قاضي خان على الزيادات : في 1 من باب السير بالفتاوى المانية : ٣ من ٠٨٤ ، المحيط : ۲ ق ۲۰۰ ب ، فرح ابن الساعاتي على مجمع البحرين : ٢ من باب السير، قرر الحكام : ۱ ص ۲۹۰ ، الفتاوى الهندية : ٢ من ۲۳۲ – حاشية ابن ما بدين : ٣ من ٢٥٠، طوالع الأنوار المستمي : ٨ ورقة ٦٢ شرح الدر المختار مخطوط بمكتبة الأزهر الإفصاح لابن هيرة: من ٢٤٨ ، رحمة الامة بهاملي الميزان الشمراني : ٢ ص ۱۲۹ -


ويوافق الاصل في فكرة الحروب الإسلامية وأنها لدفع الاعتداء ؛ فإنه


حيث فقد أمن المسلم كان الاعتداء متوقعاً وحيث ثبت الأمن كان الاعتداء


غير متوقع. وهذا هو ضابط التقسيم الذي ترجمه إذا جاربنا الفقهاء في


الأخذ بهذا الصنيع (3) .


وقد ذهب إلى رأي أبي حنيفة الشيعة الزيدية (٢) فقالوا : لا تصير


دار الإسلام دار حرب إلا حيث تاخمت دارم ، والمتاخمة ألا يتوسط بينها وبين دارم دار إسلام؛ إذ يكونون مع ذلك على زوال منها . ونحن نميل إلى رأي الصاحبين في عدم اعتبار شرط المتاخمة ، لاسيا في مثل ظروف اليوم ، حيث قربت وسائل النقل الحديثة البعيد من المسافات ، فلا يبقى هناك أثر المتاخمة الدار عمار الحرب حتى تكون دار حرب. ويكني بحسب الظاهر سيادة الأحكام مع وجود السلطة حتى يتغير وصف الدار. وأما الأمن : فهو متوفر اليوم في أغلب بلاد العالم لأي مواطن . فالمسلم في باريس يستطيع إقامة شعائر الدين دون أن يخاف فتنة في دينه . وقد ذهب إلى هذا الرأي جمهور الفقهاء من مالكية وشافعية (٣) فاعتبروا إقامة شعائر الإسلام هي التي تجمل الدار دار إسلام، فإذا انقطعت إقامة الشعائر وزال سلطان المسلمين أصبحت الدار دار حرب . . وعلى رأي أبي حنيفة إذا قامت علاقات دولية تؤمن كل إنسان في أي دولة يحل فيها من غير عقد ولا حلف ، فإنها على تعريف أبي حنيفة لا تكون دار


(1) وراجع التفريم الجنائي الاسلامي للاستاذ عبد القادر عودة : ۱ ص ۱۱۷ ، نظرية


الحرب في الاسلام في مجلة القانون الدولي عام ۱۹۰۸ : ص ۱۸ .


(2) البحر الزخار : ٢٠١٢.


(3) حاشية الدسوقي : ٢ – ١٧٣ ، تحفة المحتاج لابن حجر : ٨ ص ٦٣ ، وانظر بحث


أستاذة الشيخ محمد أبو زهرة في مجلة القانون الدولي لسنة ١٩٥٨ م ١٧ ومابعدها المرجم السابق.


١٧٤ –


رب ، ولكن الأمن التوفر اليوم في غير بلاد الإسلام ليس بأمان


الإسلام الأول ، فيظل حينئذ رأي أبي حنيفة سلياً . وبالنسبة للأقاليم الإسلامية اليوم لا بد من ترجيح رأي أبي حنيفة في شرط الأمان ؛ إذ أن هذه الأقاليم تعد في رأيه دار إسلام ، لأن سكانها يعيشون بأمان الإسلام الأول : وهو أمان المسلمين الذين استولوا على هذه البلاد ومكنوا الناس من الإقامة فيها، وإن كانوا الآن لا يطبقون أحكام الإسلام كلها . أما على رأي الصاحبين فالاقاليم الإسلامية لا تعد دار إسلام . بل دار حرب (۱) وبناء على الرأي الأول إذا استولى المدون على بلد وأمنوا أهلها ثم انظروا إلى الجلاء عنها تحت تأثير حرب أو غير ذلك ، فلا تكون تلك البلد دار حرب ، إذا كان الذين سيطروا عليها أبقوا المسلمين والذميين مقيمين فيها يقتضى أمانهم السابق ، فإذا تقضوا الأمان وحاربوا المسلمين فتصبح الدار دار حرب، ولو ظل المسلمون فيها بأمان جديد هذا هو الضابط في تمييز دار الإسلام من دار الحرب كما وضعه فقهاؤنا ، فإذا وجدت معاهدات بين المسلمين وغيرهم تغيرت الأحكام كما قرروا أيضاً ، وهذا ما ينطبق على واقع العلاقات الحاضرة بين الدول الإسلامية وغير الإسلامية، حيث توجد صلات ود وصداقة ، وتقوم بينهم معاهدات سياسية وتجارية ومالية وثقافية ، وتثير الأحكام بسبب المعاهدات ميني على امتزاج مصالح رعايا الطرفين وتوافق روابطها المالية والسياسية ، حتى لكان المعاهدين المقيمين في بلاد المسلمين يصبحون بعد حين كانهم إخواننا ويتمتعون بالجنسية الإسلامية ، ويسيرون لهم ما لنا وعليهم ما علينا (۳)


(1) راجع الجريمة والقوية للاستاذ الشيخ محمد أبو زهرة : من ٣٦٢ ، ٣٦٣ .


(2) راجم مقال الشيخ أحمد ابراهيم في مجلة القانون والاقتصاد السنة الرابعة : ص ٠٧٤٠


Summarize English and Arabic text online

Summarize text automatically

Summarize English and Arabic text using the statistical algorithm and sorting sentences based on its importance

Download Summary

You can download the summary result with one of any available formats such as PDF,DOCX and TXT

Permanent URL

ٌYou can share the summary link easily, we keep the summary on the website for future reference,except for private summaries.

Other Features

We are working on adding new features to make summarization more easy and accurate


Latest summaries

Cancer is a mul...

Cancer is a multifaceted condition characterized by abnormal cell growth. The exact causes of this p...

Hypertension, c...

Hypertension, commonly known as high blood pressure, is a significant health concern globally and a...

Well, first of ...

Well, first of all, he is not a philosopher or writer, he is just an actor, but I like his logic and...

إن التطور الهائ...

إن التطور الهائل في البيئة العالمية على اقتصاديا وتكنولوجيا وثقافيا ارفقه العديد من اإلشكاالت على ا...

.1.1. West Al-Z...

.1.1. West Al-Zaiat area West El Zaiat area is located at Latitude: 25˚21’21.163’’N and longitude: 2...

The first one i...

The first one is that I have an interest to find out what is the latest health information that may ...

يستعرض الشيخ وا...

يستعرض الشيخ والصبي خططهما للذهاب في رحلة صيد طويلة في البحر. يبدأ الشيخ في التحضير للرحلة بجمع اللو...

Free Online Sum...

Free Online Summarizing Tool Transform complex ideas into clear, concise writing with Grammarly’s su...

**4. ما هي الخط...

**4. ما هي الخطوات الأساسية لإجراء بحث في الخدمة الاجتماعية؟** **5. ما هي بعض التحديات التي تواجه ا...

ي يوفر نظام الم...

ي يوفر نظام المعلومات المحاسبي البيانات والمعلومات الأولية اللازمة لخدمة متطلبات المؤسسة و لتحقيق ...

نقل الرعاية الح...

نقل الرعاية الحرجة هو وسيلة نقل متخصصة ومتقدمة للرعاية الطبية أو المراقبة الطبية التي لا يمكن توفيره...

منطقة الْبَاحَة...

منطقة الْبَاحَةُ منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية التي يرتادها المصطافون من داخل وخارج الم...